وجدت حلمها في السيسي.. هذه مكاسب إسرائيل من الانقلاب على مرسي

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعد مقولته الشهيرة "لن نترك غزة وحدها" عقب العدوان الإسرائيلي على القطاع في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، أدركت دولة الاحتلال، وأجمعت مؤسساتها السياسية والأمنية، أن بقاء الرئيس محمد مرسي، على رأس السلطة في مصر، يشكل خطرا داهما على إسرائيل.

طيلة عام كامل تولى فيه الحكم، لم يذكر أول رئيس مصري منتخب، كلمة "إسرائيل" مرة واحدة في خطاباته، وهو ما رصدته مراكز الأبحاث العبرية، وبدأت تل أبيب العمل على ضرورة التخلص من نظام مرسي، ودعم نظام جديد بقيادة وزير دفاعه الانقلابي عبد الفتاح السيسي، الذي قدم حيثيات طمأنة إسرائيل والحفاظ على أمنها، ورفع ألوية التطبيع معها.

فكيف شكل وجود الرئيس مرسي تهديدا على إسرائيل؟ وماذا جنت دولة الاحتلال من الإطاحة به، والتحالف مع السيسي؟.

معجزة إسرائيل

مثل صعود السيسي إلى سدة الحكم في مصر، أبرز مكاسب إسرائيل في المنطقة، بعد ثورات الربيع العربي التي هددتها، وهو ما شهد به رجال سياسة ودين إسرائيليون.

المدير السياسي والعسكري لوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد قال في تصريحات صحفية: "السيسي زعيم جديد سوف يتذكره التاريخ، أنقذ مصر من السقوط في الهاوية"، كما وصف الحاخام اليهودي يوئيل بن نون، أبرز حاخامات المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، انقلاب السيسي بأنه "أهم معجزة حدثت لإسرائيل". 

وصل التطبيع بين السيسي وإسرائيل ذروته بالتنسيق العسكري بين جيشي الدولتين في سيناء، حينما أعلن السيسي في لقائه مع قناة "فرانس 24"، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، أنه لن يسمح أن تشكل سيناء منطقة خلفية لتهديد أمن إسرائيل.

عضد السيسي تصريحه أكثر من مرة، في لقاءات مشابهة، أبرزها مقابلته مع برنامج "60 دقيقة" على قناة "سي بي إس" الأميركية، في 7 يناير/ كانون الثاني 2019، حينما تحدث "عن التنسيق بين القاهرة وتل أبيب على أرض سيناء، واستعانة الجيش المصري بسلاح الطيران الإسرائيلي لشن غارات على عناصر تنظيم ولاية سيناء".

ورغم طلب السفير المصري في واشنطن ياسر رضا، من القناة عدم إذاعة المقابلة، لكن القناة الأميركية تمسكت ببثها كاملة، وقامت بنشر تقرير على موقعها الإلكتروني، تحت عنوان "المقابلة التي لا تريدها الحكومة المصرية أن تذاع على التلفزيون". 

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى أبعد من ذلك مع إعلان  السيسي عن تفهمه للمخاوف الإسرائيلية من الاتفاق النووى الإيرانى، وفي أغسطس/ آب 2017، لأول مرة في التاريخ العربي تصوت مصر لصالح إسرائيل في عضوية مجلس الأمن.

عدو لدود

رؤية الرئيس مرسي، دفعت قادة تل أبيب، للمجاهرة بالوعيد له، ففي 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، في كلمة لها خلال محاضرة نظمها "معهد الأمن القومي الإسرائيلي، قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني: "كل قائد ودولة في المنطقة، يجب أن يقرروا أن يكونوا جزءا من معسكر الإرهاب والتطرف، أو معسكر البراغماتية والاعتدال، وإذا قرر قائد دولة ما مسارا آخر فسيكون هناك ثمن لهذا".

وبخصوص الرئيس مرسي تحديدا شددت ليفني: "لدينا متطرفون أكثر في المنطقة، وقادة يريدون أن يختاروا مسارهم وطريقهم، لدينا في مصر مرسي الذي يمثل جماعة الإخوان المسلمين، ويجب أن نتكاتف سويا، ونتحد ضد هؤلاء، الذين يعادوننا، وأن نفعل شيئا، فمسؤولية أي حكومة إسرائيلية هي العثور على طريقة علنية أو غير علنية، للسيطرة على التغيير الحادث في المنطقة، والتأثير في تشكيل مستقبلها".

وحتى بعد الانقلاب، ووفاة الرئيس محمد مرسي، استمرت مراكز الأبحاث الإسرائيلية في رصد وتتبع ظاهرته، والقواعد التي رسخها خلال فترة حكمه.

مطلع يوليو/ تموز 2019، نشر "معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي"، تقريرا بعنوان "محمد مرسي شهيد أم خائن؟" وورد في مقدمته "ردود الفعل في مصر على وفاة محمد مرسي، بعد 6 سنوات من خلعه من منصبه، تعكس الاستقطاب الاجتماعي والسياسي المستمر، في مصر بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام".

وكشف المعهد الإسرائيلي أن "الكابوس الحقيقي الذي كان سيخلفه استمرار حكم مرسي ضد إسرائيل، هو التقارب بين مصر، وتركيا، وإيران، وإنشاء محور إسلامي".

