مجلة فرنسية تكشف سبب غياب الدول الإسلامية عن معاناة الإيجور

12

طباعة

مشاركة

سلّطت مجلة "لكسبريس" الفرنسية في مقال للكاتب لوران ألكسندر، الضوء على معاناة مسلمي الإيجور في الصين، مؤكدة أنه على مدار عشر سنوات لم تؤثر الانتهاكات التي ترتكبها سلطات الصين تجاه الأقلية المسلمة على دولة في العالم العربي والإسلامي باستثناء تركيا.

وقال الكاتب في مقاله، إن الانتهاكات التي يتعرض لها المسلمين الإيجور، تجري في ظل صمت العالم الإسلامي، الذي لم يحرك ساكنا تجاه الجرائم التي ترتكبها الصين.

14 مليون مسلم

وأوضح، أن السكان الناطقين باللغة التركية ينتشرون على نحو حوالي 10 آلاف كيلومتر من شمال الصين إلى أوروبا الغربية عبر قيرغيزستان وكازاخستان وأوزبكستان، أذربيجان وتركمانستان، فخلال الهجرات التي قادتهم إلى تركيا المعاصرة، غزت الشعوب التركية المناطق المحتلة.

وتابع الكاتب: "يمكن لسكان تركيا الأوروبية - منطقة إسطنبول - فهم الإيجور الصينيين، إذ تضم منطقة شينجيانغ المتمتعة بالحكم الذاتي، في أقصى غرب الصين، 14 مليون مسلم، من بينهم 11 مليونا من الإيجور والأقليات التركية والمسلمون السُنة".

ولفت إلى أن شينجيانغ تقع على مساحة 1.6 مليون كيلومتر مربع، وهي أرض غنية، خاصة تربتها النادرة، كما أنها بوابة إلى الجمهوريات السوفيتية السابقة، والتي تعد ذات أهمية إستراتيجية كبيرة لبكين، مشيرا إلى أنه على مدار عشر سنوات، أدى الخلاف بين الدولة الصينية وتطلعات الإسلاميين القومية للإويجور إلى "تأمين" شينجيانغ.

وأكد، أنه وفقا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" يتعرض مسلمو شينجيانغ من الحكومة الصينية للاحتجاز التعسفي الجماعي، والتلقين السياسي القسري، والقيود المفروضة على حرية الحركة، والقمع الديني.

وبيّن الكاتب، أن الحكومة الصينية قامت بإنشاء فصول تعليمية للأويغور المشتبه في ارتكابهم ما تطلق عليه "جرائم" دينية، مثل المشاركة في الصلوات الجماعية، أو الاحتفاظ بنسخة من القرآن الكريم لا توافق عليها الحكومة، أو تعليم التقاليد الإسلامية لأطفالهم، إذ يتم احتجاز أكثر من مليون مسلم في هذه "المعسكرات التعليمية السياسة".

ونوّه إلى أن بكين تريد فرض العادات الصينية ونزع أسلمة هؤلاء السكان، إذ تسعى إلى تعميم جلسات التلقين هذه وفرض أوصياء على العائلات لتعليمهم العيش على الطريقة الصينية، وبالطبع أكل لحم الخنزير، كما يقوم النظام الصيني بتجارب، من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، وتقنيات المراقبة المتطورة للغاية على مسلمي الإيجور.

وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن امتلاك الحكومة الصينية قاعدة بيانات ضخمة للحمض النووي للتعرف على المسلمين ومراقبتهم، ويتمحور الطموح الإمبراطوري الصيني حول "طريق حرير جديد" يربط أوراسيا وأفريقيا ويسمح للصين بتوسيع نموذجها الاقتصادي والسياسي.

دول تشيد بالصين

وأشار الكاتب الفرنسي إلى أنه في العالم الثنائي القطب الناشئ، تطلب الصين والولايات المتحدة من الدول الأخرى الانحياز لجانبها، ففي 17 يوليو/ تموز الماضي، أعربت "هيومن رايتس ووتش" عن أسفها لأنه على الرغم من الانتهاكات ضد المسلمين، فإن 14 دولة إسلامية (الجزائر، والسعودية، والبحرين، ومصر، والإمارات، والكويت، وعمان، وباكستان، وقطر، والصومال، والسودان، وسوريا، وطاجيكستان وتركمانستان) وقعت خطابا لدعم السياسة الصينية في شينجيانغ.

