صحيفة تركية: هذه الشخصيات تريد إجهاض مسارنا الديمقراطي

12

طباعة

مشاركة

انتقدت صحيفة "أكشام" التركية، بعض الشخصيات العامة التي تحاول إجهاض المسار الديمقراطي في البلاد، عبر سلوكيات تشير إلى تهديد الاستقرار وتذكّر بعهود الانقلابات العسكرية.

وقال الكاتب أمين بازرجي في مقال: "يبدو أنه مهما قطعت تركيا من مسافات في طريق الديمقراطية إلا أنه يبقى بيننا من لم يتمكن من التخلص من عاداته القديمة بعد، حيث يظهر بعضهم الحنين لعهد الوصاية بين الحين والآخر، تماما مثل ما حدث مع عضو المحكمة الدستورية أنغين يلدريم!".

وجرت عاصفة إثر خلاف بين المحكمة الدستورية العليا وإحدى المحاكم، بعد وضع أحد أعضاء المحكمة الدستورية صورة لمبنى المحكمة على تويتر مع عبارة "الأضواء مُنارة".

هذه الجملة شبيهة بجملة "أضواء رئاسة الأركان مُنارة" التي استخدمت في التسعينيات كتهديد بانقلاب عسكري. وندد ناشطون أتراك على وسائل التواصل بأولئك الذين "يحنون إلى زمن الوصاية"، وهو تعبير الكثير من السياسيين، لا سيما من حزب العدالة والتنمية الحاكم.

 وعلق وزير العدل عبد الحميد غل، "الذين يحنون للوصاية يفقدون صلاحية الحديث باسم القانون. الأنوار يضيئها الشعب ويطفئها الشعب". 

تهديد صريح

ويعتبر الكاتب أن التغريدة التي نشرها عضو المحكمة ـ والذي اضطر إلى حذفها لاحقا ـ تجعل الأمر واضحا.

ويشرح ذلك قائلا: نحن نعلم جيدا ما تعنيه جملة "الأنوار مضاءة". لقد عانينا كثيرا في عهد الوصاية حيث كان الشعب التركي يراقب رئاسة الأركان العامة، وكان يتم قمع الإرادة الوطنية تحت هذه الأضواء. 

وأردف: إذا كانت الأنوار مضاءة فهذا يعني أن هناك حركة في الجيش" فوضى أو انقلاب". كما كان يعني أيضا رسالة تهديد للسياسة المدنية مفادها أن "اعرفوا حدودكم".

ويضيف: لكن الكثير من المياه تدفقت من تحت هذا الجسر (حدث الكثير). وكما يظهر من ردود الفعل يبدو أن تلك الأيام السوداء قد ولت. 

فقد اضطر أنغين يلدريم إلى حذف تلك التغريدة عندما ازدادت ردود الفعل، كما أعرب بأنه قد تم إساءة فهمه قائلا: "لقد كان قصدي التأكيد على أن المحكمة الدستورية هي الضوء القانوني".

ويتابع الكاتب: "أن هذا الهراء لا يمكن تأويله، لكن لنفترض أن ذلك صحيح، لنفترض أن أنغين يلدريم كتب منشوره بهذا القصد. إن هذا أيضا أمر عظيم وخطير! فهل يمكن تخيل أن عضوا في المحكمة الدستورية لا يمكنه التفكير في عواقب هذه التغريدة ولا يستطيع إظهار البصيرة اللازمة في موقف كهذا ويفعل شيئا يجعل تركيا تثور ثورة عنيفة".

ويتساءل: بما أن الأمر كذلك، لنسأل هذا السؤال إذا: كيف يمكننا الوثوق في القرارات التي يتخذها شخص لا يرى ما نراه جميعا، ولا يمكنه معرفة عواقب أفعاله، ويقول فقط "آسف" لتغريدة يشاركها ليعود ويحذفها؟

تجاوزات المحكمة

ويذكر بازرجي أن دولت بهتشلي رئيس حزب الحركة القومية استهدف المحكمة الدستورية قبل أيام قليلة، فقد أراد "إعادة هيكلتها وفقا لطبيعة النظام الجديد". وهكذا فإن تغريدة أنغين يلدريم جاءت في موقف مؤيد لفكرة بهتشلي وتبين أنه على حق.

 أصل المشكلة يعود لمحاكمة النائب السابق عن الشعب الجمهوري أنيس بربر أوغلو. الذي اتهم بأنه هو من سرب صورا لشاحنات تتبع لجهاز الاستخبارات التركية كانت أوقفت بادعاء أنها تنقل أسلحة لسوريا.

خلال المحاكمة انتخب بربر أوغلو للبرلمان، لكن المحاكمة استكملت وحكم عليه بالسجن 5 سنوات و10 أشهر بتهمة "إفشاء معلومات سرية"، ثم أسقطت عضويته في البرلمان.

تقدم بربر أوغلو بطلب للمحكمة الدستورية، التي قررت أن انتخابه يمنحه حصانة وبالتالي فالمحكمة انتهكت حقوقه في الانتخاب والمشاركة السياسية وكذلك حريته، مقررة إعادة محاكمته.

ويستطرد الكاتب قائلا: "وكما تعلمون، تجاوزت المحكمة الدستورية اختصاصها وطالبت بمحاكمة أنيس بربر أوغلو مرة أخرى. وكان رد المحكمة الجنائية العليا الرابعة عشر في إسطنبول بـ "لا حاجة لذلك". وعلى إثر ذلك كانت تغريدة عضو المحكمة الدستورية.

وأردف الكاتب: "وهنا جاءت مشاركة يلدريم لتغريدته المؤسفة. فمع أنه عضو في المحكمة الدستورية فقد نقل النقاش إلى وسائل التواصل الاجتماعي تماما مثل الأطفال المراهقين. وعلى أي حال لقد أظهر موقفا لا يمكن القبول به أبدا".

من ناحية أخرى بين الرئيس رجب طيب أردوغان موقفه بالقول: "إن ما حدث لا يمكن تقييمه كحادثة أو موقف فردي". وأضاف في إشارة ليلدريم: "إذا كان يريد أن يمارس السياسة فعليه أن يستقيل من منصبه ويدخل السياسة".

ويتابع الكاتب: "في رأيي، إن التصريحات بشأن القانون والأنوار ليس لها أي قيمة. وإن كنت أظن أنه عليهم ألا يستهزؤوا ويحقروا من حكمة وبصيرة هذه الأمة، ولكن هذا شيء جيد من ناحية أخرى، فالناس يرون كل هذا ويظهرون ردود الفعل اللازمة ليتم في نهاية الأمر وضع النقاط على الحروف".