لوفيجارو: لهذه الأسباب ابن سلمان أقام في "يخت" بعد مكالمة مع ترامب

12

طباعة

مشاركة

خاض ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مخاطرة كبيرة من خلال تحدي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حليفه الإستراتيجي وحاميه الأكبر على الساحة الدولية بعد تعويمه أسواق النفط.

وقال الكاتب جورج مالبرونو في صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية: "كعادته ووفقا لشخصيته، يستمر محمد بن سلمان في التنقل، فوسط أزمة وباء كورونا، اعتزل قبل شهر في قصر شارما، لكن دوافعه الارتيابية جعلته يغير سكنه في كثير من الأحيان".

وأوضح للصحيفة مصدر مقرب من حاشية ولي العهد الشاب (34 سنة)، أن محمد بن سلمان أمضى الأسبوع الأخير من شهر أبريل/ نيسان 2020 على يخته، الذي يرسو قبالة قصر الجزيرة، وهو مقر إقامة والده الملك سلمان، على بعد 80 كيلومترا من جدة.

وأشار المصدر إلى أن الحرس الملكي يعتقد أن القارب هو المكان الأكثر أمانا لحماية "الرجل القوي" في المملكة. ويضيف مالبرونو: "إذا كان ولي العهد نجح في إدارة الأزمة الصحية، فقد جازف كثيرا، بتحديه دونالد ترامب من خلال تعويمه أسواق النفط".

وكانت السعودية قررت في مارس/ آذار 2020 زيادة الإنتاج رغم انخفاض الطلب كرد على رفض روسيا خفض الإنتاج بنحو 1.5 مليون برميل يوميا لمواجهة تبعات وباء كورونا.

وجاء الرفض الروسي بحجة أن واشنطن كانت حتى الآن المستفيد الأكبر من التخفيضات التي أدت إلى بقاء الأسعار أعلى من 60 دولارا للبرميل، ما سمح للولايات المتحدة بزيادة إنتاجها من النفط الصخري وضخ 15 مليون برميل يوميا لتسبق بذلك السعودية وروسيا.

أخطاء دبلوماسية

وبحسب رجل أعمال فرنسي كثير التردد على شبه الجزيرة العربية: "هذا هو الخطأ الرئيسي لابن سلمان خلال أشهر أزمة كورونا. لقد حطم تحالفه مع ترامب، الرجل الذي يرجع إليه الفضل في بقائه".

وتابع: "لقد أضعف ابن سلمان صناعة النفط الأميركية التي ستكافح من أجل التعافي، كما تسبب في معاداة العديد من جماعات الضغط الاقتصادية في واشنطن".

وأشارت الصحيفة إلى أن دونالد ترامب التقط هاتفه في 2 أبريل/نيسان 2020 لإصدار إنذار نهائي للأمير السعودي، بحسب وكالة رويترز.

كما خاطبه قائلا: "قلل من إنتاج النفط وإلا ستنسحب القوات الأميركية من شبه الجزيرة العربية". وفي المقابل، طلب ابن سلمان، غير المستقر، من مستشاريه تركه بمفرده مع مستأجر البيت الأبيض.

ونوهت "لوفيجارو" بأنه ولمدة خمسة وسبعين عاما، تدافع واشنطن عن المملكة من خلال مظلة عسكرية، وللمرة الأولى منذ شهر العسل الذي بدأ في 2017 بين ترامب وابن سلمان، يتم الكشف عن مثل هذا الخلاف علنا من قبل مصادر أميركية.

لكن الأمير "الشاب" لم يكبح اندفاعه لفترة طويلة، يقول دبلوماسي، مضيفا: "لقد نسي أن ترامب تخطى حدودا كثيرة لحمايته بقضية اغتيال المعارض جمال خاشقجي"، الذي قتل في مبنى القنصلية السعودية بإسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين أول عام 2018، وسط اتهامات لولي العهد بالوقوف وراء الحادث.

ويؤكد رجل الأعمال أن "هذا الخطأ الدبلوماسي مؤسف للغاية لأن الأداء السعودي في مواجهة الوباء مشرف للغاية (28600 حالة إصابة، 191 حالة وفاة)، مما مكن الرياض من تخفيف الاحتواء".

وقال: "اشترت السعودية الكثير من المعدات من الصين وكوريا لتغطية المواد اللازمة في المستشفيات"، إذ كان الحجز صعبا للغاية، والغرامات عالية، ولا يزال السعوديون يقبلون بإغلاق مكة والمساجد.

أزمات داخلية

وأوضح أنه "بفضل استبداد ابن سلمان، جرى اتخاذ إجراءات قوية"، حتى لو كان عدد المصابين أعلى مما كان متوقعا، فالمغتربون الآسيويون هم أول من دفع ثمن الفيروس.

ولفت كاتب المقال إلى أنه مع وجود الأزمة، عاد النظام السعودي إلى طبيعته، وذلك من خلال إقدام قوات الأمن على قتل عبد الرحيم الحويطي بعد أيام من نشره فيديو انتقد فيه تهجير أبناء قبيلته من منازلهم شمال غرب البلاد، في المناطق الداخلة ضمن مشروع مدينة "نيوم" المستقبلية، أحد المشاريع الرائدة لابن سلمان ضمن رؤية 2030.

الأمر لم يقتصر على السعودية فقط، فعلى بعد آلاف الكيلومترات، وبالتحديد لندن، تلقت ابنة عم عبد الرحمن علياء أبو تايه هايل الحويطي، التي شاركت في الانتشار الواسع لشريط فيديو هذا البدوي، تهديدات بالقتل من أشخاص تشتبه في أنهم من أنصار الأمير. 

ولكن بسبب خطورة مقاومة ابن سلمان في شبه الجزيرة العربية، فقد أُجبرت القبيلة البدوية على تقديم الولاء للملك وابنه مرة أخرى، وانتهى هذا الشجار رسميا.

كما أشار مالبرونو كذلك إلى أن نزاع الشاعر والناشط الحقوقي عبد الله الحميد  مع السلطات، انتهى أيضا بشكل مأساوي، ففي 24 أبريل/ نيسان، توفي الشاعر البالغ من العمر 69 عاما في السجن، بعد رفض الحكومة حصوله على الرعاية.

وفي محاولة لجعل الناس ينسون هذه الأحداث وتجميل صورتها قبل ستة أشهر من قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في الرياض، ألغى ابن سلمان الجلد وعقوبة الإعدام للقاصرين، لكن قلة من مواطنيه ينخدعون بهذه القرارات.

ووفقا للخبير المتخصص في الشأن السعودي مارك مارتينيز: أزمة "كوفيد 19"، وانخفاض سعر النفط في ظل تراجع الاستهلاك العالمي، تعطي مؤشرا على نهاية المشاريع الرئيسية التي أطلقها ولي العهد لتبرير استحواذه على السلطة، غير أن هذا لم يمنع الرياض من مواصلة مفاوضاتها للاستحواذ على نادي كرة القدم البريطاني نيوكاسل.

وأوضحت أن المسعى الأخير لا يمكن تفسيره إلا من خلال الصراع القائم في الخليج بين الممالك البترولية بين السعودية والإمارات وقطر، حيث لكل من الأخيرين بالفعل فريق كبير لكرة القدم في أوروبا.