وبحسب ألكسندر، فإن هذه الدول أشادت بـ"تدابير مكافحة الإرهاب ونزع التطرف في شينجيانغ مما يؤدي إلى "شعور أقوى بالسعادة والوفاء والأمن"، حيث اختار العالم الإسلامي، الذي بات مندمجا في حقيقة أن الصين أصبحت رائدة في العالم، الانحياز إلى جانب بكين إلى حد كبير، إلى درجة التضحية بالسكان المسلمين الصينيين.

ورأى الكاتب، أنه عندما تنظّم فرنسا مسألة ارتداء الحجاب في المدارس، يصاب العالم العربي الإسلامي بالصدمة وتنطلق الثورات، وعندما تحتجز الأقليات المسلمة داخل الصين، تشيد العديد من الدول الإسلامية بالحكمة الصينية.

ورأى أن ما يحدث لمسلمي الإيجور وردود الأفعال عليه من المجتمع الإسلامي، يؤكد أن هذه الدول هشة للغاية في مواجهة القضايا الجيوسياسية، لافتا إلى أن تركيا، التي تحمي "إمبراطوريتها اللغوية"، هي البلد الإسلامي الوحيد الذي يحتج بقوة على السياسة الصينية في شينجيانغ.

وذكرت المجلة الفرنسية، أن دعم هذه الدول العربية للصين جاء في أعقاب رسالة وقعتها 22 دولة عضو بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تنتقد فيها معاملة الصين لمسلمي الإيجور وغيرهم من أقليات الإقليم، ودعت إلى وقف سياسة الاحتجاز الجماعي التي تنتهجها السلطات ضدهم.

موقف السعودية

وذكرت، أنه عندما سأل صحفيون في نيويورك السفير السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي عن تأييد بلاده لخطاب يشيد بما وصفوه بـ"إنجازات الصين الملحوظة في مجال حقوق الإنسان"، قال: "إن الخطاب يتحدث عن العمل التنموي للصين، هذا كل ما يتحدث عنه، لا يتناول أي شيء آخر".

ونقلت عن السفير، قوله أيضا: "ما من جهة يمكن أن تكون أكثر قلقا بشأن وضع المسلمين في أي مكان بالعالم أكثر من المملكة العربية السعودية، وما قلناه في الخطاب هو أننا ندعم السياسات التنموية للصين التي انتشلت الناس من الفقر".

وتسيطر بكين منذ عام 1949، على إقليم تركستان الشرقية، وهو موطن أقلية الإيجور التركية المسلمة، وتطلق عليه اسم "شينجيانغ"، أي "الحدود الجديدة"، بحسب المجلة.

وذكرت مجلة "لكسبريس" أن إحصائيات رسمية تفيد بوجود 30 مليون مسلم في الصين، منهم 23 مليونا من الإيجور، فيما تقدّر تقارير غير رسمية عدد المسلمين بقرابة 100 مليون، أي نحو 9.5 بالمائة من السكان.

ونوهت إلى أنه منذ 2009، يشهد الإقليم، أعمال عنف دامية، قتل فيها حوالي 200 شخص، حسب أرقام رسمية، ومنذ ذلك التاريخ نشرت بكين قوات من الجيش في الإقليم، خاصة بعد ارتفاع حدة التوتر بين قوميتي "الهان" الصينية و"الإيجور"، في مدن أورومتشي وكاشغر وختن وطورفان.

وتتزايد الأدلة يوما بعد يوم على أن الصين توسع حملتها ضد مسلمي الإيجور، إذ تؤكد شهادات الناجين التعذيب والتجويع الذي يحدث تحت ما يسمى بـ " مراكز إعادة التعليم" في المقاطعة، والذي وصل إلى حد فصل السلطات الصينية للأطفال عن أسرهم ووضعهم قسريا في حضانات، في حملة انتهاكات متعمدة ومتصاعدة.

والشهر الماضي عبّرت الصين عن امتنانها وشكرها للإمارات على دعمها لما وصفته بـ"القيم" للحملة الأمنية التي تقودها بكين في إقليم شينجيانغ ذا الأغلبية المسلمة، فيما أبدت أبوظبي في المقابل استعدادها لتوجيه ضربة مشتركة لحركة تركستان الشرقية.

جاء ذلك حسبما أفاد الإعلام الرسمي الصيني، خلال استقبال الرئيس شي جينبينغ ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، خلال زيارته للعاصمة بكين.

الكلمات المفتاحية