عدنان درجال.. أيقونة عراقية رياضية حولت حلم "خليجي 25" إلى حقيقة مرئية

يوسف العلي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

"سد دوكان، صخرة الدفاع العراقي، صمام الأمان، وصاحب الأرقام القياسية"، كل هذه الألقاب يحملها، نجم كرة القدم العراقي السابق، رئيس اتحاد اللعبة الحالي عدنان درجال، الذي ينسب إليه إنجاز بطولة كأس الخليج العربي "خليجي 25".

وانطلقت "خليجي25" بمدينة البصرة في 6 يناير/ كانون الثاني 2023، واختتمت في 19 من الشهر نفسه بتتويج العراق للمرة الرابعة في تاريخه بطلا للخليج، وكانت نسخة مميزة حظيت بإشادة واسعة من دول الخليج التي حطت رحالها في البصرة بعد غياب دام 43 عاما.

ورغم محاولة القوى السياسية الموالية لإيران نسب جهود إقامة "خليجي25" إلى وزير الشباب والرياضة الحالي أحمد المبرقع الذي تولى منصبه منذ ثلاثة أشهر فقط، إلا أن الكثيرين أكدوا أن عدنان درجال صاحب هذا الانجاز كونه عمل على هذا الملف منذ كان وزيرا للشباب عام 2020.

صانع الإنجاز

وتمكن درجال بحكم علاقاته مع اتحادات دول الخليج العربي، إقامة "خليجي25" في العراق بعد تأجيل ذلك أكثر من مرة.

إذ كان من المقرر أن تستضيف البصرة النسخة الـ21، لكنها نقلت إلى البحرين في 2013 وتكرر التأجيل أكثر من مرة سواء لأسباب أمنية وأخرى تتعلق بعدم الجاهزية للاستضافة.

وما يجعل درجال صاحب إنجاز "خليجي 25"، هو ما تعهد به من إكمال استعدادات استضافة البطولة خلال ستة أشهر من تاريخ الإعلان رسميا عن تسمية البصرة المكان المضّيف للحدث الكروي الأكبر في دول الخليج العربي.

وذلك ما عجزت عن فعله الشخصيات التي تولت رئاسة اتحاد الكرة ووزارة الشباب في العراق الذين سبقوه منذ عام 2013 الذي كان مقررا للعراق فيه استضافة البطولة ذاتها.

وفي 16 ديسمبر/ كانون الأول 2021، قال درجال رئيس الاتحاد العراقي وزير الشباب والرياضة آنذاك "تم اعتماد البصرة بصورة نهائية لتنظيم خليجي 25 في يناير 2023 مع ضرورة اكتمال المتطلبات الخاصة بالبطولة في 30 يونيو/ حزيران 2022".

وأضاف درجال في بيان: "البصرة ستكون بأتم الجاهزية لاحتضان خليجي 25، وإكمال جميع المتطلبات في وقتها المحدد، والسعي إلى أن تكون البطولة مميزة وملبية لتطلعات الجميع".

وخلال مدة قياسية من تاريخ إعلان درجال اعتماد البصرة مكانا لاستضافة "خليجي 25"، أنجزت جميع المتطلبات التي كان قد سجلها أعضاء اللجنة الخليجية بعد تفقدهم غالبية المنشآت والمرافق الرياضية وغيرها المرتبطة بالبطولة.

وفي 21 ديسمبر/ كانون الأول 2020، كان درجال، قد تعهد أيضا بتنظيم "مبهر" لبطولة كأس الخليج بدورته الـ25 في الملاعب العراقية، مشيرا إلى أن "الجمهور العراقي سيكون عنصرا فاعلا في نجاح هذه البطولة"، وهو ما تحقق بالفعل.

وعلى إثر نجاح بطولة خليجي25، أطلق ناشطون عراقيون هاشتاغ "شكرا عدنان درجال" قدموا فيه شكرهم للجهود التي بذلها رئيس اتحاد كرة القدم العراقية، الذي يعد من الشخصيات المستقلة وأحد الرموز الشهيرة لكرة القدم على المستوى المحلي والعربي في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين.

وغرّد صاحب حساب "عراقي أنا" على تويتر، قائلا: "شكرا كابتن عدنان درجال، وفيت وكيفت، أحسن رئيس اتحاد عراقي هو أنت. عملت وسهرت ليلا وعملت نهارا قبل بطولة الخليج العربي بشهر وهو اتعب شهر مر عليك. المسؤول الشريف في العراق ترفع له القبعات ابن بار للعراق لاعبا ومسؤولا. بارك الله بيك".

كذلك كتب حساب "العراق سبورت": "شكرا عدنان درجال على بطولة خليجي25.

المغرد القطري عبد العزيز أحمد المعرفي كتب أيضا: "عدنان درجال الوحيد الذي شارك في كل انجازات العراق ببطولات كأس الخليج، خليجي5 وخليجي7 كلاعب وخليجي9 كابتن، وخليجي25 رئيسا لاتحاد كرة القدم العراقي".

