صحيفة تركية: الضغط الأميركي يدفع باكستان نحو الصين وروسيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

ينذر ضغط الولايات المتحدة المتزايد على باكستان وميلها إلى إقامة علاقة تقليدية معها وفقا لطريقة المكافأة والعقاب بدفع إسلام أباد إلى السعي نحو التحالف مع الصين وروسيا من أجل إقامة توازن.

وعن هذا يقول الكاتب إسماعيل شاهين في مقال بصحيفة ستار التركية إن الضغط الأميركي على باكستان يأتي في وقت يجري فيه إعادة تشكيل آليات القوة في آسيا.

أهمية المنطقة

وأوضح بالقول: يصف هانز ج. مورغنثاو (1904-1980)، أحد الشخصيات المؤسسة في مجال العلاقات الدولية، السياسة الدولية بأنها صراع القوة والسلطة". 

وبناء على ذلك، فإن العنصر الرئيس الذي يحدد سلوك السياسة الخارجية للدول هو الحصول على القوة والسلطة.

وتابع: كما كان الحال في الماضي، أصبحت القوة عاملا مهما في العلاقات الدولية اليوم. 

أحد الأسباب التي أدت إلى اشتداد النقاش حول قواعد ومعايير ومؤسسات والجهات الفاعلة في النظام الليبرالي الدولي القائم على العلاقات عبر الأطلسي في السنوات الأخيرة هو تحولات القوة في النظام الدولي.

 وقد أدى الأثر الاقتصادي والديمغرافي والسياسي المتزايد للقارة الآسيوية على نطاق عالمي إلى عودة إبرة السياسة الدولية إلى هذه الجغرافيا. 

وهكذا، أصبحت آسيا رقعة شطرنج مهمة للنضال من أجل القوة والجبروت الدوليين، بحسب تقييم الكاتب التركي. 

وأردف الكاتب: يصف العديد من الخبراء الصين بأنها قوة تحريفية تحاول إزاحة الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وهذا التصور يهدد المصالح الحيوية لأميركا. 

وأكمل: تعد المنطقة التي تمتد من ساحل المحيط الهادئ إلى المحيط الهندي، موطنا لأكثر من نصف سكان العالم، وحوالي ثلثي الاقتصاد العالمي وأكبر جيوش العالم.

 لذلك، فإن العلاقات الاقتصادية التي أقامتها الولايات المتحدة مع هذه المنطقة توفر أمن الحياة للاقتصاد الأميركي.

وعلق الكاتب: حقيقة أن الخصم قوي وفعال للغاية يتطلب من الولايات المتحدة تعزيز النظام الدولي تحت قيادتها وإعادة تصميم علاقات التحالف والشراكة من خلال التهديدات والقيم المشتركة. 

لذلك، من المهم للغاية تحليل وجهة نظر الولايات المتحدة تجاه باكستان من خلال وضعها في هذا الإطار.

مشكلة أفغانستان

واستدرك بالقول: تعاني جمهورية باكستان الإسلامية من حالة من عدم استقرار سياسي منذ استقلالها في عام 1947. 

وبين أن الانقلابات العسكرية والاغتيالات والفساد والأزمات الاجتماعية والاقتصادية تكاد تكون سمة من سمات البلاد. 

وتابع أن قضية كشمير، التي غالبا ما تسببت في صراعات وتوترات مع الهند فضلا عن المشاكل الداخلية، هي القضية الأكثر خطورة التي تربط باكستان بالسياسة الخارجية.

ومن ناحية أخرى، هناك قضية مهمة أخرى تبقي باكستان مشغولة وهي أفغانستان. فمنذ غزو الاتحاد السوفييتي (1979)، تحتل كابول جدول أعمال البلد.

وأردف الكاتب: بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول (2001) والتي أضرت بباكستان بكل الطرق، حاول عمران خان رئيس وزراء البلاد الذي أطيح به بعد حجب الثقة عنه (أبريل/نيسان 2022) لفت الانتباه إلى هذا الوضع.

وقال خان آنذاك "أريد أن يعرف الجميع أن باكستان هي البلد الذي عانى أكثر خارج أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر".

من المعروف أن أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ أفغاني أجبروا على اللجوء إلى باكستان بسبب الاحتلال الأميركي والإرهاب، مما تسبب في أضرار جسيمة لاستقرار وأمن ورفاهية البلاد.

وتابع: وقفت باكستان إلى جانب واشنطن في فترة التدخل الأميركي كما كانت أثناء الاحتلال السوفييتي. ومع ذلك، لم تستطع تجنب اتهامها بدعم حركة طالبان والإرهاب. 

وبطبيعة الحال، لم يضر هذا الاتهام التحالف الأميركي الباكستاني التقليدي فحسب، بل أدى أيضا إلى قطع المساعدات الأمنية عن باكستان.

