تويتر يناهض العنصرية.. إحراجا لترامب أم إرضاء للمعلنين؟ 

12

طباعة

مشاركة

أعلن موقع "تويتر" مطلع شهر يوليو/ تموز 2020، حذف كلمات ذات إيحاءات عنصرية كانت تستخدمها قواعد البرمجة منذ عقود، واستبدلها بأخرى أكثر شمولا. 

وأفاد الخبراء بأن استبدال الكلمات قد يكلف الشركة الملايين ويستغرق شهورا فيما سارع قسم الهندسة في "تويتر"، إلى نشر تغريدة بمجموعة الكلمات التي يريد تفادي استخدامها.

القرار جاء بعد أيام على إطلاق مجموعة من العلامات التجارية حملة في جميع أنحاء العالم، تعلن من خلالها وقف إعلاناتها على وسائل التواصل الاجتماعي كنوع من الضغط للقضاء على خطاب الكراهية.

فيما ذهبت بعض التفسيرات إلى الربط بين قرار تويتر وأزمته مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فهل يرغب الموقع في إحراجه أم أنه يخشى خسارة المعلنين؟ 

التصدي للعنصرية

تتضمن قائمة الكلمات التي يعمل "تويتر" على استبدالها "القائمة البيضاء whitelist" بـ"قائمة السماح allowlist" و"سيد/عبد master/slave" بـ "قائد/تابع leader/follower".

وتشير كلمة "سيد master"، في لغة البرمجة، إلى النسخة الأساسية لتعليمات البرمجة التي تتحكم في "العبيد slaves" أو النسخ المتطابقة، بينما تشير "القائمة السوداء Blacklist" إلى وصف العناصر المرفوضة تلقائيا، والتي تمثل عادة المواقع المحظورة.

من جهته أعلن بنك "جيه بي مورغان" الأميركي عن خطوة مماثلة، في الوقت الذي تتصدى فيه كثير من الشركات للعنصرية في أعقاب مقتل جورج فلويد، المواطن الأميركي من أصل إفريقي، على يد الشرطة في مينيابوليس.

وكان جاك دورسي، مؤسس "تويتر"، قد تبرع في يونيو/ حزيران 2020 بمبلغ 3 ملايين دولار لصالح معسكر "اعرف حقوقك" للاعب كرة القدم الأميركي، كولين كيبرنيك، بغية "تعزيز حرية ورفاهية" الأقليات.

وقال بنك "جيه بي مورغان": إنه تخلى أيضا عن كلمات الترميز القديمة في ظل اجتياح حركة "حياة السود مهمة" في أميركا عالم الشركات، وأضاف أن المصطلحات تبين استخدامها في بعض سياساته التقنية وقواعد البرمجة.

وقال "غيت هب"، أكبر موقع يضم مطوري البرمجيات في العالم، في يونيو/حزيران: إنه يعكف على تغيير مصطلح "سيد master" في لغة الترميز الخاصة به.

كما شجع متصفح الويب "كوروميام"، التابع لشركة "جوجل"، ونظام التشغيل "أندرويد" المطورين على تجنب استخدام "القائمة السوداء blacklist" و"القائمة البيضاء whitelist"".

الربح مقابل الكراهية

تدرس علامات تجارية عالمية بعناية شديدة شعارات وأسماء منتجاتها تجنبا لأي قوالب نمطية عنصرية. وقالت شركات تمتلك علامات تجارية معروفة، خلال الأسابيع الماضية، إنها ستغير أو تراجع علاماتها التجارية.

في الوقت نفسه تتعرض منصات وسائل التواصل الاجتماعي لضغوط من أجل التعامل مع منشورات تحض على الكراهية.

وتواجه منصة فيسبوك مقاطعة إعلانية واسعة النطاق تنظمها حملة "إيقاف الكراهية من أجل الربح"، والتي أدى انضمام شركات "فورد" و"أديداس" و"كوكاكولا" و"يونيليفر" و"ستارباكس" إليها إلى تعزيز ثقل الحملة، التي تهدف إلى إزالة أي محتوى يحض على الكراهية من المنصات.

فيما أوقفت أكثر من 90 شركة الإعلانات مؤقتا على فيسبوك لدعم هذه الحملة، بحسب شبكة "بي بي سي" البريطانية،

لكن إدارة "كوكاكولا" شددت على أن تعليق إعلاناتها لا يعني أنها ستنضم إلى الحملة، على الرغم من إدراجها على أنها شركة مشاركة فيها.

اتهمت حملة "أوقفوا الكراهية من أجل الربح"، شركة "فيسبوك" بعدم القيام بما يكفي لوقف خطاب الكراهية والتضليل. وقال منظمو الحملة: إن "العدد الصغير من التغييرات " لن "يحل المشكلة".