وأضاف: "مبروك يا أبو حيدر ولكل مواطن عراقي ساهم في تحقيق هذا الإنجاز ونجاح تنظيم  كأس الخليج العربي 25".

وفي المقابل، حاول حلفاء إيران نسبة الإنجاز لوزير الشباب الشباب الحالي أحمد المبرقع الذي ينتمي لائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

إذ غرّد المحلل السياسي القريب من إيران حيدر البرزنجي، قائلا: "وزير الشباب والرياضة الدكتور أحمد المبرقع سليل العائلة المجاهدة التي أعطت دماء و شهداء البطل الهمام في مواجهة هدام (صدام حسين الرئيس العراقي الراحل) له الدور البارز في نجاح البطولة".

وأضاف: "دعم متواصل وعمل متواصل وفاعلية بروح وهمة عاليا بوركت وأحسنت شكراً لكل ما بذلت من مجهود الكثير من وزراء الكابينة الحالية يستحقون الشكر".

وتداول ناشطون عراقيون مقاطع فيديو تظهر درجال وهو يتابع في الليل والنهار لأدق التفاصيل مع الشركات التي كانت تعمل على إنجاز ملاعب مدينة البصرة، وذلك قبل أيام من انطلاقها في 6 يناير/ كانون الثاني 2023.

وفي 4 يناير 2023، قال درجال خلال تصريحات نقلها موقع "الرأي العام العراقي" كل الأعمال تجري على قدم وساق قبل انطلاق حفل افتتاح العرس الخليجي، ونحن نعمل ليلاً مع نهار من أجل الظهور بمستوى الحدث الذي انتظرهُ العراقيون منذ 44 عاما مضى على آخر نسخة خليجية نظمها العراق كانت عام 1979 في العاصمة الحبيبة بغداد.

وأضاف درجال أن "من ضمن أهداف العراق في هذه الدورة الخليجية هو نجاح العملية التنظيمية والتمهيد إلى بطولات أخرى مثل: كأس العرب، وآسيا، وغرب آسيا، وتصفيات كأس العالم التي ينتظرها الجمهور العراقي  بفارغ الصبر لرؤية منتخب البلد يلعب على أرضه وبين جماهيره".

وأردف: "نحن نعمل على إكمال كافة التحضيرات خلال الأشهر المقبلة من أجل تقديم ملفات لاستضافة البطولات الدولية، ليس فقط على صعيد كرة القدم بل هناك بطولات نسعى بأن نستضيفها، ونحن قادرون على ذلك في ظل الدعم الحكومي المستمر لنا".

واختتم حديثه قائلا: "لدينا خطة متكاملة لاستضافة أي بطولة دولية خلال الأشهر والسنوات المقبلة، بالمقابل علينا بان نعالج مسألة الفنادق في المحافظات والمدن العراقية ونكمل هذه الملف كونه من العوامل والشروط الأساسية في الفوز في استضافة الأحداث الرياضية الدولية".

مدرب محترف

عدنان درجال مطر جاسم الربيعي المولود في بغداد عام 1969، يعد رمزا من رموز الجيل الذهبي للكرة العراقية، فهو لاعب مجتهد ومدافع من الطراز النادر، يخشاه جميع المهاجمين، وتميز صاحب الرقم (2) بأنه رجل الأرقام القياسية الذي عرف بالصلابة والمتانة.

وعرف عدنان كلاعب بلقب سد دوكان (في إشارة لأكبر سد عراقي يقع في كردستان العراق) والجنرال كمدرب، ويعد أفضل مدافعي الكرة العراقية على طول تاريخها، فكان أفضل صمام أمان للمرمى العراقي، وتميز بالتسديدات القوية بين أبناء جيله.

ويعد درجال، صاحب الأرقام القياسية في العراق من حيث المشاركات، كونه أكثر لاعب شارك في الألعاب الأولمبية وبجميع المباريات العشرة التي خاضها منتخب العراق في المرات الثلاث التي تأهل لها.

وهو كذلك أكثر لاعب عراقي اشترك في دورات الخليج أعوام (1979 – 1982 – 1984 – 1988 - 1990) وحصل خلالها على ثلاثة ألقاب واشترك بـ22 مباراة في هذه البطولة وكان كابتن المنتخب في عام 1988.

كذلك استطاع الفوز بلقب الدوري العراقي 6 مرات (نادي الزوراء 1979 - نادي الطلبة 1981 - 1982 - نادي الرشيد 1987 - 1988 - 1989)، وبطولة الكأس 4 مرات أعوام (1979 - 1981 - 1987 - 1988) وبطولة الأندية العربية 3 مرات أعوام (1987 - 1988 - 1989).

