الاكتشاف الجديد.. هل تصبح تركيا دولة مصدرة للطاقة مستقبلا؟

12

طباعة

مشاركة

تحدث مركز "سيتا" التركي للأبحاث والدراسات عن كنز الغاز المكتشف حديثا في البحر الأسود، والذي يبشر باستقلال تركيا اقتصاديا من ناحية استيراد هذا المورد الحيوي المهم.

وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعلن في 21 أغسطس/آب، اكتشاف أكبر حقل غاز بتاريخ البلاد في البحر الأسود، باحتياطات تقدر بـ320 مليار متر مكعب. 

وقال: إن "تركيا تنوي البدء في إيصال الغاز إلى المستهلكين في عام 2023، وإنها ستصبح في نهاية المطاف دولة مصدرة للطاقة".

بدوره قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، فاتح دونماز: "إن القيمة الاقتصادية لاحتياطي الغاز المكتشف في البحر الأسود تُقدر بنحو 65 مليار دولار". 

وطرح المركز التركي إجابات لـ5 أسئلة، تحكي قصة الكنز المكتشف على سواحل تركيا كالتالي:

  • كيف تمت عملية الكشف عن الغاز الطبيعي؟

نفذت تركيا ما مجموعه 9 عمليات حفر في أعماق البحار في العامين الماضيين، وكان ذلك شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأسود بسفن محلية.

مؤخرا تم اكتشاف حقل مهم للغاز الطبيعي قبالة البحر الأسود في منطقة إيرغلي نتيجة أنشطة الحفر التي تقوم بها سفينة الفاتح. وسميت هذه المنطقة المعروفة باسم الدانوب 1، بـ "حقل صقاريا" مع اكتشاف مصدر الغاز.

تعود أنشطة الاستكشاف والحفر في المنطقة المذكورة إلى 14 شهرا وأجريت الدراسات الزلزالية في المنطقة منذ مايو/أيار 2019.

بعد ذلك، انطلقت سفينة الفاتح، التي واصلت عملها من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأسود وكان ذلك في شهر مايو/أيار وبدأت بالفعل عمليات الحفر في 20 يوليو/تموز.

نتيجة للوصول إلى مورد الغاز الطبيعي في فترة قصيرة تبلغ حوالي شهر، تم مشاركة الاكتشاف مع الجمهور باعتباره "بشرى سارة" من قبل الرئيس أردوغان.

  •  ما هو حجم البئر المكتشف؟

يوصف البئر المكتشف بأنه الأكبر في تاريخ تركيا بسعة 320 مليار متر مكعب وتشير التوقعات إلى وجود المزيد من مصادر الطاقة، فهناك تقديرات تتحدث عن وجود طبقتين أخريين تحت هذا الحقل، ومن الواضح أن لدى المنطقة إمكانات طاقة عالية للغاية.

 لذلك، من المتوقع أن يزداد الاحتياطي المكتشف في المستقبل عن طريق تحسين أنشطة الحفر في أعماق البحار التي يتم تنفيذها هنا.

كثفت تركيا جهودها في منطقة عرضها ألفي كيلومتر مربع في المقام الأول من أجل تحقيق الاكتشاف الحالي. ومن ناحية أخرى، من المعروف أن المساحة التي تم فيها هذا الاكتشاف تبلغ 8 آلاف كيلومتر مربع، فيما أن التكوين الجيولوجي للمنطقة له خصائص مماثلة للمنطقة المكتشفة.

  • ماذا يعني اكتشاف موارد الغاز الطبيعي اقتصاديا؟

يتم فهم الاكتشاف الذي تم في المقام الأول اقتصاديا من ناحية أنه سيلبي احتياجات الغاز الطبيعي في تركيا من 7 إلى 8 سنوات، ومع ذلك، فإن حصر هذا الاكتشاف في الاستهلاك المحلي هو عملية صعبة تقنيا. 

وعند إجراء تقييم للعينات في المنطقة، يبدو من الممكن تحقيق تدفق غاز سنوي يبلغ حوالي 10 مليار متر مكعب من حقل صقاريا، الذي له خصائص مماثلة لحقل تمار الواقع قبالة فلسطين المحتلة.

