كمال الخطيب لـ"الاستقلال": لابيد ونتنياهو وجهان لعملة واحدة ولا أمل بالكنيست

12

طباعة

مشاركة

أكد نائب رئيس الحركة الإسلامية السابق في فلسطين المحتلة (الفرع الشمالي) الشيخ كمال الخطيب، أن الشعب الفلسطيني سواء داخل الخط الأخضر أو خارجه سيعيش مرحلة صعبة ومتوترة مع حكومة اليمين الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو.

وأضاف الخطيب في حوار مع "الاستقلال"، أنه على عكس ما يدعي البعض، فإن حكومة يائير لابيد المنتهية ولايتها كانت الأكثر دموية ضد الشعب الفلسطيني خلال الـ16 سنة الأخيرة، ولا سيما على صعيد عدد الانتهاكات واقتحامات المسجد الأقصى.

وأوضح أن حكومتي نتنياهو ولابيد وجهان لعملة واحدة، لكن نتنياهو الذي رأس عدة حكومات طوال 12 عاما في السابق سيختلف هذه المرة، وسيتجه إلى الأسوأ، لأن غالبية قوى ائتلافه الحاكم من الأحزاب اليهودية اليمينية.

ومع ذلك أكد الخطيب أن "أبناء شعبنا لن يخافوا من نتنياهو ولا من شريكه المتطرف إيتمار بن غفير؛ وكما رحل دافيد بن غوريون وأرئيل شارون سيرحل هؤلاء، ويبقى شعبنا الفلسطيني شوكة في حلوقهم".

وأجريت الانتخابات الإسرائيلية مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وأظهرت نتائجها النهائية حصول معسكر أقصى اليمين بزعامة نتنياهو على 64 مقعدا من مجموع مقاعد الكنيست البالغ عددها 120.

مقابل 51 مقعدا لمعسكر التغيير بزعامة لابيد، علما أن هذه خامس انتخابات في الكيان الصهيوني خلال أقل من 4 سنوات، في ظل استقطاب حاد وعدم استقرار سياسي.

والخطيب (60 عاما) أحد أبرز وجوه العمل السياسي والدعوي والمجتمعي داخل الخط الأخضر، واشتهر بقيادته أنشطة "مرابطو الأقصى" الذين يحيون أولى القبلتين بحلقات علم، ويحمونها من اقتحامات متطرفي اليهود، ويلقبه محبوه بـ"فاتح الجليل". 

عودة نتنياهو

كيف تقرأ نتائج الانتخابات الإسرائيلية وعودة بنيامين نتنياهو إلى تصدر المشهد مرة أخرى؟

إن عودة نتنياهو بعد سنة ونصف السنة من تركه رئاسة الحكومة التي استمر فيها مدة اثني عشر عاما، وليس فقط عودته وإنما عودة تيار اليمين بشقيه القومي والديني؛ تشير بشكل واضح لتوجه الشارع الإسرائيلي برمته نحو اليمينية والتمسك بالهوية الدينية اليهودية.

كما أن أيدلوجيا هذا التيار الصهيوني واضحة في رفضه للسلام مع الفلسطينيين وأجندته الواضحة بخصوص المسجد الأقصى المبارك؛ بل وإيمان بعض مركباته بمشروع الترحيل (الترانسفير) ضد فلسطيني الداخل. 

وكل هذا يشير إلى مرحلة صعبة ومتوترة سيعيشها أبناء شعبنا مع هذه الحكومة. 

ما احتمالات إسناد حقائب وزارية لليمين الصهيوني العنصري؟

ليس هذا محل توقعات وتكهنات؛ بل إن القائمة اليهودية الصهيونية برئاسة عضوي الكنيست المتطرفين بن غفير وصومتريكس ستكون ضمن الائتلاف الحكومي الذي يشكله نتنياهو. ولن يقوم هذا الائتلاف إلا بمشاركتهما.

ليس ذلك فحسب؛ بل إنهما سيُكلفان بحقائب وزارية مهمة، وسيكون كلاهما عضوين ضمن المجلس الوزاري المصغر الذي يقرر في السياسات والقضايا الأمنية الحساسة التي تدير شؤون إسرائيل.

