مواجهة شرسة بين المحافظين والإصلاحيين.. أبرز مرشحي رئاسيات إيران

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

ظهرت على الساحة الإيرانية عدة أسماء مرشحة لسباق الرئاسة في 18 يونيو/ حزيران 2021، لخلافة الرئيس الحالي حسن روحاني الذي يشغل المنصب لدورتين متتاليتين منذ عام 2013، ليكون بذلك الشخص الثامن الذي يتولى الرئاسة في تاريخ الجمهورية الإيرانية.

وتشكل الانتخابات المقبلة، أهمية بالغة بالنسبة للمرشد الأعلى علي خامنئي، الذي قال في 18 مايو/أيار 2020: إن الحكومة المقبلة يجب أن تكون "شابة وثورية"، ووصفها بأنها "علاج لمشاكل البلاد"، في إشارة للأزمة الاقتصادية جراء العقوبات الأميركية.

مرشحو الإصلاحيين

تداولت مواقع إيرانية أسماء مجموعة من الشخصيات التي تنتمي إلى التيار الإصلاحي، لخوض سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ تسعى الكيانات والأحزاب الإصلاحية والقريبة منها إلى الفوز بالمنصب الذي تعاقبوا على مزاولته لأكثر من فترة رئاسية سابقة.

ومن أبرز هؤلاء المرشحين الإصلاحيين، محمد رضا عارف، والذي يتفاخر مرارا وتكرارا بطرق مختلفة بالانسحاب من الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة لصالح حسن روحاني، ويبدو أنه حريص على تجربة حظه مرة أخرى.

واستقال عارف مؤخرا من منصبه كرئيس لمجلس السياسات في التيار الإصلاحي، بعد انتقادات لأدائه عندما كان نائبا في البرلمان السابق الذي كان يهيمن عليه الإصلاحيون.

وكان عارف رئيسا لكتلة "الأمل" البرلمانية ومساعد الرئيس الأسبق محمد خاتمي، وكان يعول عليه الإصلاحيون لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2021، لكن حظوظه تراجعت خلال الأعوام الأخيرة، بسبب تزايد الانتقادات لحكومة الرئيس روحاني، الذي سبق وانسحب من السباق الرئاسي لصالحه.

والشخصية الثانية الإصلاحية، هو محسن، النجل الأكبر للرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني، الذي يشغل منصب رئيس مجلس العاصمة الإيرانية طهران، فهو سيكون مرشح حزب "وكلاء البناء".

وكان محسن هاشمي رفسنجاني قد حذر الإصلاحيين مؤخرا من أنهم سيُقصون إذا لم يخوضوا الانتخابات، إذ يشير هذا التحذير إلى أن لديه نظرة خاصة إلى الانتخابات الرئاسية.

ويدور الحديث أيضا عن احتمال ترشيح نائب الرئيس الحالي، الإصلاحي إسحاق جهانغيري، الذي يتمتع بعلاقة جيدة مع المرشد الأعلى، على الرغم من اتهامات بالفساد وجهت له خلال السنوات الماضية.

ومن ضمن المحسوبين على تيار الإصلاح، برز اسم علي مطهري نجل المرجع وعضو مجلس قيادة الثورة في إيران الراحل مرتضى مطهري الذي اغتيل عقب الثورة، وهو صهر علي لاريجاني، رئيس البرلمان السابق.

وأعلن مطهري الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس البرلمان في 25 أغسطس/آب 2020، أنه قد يخوض الانتخابات الرئاسية، وقال: إن ترشيحه أمر لا يتوقف على الظروف، لكنه في الوقت نفسه لا يستبعد إمكانية الترشح.

مطهري قدم نفسه في السابق على أنه محافظ وإصلاحي سياسيا في الشؤون الثقافية، ويقول: إنه اتخذ مواقف كان الأصوليون فيها سعداء أحيانا وكان الإصلاحيون مستائين، "وأنا أكثر ميلا للإصلاحيين في مناقشات مثل حرية التعبير".

