منع ترويج الشذوذ.. لماذا ينتقده الغرب بمونديال قطر 2022 وتجاهله في روسيا؟

12

طباعة

مشاركة

مع استعدادها لاستضافة أول كأس عالم لكرة القدم يقام في دولة عربية وإسلامية، تسعى قطر إلى حماية تراثها الديني والاجتماعي من حملات مجتمع الميم أو الشذوذ الجنسي، الذي يروج له على قدم وساق داخل أروقة اللعبة الأكثر شعبية وانتشارا.

ويتجهز استاد لوسيل في العاصمة القطرية الدوحة للمباراة الافتتاحية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، لأغلى كأس عالم في التاريخ بتكلفة قدرت بـ 220 مليار دولار أميركي.

وعملت قطر منذ اللحظات  الأولى على صبغ البطولة بالهوية العربية من استخدام "الشالات" داخل شعار البطولة، وكذلك طباعة العلامة النصية للشعار "الكشيدة"، وهي ممارسة إطالة أجزاء معينة من الحروف في النص العربي.

وأيضا جعلت تميمة البطولة "لعيب" وهي عبارة عن مجسم لشخصية بزي عربي، يتكون من شماغ أبيض مرتديا العقال الخليجي.

لكن على الجانب الآخر تتعرض قطر لضغوطات من الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" ومنظمات داعمة للشواذ حتى تسهل من وجود وقبول قطاعات كبيرة منهم قد يتوافدون للحضور والمشاركة في كأس العالم.

فكيف ستتعامل قطر مع تلك الوضعية الحرجة قيادة وشعبا؟ وإلى أي مدى يلتزم المتوافدون بالثقافة المحافظة لدولة قطر؟ وكيف ستتخطى الدوحة ذلك التحدي الصعب؟ 

وصايا الأمير 

مع دخول قطر إلى المرحلة الأخيرة والختامية استعدادا لاستقبال كأس العالم، أعلن أميرها تميم بن حمد آل ثاني في 20 مايو/أيار 2022، ترحيب بلاده بالزوار من مختلف أقطار الدنيا، وأن بلاده لن تمنع أحدا من الحضور لمشاهدة كأس العالم، والتمتع باستضافة كريمة في الدوحة.

لكنه طالب "جميع القادمين باحترام ثقافة الشعب القطري وتقاليده"، وذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شلوتس: "نتوقع من الجميع احترام تقاليدنا".

وتعرضت قطر خلال الشهور السابقة لانتقادات كبيرة من منظمات مجتمع مدني أوروبية، ولاعبين متضامنين مع الشذوذ الجنسي، بسبب قوانين الدوحة المتعلقة برفضه إضافة إلى قضية المشروبات الكحولية في مناطق المشجعين.

ومن أبرز الذين هاجموا قطر اللاعب الألماني توني كروس والمدرب الهولندي لويس فان خال والمدرب الإنجليزي غاريث ساوثغيت.

وسبق أن أعلن اللاعب الأسترالي جوش كافالو الذي يعد شاذا جنسيا خشيته على سلامته خلال مشاركته في المونديال القطري. 

وهو ما دعا الرئيس التنفيذي لمونديال 2022، ناصر الخاطر للتصريح قائلا: "قطر دولة مضيافة، لكن لدينا عاداتنا وتقاليدنا".

وأردف: "كما تحترم الدوحة عادات وتقاليد الضيوف من الدول المختلفة أيضا نحن نعتقد أن من واجب الضيوف أثناء كأس العالم احترام عاداتنا وتقاليدنا في المنطقة". 

قوانين واضحة 

كون قطر إحدى الدول الإسلامية والعربية المحافظة، وتستقي الدولة قوانينها من الشريعة الإسلامية، فإن الحكومة لا تعترف بالزواج من نفس الجنس أو بالشراكات المدنية.

كما لا تسمح للناس في قطر بتنفيذ حملات من أجل المطالبة والدعاية للشذوذ الجنسي بكافة أنواعه وأشكاله.

وتنص المادة 296 من قانون العقوبات الحالي (القانون 11/2004) الذي صدر عام 2004، بالسجن لمدة تتراوح ما بين سنة إلى 3 سنوات بتهمة الشذوذ الجنسية بين الرجال.

وشهد عام 1995، قضية أثارت الرأي العام حينها عندما حكم على مواطن أميركي كان في زيارة إلى قطر بالسجن لمدة 6 أشهر وجلده 420 جلدة بعد اتهامه بممارسة شذوذ مع شخص من نفس الجنس.

وفي عام 1990 أبلغت الوزارة الخارجية القطرية، الحكومة الفلبينية بأنه يمنع منعا باتا دخول عمال مثليين إلى قطر بقصد العمل فيها.

