حميد القشيبي.. قائد يمني سقطت صنعاء يوم استشهاده دفاعا عن عمران

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مع رمضان من كل عام، يتذكر اليمنيون استشهاد القائد العسكري اللواء حميد القشيبي، الذي شيعه عشرات الآلاف في 17 رمضان عام 1435 هجريا قبل 6 أعوام من الآن.

ارتبط سقوط صنعاء بيد ميلشيا الحوثي بمقتل القشيبي، حارس البوابة الشمالية للمحافظة صنعاء. حيث مثل سقوط محافظة عمران (شمال صنعاء) الخطوة الأولى في مشوار الانقلاب الذي قاده الحوثي عام 2014، ومهد لسقوط صنعاء بيد الحوثيين.

كان القشيبي قائدا للواء 310 مدرع، الذي مثل درعا حاميا، لم يستطع الحوثي تجاوزه باتجاه صنعاء، إلا بعد المؤامرة التي حصلت وأدت لمقتل القشيبي على يد ميلشيا الحوثي.

كان اللواء 310 مدرع أهم التشكيلات المقاتلة في الجيش اليمني شمال صنعاء، وكان يوصف بـ"العقبة الكبرى" أمام تقدم الحوثيين.

حسب مقربين، فإن اللواء القشيبي كان آخر من قاتل دفاعا عن شرف الزي العسكري للجيش اليمني أمام الميلشيا، وهو أيضا من مات واقفا وهو يحاول الحفاظ على ما تبقى من هيبة الجيش.

بداية النهاية

في ليلة سقوط عمران، قلل البعض من خطورة ذلك الحدث، ونظر إلى كونه صدامات عسكرية تأتي في سياق مواجهات الكر والفر المعتادة بين الجيش الوطني وجماعة الحوثي.

قيادات سياسية يمنية صرحت وقتها أن أحداث عمران عملية "قيصرية" ستعيد للدولة هيبتها، وقال آخرون: إنها عملية عسكرية استهدفت القوى التقليدية، في إشارة للجناح القبلي والعسكري المحسوب على حزب الإصلاح.

ووصف البعض الأحداث بأنها مواجهات بين جماعتي "الحوثي" و"الإصلاح"، لا تستهدف الدولة، والدولة ليست طرفا فيها.

غير أن القشيبي كان يدرك أنها معركة مصيرية، لهذا ثبت في مكانه رغم الأوامر التي أتته بالمغادرة، كذلك كانت قراءة الدكتور سلمان العودة ثاقبة لذلك الحدث، حينما غرد: "سقوط عمران مؤذن بفترة خراب ليمن الحكمة والإيمان"، مستشعرا حجم الكارثة، إلى جانب عدد قليل من اليمنيين الذين أدركوا خطورة ذلك الحدث.

مثلت ليلة سقوط عمران بيد الحوثيين الفصل الأول من فصول الانقلاب، وبداية النهاية، وبسقوط المدينة سقط أول حصون الدولة، إذ قامت جماعة الحوثي باستغلال اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحكومة الشرعية، وهجمت على قيادة اللواء 310 مدرع.

في 8 يوليو/تموز 2014، باغت الحوثيون من كانوا في القيادة، واعتقلوا قائد اللواء العميد الركن حميد القشيبي وتصفيته مع مرافقيه، بعد مواجهات مسلحة، انقطع فيها عن القشيبي ورفاقه الذخيرة، وباءت اتصالاته في طلب الدعم بالفشل.

بعد تصفية القشيبي سقط اللواء العسكري وسقطت محافظة عمران بيد الحوثيين، وأصبح الطريق سالكا إلى صنعاء، التي تم الزحف باتجاهها وإسقاطها بعد ذلك، ثم السيطرة على مؤسسات الدولة.

قصة إعدامه

كانت معارك طاحنة تدور بين اللواء 310 مدرع وميلشيا الحوثي، من أجل إسقاط المعسكر والتقدم نحو صنعاء، لكن القشيبي استطاع مع عدد قليل من الجنود الصمود في وجه ميلشيا الحوثي.

