أعلنت تسجيل مليون طالب.. ما أهداف الحوثي من المخيمات الصيفية؟

عصام الأحمدي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تواصل مليشيا الحوثي الموالية لإيران خطواتها المتسارعة لتغيير عقيدة المجتمع اليمني السني وتشييعه، عبر عدة إجراءات، أحدثها حملات حشد الأطفال في مراكزها الصيفية، في جميع المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرتها.

وأعلنت المليشيا في 12 مايو/ أيار 2022، حشد مليون طفل هذا العام للمراكز الصيفية التي تقيمها كل عام في المدارس والمساجد والساحات العامة.

وبحسب أولياء أمور وتربويين، فإن هذه المراكز أقرب إلى المعسكرات، فالأطفال لا يغادرونها لفترات طويلة، ويتضمن برنامجها تدريبا عسكريا، وتعبئة مذهبية وطائفية ترى اليمنيين هدفا مشروعا للقتل، لعدم تسليمهم بما يسمى ولاية آل البيت. 

وفي المحصلة يتخرج من تلك المراكز أطفال يؤدون الصرخة، وآخرون يتغنون بكلمات عابرة للهوية اليمنية، ضمن طقوس وخطوات ممنهجة لغسل أدمغتهم واستخدامهم في المعارك.

وهو الأمر الذي يتجلى في استمرار تدفق الخزان البشري لجبهات القتال طوال سنوات الحرب، وتؤكده الصور التي ينشرها الحوثيون لقتلاهم، بالإضافة إلى ما تكشف عنه الحكومة اليمنية باستمرار حول عدد كبير من الأطفال جرى أسرهم.

وكشف تقرير الأمم المتحدة حول تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة الصادر في مايو 2021، أن المراكز الصيفية والدورات التعبوية التي تستهدفهم هم والبالغين تشكل جزءا من إستراتيجية الحوثيين، الرامية إلى كسب الدعم لأيديولوجياتها، ونشر أفكارهم لدى صغار السن، وتشجيعهم على القتال، وتوفير التدريب العسكري الأساسي لهم. 

تعبئة خاطئة

وتعد المراكز الصيفية أولى حلقات سلسلة إنتاج المقاتلين الأطفال، حيث يتعرضون فيها لتعبئة دينية طائفية ممتلئة بالكراهية والتحريض، ومفاهيم تتناقض مع الثقافة الوطنية والمبادئ الإنسانية، وفق مراقبين للشأن اليمني.

وحولت المليشيا المراكز الصيفية من فعاليات رياضية وثقافية وترفيهية هدفها استغلال أوقات الفراغ خلال الصيف، إلى فرصة لاستقطاب مقاتلين جدد، وساحة تبث فيها سموم الطائفية في عقول الأطفال.

وحول هذا الموضوع، قال وزير التربية والتعليم في الحكومة اليمنية، طارق العكبري، إن "المراكز الصيفية التي تقيمها جماعة الحوثي الانقلابية هي مراكز طائفية تستخدم للشحن والحشد الطائفي والتحشيد للقتال والحرب".

وأضاف لـ"الاستقلال": "آثارها المستقبلية كارثية إذا استمرت بالشكل الطائفي الذي يخدم جماعة انقلابية وخطر هذا على مستقبل الاجيال القادمة في القدرة على صعوبة التعايش مع مكونات وشرائح المجتمع".

وأشار الوزير اليمني بالقول: "نحن حاليا نعمل وندرس إقامة المخيمات الصيفية التي تتبناها الدولة وفق تصورات وطنية جامعة بعيدة عن المخيمات الطائفية التي تقيمها جماعة الحوثي".

ورغم مطالبات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بوقف تجنيد الأطفال، فإن المليشيات الحوثية تتطلع إلى أن تصبح مثل هذه المراكز رافدا أساسيا لجبهاتها القتالية بآلاف المقاتلين الجدد لتعويض النزيف في صفوفها بعدما فقدت الكثير من مسلحيها في المعارك المستمرة منذ أكثر من 7سنوات.

ويعد تجنيد الأطفال أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان إثارة للقلق التي جرى توثيقها خلال الحرب المستمرة منذ 2015، بين الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف بقيادة السعودية والحوثيين المدعومين من إيران.

في تقريرهم السنوي حول النزاع المسلح، الذي نشر في مايو 2020، أحصى باحثو الأمم المتحدة 211 حالة لأطفال جرى تجنيدهم للقتال باليمن في العام المذكور. من بين هؤلاء، كان 134 من الفتيان و29 من الفتيات.

ودافع الحوثيون عن أنفسهم ضد تقرير الأمم المتحدة بالقول إنه أعده أعداؤهم، الولايات المتحدة ودول الخليج.

صبغة طائفية

وفي عام 2021، جرى تسجيل آلاف الأطفال في 52 معسكرا صيفيا للتجنيد الحوثي، وأقيمت احتفالات التخرج في مناطق يمنية مكتظة بالسكان للتعرف على مهاراتهم في منتصف أغسطس/آب من العام نفسه، لتختتم الجلسات التي استمرت 45 يوما.

