وزير الأوقاف اليمني لـ”الاستقلال”: الحوثيون انتهكوا المساجد وهكذا نواجه أفكارهم

عصام الأحمدي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكد وزير الأوقاف والإرشاد اليمني محمد عيضة شبيبة، أن الوزارة تعمل على صناعة خطاب ديني وسطي معتدل، يتجاوز الخلافات القائمة، ويتوحد باتجاه عدو البلاد، مليشيا الحوثي وإيران.

وأضاف شبيبة في حوار مع "الاستقلال"، أن ما يمارسه الحوثي اليوم من عبث وهمجية في قطاع الأوقاف والإرشاد، جزء من طيشه وهمجيته في بقية قطاعات الدولة.

وشدد على أنه ما دام الحوثي على نفس خطابه الكهنوتي المتطرف فلا يسعنا إلا مواجهته حتى يتوقف، لأن مسؤوليتنا الفكرية لا تقل أهمية عن المسؤولية العسكرية، وأصل وجوهر الخلاف مع الحوثيين فكري ثقافي.

وعن الخلافات بشأن إصرار الحوثيين في مناطق سيطرتهم على تأخير الإفطار في رمضان، أوضح شبيبة أن هذه المسألة من رواسب الثقافة اليهودية القديمة التي تسربت إلى جماعة الحوثي.

وصعدت مليشيا الحوثي منذ مطلع رمضان من وتيرة انتهاكاتها بحق حرمة المساجد والصائمين ومقيمي صلاة التراويح والقيام، في مناطق سيطرتها، سعيا لفرض طقوس مذهبها الزيدي، رغم أن غالبية سكان اليمن يتبنون المذهب الشافعي السني.

وسياسيا، قال الوزير اليمني إن مجلس القيادة الرئاسي محطة جديدة في النضال ضد مليشيا الحوثي، والشعب يؤمل عليه كثيرا، بعد خلل كبير حصل في منظومة الشرعية خلال الفترة السابقة، وكل الخيارات مفتوحة أمامه، سلما أو حربا.

ومنذ أكثر من سبع سنوات يشهد اليمن حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري سعودي إماراتي، والحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات، بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.

وفي 7 أبريل/ نيسان 2022، نقل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، كافة صلاحياته إلى مجلس القيادة الرئاسي، وجعل في رئاسته مستشاره رشاد العليمي، وعضوية 7 يمثلون القوى الفعلية على الأرض، مهمته إدارة المرحلة الانتقالية.

ومحمد عيضة شبيبة (47 عاما)، حاصل على ماجستير علوم إدارية، وشغل عضوية "جمعية علماء اليمن"، و"الهيئة العليا لاتحاد الرشاد"، وعضو مؤتمر الحوار الوطني.

وإضافة إلى منصب "وزير الأوقاف والإرشاد" الذي يتولاه منذ 26 ديسمبر/ كانون الأول 2020، فشبيبة هو الأمين العام للمجلس الأعلى لأبناء محافظة صعدة "معقل الحوثيين".

تحديات الأوقاف

ما الجديد على صعيد عمل وزارة الأوقاف والإرشاد باليمن؟

نحن الآن في تحول سياسي كبير، ونحن جزء من الحكومة التي تمارس أعمالها بصورة طبيعية، أو شبه طبيعية على الأقل، بحكم الظروف والمتغيرات.

ونحن الآن في وزارة الأوقاف والإرشاد في موسم العمرة، وعلى مقربة من موسم الحج، وطاقم الوزارة يعملون بجهود متواصلة لتسهيل مهمة المعتمرين والحجاج. 

ميدانيا، أنشطتنا العملية قائمة وفق المتاح والممكن، في مختلف مناطق الشرعية. ونتطلع للمزيد خلال الفترة القادمة. 