عقب ذلك قضى اتفاق بتسليم اللواء إلى الشرطة العسكرية، وصدرت أوامر من وزارة الدفاع بمغادرة القشيبي للمعسكر، فطلب من جنوده أن يغادروا وبقي مع مرافقيه في المعسكر.

لم يدم اتفاق وقف إطلاق النار كثيرا، فسرعان ما نقض الحوثيون الاتفاق بتنسيق مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وشنوا هجوما مباغتا وعنيفا على المعسكر عند حلول الظلام. 

في تلك الأثناء انقطع الدعم تماما عن القشيبي، وتم قطع الاتصال به من قبل الرئيس هادي ومن قبل وزارة الدفاع التي كان يرأسها محمد ناصر، الذي طالته اتهامات كثيرة بالتواطؤ مع ميلشيا الحوثي وتنسيقه مع الإمارات.

حينها انتشرت أخبار مقتل القشيبي، وأكدت مصادر عسكرية استشهاده في اللواء، حيث كان يقاتل، في حين نفى الحوثيون حينها مسؤوليتهم عن مقتله.

غير أن تسريبات صوتية لاحقة، بثتها الجزيرة، كشفت عن الساعات الأخيرة قبل مقتله، وتقول المكالمات إن العملية تمت بتخطيط وإشراف كامل من القائد الحوثي أبو علي الحاكم.

وتوضح المكالمات المسربة أن 8 أشخاص من ميلشيا الحوثي، شاركوا في عملية إعدام القشيبي، بعد أسره ووضعه على كرسي، ورش جسده بوابل من الأعيرة النارية.

وتظهر المقاطع الصوتية المسربة أن تصفية القشيبي قد أتت للثأر لمقتل مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، وكشفت المكالمة أن القيادي الحوثي يوسف المداني طلب من منفذي العملية القول بأن القشيبي انتحر ووجدوه مقتولا.

سيرة ومسيرة

هو حميد بن حميد منصور القشيبي الحاشدي، ولد عام  1956 بقرية ضابي بمحافظة عمران (شمال صنعاء). 

شارك في اندلاع ثورة 26 سبتمبر/أيلول التي أطاحت بالنظام الملكي سنة 1962، كما شارك في معارك الدفاع عن هذه الثورة في جبهات قتالية مختلفة، والتي استمرت حتى نهاية الستينيات.

شارك في حركة 13 يونيو/حزيران التصحيحية التي تزعمها الرئيس إبراهيم محمد الحمدي ضد الرئيس عبد الرحمن الإرياني عام 1967.

تخرج القشيبي من الكلية الحربية عام 1977، ونال درجة الماجستير في العلوم العسكرية من كلية الأركان السعودية، وترقى في رتبه العسكرية حتى إلى رتبة عميد ركن.

حسب أقرانه، حظي القشيبي بتدريب عال على المستوى العسكري، وشارك في دورات تدريبية عسكرية بدول مختلفة، وعمل في قيادة الحرس الجمهوري اليمني في معسكر السواد قائد بطارية كتيبة المدفعية ثم أركان الكتيبة ثم قائدها ثم أركان حرب لواء مدفعية الحرس الجمهوري اليمني.

بعدها ترقى إلى قائد لأركان حرب اللواء السادس في القفلة بمحافظة عمران، ثم قائد اللواء 310 مدرع، بالإضافة إلى قيادته لمحور سفيان.

انضم القشيبي إلى الثوار في ساحة التغيير عام 2011، وطالبوا برحيل نظام علي عبدالله صالح، بعد مجزرة الكرامة في 18 مارس/آذار 2011 والذي راح ضحيتها أكثر من 50 شهيدا، وتعرض لمحاولة اغتيال في 31 أغسطس/آب من نفس العام، إثر كمين نصب له في عمران.

ألف القشيبي كتابين، الكتاب الأول بعنوان (الفرقة الأولى مدرع: نشأتها، تطورها، أدوارها) وهو كتاب مخطوط، لم يطبع، والكتاب الثاني بعنوان (الحرب القادمة مع إسرائيل) وهي رسالة الماجستير التي أعدها.