اشتباكات شبوة قمة جبل الجليد.. ماذا تعرف عن مؤامرة أبوظبي لتقسيم اليمن؟

عدن - الاستقلال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

في سياق إزاحة ما تبقى من عقبات أمام مشاريع التقسيم والنفوذ في المحافظات الجنوبية والشرقية باليمن، وفي مسعى للسيطرة على حقول النفط والغاز، اتخذ محافظ شبوة الموالي للإمارات عوض بن وزير العولقي خطوات متقدمة.

ففي 24 يوليو/تموز 2022، قرر العولقي إيقاف قائد قوات الأمن الخاصة العميد عبد ربه لعكب، وقائد اللواء الثاني "دفاع شبوة" وجدي باعوم عن العمل، على خلفية الاشتباكات المسلحة بين القوتين.

وبحسب مكتب الإعلام بالمحافظة، باشر العميد أحمد ناصر الأحول نائب مدير عام شرطة شبوة، في 26 يوليو، مهامه الرسمية قائدا للقوات الخاصة بكامل الصلاحيات القانونية. 

وشهدت مدينة عتق مركز محافظة شبوة جنوبي اليمن خلال الفترة الأخيرة مناوشات بين قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية اليمنية وقوات "دفاع شبوة" التي كانت تعرف سابقا باسم "النخبة الشبوانية".

وهذه الأخيرة أسست بدعم وتمويل إماراتي وتتبع المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يتبنى مشروع انفصال جنوب اليمن، وذلك بسبب اختلاف العقيدة العسكرية للقوتين.

وجرت الاشتباكات في مدينة عتق عاصمة المحافظة في 19 يوليو، بعد محاولة عناصر مسلحة مدعومة إماراتيا، اغتيال عبد ربه لكعب، في خطوة عدها مراقبون تلبية لمطالب أبوظبي.

وتسعى القوات المدعومة من الإمارات، إلى بسط سيطرتها على المحافظة ذات الموقع الإستراتيجي والاقتصادي المهم على البحر العربي بمساحة تزيد عن 48 ألف كيلومتر مربع والتي توجد فيها 15 قطاعا نفطيا.

وفي 25 يوليو 2022، أكد المحافظ استمرار التحقيق في الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل شخصين من مرافقي قائد قوات الأمن الخاصة السابق وإصابة 4 آخرين بينهم اثنان من المهاجمين.

بُعد آخر

وعن هذه الحادثة قال الكاتب اليمني المنحدر من محافظة شبوة، محسن معيض، إن "قرار توقيف قائد القوات الخاصة، وقائد قوات الدفاع، جاء ليضع في ظاهره حدا لمناوشات أفراد القوتين أخيرا لكن باطن هذا القرار يحمل بعدا آخر".

وأضاف معيض لـ"الاستقلال"، أن "المحافظ كغيره من مسؤولي بلدنا مجرد مراسل واجب لمتطلبات دولة أخرى، وحلقة ربط لمهام مخططاتها في أرضنا".

وتابع أن "لعكب وقواته وانتماءه كانوا يشكلون عقبة في طريق تحقيق أطماعها (الإمارات) وتمام سيطرتها على كل مقدرات المحافظة البشرية والسياسية والجغرافية".

ومضى معيض قائلا: "ومن هنا سار مخطط التصادم من قبل قوات دفاع شبوة، التابعة لقيادة الوجود الإماراتي في بلحاف، ضد القوات الخاصة ليظهرها كمصدر خطر على حياة الناس وأمن المحافظة، وكقوة خارجة عن نطاق السلطة المحلية".

وزاد: "بهذا يحقق الهدف المنشود والمتمثل في أحد أمرين، حل هذه القوة وتسريح قادتها وأفرادها، والأمر الثاني تحييدها تماما وإبطال فاعليتها".

وأردف الكاتب بالقول: "وما لم يحدث ذلك فإن الأمر القادم سيكون الزج بقوات العمالقة رديفا لقوات دفاع شبوة ضد القوات الخاصة واللواء 21 ميكا".

وهما القوتان اللتان هزمتا قوات النخبة دفاع شبوة حاليا وطردتها سابقا من عاصمة المحافظة عتق.

وشكلت قوات العمالقة من الشباب السلفيين الذين قاتلوا الحوثيين في عدن منتصف 2015، بدعم إماراتي حتى سيطرتهم على مدينة المخا، غربي البلاد، مطلع 2017.

ويتبع اللواء 21 مشاة ميكا، المنطقة العسكرية الثالثة، ضمن هيكل وزارة الدفاع اليمنية ويتمركز في مدينة عتق مركز محافظة شبوة.

وختم معيض بالقول، "أكثر ما يخشاه المواطنون ويتوجسون منه شرا مستطيرا هو أن تصبح محافظتهم نسخة أخرى من محافظة عدن فيما تشهده من قهر وتدمير وقتل وتفجير".

فالقائد الآمر الفعلي في بريقة عدن هو امتداد للقائد في بلحاف شبوة، وأدوات التنفيذ هي نسخة طبق الأصل من معاول الهدم والنحر هناك، كما قال.

