تصريحاته عن الملف الحقوقي.. ماذا يمثل فوز بايدن للمعارضة المصرية؟

محمد السهيلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

ظل رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي "الديكتاتور المفضل" لدى الرئيس الأميركي الخاسر دونالد ترامب، على مدار 4 سنوات قدم له فيها الأخير كل الدعم.

ترامب تغاضى عن ملف السيسي الحقوقي الذي يعج بالكثير من الجرائم ضد الإنسانية، وتجاهل الكثير من المناشدات الحقوقية ودعوات المعارضة المصرية لوقف تلك الجرائم، حسب ناشطين وحقوقيين.

مع إعلان خسارة ترامب سباق انتخابات الرئاسة وفوز جو بايدن في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، تجدد الأمل لدى المعارضين المصريين في أن يجدوا دعما من الإدارة الأميركية الجديدة لإنهاء معاناتهم مع النظام العسكري الحاكم.

المثير، أن رد فعل السيسي حول فوز بايدن، جاء سريعا، حيث كان أول رئيس عربي يقدم التهنئة للمرشح الديمقراطي، حسب بيان المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، تماما كما كان هو دائما أول المشيدين بقرارات ترامب، حول تطبيع الإمارات ثم البحرين والسودان، مع إسرائيل.

أمل يتجدد

آمال المعارضين المصريين، اعتمدت على ما أطلقه بايدن، من تصريحات حول ديكتاتورية النظام الحالي، وقوله في يوليو/ تموز 2020: "لا مزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل".

ذلك الأمر، عززه قول صحيفة "ديلي بيست" الأميركية 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020: إن مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلنكن، المرشح لمنصب وزير الخارجية أو مستشار الأمن القومي بإدارة بايدن، قال في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، بحوار المنامة: "يجب إعطاء مساحة أكبر للمعارضة السلمية بمصر والبحرين".

وفي لفتة أخرى، نقل موقع "عربي21" عن مصادر خاصة أن إدارة "بايدن" الجديدة تعتزم تعيين حوالي 55 مسلما في وزارة الخارجية، وسيكون من بينهم أشخاص يعملون على ملفات خارجية، كالملف السوري والمصري واليمني وبعض الملفات الأخرى.

"أيتام ترامب"

"#بايدن_هاينفخ_بلحة" و"#أيتام_ترامب"، هاشتاغات ساخرة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمجرد إعلان فوز بايدن، تكهن فيها معارضون مصريون بمصير نظام السيسي، ونظم عربية أخرى مع الإدارة الأميركية الجديدة.

المحامي الدولي المعارض الدكتور محمود رفعت، تحدث عن خطاب بايدن، ونائبته كامالا هاريس، مشيرا عبر "تويتر"، إلى أنهما "يوحيان أننا أمام إدارة عقلانية تتحدث عن أهمية السلام الاجتماعي والعلم والتسامح"، مضيفا: "نأمل أن يفيق حكام العرب الذين انساقوا خلف خبال ترامب"، مؤكدا أن "القادم على #أيتام_ترامب، عسير".

وعبّر عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور محمد الصغير، عن آماله في التغيير قائلا: "قد لا يكون ثمة كبير فرق بين بايدن، وترامب، في ثوابت أميركا وما يتعلق بمصالحها العليا، لكن سيختفي الطيش والنزق، والغطرسة والحمق، والتعامل مع الدول بمنطق بلطجي الحارة وصاحب الإتاوة، وسيخسر كل من راهن عليه واستفاد من سياسته وحماقته لاسيما وأنهم دفعوا فاتورة الدورة الثانية مقدما".

وذهب الإعلامي المصري أسامة جاويش، في آماله لأبعد من مصر بقوله: "نتمنى لكم دوام الهزيمة واستمرار القلق وزيادة في القهر ووفرة في الحزن"، مشيرا لحكام مصر والإمارات والسعودية.

دعم الإخوان

على الجانب الآخر، أعلن بعض مؤيدي النظام في مصر توجسهم من فوز بايدن، وأنه سيسأل مصر عن مساجين الرأي وحقوق الإنسان وعن الحريات والمجتمع المدني، حيث تساءل الإعلامي عمرو أديب، عبر برنامج "الحكاية" المعروض بفضائية "إم بي سي مصر"، قائلا: "هل سيحدث تغير في مصر بمجيء بايدن؟".

وفي تقرير صحفي تساءلت صحيفة "اليوم السابع"، التابعة لمخابرات السيسي: "هل يكرر الحزب الديمقراطي الأميركي دعم الإخوان؟"، فيما كتبت بتقرير ثان: "الإخوان والرهانات الخاسرة في انتخابات أميركا.. الجماعة تغازل أنصارها بالوهم بعد تقدم بايدن".