أبرز تلك الاحتفالات بالعاصمة صنعاء، التي كان لها النصيب الأكبر من حيث عدد الأطفال الملتحقين بالمراكز الصيفية.

ويحرص الحوثيون على استخدام الشعارات المناهضة للإمبريالية وإسرائيل للتغطية على أهدافهم، واستقطاب المزيد من المقاتلين.

وشرع الحوثيون في كل المناطق التي سيطروا عليها، باحتلال المساجد وعدم تحييدها أو احترامها واحترام التعدد المذهبي في اليمن، وألصقوا ورسموا شعاراتهم في جدران المساجد.

ويؤكد مراقبون أن أهداف الحوثي طمس كل شيء له صلة بتعليم القرآن والسنة على الطريقة السنية، ومحو كل شيء له علاقة بذلك.

ويشيرون إلى أن الثقافة الحوثية شيعية بامتياز، فهم يقلدون الحركة الصفوية في إيران التي نشأت في القرن العاشر الهجري، فطمست كل شيء له علاقة بالسنة في حملة تطهير وتشييع منقطعة النظير.

ويصف الحوثيون هذه المراكز، بأنها مراكز تجنيد صيفية، للتعليم والتدريب والحصانة من "الثقافات الزائفة"، فيما تعدها العديد من المنظمات والناشطين العاملين في مجال حقوق الإنسان ممارسات طائفية للتعبئة العقائدية، ويصفونها بمراكز غسيل لدماغ الأطفال والشباب.

وكانت المليشيا قد عينت، القيادي "خالد المداني" المقرب من زعيمها عبد الملك الحوثي، رئيسا لما يسمي اللجنة التنفيذية للمراكز الصيفية، في العام 2019.

في فبراير/ شباط 2021، نشر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومنظمة سام للحقوق والحريات، تقريرا بعنوان "طفولة عسكرية"، أشارتا فيه إلى أن الحوثيين جندوا أكثر من 10 آلاف طفل منذ 2014، وحولوا المدارس والمؤسسات التعليمية إلى معسكرات تدريب عسكرية لتجنيد الأطفال للقتال معهم وغرس أيديولوجيتهم الحربية.

واعترف رئيس مجلس إدارة وكالة "سبأ" التابعة للمليشيا، نصر الدين عامر بأن الحوثيين تمكنوا من حشد قرابة المليون طالب وطالبة للالتحاق بالمراكز الصيفية هذا العام، برغم ما وصفها بالحملات الإجرامية ضدها. 

خطر مستقبلي

وبحسب ناشطين في حقوق الإنسان، تسعى المليشيات جاهدة وعبر مراكزها الصيفية لتعليم فئتي الأطفال صغار السن والشباب المراهقين العقائد المذهبية والطائفية المتطرفة كافة وتدريبهم على استخدام السلاح وجميع أنواع فنون القتال تمهيدا للزج بهم في جبهات الصراع.

وحذر مسؤولون حكوميون وأولياء أمور، من حملات استقطاب للأطفال تنفذها مليشيا الحوثي عبر هذه المراكز التي قد تحولهم إلى مشاريع موت مستقبلية ووقود لحرب يرمون إليها بالآلاف.

واتهم وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، الحوثيين بمحاولة تحويل الشباب إلى جنود مدفوعين أيديولوجيا، ونشر صور لقتلى جنود أطفال داخل معسكرات المليشيا.

وقال الإرياني في تغريدة على "تويتر"، "ندعو الآباء والشيوخ ورجال القبائل في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون إلى مقاطعة معسكرات تجنيد الأطفال والحفاظ عليهم والامتناع عن إرسالهم لتأجيج حربهم العبثية وتنفيذ أجندة إيرانية". 

وكان وزير الأوقاف والإرشاد اليمني محمد عيضة شبيبة، قد أكد، أن الوزارة تعمل على صناعة خطاب ديني وسطي معتدل، يتجاوز الخلافات القائمة، ويتوحد باتجاه عدو البلاد، مليشيا الحوثي وإيران.

وأضاف شبيبة في حوار سابق مع "الاستقلال"، "جرى تنفيذ العديد من البرامج التوعوية والدينية التي توضح حقيقة الفكر الحوثي الجارودي المنحرف، وتعمل على مواجهة تلك الخزعبلات التي تنطلي على البسطاء من عامة الناس، وعلى طلبة المدارس، لا سيما وأن المليشيا تتعمد صبغها بصبغة دينية وإن كانت زائفة".

ويقول محللون عسكريون يمنيون إن استمرار تجنيد الحوثيين للأطفال يظهر أنهم يستعدون لجولة جديدة من العمليات العسكرية، على الرغم من التزامهم المعلن بالهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة.

ويلاحق الفشل والتخبط التحالف السعودي الإماراتي منذ تدخله العسكري باليمن، في 25 مارس/آذار 2015 بعملية عاصفة الحزم، للوقوف أمام الحوثيين الذين أحكموا القبضة على صنعاء بقوة السلاح في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، وهو ما مكنهم من نشر أفكارهم في أوساط الأطفال والشباب.