يني شفق: تركيا ستصعد بلا منازع بعد انتهاء كورونا.. وهذه الأسباب

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة "يني شفق" التركية: إن فيروس كورونا المستجد، يضرب الجميع بلا هوادة ودون تفرقة بين أنماط البشر أو ثرواتهم، مبينة أن الدولة الكفء هي التي تحاول السيطرة عليه والتخفيف من حدة آثاره ليس أكثر. 

وتحدث الكاتب في الصحيفة إبراهيم كارغول عن شكل العالم بعد كورونا، محاولا أن يسرد شيئا من التفصيل، مؤكدا أن النظام العالمي ومنذ مدة بدأ بالتشكل لكن فيروس كورونا المستجد سرّع من هذه المرحلة.

وقال: "على مدار التاريخ، استطاعت الأوبئة المحلية أو الإقليمية أن تغير شكل العالم وتؤسس لدول جديدة وأنظمة مختلفة، بل إن العالم بدأ يتغير بالفعل، والنظام العالمي القائم في حالة انهيار متمثلا في شرارة النهاية للرأسمالية والإمبريالية الغربية".

قوى جديدة

وتساءل الكاتب: ما هو العالم الذي نحن بصدده؟ وأجاب: إن "هناك تحولات بالفعل على صعيد عالمي ومحلي داخلي في كل بلد. فبينما تضعف القوة العالمية لحلف الأطلسي (الناتو)، هناك قوى جديدة تبرز".

وضرب الكاتب مثالا على ذلك بتركيا التي تتقدم كقوة مركزية وذلك لأول مرة منذ تأسيسها كجمهورية، وهي من داخلها تستعد لذلك ليل نهار، وما الصراعات التي تحوم حولها من كل شبر على حدودها لعرقلة تلك الخطط ومنعها من تحولها قوة كبرى إلا دليل على ذلك.

وتابع الكاتب: "كان الهدف الأول للولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل وشركائهم في المنطقة؛ إيقاف تركيا، لأنهم أدركوا أنها تتحرك على أساس كونها قوة عظمى، وليس في ساحة قتال تدور على رحاها معارك طاحنة".

في الحقيقة، إن الوباء لم يعط إشارة البدء والإيذان بحقبة جديدة، كل ما يفعله أنه يعجل في الانتقال إلى تلك الحقبة بسرعة لا يمكن لأحد أن يوقفها، وصولا لنقطة لا يمكن الرجوع عنها.

يواصل الكاتب التركي: "تكشفت الكثير من الأمور عن البلاد القوية والغنية، وبدت تأن ضعفا تحت وطأة الفيروس، وطلبت المساعدة من هنا وهناك، في مقابل دول كان البعض يصفها بأنها ضعيفة أو ناشئة وهي تقف ثابتة وترسل مساعدات لبلدان كبرى ومن تلك الدول تركيا".

إذن، لا محالة، يقول الكاتب من أنه "حان الوقت إلى القيام بحسابات جديدة، وإعادة تعريف الحقائق، وهذا ما سيحدث عقب وباء كورونا؛ وعليه يمكن أن نسأل "ما الذي سيتغير في العالم، في المنطقة، وفي تركيا؟!". 

في الحقيقة لا توجد إجابة واضحة، لكن يستدرك الكاتب: أن "الذي يمتلك شيئا منها يعد نفسه لأن يكون من مصاف الدول مستقبلا، والدول التي ترى أن الإجابة عن هذه الأسئلة مهمة أولوية بالنسبة لها وتستعد لاستجلابها، ستكون هي الفائزة،".

فليس من السهل الإجابة عن ما الذي يمكن أن يحدث في العالم؟ ما الذي يمكن أن يحدث في أميركا وأوروبا؟ في روسيا؟ في الشرق الأوسط؟ وما الذي يجب أن يكون أو يمكن أن يكون في تركيا؟

أسئلة مهمة

وحاول الكاتب أن يجيب عن شيء من هذه الأسئلة بإيجاز قائلا: 

