غزو أوكرانيا يدفع فنلندا والسويد للانضمام إلى الناتو.. الرابحون والخاسرون

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "لينتا دوت رو الروسية" الضوء على قرب انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، مؤكدة أن هذه الخطوة تمثل تهديدا خطيرا على مصالح موسكو الأمنية.

وذكرت الصحيفة في مقال للكاتبة "فالنتينا شقارتسمان"، أنه رغم تحذيرات روسيا، عقد البلدان المطلان على بحر البلطيق العزم على الانضمام للناتو، خشية أن يلحق بهما ما حدث بأوكرانيا.

ورغم تعاونهما الوثيق مع الحلف منذ ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014، إلا أن البلدين الواقعين في شمال أوروبا كانا قد اختارا الحياد وعدم الانضمام للناتو.

إعادة نظر

وأوضحت الصحيفة الروسية أن القتال في أوكرانيا دفع القيادتين الفنلندية والسويدية إلى إعادة النظر في أولوياتهما، ومن المتوقع انضمامهما معا إلى الناتو في نفس الوقت.

وعلى الرغم من أن فنلندا والسويد عضوان في الاتحاد الأوروبي، إلا أنهما لم ينضما على مدى عقود إلى الناتو حتى في أكثر اللحظات خطورة من الحرب الباردة.

وكان الحياد السويدي ظاهرة فريدة إلى حد ما بالنسبة لأوروبا. فكما تمكنت سويسرا فقط من الامتناع عن المشاركة في العديد من الحروب في القارة لقرون، فإن آخر مرة قاتل فيها السويديون كانت منذ أكثر من قرنين، في عام 1814 ضد النرويج.

وبالطبع سيكون من السذاجة الحديث عن الحياد المطلق. فحتى خلال الحرب الباردة، تعاونت السويد سرا مع الناتو، وأجرت مفرزة الطيران السرية التابعة لها تدريبات مشتركة مع الحلف في حالة غزو الاتحاد السوفيتي.

وفي السنوات الأخيرة، تم تنفيذ التعاون مع الناتو بشكل علني، إذ تتمتع كل من فنلندا والسويد بمكانة الشريكين المتميزين والوثيقين للحلف، وشاركتا في مهمته في أفغانستان، وأجرتا تدريبات مشتركة مع الحلف وتبادل المعلومات الاستخبارية.

وعلى مدى العقود الأخيرة، التزمت الدولتان بسياسة عدم التكتل، وهذا النهج كان مدعوما من قبل الرأي العام بالبلدين، حيث كان يريد 30 بالمئة فقط من المواطنين في السويد لصالح الانضمام إلى الناتو، وفنلندا كانت نسبتها أقل من ذلك.

غير أن القتال في أوكرانيا وشهور التصعيد الحاد التي سبقت هذه العملية قلبت التوازن الذي حافظت عليه السويد وفنلندا طوال هذه السنوات وقلبت الموازين لصالح الانضمام إلى الناتو.

فبينما كان 30 يالمئة من السكان السويديين يؤيدون العضوية في التحالف في يناير/كانون الثاني 2022، فقد ارتفع هذا الرقم في أبريل إلى نسبة 68 بالمئة. وفي فنلندا، أيد 57 بالمئة من المستطلعين الانضمام إلى الناتو، بينما عارض 21 بالمئة فقط.

ما بعد 24 فبراير

ونقلت الصحيفة عن المدير العام لمجلس الشؤون الدولية الروسي "أندري كورتونوف"، قوله: إن "القتال في أوكرانيا كان بمثابة صدمة خطيرة ليس فقط للشعب، ولكن أيضًا لمعظم الخبراء والسياسيين، بما في ذلك السويديون والفنلنديون".

وغيرت الأحداث منذ 24 فبراير/ شباط 2022، بشكل جذري نظرة هذه الدول إلى أهداف السياسة الخارجية الروسية والوسائل التي يمكن أن تستخدمها موسكو لتحقيقها وكل هذا بالطبع انعكس على الرأي العام".

