بسبب روسيا.. مركز تركي: أوروبا تفضل نقل الغاز عبر المغرب لا الجزائر

كشف مركز دراسات تركي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يراقب عن كثب مستجدات خط أنابيب الغاز المنتظر أن ينقل غاز نيجيريا إلى أوروبا عبر المغرب الذي أبرم اتفاقا بشأنه في سبتمبر/ أيلول 2022.
وأوضح مركز أنقرة للأزمات والأبحاث السياسية "أنكاسام"، أن من شأن هذا الخط الذي تعارضه الجزائر وروسيا، أن يلبي جميع احتياجات الاتحاد الأوروبي من الغاز، ما سيحرره من الهيمنة الطاقية الروسية.
في المقابل تعمل الجزائر أيضا على مشروع لنقل غاز نيجيريا إلى أوروبا عبر خط أنابيب غاز يمر خلال صحراء النيجر ثم يرتبط بخطوطها على الحدود المشتركة، وعقدت اجتماعا ثلاثيا في يونيو/ حزيران 2022، لتسريع المشروع.
مورد بديل
وذكر المركز التركي أنه وفقا للاجتماع الذي عقد في سبتمبر 2022 في العاصمة المغربية الرباط، وقعت نيجيريا والمغرب والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، اتفاقية لتنفيذ خط أنابيب غاز بحري.
كما شاركت في الاجتماع والاتفاقية كل من شركة النفط الوطنية النيجيرية، والمكتب الوطني المغربي للهيدروكربونات والتعدين، وشركات نفطية من السنغال وموريتانيا.
وبحسب الاتفاقية سيتم إنشاء خط أنابيب بطول أكثر من 7000 كيلومتر من نيجيريا إلى المغرب ومن هناك إلى أوروبا.
ويكشف توقيع الاتفاقية، من قبل شركتي النفط في السنغال وموريتانيا، أن هذين البلدين يدعمان المشروع المعني.
ويهدف المشروع إلى نقل 3 مليارات متر مكعب من الغاز يوميا. ويتطلب هذا المشروع الضخم تمويلا بقيمة 25 مليار دولار لإتمام تنفيذه.
ومن المتوقع أن يتم العثور على استثمار لهذا التمويل في عام 2023. ومن المتوقع أن يتحمل الاتحاد الأوروبي مسؤولية الاستثمار في هذا المشروع.
ولدى نيجيريا خط أنابيب بحري يربطها مع بنين وغانا وتوغو. ويشمل هذا المشروع بناء خط أنابيب جديد يصل إلى ساحل العاج وغامبيا وموريتانيا والسنغال وسييرا ليون وليبريا وغينيا وغينيا بيساو وأخيرا المغرب.
وتعلق أوروبا أيضا أهمية على المشروع الذي من المقرر أن يشمل ثلاثة عشر بلدا إفريقيا. لأنها تبحث عن مصادر بديلة بعد أن استخدمت روسيا بطاقة الطاقة ردا على عقوبات الاتحاد الأوروبي بسبب الحرب الأوكرانية.
وفي الآونة الأخيرة، واجهت العديد من البلدان في أوروبا ارتفاع أسعار الطاقة واحتجاجات ذات صلة.
لذلك، يعتقد أن القارة ستعيش شتاء قاسيا. وأكد ذلك الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بقوله: "تنتظرنا سنوات أكثر صعوبة".
لذلك تسعى أوروبا جاهدة للعثور على مصادر طاقة آمنة ومنخفضة التكلفة.
لهذا السبب، تعقد مفاوضات دبلوماسية من أجل الوصول إلى الغاز من مناطق جغرافية مختلفة مثل إفريقيا والشرق الأوسط والنرويج. وخط أنابيب الغاز المغربي النيجيري هو واحد منها.
لعبة إستراتيجية
ويتابع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن كثب المشروع، الذي يعتقد أنه يلبي جميع احتياجات أوروبا من الغاز عند اكتماله. لأنه من غير الممكن أن يتجاهل مشروعا بهذا الحجم والأهمية، وفق المركز التركي.
