مجلة فرنسية: لهذا هدد "تنظيم الدولة" قطر وترك السعودية والإمارات

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

كشفت مجلة "لوبوان" الفرنسية الأسباب التي دعت تنظيم الدولة لمهاجمة قطر للمرة الأولى، متهما إياها بمحاربة قواته في سوريا والعراق.

وفي تسجيل صوتي، استمر تسعة وثلاثين دقيقة، وبث على قنوات تليجرام التابعة لتنظيم الدولة، شن المتحدث باسم التنظيم ويدعى أبو حمزة القرشي، هجوما على الأعضاء المشاركين في التحالف الدولي المناهض له، الذي أنهى "الخلافة" قصيرة المدى عام 2019، والتي كان قد أعلنها في سوريا والعراق.

ووصف المتحدث وباء كورونا بأنه "عقاب إلهي"، داعيا المقاتلين إلى تكثيف هجماتهم، في وقت بدأ فيه التنظيم استغلال الفراغ الأمني لمعاودة الظهور بهذين البلدين.

وأشارت "لوبوان" إلى أن الملفت للنظر في التسجيل الصوتي، هو استهداف التنظيم للمرة الأولى، على وجه التحديد دولة قطر.

وأوضحت أن أبو حمزة القرشي قال في التسجيل: إن "قاعدة العُديد التي تستضيفها قطر لإيواء الجيش الأميركي كانت وستظل دائما قيادة الحملة التي يقودها الصليبيون"، في إشارة إلى أكبر قاعدة جوية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

تضم القاعدة 11 ألف جندي أميركي وبريطاني وقطري وتقع قرب الدوحة، وساهمت بشكل كبير في حملة القصف الجوي للتحالف الدولي في العراق وسوريا.

"غير مسبوق"

وبحسب أندرياس كريج، الأستاذ المساعد في كلية كينجز بلندن: "هذا التسجيل الصوتي لم يسبق له مثيل لأنه يعد المرة الأولى التي تم فيها تصوير قطر على وجه التحديد كدولة مرتدة، في حين أن دول الخليج الأخرى، مثل السعودية والإمارات، كانت بمنأى عن هذا الهجوم".

وأشار كريج إلى أنه عادة ما يهاجم تنظيم الدولة منطقة الخليج باعتبارها كتلة واحدة، مع إيلاء اهتمام خاص للمملكة العربية السعودية.

وتابع أن هذه المرة، اتهم أبو حمزة القرشي الدوحة مباشرة بأنها مولت فصائل وصفها بـ"المتمردة" ضد مقاتليه في العراق، نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكذلك في سوريا، منذ بداية الحرب الأهلية عام 2011.

وأشار أندرياس كريج إلى أن "قطر دعمت بالفعل في العراق، مثل دول الخليج الأخرى، الجهود الأميركية لحث القبائل السنية على محاربة تنظيم القاعدة".

وحسب المحلل سام هيلر، مستشار مجموعة الأزمات الدولية فإن الدوحة مولت، مثل السعودية، عددا من فصائل المعارضة لمحاربة بشار الأسد، الذين قاتلوا فيما بعد تنظيم الدولة.

وقال هيلر: إن "الفرق هو أن شبكات الدعم كانت مختلفة حسب البلد، وأن من ساعدتهم الدوحة كانت ميولهم إسلامية"، بحسب وصفه.

الجماعات الإسلامية

ووفقا للمجلة، دعمت الدوحة والرياض رسميا جماعات المعارضة المعتدلة من خلال برنامج مساعدات أطلقته وكالة المخابرات المركزية الأميركية في عام 2013 واكتمل في 2017. 

ومع ذلك، لم تخف قطر قط علاقاتها مع الفصائل الإسلامية السورية، أكثر أو أقل قربا من أيديولوجية الإخوان المسلمين، التي تدعمها، ومن بينهم جماعة أحرار الشام السلفية، التي كانت ناشطة في حلب وإدلب حتى عام 2018. 

ويوضح توماس بيريه، الباحث في معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي (CNRS-Iremam) في مدينة إيكس أون بروفانس الفرنسية: "دعمت الدوحة أولئك الذين اعتبرهم تنظيم الدولة أسوأ أعدائه: عقيدة كافية لتكون ذات مصداقية بين الإسلاميين ومرنة بما يكفي لكي ينظر إليهم المتشددون كخونة".

ورغم إنكارها ذلك، تقول لوبوان: تحتفظ قطر أيضا باتصالات مع مقاتلي تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا، الفرع السوري السابق للقاعدة) التي كانت مسيطرة في محافظة إدلب، ودخلت في حرب مفتوحة ضد تنظيم الدولة في 2013 بعد انشقاقها عن التنظيم. 