وكان يتمتع المعسكر الإصلاحي بشعبية في إيران خلال العقدين الماضيين. ويضم هذا المعسكر حزبين رئيسيين، هما "كوادر البناء" الذي أسسه الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني، وحزب "الاعتدال والتنمية"، ويشغل عناصرهما مناصب تنفيذية هامة في حكومة روحاني الحالية.

أما الحزب الإصلاحي التقليدي "الأمة الإيرانية (ملت إيران)" فهو من بقايا حزب المشاركة وحزب الثقة الوطنية، غير منخرط بشكل مباشر في الحكومة، وقد تم رفض مرشحيه خلال الانتخابات السابقة.

مرشحو المحافظين

في المقابل، فإن معسكر المحافظين يشهد هو الآخر تعدد وجوه المرشحين لانتخابات الرئاسة، والذي يرجح مراقبون أن الرئيس المقبل لإيران سيكون منه، وذلك استنادا على الأغلبية التي حصلوا عليها في الانتخابات التشريعية في فبراير/ شباط 2020.

وبحسب "شهرار نيوز" الإيراني، فإن مرشح المحافظين المفضل في الوقت الحالي، هو برويز فتاح رئيس "مؤسسة المستضعفين" التابعة للمرشد الإيراني علي خامنئي، إذ إنه ظل يُرشح للرئاسة منذ فترة طويلة، لكنه لم يخاطر بعد بالترشح.

وسبق لفتاح أن شغل منصب رئيس لجنة إغاثة "الإمام الخميني" قبل انتقاله في العامين الأخيرين إلى "مؤسسة المستضعفين"، وبسبب أزمة كورونا ارتفع اسمه كثيرا بسبب الموارد المالية الهائلة للمنظمة ومساعدتها الواسعة نسبيا في إدارة الفئات الضعيفة.

وبحسب تقارير، فإن تحركاته وظهوره النشط في وسائل الإعلام الرسمية والحديث عن عمله، أو دعوة بعض الجهات الفاعلة للأعمال الخيرية، فسرت على أنها زادت من حظوظه في الانتخابات المقبلة.

والمرشح الآخر، هو محمد جواد آذري جهرمي وزير الاتصالات وتقنيات المعلومات الحالي في حكومة حسن روحاني. هذا الرجل ينتمي لتيار المحافظين، ورغم صغر سنه (38 عاما) فقد عمل سابقا مساعدا لرئيس جهاز الاستخبارات.

لكن جهرمي، ليس لديه قاعدة جماهيرية آمنة ومعروفة مسبقا على الرغم من أن بعض مؤيديه سعوا منذ فترة طويلة لتصويره على أنه "براغماتي عابر للطوائف"، إذ تقول وسائل إعلام إيرانية: إن مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، وصفت جهرمي بأنه إيمانويل ماكرون الإيراني.

ومن أهم المرشحين عن التيار المحافظ الذي يوصف بالمتشدد، مهرداد بذرباش، الذي انتخبه البرلمان بدعم من المحافظين في أغسطس/آب 2020 رئيسا لديوان الرقابة المالية، وهو أعلى هيئة رقابية حكومية، حيث حظي بتأييد أكثر من 150 نائبا.

بذرباش كان مرشحا في الانتخابات الرئاسية لعام 2017، ولكن بطريقة غريبة، رُفض ملفه، كونه فاته الموعد النهائي لتسجيل ترشيحه في وزارة الداخلية. وبحسب مراقبين فإنه قد يكون مثالا لرئيس "ثوري شاب" وفق المواصفات التي حددها خامنئي في خطبة سابقة.

والخيار الآخر لدى المحافظين، هو عزت الله ضرغامي، الرئيس السابق لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، وهو شخصية سياسية وعسكرية من الحرس الثوري، وعضو بارز في "المجلس السيبراني" الذي يعمل تحت قيادة روحاني.

ومن ضمن قائمة المرشحين البارزين يأتي محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الحالي، والذي كان مرشحا أيضا في الجولة السابقة من الانتخابات الرئاسية في عام 2017.