بالإضافة إلى ذلك، أدت محاولات الولايات المتحدة لجذب الهند إلى جانبها لاحتواء النفوذ الصيني والروسي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى أزمة ثقة خطيرة في باكستان.

واستدرك الكاتب: النقطة الفاصلة جاءت عندما قطع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب 1.3 مليار دولار من المساعدات الأمنية لباكستان في يناير/كانون الثاني 2018.

واتهم ترامب باكستان في ذلك الوقت بـ "الكذب والخداع" في علاقاتها مع الولايات المتحدة. وهكذا، بلغت أزمة الثقة بين الجانبين ذروتها.

وأردف: بدأ عمران خان في إيلاء المزيد من الاهتمام لتحسين العلاقات التجارية والسياسية والطاقة والعسكرية مع الصين وروسيا لتعزيز موقف البلاد وتحقيق التوازن مع الهند في المنطقة خلال أزمة الثقة مع واشنطن.

ومع التأثير التحفيزي للأزمة الاقتصادية في البلاد، دخلت العلاقات بين باكستان والصين في عملية تنمية سريعة. وبالفعل، كانت هناك علاقة إستراتيجية دامت عقودا من الزمن بين الصين وباكستان.

وتابع الكاتب: خلال زيارة عمران خان إلى بكين في أكتوبر/تشرين الأول 2019، التقى بالرئيس الصيني شي جين بينغ، مؤكدا من جديد الصداقة بين البلدين، والتي يشار إليها بأنها "أعلى من جبال الهيمالايا وأعمق من المحيط الهندي". 

وقال الزعيمان إن الشراكة الاقتصادية بين بلديهما سيجري تعزيزها بشكل أكبر، مشيرين إلى زيادة التعاون بين البلدين.

امتياز جيوسياسي

استدرك الكاتب أن موقع باكستان الجغرافي والجيوسياسي أمر حيوي لمشروع "طريق الحزام" الصيني، لدرجة أن إسلام أباد يمكن أن تكون واحدة من الشركات الرائدة لبكين في هذا المشروع. 

ومن ناحية أخرى، يرى كلا البلدين أن طموحات الهند في أن تصبح لاعبا إقليميا تشكل تهديدا وجوديا لهما. لهذا السبب يتابعون التقارب بين واشنطن ونيودلهي بدقة كبيرة. 

ويمكن ملاحظة أن هذه المبادرة تدفع روسيا والصين وباكستان للتحالف معا.

ربما لهذا السبب أجرى عمران خان زيارة تاريخية إلى روسيا في فبراير/شباط 2022، بعد حوالي عام ونصف العام من زيارته للصين. 

وكانت آخر مرة زار فيها رئيس الوزراء السابق نافاز شريف موسكو في عام 1999. 

وأردف الكاتب: في الوقت الذي تكثف فيه الولايات المتحدة تنافسها الجيوسياسي مع الصين وروسيا، تسببت علاقات عمران خان مع بكين وموسكو في إزعاج شديد في واشنطن.

وتابع: تحتاج الولايات المتحدة إلى باكستان لتحقيق أهدافها الرئيسة المتمثلة في تحقيق الاستقرار في أفغانستان، وإيداع ملف إيران في آسيا، والحد من الصين وروسيا. 

وأضاف: باكستان قوة إقليمية مهمة لديها القدرة على صنع الأسلحة النووية ولها تأثير كبير على العديد من البلدان المحيطة بها، وخاصة أفغانستان. 

وبالإضافة إلى علاقاتها الوثيقة مع الصين، لديها علاقات وثيقة مع تركيا وأذربيجان وغيرها من المناطق الجغرافية الإسلامية. لذلك، سيكون من الخطر على الولايات المتحدة قطع العلاقات تماما مع باكستان.

تعد باكستان بلدا إستراتيجيا في خدمة المصالح الأميركية في جنوب آسيا. ولذلك، لا تستطيع أميركا بسهولة تحمل خسارتها لصالح الصين وروسيا. 

وختم الكاتب مقاله قائلا: لا يزال نهج الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه باكستان متأثرا بالعملية القديمة. 

ولهذا السبب رفض حتى إجراء حوار مع عمران خان، وردا على ذلك، لم تستجب باكستان للدعوة إلى قمة الديمقراطية (عبر الفيديو نهاية العام) تحت رعاية بايدن. 

أصبح الطريق الذي رسمه عمران خان في سياق الحكم الذاتي الإستراتيجي، أكثر وضوحا، مما تسبب في حالة من الذعر في واشنطن. 

كما أن استخدام عمران خان لعبارة "محاولة المعارضة إزاحتي من منصبي هو تدخل صريح للولايات المتحدة في سياستنا الداخلية" أمر لافت للنظر في هذا السياق، بحسب تقييم الكاتب التركي.