ولفتت إلى أن هذه الاتصالات مكنته بشكل خاص من الحصول على إطلاق سراح الرهائن على أيدي إرهابيين. وقال بيريه: "شجعت الدوحة، ربما من خلال التمويل، الحراك البراجماتي لجبهة النصرة وتحولها إلى حياة تحرير الشام"، وفق قوله.

الإخوان المسلمون

أما السعودية، فقد ركزت نشاطها في سوريا بشكل أكبر على الفصائل المرتبطة بـ"الجيش السوري الحر"، الفرع "المعتدل" من المتمردين حسب وصف المجلة، بالإضافة إلى بعض الجماعات السلفية مثل جيش الإسلام، الذي ظهر منذ فترة طويلة في الغوطة الشرقية، إحدى ضواحي دمشق، واستعادها النظام السوري في مايو/ أيار 2018. 

ووفقا لبيريه "كان على الرياض أن تتكيف قليلا مع الحقائق على الأرض، لكنها دعمت فقط عددا من الجماعات الإسلامية الأكثر براجماتية في مواجهة النظام السياسي الإقليمي، وهو الشاغل الرئيسي للمملكة العربية السعودية".

ونوهت المجلة الفرنسية إلى أن الرياض تكره جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها، مثل الإمارات العربية المتحدة، "تنظيما إرهابيا"، لأنها تمثل نموذجا يتنافس مع الملكيات البترولية في الخليج التي تأسست منذ السبعينيات. 

وعلى العكس، تقدر قطر أن مواطنيها، البالغ عددهم 300 ألف نسمة، ليسوا محصنين من الإخوان المسلمين، مما يسمح لها قبل كل شيء بممارسة نفوذها السياسي والعسكري في جميع أنحاء المنطقة، وفق تعبير المجلة.

وفي 4 يونيو/حزيران 2020، أعربت قطر عن تعهدها بمحاربة تنظيم الدولة والتعاون في هزيمته، على الرغم من الظروف التي تواجهها في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد.

وقال وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في اجتماع المجموعة الصغيرة للتحالف الدولي: إن جرائم التنظيم ضد المدنيين والانتهاكات الصارخة للقانون الدولي، "تتطلب اتخاذ إجراءات لا هوادة فيها وتعزيز التعاون عبر جميع خطوط التحالف؛ لضمان حماية المدنيين وعدم قدرة التنظيم وفروعه على استعادة أي جيب إقليمي".

حصار وقطيعة

ومن أجل إضعاف الدوحة، فرضت الرياض وأبوظبي والمنامة عام 2017 حصارا بريا وجويا وبحريا على الإمارة الصغيرة على أمل أن تقطع علاقاتها مع جماعة الإخوان المسلمين. 

وتحت قيادة الأمير الشاب تميم بن حمد آل ثاني، الذي وصل إلى السلطة عام 2013، خفضت قطر منذ ذلك الحين دبلوماسيتها الإقليمية الصاخبة وأبعدت عددا من كبار المسؤولين من الإخوان، لكنها مع ذلك، لم تقطع علاقاتها مع الجماعة بشكل كامل، تقول المجلة.

ومن جهته نوه سيباستيان بوسوا، الباحث في العلوم السياسية بجامعة بروكسل الحرة وجامعة مونتريال، أن هناك حقيقة جديدة في التسجيل الصوتي، وهي شجب الدعم القطري للإخوان.

وبين: "بالنسبة لتنظيم الدولة، قطر موجودة فقط لدعم الإخوان المسلمين، الذين يصفهم في تسجيله بالمرتدين"، مضيفا: "عادة، في هذه الحملة الصليبية العالمية التي يحاول التنظيم قيادتها، يهاجم أيضا إيران أو تركيا، لكن في هذا التسجيل لم يتم الإشارة لهما تقريبا".

وتشدد المجلة أن "مهاجمة قطر المفاجئة من قبل التنظيم الإرهابي، استرعى انتباه الكثير من المراقبين"، حيث تعجب مسؤول في الخليج طلب عدم الكشف عن هويته قائلا: "لا يزال من المثير للاهتمام أن التنظيم الذي اعتاد على تهديد السعودية في كل تسجيلاته الصوتية، اختار مهاجمة قطر فقط هذه المرة".

ويضيف: دون توجيه أي اهتمام "من الغريب جدا أن يستخدم خطاب التنظيم نفس السرد الذي استخدمته السعودية في بداية الحصار على قطر".