الحكومة الليبية لـ"الاستقلال": الاتفاق مع تركيا شأن داخلي وعهد الانقلابات ولى

طرابلس - الاستقلال | a year ago

12

طباعة

مشاركة

أكد المتحدث باسم حكومة الوحدة الوطنية الليبية محمد حمودة، أن مذكرة التفاهم الأخيرة لتعزيز التعاون مع تركيا في مجال الطاقة "ليست اتفاقية جديدة، بل مذكرة تفصيلية" لاتفاق سابق جرى عام 2019.

وأوضح حمودة في حوار مع "الاستقلال"، أن هذه التفاهمات والاتفاقات تجري وفق القانون الدولي وما تتمتع به الدول من استقلالية، وكذلك من سيادة على أراضيها وإمكانية استثمار الموارد الطبيعية لصالح شعوبها.

وشدد على أن "التدخل في شأننا الداخلي أمر مرفوض، وكما تحترم ليبيا جيرانها من الدول الصديقة والشقيقة تتوقع منهم كذلك عدم التدخل في شؤوننا الداخلية".

وعد حمودة أن رفض رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح ورئيس الوزراء المكلف من قبل برلمان طبرق، فتحي باشاغا، للحكومة الشرعية "نوع من المناكفة السياسية الداخلية" نتيجة الانقسام.

وأشار إلى أن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة دعا إلى ضرورة وجود بدائل لمجلسي الدولة والنواب في إتمام العملية الانتخابية، وعدم الارتهان كليا لهما، لأن ذلك يتعارض مع وجودهم في السلطة.

وأكد المتحدث باسم الحكومة أن عهد الانقلابات العسكرية في ليبيا "قد ولى إلى غير رجعة"، وأن "محاولات الوصول للسلطة عبر القوة والاقتحامات "باءت بالفشل أكثر من مرة".

فوائد متعددة

ما طبيعة الاتفاقية التي وقعتها تركيا مع الحكومة الليبية بشأن الطاقة؟ 

بداية ما تم توقيعه في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2022 هو عبارة عن مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين البلدين في مجال الطاقة الهيدروكربونية، من خلال وضع إطار عام يسمح لطرابلس وأنقرة بتبادل المعلومات والخبرات والاستشارات القانونية والعلمية فيما بينهما وفق القوانين المعمول بها.

إضافة لعقد برامج التدريب المشتركة والندوات والمؤتمرات والسماح للمؤسسة الوطنية الليبية للنفط ومؤسسة النفط التركية بإبرام عقود الاستكشاف والتنقيب المشتركة، وتصدير وبيع النفط والغاز بما لا يتعارض مع الإجراءات المعمول بها في المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا. 

كما أن المذكرة تشجع على عقد الشراكات بين القطاعين العام والخاص في كلا البلدين، وإنشاء شركات مشتركة ليبية تركية.

ما سياقات توقيع مذكرة التفاهم بين حكومتي ليبيا وتركيا بشأن التنقيب عن النفط والغاز شرق المتوسط؟

هذه المذكرة للطاقة الهيدروكربونية تم إبرامها خلال زيارة الوفد التركي رفيع المستوى إلى طرابلس، بعد جلسات تباحث للأفكار حول حزمة من المواضيع الأخرى والقضايا في أبريل/نيسان 2022، والتي تم ترجمتها إلى مذكرات من أجل تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الطاقة.

فضلا عن المساهمة في زيادة الإنتاج من الغاز العالمي حيث تتم هذه التفاهمات والاتفاقات وفق القانون الدولي وما تتمتع به الدول من استقلالية، وكذلك من سيادة على أراضيها ومن إمكانية استثمار الموارد الطبيعية لصالح شعوبهم ودولهم.