وأكد: أن "هناك فجوة واسعة بين النظام الحالي في مصر بقيادة السيسي، والإخوان فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ففي الوقت الذي أرسلت فيه مصر وفدا إلى ورشة العمل الاقتصادية في البحرين، وصفت جماعة الإخوان المسلمين المشاركين بأنهم (أنظمة معادية للشعوب العربية، وخونة للقضية الفلسطينية)، وأقسموا على عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني، وأعلنوا أن هناك يوما سيأتي تحتفل فيه القاهرة بتحرير فلسطين".

واختتم المركز الإسرائيلي إصداره بتلك العبارة "لقد كانت إسرائيل محقة في عدم إصدار أي تعليق رسمي على وفاة مرسي، لأن هذا كان سيُنظر إليه على أنه تدخل في الشؤون الداخلية لمصر، وفي الوقت نفسه، من الواضح أن تقوية علاقات السلام الإسرائيلية المصرية مشروط بجملة أمور من بينها إضعاف قوى الإسلام السياسي، على رأسها جماعة الإخوان المسلمين".

عقيدة الجيش 

الجيش المصري بطبيعته التاريخية، شكل أكبر العقبات أمام تمدد وتوسع إسرائيل في المنطقة منذ نشأتها، وخاض 3 حروب كبرى ضدها، وجاء الانقلاب على الرئيس مرسي، ومجيء السيسي، إلى تحقيق أكبر المكاسب الإستراتيجية لتل أبيب.

ظلت عقيدة جيش مصر القتالية دائما متمثلة في أن العدو هو "إسرائيل"، حتى  صعد السيسي إلى سدة الحكم في مايو/ آيار 2014، ساعيا إلى تبديل وزعزعة هذه العقيدة.

في ديسمبر/ كانون الأول 2010، نشر موقع ويكليكس وثائق دبلوماسية أميركية، أشارت إلى: "أن الولايات المتحدة منزعجة من استمرار الجيش المصري اعتباره إسرائيل (العدو الأساسي)، رغم توقيع اتفاقية سلام معها منذ أكثر من 3 عقود".

ومع بداية حكم السيسي سعى إلى توجيه قوة الجيش نحو معارك داخلية، وتوغله في السياسة، وحمايته للنظام الحكام، بعيدا عن استعداء إسرائيل.

في 20 يوليو/ تموز 2016، أثناء حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة الكلية الجوية العسكرية، بحضور السيسي، ووزير الدفاع السابق صدقي صبحي، استعرضت كتيبة من الجيش تدريبا على اقتحام مجسم لمسجد وتدميره وإطلاق الرصاص عليه.

مراقبون فسروا ما حدث بأن تغييرا حدث في العقيدة القتالية للقوات المسلحة المصرية، التي وضعت على رأس أولوياتها مكافحة الإرهاب وخصوم النظام، بدلا من تل أبيب جانبا.

عقبة كؤود

المفكر والأكاديمي المصري الدكتور عطية عدلان، قال "للاستقلال": "لا شك أن الكيان الصهيوني استفاد بشكل قاطع من الانقلاب على الرئيس مرسي، وصعود السيسي مكانه، وإن كانت الكيانات الإقليمية الأخرى استفادت بدرجة أو بأخرى، لكن المستفيد الأكبر، والمنتفع الأكبر هو إسرائيل". 

وأضاف عدلان: "الرئيس مرسي، كان يمثل عقبة كؤود أمام المشروع الصهيوني في المنطقة، وإسرائيل تدرك تماما أن صعود رجل إسلامي، صاحب عقيدة صحيحة، ولا يوالي الصهاينة بحال من الأحوال، وتاريخ جماعته (الإخوان المسلمون) تاريخ صراع حقيقي عقدي مصيري مع ذلك الكيان، يمثل تهديدا خطيرا عليهم، وحاجزا أمام مخططاتهم".

وتابع عدلان: "إسرائيل تدرك تماما بأن نجاح الثورة المصرية في 25 يناير، والتي كان في القلب منها الإخوان، تمثل أيضا معوقا كبيرا لنفوذهم، خاصة وأن إسرائيل لها مشروع كبير يتعلق بسيناء، هذا المشروع الذي انتهى الآن بتخطيط وشيك التنفيذ، لما يسمى بـ (صفقة القرن) بدأ بالتضييق على قطاع غزة، وغلق المنافذ، التي كانت مفتوحة في عهد مرسي، وراح السيسي يمارس التطهير التمهيدي، لتوسعة الخريطة الصهيونية في سيناء، بصورة أو بأخرى".

الأكاديمي المصري أكد أن الرئيس مرسي كان لديه مشروعا تنمويا في سيناء يحلم ويخطط له، ومهد له كثيرا خلال فترة حكمه، وكان يهدف إلى حماية الأمن القومي الحقيقي لمصر، لكن جاء انقلاب السيسي ليطيح بكل هذه الآمال.

وختم عدلان حديثه بالقول: "تحول حكم السيسي لمصر، إلى مكسب أكبر للكيان الصهيوني. فالسيسي يضرب المدن، في شمال سيناء خاصة رفح المصرية، والعريش، على الحدود مع غزة، ويقوم بتهجير المصريين منها، بالإضافة إلى تقويضه للأمن في سيناء، وكل ذلك يصب في صالح إسرائيل بالتأكيد".