مشروع تقسيم

من جانبه رأى رئيس مركز أبعاد للدراسات، عبدالسلام محمد أن قرارات الإقالة والتوقيف في شبوة وحضرموت، بدون العودة إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي، "رشاد العليمي" وأعضائه تفتح بابا للخلافات. 

وأضاف في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك"، "أن هذه الخلافات ستكون مقدمة لصراعات جديدة يستفيد منها الحوثيون، الذين يهددون مأرب وتعز كما شبوة وحضرموت".

خلال الفترة الأخيرة، شارك "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا في السلطة وحصل على مكاسب سياسية كبيرة، ورغم ذلك ما زال مستمرا في مشروعه الانفصالي على مختلف المستويات.

ويعرقل المجلس تنفيذ الشق العسكري والأمني من "اتفاق الرياض"، الذي ينص على حل الوضع العسكري في عدن والمناطق الأخرى التي شهدت مواجهات بين الطرفين.

وذلك بعد تشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب يشارك فيها المجلس الانتقالي، بموجب الاتفاق الذي وقع في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، برعاية سعودية ودعم أممي، بهدف حل الخلافات بين الطرفين.

ورغم تشكيل حكومة مناصفة مع المجلس الانتقالي في 18 ديسمبر/كانون الأول 2020، وإعلان مجلس القيادة الرئاسي، في 30 مايو/أيار 2022، تشكيل لجنة أمنية وعسكرية لإعادة دمج وهيكلة القوات المسلحة، لم يُحرز أي تقدم ملحوظ في مسألة تنفيذ الشق العسكري من الاتفاق.

وخصوصا دمج قوات الجيش والأمن التابعة للحكومة والمجلس الانتقالي، تحت قيادة وزارتي الداخلية والدفاع.

واعتبر عبدالله العكيمي أبرز مشايخ محافظة الجوف، أن "محاولة اغتيال العميد عبدربه لكعب في شبوة عمل إجرامي مدبر الهدف منه التخلص من القيادات الوطنية الرافضة لملشنة اليمن (نشر المليشيات فيه) وتقسيمه".

وحمل العكيمي، محافظ شبوة وقائد ما يسمى بقوات الدفاع فيها التابعة للإمارات مسؤولية هذا العمل الإجرامي وطالب المجلس الرئاسي بإقالة المحافظ.

انتقام متواصل

وتعاقب الإمارات كل من يقف أمام مشروعها في اليمن، وسبق لها الضغط على الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، لإقالة محافظ شبوة محمد صالح بن عديو.

وهو ما دفعه إلى مغادرة شبوة منتصف ديسمبر/كانون الأول 2021 إلى الأردن بعد تداول أخبار عن قرب إقالته.

بعدها بأيام أصدر هادي قرارا بتعيين الرجل الموالي لأبو ظبي والمقيم في الإمارات، عوض العولقي، خلفا له، وتعيين ابن عديو مستشارا للرئاسة وهو القرار الذي اعتذر الأخير عن عدم قبوله.

وفي 20 فبراير/شباط 2022، اغتيل شقيقه سعيد بن عديو بالرصاص، ووجهت أصابع الاتهام إلى أدوات أبو ظبي في اليمن.

خلال فترة توليه لمنصب محافظة شبوة، حقق ابن عديو نهضة تنموية كبيرة واستثنائية في المحافظة وحظي بدعم واسع من قبل أبناء المحافظة.

وهو ما رأته الإمارات حاجزا أمام استكمال مخططها في جنوب اليمن، خاصة دعم مليشيات ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي" المطالب بالانفصال.

وتحديدا بعد مطالبة ابن عديو بخروج القوات الإماراتية من منشأة بلحاف الغازية وتسليمها للسلطة المحلية؛ من أجل استئناف تصدير الغاز المتوقف منذ عام 2015.

وهذا التوقف تسبب بخسائر كبيرة للاقتصاد اليمني، بما في ذلك تراجع قيمة العملة المحلية إلى مستويات قياسية، إذ كان المشروع يوفر إيرادات تفوق أربع مليارات دولار سنويا.

وتسعى القوات الموالية للإمارات من خلال تصعيدها الأخير إلى الاستفراد بالمحافظة لتنفيذ مشاريع أبو ظبي، بما في ذلك ضمان استمرار سيطرة القوات الإماراتية على منشأة بلحاف.

وهذه المنشأة تعد ثاني أضخم مشروع غازي في الشرق الأوسط يصدر الغاز المسال عبر الأنبوب الرئيس الممتد من محافظة مأرب حتى ساحل بحر العرب.

ويشهد اليمن هدنة إنسانية هشة بعد حرب طاحنة، اندلعت في سبتمبر/أيلول 2014، بسبب سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على الدولة وتدخل التحالف بقيادة السعودية.

وهو ما أطلق العنان لمشاريع فوضوية أطاحت بمفهوم الدولة، وأدت لإعادة اليمن عقودا إلى الوراء وتسببت بأزمة إنسانية حادة وأوضاع معيشية كارثية.