ما الفائدة التي ستجنيها ليبيا من هذه الاتفاقية؟

لا شك أن الفوائد متبادلة، وهي تنشيط الاتفاقية التجارية المبرمة مسبقا بين ليبيا وتركيا عام 2019، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وأخد خطوات إضافية تجاه استغلال الفرص الاستثمارية الكبيرة الموجودة في المياه الاقتصادية لطرابلس وأنقرة.

فضلا عما قد يعكسه ذلك من عوائد تدعم اقتصاد البلدين، وتساهم في رفع الإنتاج العالمي للطاقة، وخلق المزيد من فرص العمل في كلا الجانبين.

هل هناك اتفاقات أخرى وقعت خلال زيارة الوفد التركي لطرابلس؟ 

نعم، تم إبرام مذكرات تفاهم في مجال الاتصالات والإعلام والبروتوكول الدبلوماسي.

شأن داخلي

البعض يقول إن تركيا استدعت الدبيبة لتوقيع مذكرة التفاهم للرد على تصعيد اليونان في شرق المتوسط؟

جميع الدول تنظر إلى مصالحها ومكتسباتها، ومسألة الحدود البحرية تنظم من خلال القانون الدولي واتفاقيات معروفة، وليبيا وتركيا من حقهما أن يبرما أي اتفاق يحترم القانون الدولي ويصب في مصلحة البلدين.

وليبيا أيضا لها نقاط خلاف مع اليونان في هذه الحدود البحرية، ولكن هناك الطرق القانونية واللجوء إلى القضاء الدولي في مثل هذه الأمور والتي لا نتوقع أن تتصعد إلى أكثر من ذلك.

ما طبيعة الدور التركي في ليبيا؟

تركيا دولة صديقة وتربطها علاقات وطيدة بليبيا، منذ ما قبل الثورة وبعدها، وهناك تبادل تجاري وتعاون اقتصادي كبير بين البلدين، وهي من الدول الصديقة والحليفة.

هل من حق حكومة الدبيبة توقيع معاهدات رسمية مع أي دولة بعد انتهاء ولايتها؟

ما تم إبرامه هو مذكرة تفاهم تأتي في إطار الاتفاقية الموقعة بين البلدين عام 2019، والحكومة لم تبرم أية اتفاقات جديدة، ولكن هذه مذكرة تفصيلية لأعمال تنسيقية تعنى بها الحكومة، وهو شأن تنفيذي وحكومي بحت.

وبما أن حكومة الوحدة الوطنية هي الحكومة الشرعية والمعترف بها دوليا وكذلك محليا، وهي الحكومة التي تقدم الخدمات لكافة المواطنين على مستوى التراب الليبي، وكذلك تتعامل مع كافة البلديات والهيئات إداريا وعلى مختلف المستويات، فهذا يعني أنها الحكومة الفعلية والمعترف بها دوليا.

وعليه فمن الطبيعي أن تقوم بإبرام مذكرة تفاهم، شأنها شأن اتفاقات أخرى أبرمتها مع دول أخرى ومن بينها مصر وتركيا وغيرهما دول عديدة.

في رأيك هذه الضجة التي أثيرت حول الاتفاقية ما مبررها.. وكيف ترى الرفض المصري واليوناني؟

لا نجد أي مبرر لردود الفعل الرافضة لمذكرة التفاهم، خاصة وأنها أبرمت بين بلدين يتمتعان بالاستقلالية والسيادة ويبحثان عن مصالح شعبيهما وفق ما يتماشى مع القانون الدولي كما تفعل تلك الدول المعترضة تماما.

كما أن ليبيا دولة مستقلة وذات سيادة، ومن حقنا أن نقوم بتوقيع أية اتفاقية نرى أنها تصب في مصلحة الشعب والدولة.

وإن كان هناك أي رفض لهذا الاتفاق أو شعور بأن هذه الاتفاقية تضر بمصالح دول أخرى، فهناك محكمة العدل ومسارات للتقاضي يمكن اللجوء إليها.