وفي عام 1992، استلم درجال تدريب منتخب العراق، ليكون أصغر مدرب يحمل مسؤولية منتخب العراق بعمر يقارب 32 عاما، وطوال السنة ونصف السنة تقريبا شارك المنتخب فيما يقارب 20 مباراة انتهت 4 منها بالخسارة و5 تعادلات و11 بالفوز.

وتولى درجال تدريب المنتخب العراقي في مرحلة صعبة عاشها العراق بسبب الحصار الاقتصادي والرياضي جراء غزو الكويت عام 1990، حيث كانت القرارات الصادرة من اتحاد الكرة الآسيوي تتخذ سياسة الإقصاء، ما أبعد المنتخب عن المشاركة في أي محفل آسيوي أو خليجي أو عربي.

لكن درجال عمل جاهدا خلال تلك الفترة الصعبة لإظهار المنتخب بشكل جيد، حيث اقتصرت المشاركة العراقية  في تلك الفترة على عدد من المباريات والبطولات الودية في عدد من الدول العربية.

وعادت لاحقا عضوية العراق للاتحاد الآسيوي، ليتأهل منتخب العراق لتصفيات كأس العالم النهائية في الأردن والصين التي خاضها مع ستة منتخبات لعبت بنظام دوري من مجموعة واحدة، خسر فيها العراق مباراته مع كوريا الجنوبية، لتكون محطته النهائية بتدريب المنتخب، إذ أقيل بقرار من الاتحاد العراقي.

وزير سابق

بعد إقالة عدنان درجال من التدريب، غادر الأخير العراق وأقام في قطر، وتولى خلالها تدريب العديد من الأندية القطرية، ومن أبرزها نادي الوكرة، وحقق معهم العديد من الألقاب ضمن الدوري القطري.

لم يعد درجال إلى العراق بعد الاحتلال الأميركي، إلا في عام 2019 حينما رفع دعوى قضائية ضد مسؤولي الاتحاد العراقي لكرة القدم، أمام محكمة الكأس الدولية، اتهمهم خلالها بتزوير انتخابات الاتحاد.

وتمكن درجال من كسب قضية ضد مسؤولي الاتحاد العراقي لكرة القدم التي أقامها ضدهم بشأن قضية تزوير أوراق ترشح لانتخابات الاتحاد.

وعلى ضوء ذلك، حكمت المحكمة على أمين سر اتحاد الكرة صباح رضا ورئيس لجنة الاستئناف ستار زوير بالحبس لمدة سنة و6 أشهر بخصوص قضية التزوير الخاصة بعدنان درجال، فيما تأجل الحكم بحق منسق العلاقات الدولية  بالاتحاد العراقي وليد طبرة.

وجاء قرار المحكمة بناءً على أربع قضايا، اثنتان تزوير واثنتان سوء استعمال وتم الحكم بسنة على قضية التزوير وستة أشهر على سوء استخدام الأوراق الرسمية على أن تنفذ العقوبة الأشد وهي سنة وبما أن الحكم بالتعاقب فسيكمل المتهمون السنة ومن ثم العقوبة.

وكان درجال قد عرض على الاتحاد العراقي لكرة القدم أن يقدم استقالة جماعية مقابل سحب الدعوى المقامة ضدهم، لكن ذلك  لم يحصل لرفض مسؤولي الاتحاد هذا المقترح.

وعلى ضوء كسب درجال قضيته في المحاكم العراقية، واستمراره في القضية التي رفعها في محكمة الكأس الدولية، قرر مسؤولو الاتحاد العراقي تقديم استقالتهم من مناصبهم مقابل إسقاط القضايا المقامة ضدهم، وهذا ما جرى في 17 يناير 2020.

وفي 7 مايو/ أيار 2020، صوت البرلمان العراقي على عدنان درجال وزيرا للشباب والرياضة، بترشيح من تحالف القوى العراقية السنية (أكبر كتلة سنية في البرلمان)، رغم أن درجال ينتمي إلى الطائفة الشيعية، لكنهم قدموه كنوذج وطني لشغل الوزارة لما يتمتع به من نزاهة ووطنية.

ونشر رئيس البرلمان في حينها القيادي في تحالف القوى السنية محمد الحلبوسي، مقطع فيديو على حسابه في "تويتر" وغرد قائلا: " كابتن المنتخب الوطني العراقي. صخرة الدفاع المُلَقَّب بـ(سد دوكان). الجنرال عدنان درجال خارج كل الحسابات الطائفية".

وفي 14 سبتمبر/ أيلول 2021، فاز عدنان درجال بمنصب رئيس اتحاد كرة القدم في العراق، بعد حصوله على 48 صوتا مقابل 16 صوتا لمنافسه اللاعب العراقي السابق شرار حيدر.

وجمع درجال بين منصب وزير الشباب والرياضة ورئيس اتحاد كرة القدم حتى انتهت حكومة مصطفى الكاظمي في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وبذلك غادر درجال الوزارة، لكنه لا يزال يحتفظ برئاسة الاتحاد والتي تمتد لمدة أربع سنوات.