لونا الشبل.. مستشارة للأسد تلبس "ماركات" وتدعو السوريين للصمود بوجه الأزمات
.jpg)
بدعم من موسكو يتلقف الإعلام السوري المحلي والروسي، لونا الشبل المستشارة الخاصة لرئيس النظام بشار الأسد، ويدعها تتكلم وتنشر الأكاذيب والاتهامات، فقط لكونها تتبع ملاك القصر الجمهوري ومن "أزلام الأسد".
لكن الإعلامية الشبل دائما ما تقول كلاما لا تلقي له بالا، يثير حنق السوريين الذين سئموا من التصريحات الرنانة والشعارات الزائفة الصادرة عن الدائرة الضيقة من الأسد أمام وضع معيشي مزر.
وفي خضم فشل حكومة الأسد وعجزها الاقتصادي في تأمين أبسط مقومات حياة السوريين، أطلقت الشبل كعادتها تصريحات لاقت سخرية واستنكارا في أوساط السوريين، حينما قالت إن "سوريا ستدعم روسيا للتغلب على العقوبات كما فعلت مع سوريا".
ولم تكتف بذلك، بل مضت تقول: "لدينا معلومات عن مغادرة مسلحين راديكاليين الشرق الأوسط إلى أوكرانيا وكازاخستان"، وذلك في حوار للشبل مع وكالة "سبوتنيك" الروسية بتاريخ 28 فبراير/ شباط 2022 أي في اليوم الخامس للغزو الروسي على أوكرانيا.
وتلقت موسكو رزم عقوبات اقتصادية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لردع الرئيس فلاديمير بوتين، ودفعه لوقف غزو بلاده على الجارة أوكرانيا الذي بدأ فجر 24 فبراير.
النشأة والتكوين
ولدت لونا الشبل عام 1975 في مدينة السويداء جنوبي سوريا، ودرست الصحافة والإعلام في جامعة دمشق، وحصلت على ماجستير في الصحافة والإعلام كذلك.
وعملت في التلفزيون السوري وقدمت برامج حوارية، إلى أن حدثت النقلة النوعية في حياتها بالعمل مع قناة الجزيرة القطرية عام 2003.
وقدمت في "الجزيرة" برنامج "للنساء فقط"، إضافة إلى تقديم نشرات الأخبار، قبل أن تعلن استقالتها من القناة في 25 مايو/ أيار 2010.
وبررت الشبل الاستقالة لاحقا بما سمته "خيانة الأمانة الصحفية وضغوطا على شيء لم يحدث".
حينما عادت إلى سوريا عمل الإعلام المحلي التابع للنظام السوري على تكثيف استضافتها لا سيما عقب اندلاع الثورة السورية في مارس/ آذار 2011.
ومنذ ذلك الحين تبنت رواية النظام المعادية للثورة، ووصف المتظاهرين بالمخربين والتابعين لجهات خارجية، وكانت دائما ما تردد "المخطط لن يمر".
تزوجت الشبل من الإعلامي اللبناني، سامي كليب الذي كان مذيعا في قناة الجزيرة أيضا، قبل أن ينتقل إلى قناة "الميادين".
وبعد انفصالها منه تزوجت من الرئيس السابق لـ"الاتحاد الوطني لطلبة سوريا" وعضو مجلس الشعب السابق، عمار ساعاتي، وهو أحد كبار مسؤولي حزب البعث الحاكم بسوريا.
وظهرت في يناير/كانون الثاني 2014 كعضو الوفد الممثل للنظام السوري المشارك في مؤتمر "جنيف2" حول العملية السياسية السورية برعاية الأمم المتحدة.
حضور طاغ
ومنذ ذلك الحين بدا أن النظام السوري يعد الشبل لدخول القصر الجمهوري من البوابة الإعلامية، لكن حضورها الطاغي جعل كثيرا من السوريين ينعتونها بـ"السيدة الثانية".