ولكن التدخل في شأننا الداخلي هذا أمر مرفوض، وكما أن ليبيا تحترم جيرانها والدول الصديقة والشقيقة ولا تتدخل في شأنها الداخلي نتوقع منهم كذلك عدم التدخل في شؤوننا. 

مناكفة سياسية

ماذا عن الرفض الداخلي من قبل عقيلة صالح وفتحي باشاغا؟

لا شك أن الوضع السياسي في ليبيا ليس مثاليا، وتوجد انقسامات وخلاف سياسي ينعكس على المصالح الوطنية التي تسعى الحكومة لتحقيقها من أجل مصلحة الشعب، ونقرأ هذا الرفض من منظور المناكفة السياسية.

ولكن هذا الرفض الداخلي لم يتطرق لفحوى ومضمون الاتفاقية التي هي بكل تأكيد تصب في مصلحة الشعب، وعليه، فحكومة الوحدة الوطنية تفعل كل ما في وسعها من أجل ضمان حقوق الشعب.

ونطالب في الوقت نفسه البرلمان بأن يكرس جهوده في حل الأزمة الحقيقية التي تعرقل الانتخابات، وهي إنجاز القاعدة الدستورية التي تتوافق مع مجلس الدولة حتى يتمكن الشعب من التعبير عن رأيه وانتخاب من يمثله، وينهي المراحل الانتقالية ويصل إلى مرحلة الاستقرار والتقدم.

ماذا عن إجراء الانتخابات؟

الانتخابات هي عملية مشتركة تتطلب تكاتف جهود كافة المؤسسات التشريعية والأمنية، وكذلك المفوضية العليا للانتخابات، والحكومة قامت بتوفير الجزء المتعلق بالموارد المالية وكذلك تدريب قوات شرطية لتأمين صناديق الاقتراع.

لكن مسألة الانتخابات لا زالت متعطلة بسبب القصور التشريعي وعدم توافق مجلسي الدولة والنواب على القاعدة الدستورية.

رئيس الحكومة وجه بضرورة فتح أبواب التسجيل والاستعداد حتى تكون الأرضية ممهدة في حال توافق مجلسي الدولة والنواب.

وكذلك دعا الدبيبة إلى ضرورة وجود بدائل، وعدم الارتهان كليا لمجلسي الدولة والنواب، لأن هذا يتعارض مع وجودهم في السلطة.

النجاح في إجراء الانتخابات تحد يواجه حكومة الدبيبة.. ما العقبات؟

الحكومة التزمت بكل ما هو في صلاحياتها ومسؤولياتها تجاه الانتخابات، بل ذهبت أبعد من ذلك، فشكل رئيس الحكومة لجنة مستقلة لإعداد مسودة قانون انتخابات وإجراء مشاورات وطنية بخصوصه، كما وجه دعوة لرئيس المفوضية ليقوم بفتح السجل الانتخابي والسماح للناخبين الجدد بتسجيل أسمائهم في اللوائح الانتخابية.

ولكن للأسف تبقى العقبة الأساسية التي أعاقت إجراء الانتخابات في موعدها السابق ولا زالت قائمة منذ انتهاء ولاية مجلس النواب في 2018 واستمرت حتى يومنا هذا، وهي العقبة القانونية بانعدام وجود توافق حول القاعدة الدستورية التي يمكن إجراء انتخابات على أساسها.

إلى أين وصل مجلسا النواب والأعلى للدولة بشأن القاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات؟

لا يوجد أي تقدم حقيقي بعد، ولا نتوقع ذلك، وتوصلهم إلى القاعدة الدستورية يعني إمكانية حدوث الانتخابات التي ستنهي هذه الأجسام وتفقدهم السلطة.

الانقلابات ولت

كيف ترى محاولات باشاغا المتكررة والفاشلة لاقتحام العاصمة؟

محاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة مرفوض وثبت فشله مرارا وتكرارا، وعهد الانقلابات العسكرية في ليبيا قد ولى.