لكن الكاتب والباحث المؤيد لنظام السيسي، هاني رسلان، قلل من مخاوف أنصار السيسي بقوله: "التوجس من أن فوز بايدن قد يصب فى تقوية الإخوان أمر مبالغ فيه للغاية..".

التوجس من أن فوز بايدن قد يصب فى تقوية الإخوان أمر مبالغ فيه للغاية.. لقد سقط الاخوان فى ذروة تمكينهم وانهارت أكاذيبهم وتشتت تنظيمهم، فى ظل وجود أوباما ورغما عن أنفه .. فماذ سيفعل جو النعسنان

تم النشر بواسطة ‏‎Hani Raslan‎‏ في الجمعة، ٦ نوفمبر ٢٠٢٠

مساحيق تجميل

تحرك المعارضة المصرية نحو إدارة بايدن، جاء مبكرا حيث أرسلت مجموعة "العمل الوطني" المعارضة -تضم رموزا سياسية وتأسست نهاية العام 2019- رسالة تهنئة لبايدن، تطالبه بعدم مؤازرة الأنظمة الاستبدادية والسلطوية ودعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، مشيرة في خطابها إلى اعتقال 60 ألف سياسي، داعية لإثارة هذه الأمور بقوة مع نظام السيسي.

جماعة الإخوان المسلمين، أيضا دعت إدارة بايدن لـ"مراجعة سياسات دعم ومساندة الدكتاتوريات"، عبر بيان أصدره، القائم بأعمال المرشد العام إبراهيم منير، قال فيه: "نتوجه للإدارة الأميركية الجديدة بأنه قد آن الأوان لمراجعة سياسات دعم ومساندة الدكتاتوريات، وما ترتكبه الأنظمة المستبدة من جرائم وانتهاكات بحق الشعوب".

وفي تعليقه على سؤال "الاستقلال"، حول ما قد يمثله فوز بايدن، من آمال للمعارضة المصرية، قال المحامي والحقوقي المصري عمرو عبدالهادي: "بايدن، وترامب، كلاهما يخدم المصالح الأميركية، وترامب حقق مكاسب كثيرة لها مقابل خسائر في مسح المكياج التجميلي لأميركا".

ويعتقد ،أن بايدن، جاء لـ"يعيد وضع المساحيق التجميلية التي مسحها ترامب، وهو ما سيعني بعض التحسن النسبي ببعض الملفات، لكن أقول للمتفائلين بالحزب الديمقراطي إن الانقلاب العسكري على ثورة يناير 2011، حدث بوجود إدارة أوباما الديمقراطي، وكذلك ارتكبت مذبحة (رابعة العدوية) و(النهضة) منتصف 2013، فلذلك لن يحدث تغيير ولكن تجميل فقط".

تفاؤل حذر

ويرى البرلماني المصري السابق محمد عماد صابر، أن "نظام الانقلاب لم يكن يحبذ حدوث تغيير بالبيت الأبيض ورحيل ترامب، أحد أكبر المدافعين الدوليين عن سياسات السيسي، خوفا من أن يصنع التغيير مشاكل وانتقادات لإدارته بملفات الديمقراطية وحقوق الإنسان".

صابر أضاف لـ"الاستقلال": أنه "مهما بلغ التقارب مع أي رئيس أميركي، فلن يجد السيسي رئيسا كترامب يشيد به على الدوام، ولا يعارض خططه بالاستمرار لسنوات أخرى برئاسة مصر، رغم كل الضغط الحقوقي الغربي على واشنطن واتهامها بغض الطرف عن واقع صعب لحقوق الإنسان بمصر".

"صحيح أن بايدن، لم يُخف انتقاداته لنظام السيسي، لكن بادين قد يغيّر موقفه بوصوله للبيت الأبيض، فسجله بإدارة أوباما، وموقفه من الانقلاب وما تبعه من مجازر بحق المصريين غير مشرف"، هكذا يكمل صابر حديثه، موضحا أن "مفهوم الاستقرار الغربي في الشرق الأوسط غالبا ما يعكس نية الإبقاء على النظام السلطوي القائم كونه المصدر الوحيد لتأمين الاستقرار المنشود".

وتابع: "موقف بايدن، من تركيا وسياستها بالمنطقة سيدفعه لتعزيز التحالف العربي ضدها، فيما يعد السيسي وجيشه أهم أركان ذلك التحالف، بتقديم الدعم المادي والعسكري للأكراد، وقيادة حملة التطبيع، وغيرها من الملفات"، لذلك سيكون من الصعب على بايدن زيادة الضغط على نظام السيسي".