ما التحديات الماثلة أمام الأوقاف في ظل سيطرة الحوثي؟

التحديات التي تواجهنا في محصلتها النهائية جزء من تحديات الحكومة، وإذا كان الخلل قد رافق الحكومات السابقة حين كانت الدولة مستقرة، فما بالك اليوم؟

غير أن هذا الوضع لا يجعلنا نقف مكتوفي الأيدي؛ بل يضعنا أمام مسؤولية أكبر وتحد أقوى.

 ثمة تحديات سياسية تتعلق ببنية الدولة نفسها، إذ هناك تحديات مالية تعيق النشاط الطبيعي للوزارة، إضافة إلى تراكمات إدارية غير سليمة من السابق، نعمل اليوم على تصحيحها.

ما الإنجازات التي قدمتموها حتى الآن على الصعيد الإداري والمؤسسي في الوزارة؟

يصعب على أي إنسان أن يتحدث عن نفسه، الإنجازات ميدانيا هي من تتحدث عن نفسها، وإن كنا لم نرض،  بطبيعة الحال، عن هذه الإنجازات، لأننا نتطلع لما هو أكبر.

لدينا خططنا الطموحة وإستراتيجيتنا المدروسة، والحقيقة أنه لا تنقصنا الكوادر البشرية ولا الكفاءات الإدارية أو القيادية في الوزارة، بقدر ما ينقصنا المال الذي يستوعب برامجنا وخططنا. 

نفذنا عددا من البرامج الإرشادية، وقمنا بالعديد من الزيارات الميدانية، على ما في هذه الزيارات من صعوبات، وأحيانا مخاطر.

وحرصنا على صناعة خطاب ديني وسطي معتدل، متجاوز للخلافات القائمة، وتوحيد الخطاب الديني باتجاه عدو البلاد الأوحد، مليشيا الحوثي وإيران. 

ما الآليات التي تنظم قطاع الحج والعمرة، خصوصا فيما يتعلق بآلية اعتماد الوكلاء والعدد في مناطق سيطرة المليشيا؟

قانون الوزارة ولائحتها التنفيذية نظمت هذه العملية، ونحرص على السير وفق نصوص القانون واللوائح المنظمة للعمل، وإن من خلل حاصل فهو جزء من الخلل العام في بنية الدولة نفسها، ولكننا نحرص على تنفيذ كل مهامنا وفقا للأنظمة النافذة. 

رأينا طوابير طويلة لحافلات المعتمرين على منفذ الوديعة مع السعودية.. ما أسباب ذلك؟ 

من الطبيعي أن يحصل بعض الازدحام في المنفذ أثناء موسم العمرة أو الحج، نظرا لخصوصية الموسم نفسه، كأي زحام آخر في أي موسم آخر. هذا أولا.

وثانيا لا تنس أن منفذ الوديعة هو الوحيد الذي يعبر منه اليمنيون قاطبة اليوم، وهو غير مؤهل من السابق لاستيعاب تلك الأعداد الكبيرة، بعد أن تم إغلاق منفذ الطوال الحدودي مع السعودية نتيجة للحرب.

ومع هذا فالوزارة من جهتها تبذل كل جهودها للتخفيف من أي زحام أو عرقلة تحصل، تيسيرا للمعتمرين والحجاج أداء مهمتهم. 

سلوك همجي

اقتحم الحوثيون قبل أيام مسجد الإيمان في صنعاء واعتدوا على المصلين، وكذلك في ريمة.. ما تعليقكم؟

يقال في المثل السائر، وكما ذكرت في السابق: "العيب من أهل العيب ليس بعيب". هذا دين الحوثي ودأبه، ولا غرابة في الواقع.

الغرابة ستكون إذا ما أقدم على بناء جامع، أو احترم المصلين، أو تعامل مع الناس بالحسنى، وكل ميسر لما خلق له، والحوثي طبيعته الإرهاب والتدمير والتنكيل. ومن شابه أباه فما ظلم.

فما يمارسه اليوم هو جزء مما مارسه أسلافه بالأمس، وهو جزء مما يمارسه أيضا على الصعد الأخرى: السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والأمنية، وعبثيته وهمجيته في قطاع الأوقاف والإرشاد جزء من طيشه وهمجيته في بقية قطاعات الدولة. 

