بعد لقاء باريس.. إعلام فرنسي يرصد أوجه الشبه بين ماكرون والسيسي

12

طباعة

مشاركة

تطرق الإعلام الفرنسي لزيارة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي إلى باريس للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون في زيارة دولة، يومي 7 و8 ديسمبر/كانون الأول 2020، مع تسليط الضوء على ملف انتهاكات حقوق الإنسان.

وقالت صحيفة "لوموند": إن "احترام حقوق الإنسان يجب أن يكون في صميم علاقاتنا مع الحكومة المصرية، لذا وجب عدم تجديد الشراكة الاقتصادية مع مصر -لا سيما بيع أدوات وأسلحة المراقبة- والضغط من أجل إنهاء القمع فيها".

فيما تحدثت صحيفة "لوبوان" أيضا عن الشراكة الاقتصادية بين البلدين واصفة السيسي بـ"الرئيس المستبد الذي يتشارك مع ماكرون في نفس الخطاب".

وأشارت إلى "مرور عامين منذ زيارة ماكرون للقاهرة وانتقاداته للقمع الممارس من قبل النظام المصري، لكن العلاقة الفرنسية المصرية حادت عن ذلك حيث التقى الرئيسان 3 مرات عام 2019 (في القاهرة وبياريتز الفرنسية ونيويورك الأميركية)"

"لوموند" أشارت إلى أنه في 27 يناير/كانون الثاي 2019، أعرب ماكرون عن أسفه لعدم تطور الوضع "في الاتجاه الصحيح" في مصر، حيث يتم سجن "مدونين وصحفيين ونشطاء" هناك.

غير أن السيسي، الذي يترأس البلاد منذ 2014 عقب انقلابه على أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، محمد مرسي، قال آنذاك: "لا تنسوا أننا في منطقة مضطربة".

"لوبوان" من جهتها لفتت إلى أنه لم تجمع الرئيسين المصري والفرنسي عام 2020 سوى 3 مكالمات هاتفية، وذلك لإعادة تأكيد تقارب وجهات النظر حول الصراع الليبي.

ونبهت إلى أنه "تم التوقيع على عقد مدني كبير بقيمة مليار يورو في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد مفاوضات شاقة بين هيئة النقل المستقلة في باريس والسلطة العسكرية التي تمتلك مترو القاهرة".

السجاد للديكتاتور

وتحدثت "لوموند" عن "برلمانيين أوروبيين أعربوا عن شعورهم بقلق بالغ إزاء المكانة التي يتم منحها على الساحة الوطنية الفرنسية للنظام المصري، الذي يمارس دون عقاب، قمعا لا يطاق ضد خصومه السياسيين وصحفييه ومحامييه ومتظاهريه ومدونيه والمدافعين عن حقوق الإنسان وجمعياته".

وقالت: إن "المدافعين عن حقوق الإنسان يطالبون باتخاذ إجراءات صارمة، ويحثون باريس على الانتقال من الكلام إلى الأفعال، لا سيما من خلال اشتراط دعمها العسكري بالإفراج عن السجناء السياسيين، خاصة أنه مع 1.4 مليار يورو عام 2017، تتقدم فرنسا الآن على الولايات المتحدة في مبيعات الأسلحة لمصر".

ونقلت الصحيفة تصريحا لأنطوان مادلين، مسؤول في الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، قوله لوكالة الأنباء الفرنسية: "مندهشون من أن فرنسا تفرش السجاد الأحمر لديكتاتور في الوقت الذي يوجد فيه أكثر من 60 ألف سجين رأي في مصر".

وفي 24 أكتوبر/تشرين الأول 2019، اعتمد البرلمان الأوروبي قرارا طارئا، يعبر عن القلق بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر، ويدعو فيه نظام السيسي إلى احترام القانون الدولي وأحكام الدستور المصري، و إنهاء العنف الممارس على الشعب.

مع هذا القرار، يدعو البرلمان الأوروبي أيضا، الدول الأعضاء في الاتحاد إلى احترام التزاماتها من خلال "تعليق تراخيص التصدير لأي معدات من المحتمل أن تُستخدم في القمع الداخلي، خاصة تقنيات أجهزة المراقبة وغيرها من المعدات الأمنية التي يمكن أن تسهل القمع، بما في ذلك على شبكات التواصل الاجتماعي.

وقالت "لوبوان": إنه "خوفا من احتجاج المنظمات غير الحكومية والمعارضة، قام الإليزيه بإضفاء الطابع الرسمي على الزيارة قبل 4 أيام فقط، في حين أن السلطة التنفيذية كانت تستعد لها لعدة أسابيع".

وأضافت: أن هذا "التجهيز" للزيارة يأتي في ذروة التصعيد القمعي و"جنون الإعدام" في مصر، على حد تعبير منظمة العفو الدولية، حيث إنه في غضون شهرين، تم إعدام 57 شخصا.