يُحسب استهلاك تركيا السنوي من الغاز الطبيعي كمتوسط ​​من 2015 إلى 2019 بنحو 46 مليار متر مكعب ويتم توفير كل هذا الاستهلاك تقريبا من قبل موردين خارجيين.

ومن الواضح أن الاكتشاف له تأثير إيجابي على استهلاك الطاقة في تركيا، كما أنه إذا تم اكتشاف موارد إضافية من الحقل في المستقبل، ستكون تركيا بمواردها هذه دولة مصدرة للنفط بأكثر من الدول المجاورة التي تقوم بذلك.

وهذا الأمر سيدفع تركيا إلى التخلص من العجز في الميزان التجاري الذي تتسبب به فاتورة الطاقة. 

  • هل يؤثر الغاز الطبيعي المكتشف في البحر الأسود على المنافسة في شرق المتوسط؟

تنتهج تركيا سياسة نشطة في البحار خاصة في الفترة الماضية لم يسبق لها مثيل. يمكن وصف ما يحدث أنه عملية كفاح مشروع تقوم به أنقرة عبر سفن البحث والتنقيب خاصة في شرق البحر الأبيض المتوسط. 

في الآونة الأخيرة، تلفت البيئة التنافسية التي تشكلت حول دول المنطقة والشركات الدولية على موارد الطاقة في حوض شرق البحر الأبيض المتوسط ​​الانتباه. 

أنقرة عملت على مواصلة الدفاع عن حقها حتى النهاية وباتت المسألة أمنا قوميا ووقفت كالصخرة أمام الحراك اليوناني والمصري المدعوم من فرنسا.

ستؤثر احتياطيات الغاز الطبيعي المكتشفة حتما في البحر الأسود على موقع تركيا في شرق البحر المتوسط بل وستزيد من أنشطتها، ولم يعد هناك شك لدى الآخرين أو حجة بأن تركيا بإمكاناتها هذه لن تستطيع أن تجد بترولا أو نفطا. 

مع ذلك، أثناء السعي إلى تعاون محتمل في البحر الأسود من قبل شركات الطاقة الدولية العاملة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ​​بتركيا، يمكن أن تقدم هذه الشركات مساهمة إيجابية في التوازن لصالح العودة إلى أنقرة.

  • هل يستمر الحفر في أعماق البحار؟

لقد تجاوزت تركيا حاجزا نفسيا عميقا حين عثرت على هذا الحقل، فمن خلال الخطوة المذكورة أعلاه، تم القضاء على إشاعة أن تركيا لا تعثر على موارد للطاقة ولن تعثر؛ وهذه العملية هي في الواقع نتيجة استثمارات ودراسات طويلة الأجل. 

بعد تشكيل السياسة الوطنية للطاقة والمناجم في عام 2017، بدأ التحقيق بسرعة في عملية الهيكل الجيولوجي لتركيا. 

في هذا السياق، جرى إعداد الخرائط الجيوفيزيائية والجيوكيميائية في كل من المناطق البرية والبحرية. اعتبارا من الفترة الماضية تم مسح مساحة 920 ألف كيلومتر مربع تقريبا وإعداد 72 خريطة. 

مع ذلك، تستمر الدعوات المحلية والوطنية لتوسيع أسطول الحفر التركي بلا هوادة، خاصة في أنشطة أعماق البحار. وتلعب سفن الحفر بربروس باشا واورتش رئيس بجانب سفن فاتح ويافوز والقانوني دورا مهما في هذه المسألة. 

ومن الواضح بلا ريب أن الفترة المقبلة ستشهد كثافة في عمليات الحفر والتنقيب في كل المساحات البحرية الممكنة في مياه البحر الأسود والمتوسط إذ إن تركيا تدرك أن المقدمة للاستقلال الاقتصادي والسياسي يتم من خلال مجال الطاقة.

ولذا فهي تبذل جهدا كبيرا يقود لأن تغدو فاعلا عالميا. ومن خلال إصدار الحاجة لمزيد من الموارد في المستقبل، يمكن أن تصبح تركيا مكتفية ذاتيا في مجال الطاقة وستصل إلى مكانة مهمة في الأسواق العالمية. وباختصار ستغدو أنقرة على الطاولة أكثر بكثير بفضل إمكانياتها وثرواتها المكتشفة.