وفي 13 أبريل، نشرت الحكومة الفنلندية تقريرا ذكرت فيه أن الحقائق الجديدة التي ظهرت بعد 24 فبراير تتطلب مراجعة السياسة الدفاعية وزيادة التعاون العسكري مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة.

ومن بين أمور أخرى، نظر التقرير في انضمام فنلندا إلى الناتو، واستشهد بالحجج المؤيدة والمعارضة.

والقرار النهائي بشأن الانضمام إلى حلف الناتو متروك لبرلمان البلاد.

وفي 20 أبريل، بدأ النواب الفنلنديون مناقشات حول جوهر التقرير، بما في ذلك اقتراح الانضمام إلى الحلف.

وزير الخارجية الفنلندي "بيكا هافيستو"، الذي افتتح الاجتماع، لم يشكك في الحاجة إلى الانضمام إلى الناتو، لكنه اقترح القيام بذلك في وقت واحد مع السويد وذلك من أجل تخفيف رد فعل روسيا المحتمل.

ونظرا للحسم الذي تتمتع به القيادة الفنلندية والدعم الواسع من المجتمع، والذي سيتم تسخينه في المستقبل القريب بكل الطرق الممكنة، فقد تم حل مشكلة انضمام فنلندا إلى الناتو بالفعل.

وعلى الرغم من أن رئيسة الوزراء السويدية "ماجدالينا أندرسون" أشارت إلى أنه يجب التعامل مع مسألة عضوية الناتو بكل جدية ودون تسرع.

إلا أنها أكدت أن يوم 24 فبراير يقسم الحياة إلى ما قبل وما بعد، لأنه أدى إلى تحويل الوضع الأمني ​​تماما في البر الأوروبي.

وصرحت وزيرة الخارجية السويدية "آنا ليندي" أن الأحزاب السياسية في البلاد يمكن أن تكمل المفاوضات حول هذه القضية بحلول 13 مايو/ أيار 2022، وفي يونيو/ حزيران ستنضم البلاد إلى الناتو، حسب وسائل إعلام محلية.

مخاوف حقيقية

ونقلت الصحيفة عن الباحث الرائد في معهد أوروبا التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، رئيس مركز دراسات القطب الشمالي "فاليري زورافيل"، قوله إن دعم سكان السويد وفنلندا للانضمام إلى حلف الناتو قد يكون مؤقتا.

"لذلك يجب على قيادة هذه الدول أن تبحث هذه القضية بوعي ودون ضجة"، يقترح زورافيل.

وأضاف: "يبدو أن فنلندا تبالغ في التهديدات لأمنها من روسيا. فلا يزال هناك الكثير من الوقت قبل الصيف، ومن المهم هنا تقييم المزايا والعيوب التي قد تظهر".

وأشارت الصحيفة إلى أن انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو يشكل مخاطر عسكرية على روسيا، حيث تقع الحدود الروسية الفنلندية على بعد 200 كيلومتر فقط من سانت بطرسبرغ.

ولا تقع السويد على حدود روسيا، لكن دخولها إلى الناتو سيسمح للحلف بزيادة وجوده ونشاطه في بحر البلطيق، ولن تكون هناك دول غير أعضاء في الناتو على ساحل البلطيق باستثناء روسيا.

كما ستسهل عضوية فنلندا والسويد على الناتو مراقبة حركة المعدات العسكرية والأفراد في الجزء الغربي من روسيا.

وتمتلك السويد جزيرة جوتلاند وهي الأكبر في بحر البلطيق. ومع دخولها إلى حلف الناتو والتحالف بأكمله يمنح الموقع الإستراتيجي للجزيرة في قلب بحر البلطيق للسويد ميزة عسكرية كبيرة.

لا سيما على صعيد الدفاع والسيطرة على المجال الجوي ومرور السفن في بحر البلطيق ومن ناحية نشر قوات وأسلحة إضافية لإظهار القوة العسكرية.

وعلى خلفية التوتر المتزايد في القارة الأوروبية، عززت السويد دفاعها عن جوتلاند في بداية 2022 ونقلت معدات إضافية وأفرادا عسكريين  إلى هناك.