هل شكل حكم نتنياهو سيكون مختلفا عما سبق وكيف؟ 

بالطبع سيكون شكل الحكومة القادمة مختلفا ويتجه إلى الأسوأ؛ حيث إن نتنياهو الآن يتمتع بتأييد 65 عضوا بالكنيست الإسرائيلي وهؤلاء غالبيتهم من اليمين والأحزاب اليهودية المتدينة.

وبالتالي هؤلاء تحكمهم أجندة وأيدولوجية معلنة ضد كل ما هو فلسطيني، ويمكن أن يُعطوا الصورة القاتمة عن المستقبل؛ حيث إن هؤلاء يريدون أن ينفذوا أجندتهم ضد الشعب الفلسطيني. 

ماذا تعني رسائل الكيان المحتل للمقاومة الفلسطينية بقصف غزة بعد أقل من 48 ساعة من فوز نتنياهو؟

بداية يجب التذكير بأن الحركة الإسلامية التي كنت نائبا لرئيسها هي التي تم حظرها في عام 2015 على يد نتنياهو الذي انتخبوه ليكون رئيسا مجددا للحكومة الإسرائيلية.

ونتنياهو إلى الآن لم يتسلم مقاليد الحكم؛ بينما الذي لا يزال يضغط على الزناد الآن ويواصل قتل الفلسطينيين هو لابيد.

ولابيد الذي ظن البعض أنه يميل لليسار أو للوسط، اتضح وبحسب تقرير منظمة العفو الدولية أن حكومته الأكثر دموية منذ أكثر من ستة عشر عاما.

ومن ثم فمن يعتقد أن ما حدث بالأمس من فوز نتنياهو وراء العدوان على غزة فهو مخطئ لأن نتنياهو حتى الآن لا يستطيع أن يُصدر إشارات، ولم يتسلم الحكم بعد فهو ليس رئيسا للوزراء، ولا حتى وزيرا للدفاع، ولا رئيسا للأركان.

وهذا ليس دفاعا عن نتنياهو؛ ولكن الإشارة واضحة بأن من سبقه ليس أقل دموية منه سواء تجاه أهلنا في غزة أو في الضفة والقدس.

ولذا فالسؤال إذا كان هذا هو الحال في زمن لابيد ولم يتسلم نتنياهو بعد مقاليد الحكم، فكيف سيكون الوضع بعد تولي نتنياهو، ويكون وزير الدفاع أحد كوادر حزب الليكود؟!

وبلا شك ستكون الصورة أكثر قتامة وسوداوية مما هي عليه الآن، وأكثر دموية.

فشل واضح

ما مصير القوائم العربية في هذه الانتخابات، وماذا يمكنهم أن يقدموا بعد تقلص عدد مقاعدهم في الكنيست؟

القوائم العربية الثلاث في هذه الانتخابات تنوعت بين ذات الخلفية الدينية والشيوعية والقومية.

أولها، القائمة الموحدة برئاسة منصور عباس، ولها خلفية دينية، وتعكس رؤية فصيل من أبناء المشروع الإسلامي الذي كانت تمثله الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح.

لكن تم حظرها وإخراجها خارج القانون الإسرائيلي، وإغلاق جميع مؤسساتها في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.

إذ كانت دائما تعارض الحكومة الإسرائيلية، كما أنها لم تشارك أبدا في انتخابات الكنيست الصهيوني. 

وكانت قائمة منصور عباس ضمن الائتلاف الحكومي في حكومة يائير لابيد الأخيرة ولم تفعل للعرب شيئا.

وثانيا، القائمة الثانية وهي شيوعية متحالفة مع أحمد الطيبي.

والقائمة الثالثة لحزب التجمع الوطني وتوجهها قومي؛ إلا أنها فشلت في عبور نسبة الحسم ولم تحصل على أي مقعد. 

وكل هذه القوائم كانت تشكل مجتمعة باسم القائمة المشتركة وحصلت في عام 2019 على 15 مقعدا، ولكنها عادت وانقسمت على نفسها وحصلت في هذه الانتخابات على عشرة أعضاء، ما يعد فشلا.

وللأسف فإن أعضاء كلتا القائمتين سيكونان على كرسي المعارضة ما يعني عدم جدوى ذلك التمثيل. 

ولكن آمال البعض كانت عبر التأثير في الداخل كما هو حال قائمة منصور عباس والتي فشلت في تحقيق أي اختراق للشارع اليهودي عبر وجودها في الائتلاف وأصبح تأثيرها الآن صفريا.