ودعت الحملة مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ إلى اتخاذ مزيد من الخطوات، بما في ذلك إنشاء منصة دائمة للحقوق المدنية داخل شركته، والخضوع لمراجعات مستقلة للكراهية القائمة على الهوية والمعلومات الخاطئة، وإيجاد وإزالة المجموعات العامة والخاصة التي تنشر مثل هذا المحتوى، وإنشاء فرق من الخبراء لمراجعة الشكاوى.

وقال تحالف حملة وقف الكراهية من أجل الربح: "سلكنا هذا الطريق من قبل مع فيسبوك. لقد اعتذروا في الماضي واتخذوا خطوات ضئيلة بعد كل كارثة شاركت فيها منصتهم، ولكن هذا يجب أن ينتهي الآن". 

أزمة ترامب

حذف موقع "تويتر" مطلع يوليو/ تموز 2020 صورة من تغريدة نشرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبرر الموقع ذلك بـ"التعدي على حقوق المؤلف".

وبدلا من تلك التي تم نشرها في التغريدة في 30 يونيو/ حزيران، تظهر الصورة محذوفة تلبية لشكوى من صاحب حقوق الطبع والنشر.

وأفاد موقع "أكسيوس"، بأن الصورة المحذوفة تعود لصحفي في "نيويورك تايمز" الأميركية التي أرفقها بمقالة كبيرة حول الرئيس. لكن الصحيفة اشتكت قائلة: إن "ترامب نشر الصورة دون إذن". 

الأزمة زادت بين ترامب و"تويتر" عندما بدأ القائمون على حملة إعادة انتخاب ترامب، في الأسبوع الأول من يوليو/تموز 2020، تغيير إستراتيجيتها على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال البحث عن منافذ جديدة، لضمان إيصال رسائله مع اقتراب الانتخابات، وذلك أمام القيود المتزايدة عليه على المواقع.

وهذا بعد أن كان ترامب يعتمد بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي ويستعيض بها عن الصحافة. 

ووضع "تويتر" المزيد من القيود على تغريداته بوضع رسائل تنبيه تخبر بمخالفتها لقواعد الموقع. كما أعلن "سناب شات" التوقف عن الترويج لمنشورات ترامب في "ديسكوفر".  

وحتى "فيسبوك"، المنصة التي تتساهل مع الرئيس وتواجه انتقادات لاذعة لذلك، قالت إنها سوف تبدأ في إزالة المنشورات التي تحرض على العنف أو تسعى لقمع التصويت، من دون استثناءات للسياسيين. 

وكان ترامب قد وقّع في مايو/ أيار 2020، أمرا تنفيذيا يهدف إلى إلغاء بعض جوانب الحماية القانونية الممنوحة لشركات التواصل الاجتماعي.

وتتيح الخطوة للجهات التنظيمية سلطة الملاحقة القضائية لشركات مثل فيسبوك وتويتر بسبب سياسة مراقبة المحتوى على منصاتها.

ولكل هذه الأسباب، باتت حملة ترامب تبحث عن طرق بديلة للوصول إلى الناخبين، حسب ما أكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقرير لها، أشار إلى أن هذه القيود تدفع الرئيس للتفتيش عن بديل لتلك المنصات، إلا أن البديل لن يكون لديه نفس القدرة على الانتشار، بحسب الصحيفة. 

"ركوب الترند"

خبير الإعلام الجديد، هيثم سعد، رأى أن "تويتر" ومنذ حذف الصورة من تغريدة ترامب ظهر أنه  أكثر "ترصدا" له تحديدا في نشره لأخبار غير دقيقة. 

ذهب المتخصص في حديثه مع "الاستقلال" إلى حد القول: إن تويتر يحاول إحراج ترامب في كل مناسبة، بسبب أو بدونه.

وفي أول موقف له من حادث مقتل الأميركي من أصل إفريقي جورج فلويد، حث ترامب حكام الولايات على استدعاء الحرس الوطني لمواجهة المظاهرات التي تجتاح البلاد. 

وقد أعلن "تويتر" مباشرة بعد وفاة فلويد أنه بدأ بحذف من قاعدة معلوماته الكلمات المستخدمة في البرمجة مثل "سيد" و"عبد"، وهو قرار رأى هيثم سعد أنه على خلفية الأزمة بين الرئيس وتويتر. 

أما عن مناهضة العنصرية، فقد تعدى الأمر مواقع التواصل الاجتماعي، ووصل لشركات مستحضرات التجميل، التي أعلنت أنها أوقفت إنتاج بعض المنتجات الخاصة بتفتيح البشرة مثلا.

وهو ما رآه خبير الإعلام الجديد "ركوبا على الترند"، إذ تحاول كل المؤسسات أن تظهر وكأنها داعمة لأصحاب البشرة السمراء ضد الهجمة عليهم.