وتبقى الاقتحامات هي محاولة يائسة لفرض أمر واقع بعد أن أيقن باشاغا بأنه لا يملك الدعم الشعبي والدولي للحكم. 

هل تتوقعون محاولات اقتحام باشاغا للعاصمة مجددا؟

عهد الخلافات قد ولى، وكل من سولت له نفسه أخذ السلطة بالقوة والانقلاب على العاصمة وزعزعة أمنها باءت محاولاتهم بالفشل مرارا وتكرارا، والحكومة تعمل بكل وسعها من أجل الحفاظ على الممتلكات وحماية أمن العاصمة.

كيف هي سيطرة حكومة الدبيبة على الأوضاع في طرابلس حاليا؟

الأوضاع مستقرة في العاصمة والحياة تمر بشكل طبيعي.

في ظل انشغال روسيا في حربها مع أوكرانيا والغرب.. هل يساعد ذلك في تخلص ليبيا من مرتزقة "الفاغنر" الروسية؟

لا بد من موقف دولي وإقليمي موحد للتعجيل بخروج المرتزقة من بلادنا، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على ليبيا لا زالت غير واضحة بهذا الشأن.

ما طبيعة علاقاتكم بالقاهرة التي تعد حكومة الدبيبة منتهية ولا يحق لها إبرام اتفاقات؟

ليبيا علاقتها مع دول الجوار مبنية على احترام متبادل وعلاقة تعاون وشراكة، ولا يمنع ذلك من أن تكون هناك خلافات في بعض القضايا وهذا يحدث وهو ليس بجديد وأمر طبيعي.

ونؤكد على أن التمثيل السياسي موجود بين البلدين، والمصالح الليبية المصرية هي مصالح كبيرة وعميقة ومتجذرة، وهناك خلافات سياسية في الداخل الليبي قد تؤثر وتشجع على استقطاب ما، أو خلق مواقف سياسية غير ملتزمة بالقدر الكافي، ولكن هذا شأن لا يرتقي إلى حجم العلاقات بين البلدين.

ما دور دول الجوار، مصر والجزائر وتونس في دعم استقرار ليبيا؟

أمن ليبيا من أمن دول الجوار والعكس صحيح، واستقرار بلداننا يساعد على تكاملنا الاقتصادي وازدهار شعوبنا.

ودول جوار ليبيا لها دور مهم تلعبه في الوقوف إلى جانب ليبيا في محنتها السياسية، من خلال التزام حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتشجيع المصالحة الوطنية ودعم الموقف الليبي والعربي المشترك في قضايانا الإقليمية والعالمية.

هل تعتقد أن التقارب التركي المصري يمكن أن ينعكس إيجابا على الأزمة الليبية؟

حوض البحر المتوسط يجب أن يكون "واحة سلام"، وأن تجتمع فيه كافة المصالح وتتعاون فيه الدول المتجاورة، وأي تقارب بين تركيا ومصر هو بكل تأكيد إيجابي لنا جميعا.

هل يمكن القول إن إغلاق الحقول النفطية انتهى في ليبيا؟

اليوم وفي ظل حكومة الوحدة الوطنية يعود إنتاج النفط لأكثر من 1.2 مليون برميل يوميا ولأول مرة منذ عام 2011، ونأمل بأن لا تتكرر جرائم إقفال النفط مجددا؛ لما لها من أضرار جسيمة على حق الشعب ومصدر رزقه الوحيد.

هل لقاء رئيس مجلس النواب والأعلى للدولة في تركيا يمكن أنقرة من التوسط بين الشرق والغرب الليبي؟

أي جهود وساطة هو أمر إيجابي ونرحب به، ويكون من شأنها جعل مجلسي النواب والدولة يتجاوزا الخلافات فيما بينهما حتى يصلا إلى قاعدة دستورية وقوانين تحظى بقبول جميع الليبيين حتى تجرى الانتخابات على ضوئها.