هل وجود النواب العرب داخل الكنيست يمثل فرصة في ظل هذه الظروف التي لا تبشر بخير؟

على العكس تماما فالوجود العربي كان شريكا في الائتلاف الحكومي بقيادة منصور عباس ومعه 14 نائبا عربيا، ولم يقدموا شيئا ملموسا للمجتمع العربي في الداخل الفلسطيني.

ولم يغيروا شيئا من واقع الفلسطينيين السيئ وهو ما شجع على تزايد رقعة المقاطعة للانتخابات.

ولا شك أن ما زاد الأمر حدة هذه المرة هو الانقسامات الحادة بين من كانوا بالأمس قائمة واحدة فأصبحوا الآن ثلاث قوائم فشلت في الحفاظ على وجودها.

وأصبح الوجود العربي بالكنيست على كرسي المعارضة بلا قيمة فضلا عن أنه لم يحقق شيئا وهو في سدة الحكم فلذلك كانت المقاطعة العربية واسعة. 

مقاطعة متصاعدة

ما تفسيرك للمقاطعة الواسعة من الناخبين العرب لانتخابات الكنيست؟

لا شك أن المراقب لكل الدورات الانتخابية السابقة يتبين له بشكل واضح حقيقة أن هناك ارتفاعا في منسوب المقاطعين لانتخابات الكنيست الإسرائيلي من العرب جولة بعد الأخرى.

ما بين مقاطعين لأسباب أيدولوجية وعقائدية أو الساخطين والمتذمرين على أداء هذه الأحزاب، ونتائج هذه الانتخابات لم تأت لهم بأي جديد، ولم تحفظ للفلسطينيين حقوقهم عبر منبر الكنيست. 

هل هناك من حلول أو بدائل أخرى أمام فلسطينيي الداخل للحفاظ على حقوقهم أمام الإسرائيليين؟

بالتأكيد هناك بدائل كثيرة أمام الفلسطينيين غير الكنيست لكي يحصلوا على حقوقهم فهو ليس الخيار الوحيد.

حيث إن الكنيست منذ عام 1974 هو رمز للمشروع الصهيوني فيصدر التشريعات التي تُعادي شعبنا الفلسطيني وتعتدي على مقدساتنا على المستويات الدينية والقومية والسياسية كافة.

وبالتالي لا يمكن أن يكون الكنيست يوما من الأيام وسيلة لتحقيق أحلامنا وأهدافنا.

ولذلك هناك من دعا إلى ضرورة إيجاد بناء داخلي عبر إطار سياسي بديل يوحد أطياف المجتمع العربي بالداخل كافة من خلال "دائرة متابعة سياسية عليا" بمشاركة الأحزاب كافة.

ويتم انتخاب قياداتها انتخابا مباشرا حيث إن نسبة المقاطعين لانتخابات الكنيست تقارب 60 بالمئة من فلسطيني الداخل، ومن ثم يجب على هذا الإطار البديل أن يطور عمله.

وتم تدشين ذلك من قبل كنواة عبر مشروع المجتمع العصامي من خلال بناء مؤسسات وطنية فلسطينية لأبناء الدخل اقتصادية وثقافية وتعليمية ورياضية وصحية وغير ذلك؛ إلا أنه للأسف بعض الأطر والأحزاب التي شاركت في الكنيست لا تشجع هذا المشروع بزعم أنها لديها البديل.

ولكن المراقب يرى أن هؤلاء المشاركين في انتخابات الكنيست ساهموا بشكل غير مباشر في مشروع "الأسرلة" والتهويد وتشويه هوية شعبنا الفلسطيني والدفع به في انتخابات لا ناقة لنا فيها ولا جمل.

مستقبل مقلق

ما مستقبل مليون ونصف المليون من الفلسطينيين داخل أراضي 48 في ظل الحكومة الإسرائيلية المقبلة؟

صحيح أن هذه الحكومة ستكون يمينية بامتياز، وستكون لها سياسات عدائية غير مسبوقة تجاه شعبنا الفلسطيني.

لكن لابد من الإشارة إلى أن حكومة لابيد الأخيرة كانت الأكثر دموية ضد الشعب الفلسطيني خلال الـ16 سنة الأخيرة، وفق منظمة العدل الدولية "أمنستي".