  • ستتعرض العولمة لهزة كبيرة، بحيث من المتوقع أن تنغلق كل دولة وتتقوقع على نفسها، وتركز على إنتاجها السياسي والاقتصادي وقد يؤدي هذا إلى القضاء على النظام الليبرالي العالمي. 
  • لن ترحب الدول بعد الآن بالمؤسسات الدولية أو الوسيطة، لتصبح المؤسسات الوطنية هي الفاعلة أو العلاقة بين دولة وأخرى تتم بينهما مباشرة دون وسطاء، وقد -بل سيكون - هناك تكتلات هذه المرة ولكن على أساس جغرافي بحت. 
  • ستغدو الشبكات المالية والتكنولوجية والرقمية مدارة من قبل الدول لا الشركات أو المنظمات عابرة القارات، وعلى العكس ستغدو الدول كارهة للعولمة ورموزها مقابل علاقات متعددة الأقطاب والأبعاد. 
  • من أهم التغيرات التي ستحدث هي زيادة الاعتماد على الإنتاج الذاتي المحلي وعدم اللجوء إلى الدول الخارجية في حدودها الضيقة، وسيكون للإنتاج الإستراتيجي أهمية قصوى وأيضا سيخضع لرقابة صارمة وعنيفة. 
  • ستزيد القيم التي تركز على مبادئ التكاتف والتعاضد والتضامن الداخلي وعدم الثقة في الخارج، كما أن الدول ستلجأ للاعتماد على قيم الوطنية واللجوء إلى الكوادر الداخلية البحتة. 
  • أيضا، سيزيد الاهتمام بمفاهيم الحرب البيولوجية والتكنولوجية والرقمية والإرهاب من هذه الشاكلة وأيضا سيكون هناك تنظيمات وأفكار وأيديولوجيات تتبنى هذه الأساليب. 
  • الصين تنظر لما يحدث كفرصة يجب استغلالها، فمن جهة تحاول التخلص من وصمة "الفيروس الصيني" الذي يحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصمها به، ومن جهة أخرى، تحاول بقوتها الناعمة مد يد العون لكثير من الدول المحتاجة في ظل هذه الجائحة، أيضا الاستفادة من حالة العجز التي ضربت الولايات المتحدة وأوروبا، والسيطرة على العالم من خلال القطاعات الإستراتيجية.
  • هذا التنافس في القارة الآسيوية بين واشنطن وبكين، سيصل لحالة لا يمكن بعدها التحمل، كما ستزيد المنافسة بين الصين كذلك والهند في ذات القارة ليصبح أكثر شراسة، وصولا إلى صراع جيوسياسي هنا وهناك يشمل كل من أستراليا وإندونيسيا، والفلبين وماليزيا وتايلاند واليابان وصولا إلى كوريا. أما تنافس الآخرين في الشرق الوسط، سيتحول إلى المحيط الهادئ.
  • لن يكون للاتحاد الأوروبي قيمته الأولى، بل ستكون لكل دولة حساباتها الجديدة، وسيغدو الاتحاد بلا معنى، وستعود الكثير من الدول خاصة إيطاليا، إسبانيا، فرنسا وألمانيا إلى ميراثهم التاريخي السياسي والجغرافي. 
  • في المنطقة ستصعد تركيا بلا منازع وتتراجع دول تعتمد على الولايات المتحدة وأوروبا وتعمل تابعة لها. وستحاول تركيا العثور على فرصة لإنشاء قوة استثنائية سواء في الغرب والشرق، وفي خريطتها البيولوجية الخاصة.
  • سيكون بإمكان تركيا إنتاج لغة سياسية من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ، فضلا عن خطابات وأفعال ومواقف، وجيوبوليتيك إسلامية. وبإمكان هذه اللغة المشتركة أن تمهد الطريق لأقوى صعود سياسي سيما وأن أنقرة تمتلك المؤهلات لذلك سياسيا ومجتمعيا وتقنيا بل وأمنيا وحين تحين الفرصة لتشكل نظام عالمي جديد، ستكون في الصدارة. 
  • ستعمل تركيا على الانطلاق نحو أهداف عام 2023 ولعل الوباء أثبت أن تركيا أفضل بكثير من نظيراتها من الدول التي تفوقها ثروة بأضعاف ويبدو من بعيد أن اقتصادها أقوى بكثير، لذا، فإن التغييرات العالمية ما بعد الوباء ستفتح طرقا عديدة أمام تركيا.
  • كما أن المشاريع التي تعمل على خلق واقع جديد في المنطقة ستخفق، ولن يكون للمشاريع التي يديرها محمد بن سلمان (ولي عهد السعودية) ومحمد بن زايد (ولي عهد الإمارات) عبر الولايات المتحدة وأوروبا أي أثر. 
  • عربيا، سيكون هناك انهيارات كثيرة للأنظمة وهي أصلا منهارة وفي حالة تراجع لأكثر ثلاثين عاما نظرا للتبعية المطلقة للغرب.