يهدد تجربتها كاملة.. ماذا وراء الاقتتال على حدود "أرض الصومال"؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

خلال الأسابيع الأخيرة شهدت "جمهورية أرض الصومال" (صوماليلاند) الانفصالية غير المعترف بها دوليا، اشتباكات بين الجيش وجماعات قبلية موالية للحكومة المركزية الصومالية في منطقة "لاس عنود" الحدودية.

ودقت صحيفة "نيغريسيا" الإيطالية ناقوس الخطر إزاء تداعيات هذا التوتر الذي راح ضحيته العشرات وجرح المئات وتشرد ما يزيد على 185 ألف صومالي، على هذه الدولة الناشئة التي نعمت باستقرار لافت طوال السنين الماضية.

ورأت أن عواقب هذا التوتر خطيرة بشكل قد يضر "أرض الصومال" فيما يتعلق بمسألة الاعتراف الدولي وكذلك من جانب أن تستفيد الجماعات المتطرفة من الوضع الحالي. 

ومنذ أن أعلن إقليم أرض الصومال استقلاله عن الصومال، من طرف واحد في عام 1991، يتمتع بحالة من الاستقرار السياسي مقارنة بأوضاع الحروب الأهلية الدامية التي يشهدها الصومال منذ عقود.

بؤرة توتر

وذكرت  الصحيفة الإيطالية أنه "منذ أواخر 2022، انفتحت بؤرة أخرى لعدم الاستقرار الخطير في القرن الإفريقي، أكثر المناطق غير المستقرة بالفعل على هذا الكوكب". 

وقالت إن "مسرح الأزمة الجديدة هو أراضي جمهورية صوماليلاند التي أعلنت استقلالهاعن الصومال عام 1991  ولم يعترف بإعلانها المجتمع الدولي الذي مازال يعدها إحدى الولايات الفيدرالية الصومالية".

وأشارت إلى أن هذا لم يمنع البلاد، على الرغم من عزلتها الدولية النسبية، من تنظيم "استقلال فعلي"، كما يتم انتخاب الرئيس والبرلمان والإدارات المحلية هناك في احترام الدستور المعمول به منذ عام 2001  ويتم  كذلك سك العملة.

وكان فتيل العنف اشتعل في 6 شباط/ فبراير 2023 في مدينة "لاس عنود" المتنازع عليها بين منطقة بونتلاند التي تتمتّع بحكم شبه ذاتي الموالية لمقديشو، وجمهورية أرض الصومال.

ولاس عنود العاصمة الإدارية لمنطقة سول في أرض الصومال، وتقع على الحدود بين إقليمي بونتلاند وأرض الصومال في مساحة قدرها 11 ألفا و240 كيلومترًا مربعًا، ويبلغ عدد سكانها 108 آلاف نسمة.

وتقطن لاس عنود عشائر دولباهنتي ووارسنقلي اللتين تنتميان إلى قبيلة الدارود التي تسيطر على إقليم بونتلاند.

ومنذ بداية نزوع أرض الصومال إلى الاستقلال حاولت عشائر بني إسحاق المسيطرة على أرض الصومال أن تطمئن الأقليات في الإقليم عبر مصالحات ولكن ظلت الميول ورغبة الانتماء قائمة.

وهذه الخلافات المسلحة لا تحدث للمرة الأولى في الواقع، إذ وقعت أزمات أسفرت عن قتال عنيف وطويل الأمد في أعوام 2007 و 2010 و 2016 و 2018.

عواقب وخيمة

والاشتباكات التي وقعت في الأسابيع الأخيرة، اندلعت في البداية في بلدة لاس عنود إثر اغتيال السياسي المحلي عبد الفتاح عبد الله عبدي، رئيس أحد الحزبين المعارضين.

وقد أثار اغتياله جدلاً حول الاغتيالات السياسية في المنطقة التي بلغ عددها حوالي أربعين في الـ12 سنة الماضية، حسب التقديرات الرسمية .

ويذكر أن 24 من الضحايا كانوا مسؤولين حكوميين وقد مرت العديد من هذه الجرائم السياسية دون عقاب، تشير الصحيفة.

وفي 28 ديسمبر/ كانون الأول 2022، قامت الشرطة بقمع مظاهرة في وسط لاس عنود ضد حكومة الإقليم وهو ما شكل فتيل الأزمة. 

بعد أيام من الاضطرابات، رفع المتظاهرون العلم الصومالي مطالبين فعليًا بالانفصال عن صوماليلاند ليتم بعد بضعة أيام صياغة الطلب رسميًا من قبل شيوخ عشائر المنطقة.

وجاء في البيان "ستدار أراضي محافظات سول وسناج وعين وفقًا لبنود دستور الصومال وستحكم المناطق الثلاث من قبل الحكومة الفيدرالية الصومالية، حتى يتم الانتهاء من الدستور المؤقت للبلاد."

أثار الإعلان حالة من الغضب إلى أن بلغت الأزمة ذروتها الدراماتيكية في أوائل فبراير بوقوع اشتباكات عنيفة بين جماعات قبلية موالية لمقديشو ضد جيش الجمهورية الانفصالية،  استمرت خمسة أيام  قبل أن تنتهي بقرار سلطات أرض الصومال وقف إطلاق النار. 

وقال وزير الدفاع  في حكومة أرض الصومال عبد الغني محمود عطية،  إن "حكومة أرض الصومال وافقت على وقف إطلاق النار دون قيد أو شرط، على الرغم من الهجمات السابقة للمليشيات"، لكن العمليات العدائية استؤنفت بعد بضعة أيام ولا تزال مستمرة.

خطر وجودي

ونددت سلطات صوماليلاند بتورط قوى خارجية على غرار بونتلاند وإثيوبيا وهو الأمر نفته هذه الأطراف بشدة دون إقناع المراقبين. 

كما ذهب الرئيس موسى بيهي عبدي، إلى حد اتهام عضو برلماني كيني، منتخب في دائرة داداب، حيث يقع مخيم اللاجئين الذي استضاف مئات الآلاف من الصوماليين على مدى عقود.

وبحسب الصحيفة، برزت مخاوف بشأن تأثير هذه التوترات على الاستقرار الإقليمي في تصريحات دول مثل قطر والصومال وتركيا والإمارات.

ودعت مع بريطانيا العظمى والولايات المتحدة إلى وقف القتال والدخول في حوار بناء لإعادة السلام.

وفقا للعديد من المراقبين، باتت الانتخابات التي من المقرر إجراؤها هذا العام محل شك وبات الاعتراف الدولي باستقلال صوماليلاند على المحك.

خصوصا وأن الاستقرار شكل نقطة قوة رئيسة لهذه الجمهورية حتى الآن، مقارنة بما ضمنته حكومة مقديشو في بقية الصومال.

وفي غضون ذلك، كان للنزاع عواقب وخيمة للغاية على المدنيين وخلف حصيلة قتلى بالعشرات.

ووفقًا لتقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يزيد عدد اللاجئين ومعظمهم من النساء والأطفال عن 185 ألفًا، فيما عبر 60 ألفًا آخرين الحدود إلى إثيوبيا. 

كما لحقت أضرار شديدة بالخدمات الأساسية مثل المراكز الصحية والمدارس في بلد يؤثر فيه الجفاف، الذي يدمر المنطقة بأكملها، بشكل كبير على السكان.