صحيفة صينية: خلاف تركيا وروسيا يبشر بأكتوبر دموي في القوقاز

12

طباعة

مشاركة

توقعت صحيفة "آسيا تايمز" أن يكون شهر أكتوبر/تشرين الأول 2020 دمويا في منطقة قره باغ، بسبب دعم تركيا لأذربيجان وتحديها لروسيا التي تساند أرمينيا في الحرب على الإقليم المتنازع عليه.

وأوضح تقرير للصحيفة الصينية أن خرق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا في قره باغ من قبل القوات الأذربيجانية المدعومة من تركيا خلال عطلة نهاية الأسبوع، مثل تحديا جادا للرئيس فلاديمير بوتين، مما يبشر بأن شهر أكتوبر/تشرين الأول سيكون شهرا داميا.

ومع دعم تركيا علنا لأذربيجان ورئيسها إلهام علييف في شن حرب لاستعادة "الجيب الأرمني"، ظهرت روسيا وكأنها غير مستعدة لمثل هذا التحدي لسلطتها وموقعها، وفق الموقع.

وشن الهجوم العسكري الأذربيجاني المفاجئ في 27 سبتمبر/أيلول، قبل أيام من الهدنة التي يبدو أنها تفتقد الزخم.  وعلى الرغم من بعض المكاسب الأولية والتقدم الافتتاحي، تمت إعاقة الهجوم البري بسبب الميزة الدفاعية للتضاريس الجبلية التي ساعدت الجنود في إقليم قره باغ.

وبعد تعثرها، كافحت القوات الأذربيجانية لمواصلة الجهود للاستيلاء (استعادة) على المزيد من الأراضي وتأمينها، مع زيادة كبيرة في استخدام الطائرات العسكرية التركية بدون طيار، وفق قول الموقع.

وتحتل أرمينيا، منذ عام 1992، نحو 20 % من الأراضي الأذربيجانية، التي تضم إقليم "قره باغ" (يتكون من 5 محافظات)، و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي "آغدام" و"فضولي". 

وجاءت نقطة التحول في الهجوم الأخير مع تغيير في التكتيكات، والاعتماد بشكل أقل على تقدم بري دقيق واللجوء إلى مزيد من الهجمات بالمدفعية والصواريخ على مدن وبلدات قره باغ، وأسفر ذلك عن خسائر بشرية وأضرار كبيرة في صفوف المدنيين، وتدمير المدفعية والصواريخ في الإقليم.

وعلى خلفية الخسائر المتزايدة في الرجال والدمار الهائل للمعدات من كلا الجانبين، بدا أن هناك فرصة وجيزة للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي تشتد الحاجة إليه.

تدخل روسيا

في ليلة 8 أكتوبر/تشرين الأول، تحدث الرئيس الروسي بوتين مع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف وحصل على موافقتهما على عقد قمة بين وزيري خارجيتهما في اليوم التالي في موسكو.

وتعد روسيا إلى جانب فرنسا والولايات المتحدة، إحدى الدول المشاركة في رئاسة "مجموعة مينسك" التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE)، وهي الكيان المخول للتوسط في نزاع قره باغ.

وافتتح هذا الاجتماع بين وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بيراموف ونظيره الأرمني زوهراب مناتساكانيان، في موسكو في 9 أكتوبر/تشرين الأول بهدف تحقيق "وقف إنساني للأعمال العدائية".

وبعد اجتماع ترأسه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، وافق المسؤولون الأرمينيون والأذربيجانيون على وقف الأعمال العدائية حتى ظهر يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول. 

وعلى الرغم من خرق وقف إطلاق النار، كان هذا الاتفاق اختراقا لروسيا بالتحديد، ووسيلة لإعادة تأكيد سيطرة موسكو على الوضع مع تهميش دور تركيا في العملية الدبلوماسية، بحسب الموقع.

وكجزء من الصفقة، وافق الوزراء الأرميني والأذربيجاني على الالتزام بأربعة بنود: 

أولا: وافق الجانبان على شروط الاقتراح الروسي بوقف الأعمال العدائية التي من شأنها أن تسمح بتبادل أسرى الحرب واستعادة رفات الجنود الذين سقطوا في ساحة المعركة.

وكانت فترة الراحة من العمليات القتالية لأسباب إنسانية أسهل نقطة اتفاق، حيث كان كل جانب حريصا على إظهار الإرادة السياسية والنضج لاستعادة الجثث والسجناء. وعلاوة على ذلك، وسط احتدام القتال، كان هناك اعتراف بأن رفض مثل هذه الخطوة الإنسانية سيكون تصرفا غير مسؤول.

وكان البند الثاني هو التعهد بإجراء مزيد من المحادثات حول "معايير محددة" لوقف إطلاق النار، على الرغم من عدم وجود موعد نهائي أو إطار زمني واضح.  