فموسكو تريد القضاء على إمكانية أن تجد أوروبا بديلا. وعلى هذا النحو يلعب الكرملين لعبة خطيرة في إفريقيا لإحباط المشروع.
وبعد الأزمة الأوكرانية ازداد التوتر بين المغرب والجزائر مرة أخرى. ولهذا تحاول روسيا اتخاذ خطوات عبر الجزائر.
وتمتلك الجزائر، التي تعد منتجا وموردا رئيسا للغاز والنفط، خطي أنابيب يربطانها مع إيطاليا وإسبانيا. وهي جهة فاعلة مهمة في مجال الغاز الطبيعي المنقول إلى أوروبا.
ولكن بسبب الوضع السياسي للجزائر، وعلاقاتها الجيدة مع روسيا، وموقفها من المغرب، ترى أوروبا في القيادة الجزائرية فاعلا خطيرا وصعبا للتعاون معه.
ولتوضيح هذا الوضع على سبيل المثال، يمكن التذكير بأنه في بداية عام 2022 تم تعليق اتفاقية الصداقة والجوار بين الجزائر وإسبانيا. وذلك لأن إسبانيا تدعم خطة المغرب للصحراء.
وتستخدم روسيا موقف الجزائر من المغرب لصالحها. في هذه المرحلة قد تتعرض إمدادات الطاقة الجزائرية إلى أوروبا للتهديد في الفترة المقبلة.
لأنه في الوقت الذي تحدث فيه الأزمة الأوكرانية وتفرض أوروبا عقوبات على روسيا، من الضروري النظر في الأسباب الرئيسة لقرار الجزائر بتعليق علاقاتها مع إسبانيا.
ومن المرجح جدا أن تكون روسيا وراء هذا القرار. وبهذه الطريقة يمكن لروسيا بسهولة استخدام سلاحها الغازي ضد أوروبا وتدمير بدائلها.
ويمكن وصف التحركات الإستراتيجية الروسية، والتي يمكن أن نسميها عمليات صناعة التأثير في إفريقيا، بأنها لعبة إستراتيجية.
هدفان رئيسان
وبالنظر إلى جميع هذه النقاط، يمكن القول إن روسيا لديها هدفان إستراتيجيان في إفريقيا.
الأول هو تحول روسيا إلى الموارد الإفريقية من أجل الالتفاف على العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عليها لعزلها.
ويمكن القول إن هدفها الثاني عرقلة اتفاقية الطاقة المخطط لها بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا، ومن ثم تتواصل أزمة الطاقة، وتستمر روسيا في استخدام الغاز كسلاح.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن موسكو تعمل مع الجزائر من أجل تطبيق هذه الإستراتيجية. فالجزائر هي البلد الذي يشتري أكبر قدر من الأسلحة من روسيا في القارة.
ومن المتوقع أن تتخذ أوروبا خطوات مختلفة ضد هذه اللعبة الروسية، ولكن إذا زادت روسيا من نفوذها في القارة من خلال مجموعة فاغنر وصفقات الأسلحة، فإن الخطوات التي تتبعها أوروبا ستذهب سدى.
لذلك، من المتوقع أن يتم طرح مشروع خط أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا بسرعة.
وفي عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، اعترفت واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء. وفي وقت لاحق، فتحت العديد من البلدان قنصليات على أراضي "جنوب المغرب".
ومن شأن دعم أميركا هذا المشروع أن ينهي نفوذ الجزائر، وفي الخلفية ينهي فاعلية ورقة ضغط روسيا على أوروبا عبر الطاقة.
لذلك، يمكن اتخاذ خطوات حاسمة لدعم مشروع أوروبا في الفترة المقبلة. وستستمر علاقة التحالف بين الجزائر وروسيا في إثارة قلق الاتحاد الأوروبي.
ويدعي المغرب أن حل قضية الصحراء وتطوير أوروبا التعاون معه يكسر الخطوات التي اتخذتها الجزائر وروسيا في المنطقة.
لذلك، من المرجح جدا أن يطور الاتحاد الأوروبي تعاونه مع المغرب في الفترة المقبلة.
وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، فيما تطالب "جبهة البوليساريو" باستفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي لاجئين من الإقليم.