كما تم اعتقال 3 مسؤولين في واحدة من أكثر المنظمات غير الحكومية احتراما في البلاد، وهي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بتهمة "الإرهاب" قبل الإفراج عنهم في 3 ديسمبر، بعد حملة دولية شارك فيها نجوم من هوليوود.

التعايش الجيوسياسي

قالت لوبوان: إن "فرنسا لا تزال متحالفة مع المعسكر الإماراتي، الراعي الرئيسي للمشير السيسي في مصر والمشير حفتر في ليبيا".

وذكرت أنه "رغم التدخل المثير للجدل (حتى الذي يأتي بنتائج عكسية) للإمارات في ليبيا، ترى كل من فرنسا ومصر أن ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، هو الضامن لاستقرار الأنظمة القائمة والرائد في محاربة التطرف والإرهاب في الشرق الأوسط".

وأضافت "لوبوان" أيضا أنه على صعيد التعاون الدولي، تتجسد هذه المعركة بمشاركة الإمارات (وحليفتها السعودية) في التحالف العسكري ضد "تنظيم الدولة".

لكن على المستوى الإقليمي، تأخذ الحرب ضد الإرهاب "معنى أوسع بكثير".

وأشارت أنه "بالنسبة إلى المستبدين المصريين والإماراتيين، يعمل هذا على (عدم تأهيل) جميع المعارضين، وفي المقام الأول الإسلاميين الذين أطيح بهم من السلطة على يد السيسي عام "2013.

وذكرت "لوبوان" أن "جماعة الإخوان المسلمين - التي فازت في انتخابات حرة عام 2012 - تصنف على أنها إرهابية منذ عودة الجيش إلى السلطة".

وقالت: إن "خطاب ماكرون ليس ببعيد عن خطاب السيسي أو ابن زايد وأنه أحيانا يتكرر كما هو، عندما يتهم، على سبيل المثال، تركيا بإرسال عناصر من سوريا لقتال أرمينيا في إقليم قره باغ".

ذكّر عدد من الخبراء ماكرون بالفارق الشاسع الذي يفصل بين من وصفهم بالمرتزقة الموالين لتركيا وإرهابيي "القاعدة" و"تنظيم الدولة" في سوريا.

وأوضحت "لوبوان" في ذات السياق أنه في مواجهة تصاعد التوترات حول حقول الغاز في البحر المتوسط​​، "كان محور القاهرة-أبوظبي هو الذي دفع فرنسا مرة أخرى لاتخاذ موقف علني ضد تركيا من خلال نشر 3 فرقاطات شرق المتوسط ​​وتنظيم تدريبات عسكرية فرنسية-مصرية، هذا الصيف ومؤخرا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي".

متلازمة "سوء الفهم"

تقول لوبوان عقب سلسلة من المقالات جاءت في الصحافة الأنجلوساكسونية التي تصف الانجراف "القاتل" للسلطة التنفيذية وإنكارها للعنصرية عند الشرطة، أن ماكرون كان قد رد فعلا على صحيفة "نيويورك تايمز" بقوله: "إن هناك شكلا من أشكال سوء الفهم لماهية النموذج الأوروبي، لا سيما النموذج الفرنسي".

وأضاف ماكرون: أن "المجتمع الأميركي هو مجتمع قائم على الفصل العنصري [...]  بُني [على] نموذج متعدد الثقافات [بينما] نموذجنا، الفرنسي، عالمي" .

وقال أيضا: إن "الجهل المبرر من جانب الأميركيين يؤدي إلى تقليل التهديد الإرهابي، أو حتى إضفاء الشرعية على هذا العنف".

هذه الحجة حول "سوء الفهم الثقافي" هي أيضا واحدة من الأوراق المفضلة للسيسي لـ"تغيير النقاش وتبرير تكميم المجتمع المدني".

وفي عام 2019، دفع ماكرون ثمن أقواله عندما قال له السيسي: إن "النسخة الأوروبية" لحقوق الإنسان مختلفة تماما عن "النسخة المصرية" التي ستعطي الأولوية، بحسب قوله، للوصول إلى السكن والصحة وضمان حرية التعبير.

واعتبرت لوبوان أنه "في القاهرة وبصورة متزايدة في باريس، يبدو أن النقد السياسي يُنظر إليه على أنه إهانة لذات رئيسي الدولتين"، حيث قال ماكرون حرفيا: إنه "ليس لدي دروس لأتلقاها"، في حالة من الغضب من صحفيي قناة "بريت"، الذين استجوبوه بشأن تنكراته البيئية، في 4 ديسمبر الماضي.

بأسلوب أكثر سلطوية، كان السيسي قد أمر ، في مؤتمر عام 2016، بـأن "لا يُستمع لأحد إلا هو وألا يتأثروا بالنقاد الذين يريدون تقسيم مصر".

وختمت "لوبوان" مقالها بلسان مسؤولة المناصرة في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ليزلي بيكيمال: إن "هناك تدهورا في سيادة القانون واحترام الحريات في العالم، كما الخطب الشعبوية أضحت اتجاها رئيسيا وليست خاصة بالعالم العربي أو لعدد قليل من القادة الأوروبيين".