كما أكدت المنظمة أن هذه الحكومة كانت الأكثر اقتحاما وانتهاكا لحرمة المسجد الأقصى المبارك من قبل المستوطنين في حراسة الشرطة الإسرائيلية.

وبالتالي فليس هناك حكومة سلام وتعايش كانت ستأتي؛ وجاء بدلا منها حكومة قتل وتمييز.

وعليه فإنه لا خيار أمام شعبنا إلا مزيد من الصبر والثبات والرباط والحفاظ على الهوية الفلسطينية الإسلامية لمواجهة هذه الهجمة العنصرية، وسوف نتجاوزها بإذن الله.

وأؤكد أن أبناء شعبنا لن يخافوا من نتنياهو ولا من شريكه المتطرف إيتمار بن غفير؛ وكما رحل رموز المشروع الصهيوني بدءا من بن غوريون وانتهاء بشارون سيرحل هؤلاء ويبقى شعبنا الفلسطيني شوكة في حلوقهم بإذن الله تعالى.

ما تأثير ذلك على الإهمال الذي تواجهه هذه المدن الفلسطينية بالداخل؟ 

لا شك أن سياسة الإهمال والتمييز في الميزانيات، والفارق في البنى التحتية ما بين مناطق وأحياء ومدن العرب واليهود كانت ولاتزال سياسة إستراتيجية مارستها الحكومات الإسرائيلية كافة سواء كانت يمنية أو يسارية.

وبالتالي فخلال حكم اليمين المتطرف في الحكومة القادمة ليس من المستبعد أن نواجه مزيدا من التمييز، والتضييق، ومصادرة الأراضي، وهدم البيوت، والملاحقات السياسية وأكثر.

وكل ما سبق يرسم صورة لما يَنتظر الفلسطينيون في داخل أراضي 48، وفي الضفة والقدس وسيكون هذا هو المشهد في المرحلة القادمة.

عزم ثابت

ما دور فلسطينيي الداخل في الدفاع عن مقدساتهم وعلى رأسها الأقصى المبارك والحرم الإبراهيمي؟ 

إن شرف الدفاع والرباط في المسجد الاقصى لن يتنازل عنه أبناء الداخل الفلسطيني مهما كانت الظروف، وعليه فإن تغيير حكومة لابيد الدموية الحالية بحكومة نتنياهو لن يغير من واقع الأمر شيئا.

فكلتاهما وجهان لعملة واحدة ولن تختلف ممارسات حكومة نتنياهو عن حكومة سلفه لابيد, وشعبنا سيظل على عهده من الدفاع عن القدس والاقصى.

كيف تواجه الأردن حملات اقتحام الأقصى المتزايدة والدعوة لبناء الهيكل المزعوم؟

لا شك أن الدور التاريخي للأردن لا يكفي وحده لحماية الأقصى والأوقاف الإسلامية في القدس، ولابد أن يسانده موقف عربي إسلامي داعم وبقوة.

خاصة أن الأردن تربطه اتفاقية وادي عربة مع إسرائيل منذ عام 1994، ولكنه مع الأسف اليوم المؤسسة الإسرائيلية تتجاهل الأردن.

حيث تجرى الاقتحامات والترتيبات وأعمال الحفر، واعتقال الحراس والموظفين في دائرة الأوقاف بالقدس؛ بل وإبعادهم دون أن تجد استنكارات الأردن آذانا صاغية للتصدي.

ومع ذلك سيظل موقفنا نحن الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وفي الضفة والقدس وغزة كما كان داعما ومساندا للدور الأردني في حماية الأقصى.

وسنسعى لتعزيز ذلك عربيا وإسلاميا خاصة بعد توقيع اتفاقية التطبيع مع المؤسسة الإسرائيلية من قبل الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.

وللآسف الشديد تُمثل اتفاقيات التطبيع طعنة نجلاء في ظهر قضية المسجد الأقصى؛ خاصة أن أحد بنودها هو الاعتراف بحق كل من هو من سلالة إبراهيم بالصلاة في جبل الهيكل، أي في المسجد الأقصى!

فهذه الاتفاقية المخزية بمثابة اعتراف مباشر من هذه الدول العربية المهرولة نحو التطبيع بالحق المزعوم لليهود في المسجد الأقصى.