والحقيقة أنه قبل اقتحام مسجدي صنعاء وريمة مؤخرا اقتحم الحوثيون وفجروا عشرات المساجد من قبل، كما عبثوا بعشرات، بل بمئات، المساجد في أماكن سيطرتهم.

إلى حد أنهم حولوا بعضها ثكنات عسكرية، وبعضها إلى مجالس لتناول القات وتدخين السجائر وتعاطي البردقان "الشمة"، دون مراعاة لحرمة المساجد. هذا ما يفعلونه منذ سبع سنوات.

سلوك همجي أرعن، لم يفعله اليهود أو النصارى مع كنائسهم في كل حروبهم التي جرت فيما بينهم، ظلت المقدسات الدينية محل احترام الجميع، عدا الحوثيين، فلا حرمة عندهم لشيء. 

ضغط الحوثيون من أجل تأخير أذان المغرب ومنع صلاة التراويح.. كيف تنظرون إلى هذه الخطوة؟

الأمر لا يتوقف عند مجرد التحري أو احترام الشعائر الدينية كما قد يتخيل للبعض، مع أن التوجيهات النبوية صريحة في تعجيل الفطور وتأخير السحور.

الأمر له علاقة بجزء من تسويق وتصدير هويتهم المذهبية الخاصة للشعب، علما أن مسألة المبالغة في تأخير الإفطار، هي من رواسب الثقافة اليهودية القديمة التي تسربت إلى هذه الجماعة.

فكان اليهودي لا يفطر إلا إذا استطاع عد سبعة نجوم في السماء، وهو غلو وتكلف نهى عنه الدين الإسلامي الحنيف الذي أقر الوسطية في كل شيء. 

وألفت عنايتك هنا إلى أننا اليوم في زمن التقدم الحسابي والفلكي ويستطيع المختصون تحديد أذان المغرب بالثانية الواحدة، ولا داعي للاعتماد على العين المجردة أساسا في تحديد وقت أذان المغرب.

فهل تعقل هذه الجماعة أو تتعقل؟ لا أظن. 

ما خططكم لمواجهة محاولات تجريف الهوية الوطنية التي تقوم بها مليشيا الحوثي؟

الوزارة وضعت إستراتيجيتها الخاصة بها منذ البداية، وهي إستراتيجية طموحة لكنها ليست مستحيلة، إن توفرت الإمكانيات.

وعمليا تم تنفيذ العديد من البرامج التوعوية والدينية التي توضح حقيقة الفكر الحوثي الجارودي المنحرف، وتعمل على مواجهة تلك الخزعبلات التي تنطلي على البسطاء من عامة الناس، وعلى طلبة المدارس، لا سيما والحوثي يتعمد صبغها بصبغة دينية. وإن كانت زائفة. 

تمت طباعة العديد من الكتب لباحثين وأكاديميين معتبرين، على نفقة الوزارة، وجميعها تقارع الفكر الحوثي، وترسخ الهوية الوطنية الحضارية لليمن. وتم توزيعها مجانا على المواطنين.

ونتطلع في المستقبل القريب لمزيد من النشاط أكثر من السابق، فالمهمة صعبة، والواجب يقتضي منا ذلك. 

ما دور قطاع الإرشاد في تصحيح الأفكار الخاطئة التي ينشرها الحوثي في المناطق الخاضعة له؟ 

ندرك تماما الدور الذي يجب أن تضطلع به الوزارة في مجال الإرشاد والتوجيه، وكان للوزارة نشاط ملموس خلال الفترة السابقة، على مسارين اثنين: الأول مواجهة ودحض أفكار الكهنوت الإمامي البغيض.

والآخر على مستوى تعزيز الهوية الوطنية اليمنية الجامعة بخطاب وسطي معتدل بعيد عن التطرف والغلو. والنشاط قائم حتى اللحظة ومستمر.