بعدها شنت السلطات القطرية حملة اعتقالات ضد الشواذ جنسيا، ورحلت العديد منهم إلى الخارج ومنعتهم من دخول البلاد.

وظل الوضع على ماهو عليه، حتى فازت قطر بحق تنظيم كأس العالم، خلال القرعة التي أجريت في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2010، متفوقة على الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان وأستراليا.

وأصبحت الدولة الأولى عربيا وإسلاميا التي حظيت بتلك المهمة، لكنها اصطدمت بمتغيرات ثقافية لم تكن في الحسبان. 

معركة الشذوذ 

ففي 13 مايو/أيار 2022 وجه "فيفا"، تحذيرا شديد اللهجة إلى قطر بأنه سيلغي عقود كأس العالم مع أي فندق أو أي مزود للخدمات يظهر تمييزا ضد الشواذ. 

وأعلن رئيس الفيفا جياني إنفانتينو بأن  الكل سيرى أن الجميع مرحب به هنا في قطر بما فيهم مجتمع الميم (الشواذ جنسيا). 

وكان رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب اللواء القطري، عبد الفتاح عبد الله الأنصاري، قد صرح في 22 ديسمبر/ كانون الأول 2021،  "أنه ستصادر أعلام مجتمع الميم من الجماهير الموجودة في قطر لأسباب أمنية".

وقال "إذا لم أقم أنا بذلك قد يتعرض هذا الشخص لاعتداء. وأنا لا يمكنني ضمان تصرفات كل الناس". ووقتها اعترض انفانتينو أيضا وقال بأن رفع هذه الأعلام في الملاعب القطرية سيكون مسموحا. 

وأضاف "المسؤولون القطريون سيحترمون توجهات الاتحاد الدولي لكرة القدم". 

ويدعم عدد من لاعبي كرة القدم العرب والمسلمين، قطر في موقفها الرافض للشذوذ، وأعلنوا غضبهم من تصرفات الاتحاد الدولي لكرة القدم.

وعلى رأسهم نجم كرة القدم المصري محمد أبوتريكة، الذي تحدث في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، خلال لقاء له على قنوات "بي إن سبورت" القطرية الرياضية، مستخدما نصا قرآنيا: "فخسفنا به وبداره الأرض (سورة القصص)". 

وشدد أن ظاهرة الشذوذ الجنسي لا تناسب عقيدتنا وديننا، وهي أكبر عقوبة حدثت في التاريخ وذكرها القرآن، تلك الخاصة بقوم "لوط". 

وطالب النجم المصري جميع اللاعبين العرب والمسلمين بالتصدي للحملة الداعمة للشذوذ قبل انطلاق المونديال. 

مفارقات مهمة

الناقد الرياضي محمد عباسي أكد أن "قطر تواجه تحديات خاصة في مسألة حملات الترويج للشذوذ الجنسي في كأس العالم الموجود على أراضيها، وهي الدولة الإسلامية الخليجية المحافظة".

وفي حديث لـ"الاستقلال" توقع عباسي أن تعمل منظمات على نشر البروباغندا الداعمة لمجتمع الميم في العالم العربي.

وأضاف: "قطر تتعرض لحملات مجموعات ضغط عالمية من الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الغربية تحديدا هولندا لقبول وإعلان تسامحها وتوافقها مع الشذوذ الجنسي، وكأن هذا ثمن تنظيم كأس العالم".

وبين أن تلك الدول تظهر أن المونديال بأحداثه وتفاصيله خاص بالشواذ، في سياق غير مسبوق لأي بطولة أقيمت من قبل.

وأوضح أنه "من المفارقات أن روسيا لم تتعرض للحملة التي تواجهها قطر، عندما نظمت كأس العالم 2018".

وتابع: "رغم موقف روسيا الرافض للمثلية ووجود عقوبات رادعة فيها ضد الشواذ والمروجين له سواء عن طريق الدعاية أو الفعل، فلم تجر مساومتها هكذا".

وشدد الناقد الرياضي: أن "محاولات فرض قيم بعينها على مجتمعات جزء من خطة العولمة القديمة، ولا يجب أن تكون كرة القدم والرياضة مبررا لقبول الانحرافات السلوكية والدينية.

وأردف: "تخيل لو جرى هذا الأمر من 10 سنوات فقط، كيف سيكون التعامل معه، وهو ما يجعل نظرتنا للمستقبل مخيفة، ويجب أن نأخذ جميع احتياطاتنا لحماية هويتنا ومعتقداتنا الدينية والثقافية".