والمرشح الآخر، هو سورنا ستاري، مساعد الرئيس الإيراني للشؤون العلمية، الذي يروج لنظرية "الاقتصاد المقاوم" التي يتحدث عنها خامنئي، ويدعو إلى اقتصاد قائم على المعرفة والإبداع والابتكار بدل الاعتماد على النفط.

وعلى قائمة المرشحين المحافظين، علي رضا زاكاني، النائب السابق في البرلمان الإيراني عن التيار الأصولي المتشدد، والذي لاحق قضايا الفساد في مكتب حسن روحاني، واصفا إياه في تصريحات شهيرة بأنه "وكر لشبكة فساد" يديرها حسين فريدون شقيق الرئيس.

أما الرئيس الإيراني السابق المحسوب على تيار المحافظين، محمود أحمدي نجاد، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، فقد أعلن خلال مقابلة تلفزيونية في يونيو/ حزيران 2020 أنه "غير راغب شخصيا" في الترشح للانتخابات الرئاسية، لكنه "مستعد للتضحية".

دعم خامنئي

وتعليقا على الشخصيات المحافظة المذكورة، قال أحمد توكلي، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني: إن بعض المسؤولين في الدولة الذين تم تعيينهم من المرشد الأعلى علي خامنئي يحظون بدعمه.

ونقلت وسائل إعلامية في 29 أغسطس/ آب 2020 عن توكلي قوله: إن "الوقائع تؤكد أن بعض المديرين التنفيذيين المعينين من المرشد الأعلى قد يترشحون لانتخابات الرئاسة العام المقبل، لكن هذا الأمر له عيبان رئيسيان، أولا: هذا يمنحهم امتيازات غير عادلة، وثانيا: سيتم اتهام المرشد بالتحيز".

واقترح توكلي على مكتب المرشد الأعلى، إعطاء هؤلاء الأشخاص الفرصة للاستقالة من مناصبهم بحلول نهاية سبتمبر/ أيلول 2020، ثم يترشحون أو أنهم يعلنون رسميا عن عدم نيتهم خوض الانتخابات الرئاسية".

وأعلن مساعد وزير الداخلية الإيرانية للشؤون السياسية، رئيس اللجنة الانتخابية، جمال عرف، خلال تصريحات له في 24 أغسطس/آب 2020، أن مجلس صيانة الدستور وافق على إجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 17 يونيو/ حزيران 2021.

وبين رئيس اللجنة الانتخابية أن الإعداد للانتخابات الرئاسية الإيرانية يبدأ من مارس/ آذار 2021 وهي مرحلة استقالة المرشحين التي يجب أن تتم قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات.

بموجب القانون الإيراني، يشرف مجلس صيانة الدستور على الانتخابات الرئاسية، فالأمر متروك له في تحديد توقيت الانتخابات والمرشحين النهائيين من خلال فحص مؤهلاتهم، والموافقة على نتائج الانتخابات بشكل نهائي.

ومنذ رئاسة محمد خاتمي، احتج رؤساء إيران على تقييد سلطاتهم وصرحوا بطرق مختلفة أنه لا يوجد توازن بين مسؤولياتهم وسلطاتهم. استخدم خاتمي مصطلح "المورد" للرئيس، ووعد حسن روحاني خلال حملته الانتخابية الأولى بأنه سيعيد السلطة إلى الرئاسة.

وتخشى السلطات الإيرانية من ضعف الإقبال في الانتخابات الرئاسية، تماما مثل ما حدث في الانتخابات البرلمانية السابقة، التي شهدت عزوفا عن المشاركة السياسية في بلد لا تسود فيه ديمقراطية حقيقية.

وقال وزير الداخلية الإيراني، عبد الرضا رحماني في تصريحات تلفزيونية في 26 أغسطس/آب 2020: إنه يخشى تكرار مشهد الانتخابات البرلمانية التي عقدت في فبراير/شباط 2020، بحسب موقع "راديو فاردا" الإيراني.

 وبلغت نسبة المشاركة بعموم البلاد، في تلك الانتخابات، 42.5 ٪، لكن في العاصمة، طهران، والمدن الصغيرة القريبة منها، كانت المشاركة متدنية للغاية، وقد تراوحت بين 21 و25 ٪.