الوضع الجديد

النظام السياسي الجديد في ظل مجلس القيادة الرئاسي، هل سيعجل بحسم المعركة مع مليشيا الحوثي؟

مجلس القيادة الرئاسي محطة جديدة في النضال ضد مليشيا الكهنوت الحوثي الإيراني، والشعب يحدوه الأمل كثيرا بهذه المحطة التي شكلت حالة استثنائية بعد خلل كبير حصل في منظومة الشرعية خلال الفترة السابقة.

والشعب يؤمل عليه كثيرا، وكل الخيارات مفتوحة أمامه، سلما أو حربا. 

كيف ستتعاطى وزارة الأوقاف مع هذه التطورات؟ وكيف ستواجه معضلة التوفيق بين الحديث عن تفاوض مع الحوثيين وبين الخطاب المعادي لها منذ سنوات؟

المعركة مستمرة، ولا زلنا في مسيرة النضال، ونحن نسعى للتوفيق بين فرقاء العمل السياسي، بخطاب وسطي معتدل ومسؤول.

وما دام الحوثي على نفس خطابه الكهنوتي المتطرف فلا يسعنا إلا مواجهته حتى يتوقف، حفاظا على الأمن الفكري والأمن الثقافي للوطن، المستوحى من عقيدتنا الإسلامية الصحيحة، ومن موروثنا الحضاري والتاريخي الأصيل.

ومسؤوليتنا الفكرية والثقافية لا تقل أهمية عن المسؤولية العسكرية والأمنية، بل إن أصل وجوهر الخلاف مع هذه الجماعة فكري ثقافي.

قام الحوثيون بنهب أراضي الأوقاف والعبث بها وتغيير الكثير من الوثائق وإتلاف البعض.. ما الخطوات التي اتخذتها الوزارة في هذا الجانب؟

الأوقاف في اليمن قديمة قدم التاريخ اليمني نفسه، من قبل الإسلام، حيث أوقف اليمنيون أحر أموالهم وأفضلها للمعابد الدينية، وكانت الأوقاف ثقافة راسخة في وجدان اليمني.

استمرت بعد ذلك في العصر الإسلامي وإلى اليوم، وبلغت الأوقاف في عصر الدولتين: الصليحية والرسولية مبلغا لا شبيه له، ربما بين الأمم الأخرى، وكذلك أوقاف الدولة العامرية، ويذكر البعض أن أنواع الوقف في اليمن بلغت ثمانين نوعا.

منها: أوقاف الحمر العرجاء، والقطط الشاردة، وأوقاف حمام الحر، وأوقاف الآنية التي يكسرها العبيد، حتى لا يتعرض هؤلاء العبيد للعنف اللفظي ممن يقومون بخدمتهم، وأيضا أوقاف عطر العيد، و"مشقر العيد".

ناهيك عن الأنواع الأخرى المعروفة. ولعبت جميعها دورا كبيرا في التعليم.

ومشكلة أراضي الوقف في اليمن من المشكلات المعقدة، ليس من اليوم فحسب؛ بل من عقود، والحقيقة أنه لا تكاد توجد منطقة في اليمن كله تخلو من وقف ديني، ولا تخلو كذلك من مشكلة تتعلق به، نتيجة غياب قوة الدولة.

بل إن بعضا ممن يعدون من رجال الدولة متآمرون وضالعون في نهب الأوقاف للأسف الشديد. 

نحن بدورنا ندرك أهمية هذه القضية، ونسعى بكل قوة لاسترداد هيبة الوقف، واستعادته لأهله الموقوف عليهم، ولكن لا تنس أن الأمر يتعلق بالأمن بدرجة رئيسة، نحن نرفع إلى الجهات الأمنية، والأمن هو المعني بحراسة أموال الدولة.

 هذا في إطار المناطق التي تسيطر عليها الشرعية، أما بالنسبة للحوثيين، فهذا كما أشرت سابقا، دأبهم ودينهم، وأكرر: من شابه أباه فما ظلم. لقد صادروا الدولة بكاملها، والأوقاف جزء منها.