وبالنسبة للجانب الأرمني في قره باغ، كانت العبارات الضعيفة والغامضة لوقف إطلاق النار مخيبة للآمال، في الوقت الذي كانت فيه أذربيجان حريصة على مواصلة حملتها العسكرية على أمل تحقيق مكاسب كبيرة على الأرض، بينما كانت سلطات أرمينيا تضغط بشكل عاجل من أجل وقف إطلاق النار الكامل والفوري بعد تكبدها خسائر كبيرة إلى حد ما.

وتشير النقطتان الثالثة والرابعة من الاتفاقية إلى الحاجة للعودة إلى "المفاوضات الموضوعية"، رغم أن الحرب التي استمرت أسبوعين أظهرت بوضوح محدودية الدبلوماسية. 

وكان الإحباط من عدم إحراز تقدم في عملية السلام عاملا رئيسيا في دفع أذربيجان نحو الحرب.

قلب الموازين 

وعلى الرغم من الاستثمار الروسي لرأس المال الدبلوماسي، فإن اتفاقية وقف الأعمال العدائية التي نتجت عن قمة موسكو الماراثونية استمرت نحو ثلاث ساعات فقط.

وبحلول ظهر يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول، استأنفت القوات الأذربيجانية هجماتها بطائرات بدون طيار في مناطق شمال وجنوب غرب الإقليم، عازمة على المضي قدما وزيادة تدمير الوحدات المدرعة ومنشآت الدفاع الجوي في عمق قره باغ.

 وفي إشارة تؤكد فقط أن الأمل في غير محله في وقف حقيقي لإطلاق النار، تكثفت العمليات القتالية واتسعت لتشمل استئناف تبادل القذائف المدفعية والهجمات الصاروخية.

وإلى جانب قرار أذربيجان بالانقلاب على موسكو برفضها وقف إطلاق النار، جاءت العقبة الأكثر أهمية من تصميم تركيا على تحدي روسيا من خلال رفض وقف إطلاق النار، بحسب "آسيا تايمز".

وبالنظر إلى تلك الفرصة الضائعة، يقول الموقع: "يتضح الآن أن أذربيجان لم تكن أبدا مهتمة أو ملتزمة بأي شيء أكثر من مهلة صغيرة أو اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار".

ويشير التقرير بأنه كان محكوما على هذا الاتفاق بالفشل منذ البداية لعدة أسباب: أولا لعدم وجود أي عنصر ملزم في الاتفاقية يؤدي إلى وقف إطلاق النار.

ونشأ العامل الثاني من حقيقة انحسار النفوذ والقوة العقابية الروسية لتغيير مسار تجدد الأعمال العدائية، في الوقت الذي لا توجد فيه أي علامة على أي عقوبة ضد أذربيجان من روسيا. 

ويؤكد التقرير أن هذا العامل مهم بشكل خاص في الفشل في ثني أذربيجان عن وقف هجومها العسكري. فمن خلال ترك أرمينيا أكثر عرضة للخطر باعتبارها الجانب الوحيد الذي يسعى إلى وقف فوري لإطلاق النار، ظهر الجهد الروسي باعتباره سعيا دبلوماسيا بلا جدوى.

ونتج عن ذلك تبادل لاستعمال القوى من خلال توجه أعمق لتغيير ميزان القوى، مع عودة ظهور تركيا وتمكين أذربيجان من الدعم للمضي قدما في الحرب.

وقد تُرجم ذلك إلى اتساع نطاق الهجمات الجوية الأذربيجانية بدءا من الهجمات باستخدام طائرات بدون طيار تركية من الدرجة العسكرية إلى طلعات الطائرات المقاتلة من طراز F-16 التي تدعمها أنقرة والدوريات الجوية القتالية.

ويعد هذا التركيز الجديد على القوة الجوية مهما ليس فقط لإيقاع عمليات الهجمات القتالية، ولكن أيضا فيما يتعلق بدخول القوة التركية في منطقة العمليات في تحد مباشر لقدرات الدفاع الجوي الروسية.

ويقول الموقع: "من منظور للمواجهة التي تلوح في الأفق بين روسيا وتركيا، يبدو من الواضح الآن أن أذربيجان وتركيا ما تزالا ملتزمتين بمواصلة الحرب". 

ومع استمرار مطاردة سيناريو "أكتوبر الأحمر"، فإن الرادع الواقعي الوحيد لتطلعات الرئيس رجب طيب أردوغان يأتي من الرئيس بوتين، وفق وصفه.

فعلى الرغم من سجل روسيا الحافل بفقدان الأصدقاء وكسب الأعداء كما هو واضح في جورجيا وأوكرانيا وأماكن أخرى، فإن الفرصة الحقيقية الوحيدة لعودة الأمن والاستقرار الإقليميين قد تقع في الواقع على عاتق الزعيم الروسي، بحسب التقرير.