انتهاء مهلة تركيا للنظام السوري.. إدلب نحو التهدئة أم الحرب؟

12

طباعة

مشاركة

انتهت المهلة التي منحتها تركيا للنظام السوري، من أجل الانسحاب من المناطق التي سيطر عليها مؤخرا في منطقة خفض التصعيد بإدلب شمالي غرب سوريا، أو دخول الجيش التركي لإخراج قوات بشار الأسد إلى خارج حدود اتفاق سوتشي.

وقالت صحيفة صباح التركية: إن المهلة كانت محددة بنهاية شهر فبراير/شباط 2020، مؤكدة أن الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت الميدانية وعلى طاولة التفاوض.

وأوضح الكاتب برهان الدين دوران في مقال له بالصحيفة: "بينما المباحثات على الطاولة بين الوفود مستمرة، فإن الاشتباكات في الميدان لا تتوقف، وفيما تتقدم المعارضة بحيث استعادت مدينة سراقب شرقا، تمكن النظام من التقدم جنوبا".

وتابع: "يبدو أن دبلوماسية القادة التي نجحت سابقا في تجاوز الكثير من الأزمات، لم تفلح حتى هذه اللحظة بشأن إدلب، خاصة بعد أن أعلن الجانب الروسي رسميا رفض فلاديمير بوتين عقد قمة رباعية أو ثنائية في تركيا، وأنه لديه خططا أخرى في الخامس من مارس/آذار". 

تعنت روسي

ولفت الكاتب دوران إلى أن المقترح هو قمة ثلاثية على غرار سوتشي تجمع روسيا وتركيا بالإضافة إلى إيران، حيث لا تريد موسكو من الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة التدخل في أزمة إدلب كما لا ترغب بتدويل الأزمة بشكل يدفع حلف شمال الأطلسي للانخراط فيما يحدث.

وذكر أن روسيا لا تكترث بنداءات وقف إطلاق النار من العواصم الغربية؛ لأنها تعلم أن الدعم الملموس (من الدول المؤثرة في الملف) فقط ستؤثر على مصير هذه الأزمة.

وقال دوران إن: موقف واشنطن المتعلق بالجهود التركية حتى هذه اللحظة ما زال غير واضح، وهل هو دعم حقيقي أم لا حين تقول: "نعمل مع تركيا سوية في مسألة وقف إطلاق النار في إدلب". لكن الجميع يعرف أن واشنطن لا يمكن أن تقدم أي شيء بدون مقابل، وهذا أمر معروف بالطبع سواء عند روسيا أو غيرها.

ورأى الكاتب أن موسكو لا تريد أن تخفف التوتر في إدلب، ومن الضروري فهم هذا الإصرار الذي يهدد العلاقات الجيدة التي طورت مع أنقرة في السنوات الأخيرة، خاصة وأن أزمة إدلب بلا شك محدودة مقارنة بما حدث في مناطق أخرى. لهذا السبب، تختار موسكو التوتر في آخر منطقة خالية من النزاع تحت سيطرة النظام تحت اسم "مكافحة الإرهاب".

وبين أن "الاتحاد الأوروبي لا يوجد لديه وجود في هذه القضية، في وقت تراجعت فيه واشنطن تقريبا عن قراراها الانسحاب من سوريا، كما يمكن لروسيا أن تعتقد بأن كرت بي كا كا (حزب العمال الكردستاني) قد لا يكون في يد أمريكا وذلك بعقد اتفاقيات بين النظام السوري وتلك المليشيات".

كما يمكن بحسب الكاتب، أن يكون ذلك أداة قوية لتصفية الحسابات في جنيف، كما يضمن السماح لإسرائيل باستهداف المليشيات الشيعية في سوريا، في خطوة إضافية لإيجاد نوع من التوازن مع إيران.