وأشار البرلماني المصري، أيضا إلى أن "كثيرا من  الديمقراطيين تحكمهم المصالح، وبعضهم ساند صعود السيسي، معتقدا أنه "ما لم يقم بايدن، باعتماد منهج مغاير لما اعتمده أوباما، -خلال الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي- فلن تتحقق نتائج مختلفة عن السياسة الكارثية السابقة".

فرصة ذهبية

من جانبه يرى السياسي المصري وليد مصطفى، أن "فوز بايدن يمثل أملا ليس للمعارضة فقط، لكن المهم استغلال ذلك بشكل صحيح بأن تكون للمعارضة خطط ووسائل وخطاب جديد وجدي ورؤية لإحداث تغيير".

وفي حديثه لـ"الاستقلال"، لفت مصطفى إلى أن "الزيارات الكثيرة التي يقوم بها معارضون إلى الكونجرس الأميركي تكون بلا تخطيط ودراسة ودون نتيجة"، مطالبا بأن "تكون زيارات المؤسسات الأميركية ذات معنى وهدف واضح يعود على هذه الإدارات وعلى مصر دون تفريط بحقوق الشعب المصري ووفق علاقة الشركاء والحلفاء لأجل الديمقراطية والسلام".

وقال مصطفى: "هناك فرصة ذهبية، فالإدارة الأميركية السابقة عنصرية أعطت الديكتاتوريين القمعيين الكارت الأخضر لفعل ما يشاؤون"، متوقعا "حدوث تغيير، لكن بشرط أن تمتلك المعارضة خطة لإحداث هذا التغيير وماذا ستفعل بعده، ويكفي 7 سنوات مرت على المعارضة وهي متفرقة وبلا خطوات مشتركة وفعالة ومنظمة".

وأكد عضو حزب "الوسط" المعارض، أن "العالم يتغير والمعارضة لا تتغير، فعندما تخاطب العالم الخارجي يجب أن يكون لديها تأثير داخلي، ويكون لها تواصل مع الشعب يصنع لها الثقل والقوة".

ولفت إلى أن "نظام السيسي، قلق جدا، لأن إدارة بايدن لن تمنحه الضوء الأخضر كما فعل ترامب، بل إنه سيضغط على نظام الانقلاب ليكون لدى المعارضة بعض الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان".

ويعتقد أن "النظام المصري لن يقبل وسيبحث عن دعم الكيان الصهيوني واللوبي الإسرائيلي"، مؤكدا أن "ما يقلق نظام السيسي، من إدارة بايدن، ويصيبه بعدم الاستقرار هو وجود معارضة مصرية منظمة ذات خطة واضحة".

منعطف جديد

من جانبه، يقول البرلماني المصري السابق عز الكومي: "نجاح بايدن سوف يشكل منعطفا جديدا لفتح ملفات حقوق الإنسان بمصر والإمارات والسعودية، كما أنه تعهد خلال مهرجان انتخابي بإنهاء الحظر المفروض على المسلمين لدخول أميركا باليوم الأول لتسلّمه الرئاسة".

وأشار بحديثه لـ"عربي21"، إلى "اختلاف خطاب بايدن، عن خطاب ترامب"، مشيرا لـ"استدلال الرئيس الجديد في خطابه بـ"حديث النبي صلى الله عليه وسلم، (من رأى منكم مُنكرا فليغيره)"، وذلك في إشارة منه إلى أن الدين الإسلامي يرفض الكراهية والتمييز العنصري.

ويعتقد الكومي، أنه "يعتزم إشراك قيادات مسلمة في إدارته الرئاسية، ودعم حقوق الأقليات المسلمة بالعالم، مثل الروهنجيا والإويجور، ويساند من يعيشون في بلدان كسوريا واليمن وغزة، ويدعم قيام دولة فلسطينية مستقلة".

ولفت الكومي، أيضا إلى أن "ورقة بحثية نشرها معهد دراسات (الأمن القومي الإسرائيلي) التابع لجامعة تل أبيب، أشارت إلى أن النظام المصري، قلق من خسارة ترامب".

وعلق البرلماني المصري بقوله: "نحن نعلم أن بايدن وترامب وجهان لعملة واحدة، لكن الإفراج عن بعض المعتقلين ومنهم أقرباء الناشط الأميركي محمد صلاح سلطان، يشي بأن نظام السيسي مرعوب".

ويعتقد الكومي، أن "النظام بمصر سيبحث عن أي طريقة للتعامل مع بايدن، والطريق الأسهل هو الخط الساخن لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأنه لن يتخلى عن كنزه الإستراتيجي (السيسي) بأي حال".