بذلك، تتبقى هناك حسابات أخرى مع تركيا، حيث تحاول البلاد التي تتمتع بحدود طولها 911 كم مع سوريا، تدشين ثلاث مناطق آمنة، تضم 4.6 مليون باتوا في حماية تركيا، 3.7 مليون منهم في تركيا، 1.9 مليون من المجالات الآمنة.

وإصرار تركيا على تحقيق السلام يدفعها لمواصلة جهودها الدبلوماسية مع روسيا دون تواصل مع النظام السوري. ولذا في نيتها صياغة اتفاق سوتشي جديد بالتعاون مع إيران كذلك وهي تعمل على ذلك بشروط جديدة.

ومن الأنباء المتداولة الحديث عن منطقة عازلة طولها 10 كيلومترات لاستيعاب اللاجئين على الحدود؛ وأيضا يتم ترك M4 وM5 للنظام، وكذلك نقاط المراقبة التي سيتم نقلها إلى هناك. لكن ليس هناك ما يضمن عدم انتهاك هذه الحدود الجديدة الخالية من النزاع بعد وقت قصير من وقف إطلاق النار أيضا، لا تهتم موسكو بالعبء السوري على الحدود.

تخوفات منطقية

ورأى الكاتب أن اتفاقيات جديدة بشروط جديدة غير ممكنة، مبينا أن كل ما تريده أنقرة هو العودة لاتفاقيات مسبقة وهي المتعلقة بمباحثات سوتشي، وإلا فثمة سيناريو جديد وعلى الأرجح تقاسم إدلب أو توحيدها مع المنطقة الآمنة التي تخطط تركيا لتدشينها.

وأردف الكاتب: "تركيا تعمل بجد وليس من باب الترف السيطرة على الأراضي السورية شمالا، حيث هناك سببان رئيسيان لوجود جنود أتراك في شمال سوريا اليوم: أولا، القتال ضد المنظمات الإرهابية، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني - قوات حماية الشعب الكردية. السبب الثاني هو إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم". 

واجتمع سفراء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في 28 فبراير/شباط 2020، بطلب من تركيا، لإجراء مشاورات بشأن التطورات في سوريا، في أعقاب مقتل 33 جنديا تركيا، ضمن غارات نفذتها قوات النظام السوري بمنطقة إدلب، في اليوم الذي سبق الاجتماع.

وبموجب المادة 4 من معاهدة واشنطن التي أسست الحلف، يمكن لأي بلد عضو في الحلف طلب إجراء مشاورات إذا كان يعتقد أن سلامة أراضيه أو استقلاله السياسي أو أمنه معرض للخطر.

في الاجتماع، قال الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ: إن أعضاء الحلف يبحثون تقديم مزيد من الدعم لتركيا، داعيا روسيا والنظام السوري إلى وقف الهجوم على إدلب واحترام القانون الدولي"، كما حث على خفض التصعيد في سوريا.

ودعا الأمين العام لحلف الناتو بشار الأسد إلى وقف العنف والهجمات الجوية، والعمل على التوصل لحل سلمي للأزمة برعاية أممية. وأكد تضامن الحلفاء مع تركيا، واستمرارهم في دعمها عبر تعزيز دفاعاتها الجوية، مطالبا بالعودة إلى اتفاق 2018 لوقف إطلاق النار، والسماح بالوصول إلى العالقين في إدلب وتقديم المساعدات الإنسانية لهم.

كما تنادي تركيا بتفعيل المادة الخامسة من ميثاق الناتو وهي التي تقول: "يجب على الأطراف اعتبار الهجوم المسلح ضد واحد أو أكثر من أعضاء الناتو سواء في أمريكا الشمالية أو أوروبا بمثابة هجوم ضدهم جميعا".

وإذا حدث مثل هذا الهجوم، فإن أطراف الناتو متفقون على مساعدة الطرف الذي يتعرض للهجوم بما يلزم، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لتوفير وحماية الأمن في المنطقة. عندما يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لضمان وصون السلام والأمن الدوليين، ستتوقف التدابير المتخذة من قبل الناتو، يختم الكاتب.