وبالفعل ففي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، نقلت الشبل من ملاك الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون إلى ملاك رئاسة الجمهورية.
وهي حاليا تشغل إلى جانب منصب مستشارة خاصة في رئاسة الجمهورية، إدارة المكتب الإعلامي والسياسي في الرئاسة.
وعملت الشبل على صنع صورة متفردة بها، لا سيما عبر الظهور كامرأة نافذة داخل القصر الجمهوري، تتجاوز صلاحيتها ونفوذها القطاع الإعلامي الذي تسيطر على كل تفاصيل عمله في سوريا اليوم.
كما تحاول الظهور في وسائل الإعلام بمظهر صانعة القرار السوري، أو من تشارك في صنعه أكثر من إعطاء الاستشارة.
ومنصبها بالرئاسة جعل من الشبل تنظر إلى أبناء جلدتها بعين الأسد، وتغلظ عليهم وتدعوهم إلى "الصمود الإيجابي كما يسميه الرئيس وتحمل العقوبات والوضع المعيشي القاسي"، مع أنها كانت تظهر وهي ترتدي أثمن الماركات العالمية.
ومنها حينما ظهرت في يوليو/تموز 2021 خلال أداء رأس النظام للقسم بعد فوزه بـ"الانتخابات الرئاسية" غير الشرعية التي أجريت في 26 مايو/ أيار 2021، وهي ترتدي حليا بقيمة عشرات آلاف الدولارات.
إذ ارتدت ساعة رولاكس فاخرة تبلغ قيمتها 146 ألف دولار أميركي، وفستانا من ماركة غوتشي المشهور بقيمة ألوف الدولارات، وحزاما على الفستان من نفس الماركة يبلغ سعره نحو ألف دولار.
وحينها صرحت للإعلام المحلي قائلة: "على الشعب أن يصمد الآن كما صمد الجيش العربي السوري"، مضيفة أن "الأسد لا يملك عصا سحرية لحل أزمات السوريين في الوقت الحالي".
وجاء هذا كله أمام وصول متوسط الأجور في مناطق النظام نحو 13 دولارا شهريا، بينما تحتاج أسرة في العاصمة دمشق مكونة من 4 أفراد إلى 180 دولارا كي تلبي احتياجاتها الضرورية خلال الشهر.
وفي وقت أيضا يعيش أكثر من 90 بالمئة من سكان سوريا تحت خط الفقر حسب الأمم المتحدة، وبلوغ نسبة البطالة عام 2019، 31.2 بالمئة، من أصل قوة العمل البالغة 5.396 ملايين نسمة، ما دفع إلى موجة انتقاد لها ووصفها بـ "السيدة شبر".
"مستشارة شاملة"
وكانت الشبل "مستفزة بتصريحاتها"، لذلك نشر وزير الزراعة السابق في حكومة نظام الأسد نور الدين منى، منشورا على فيسبوك في 22 يوليو/ تموز 2021، وجه انتقادا لاذعا لها واتهمها "بالتظاهر بالمعرفة".
و"كذلك الإجابة عن جميع "المواضيع المعيشية والسياسية والعسكرية والتعاون الدولي والاستثمار والاقتصاد والأحزاب والحركات في لبنان.. وحماس.. وشؤون الأصدقاء، وكل ما يهم الشأن الداخلي السوري والخارجي يعني بالمختصر مستشارة بتاع كله"، حسب كلامه.
وحينما حضرت الشبل "جنيف 2"، عام 2014، الذي جمع المعارضة السورية بالنظام، زعمت بعدم وجود "مقاتلين معتدلين" في سوريا.
وصرحت بعد المؤتمر: "لا تقلقوا الرئيس باق وسيترشح لولاية ثانية، ولا يستطيع أحد تغيير هذا الواقع بما في ذلك الولايات المتحدة، وسنبقى في المؤتمر حتى يمل الآخرون وينصرفوا من حيث جاؤوا".
إلا أن وسائل الإعلام انتقدت لونا التي كانت تجلس خلف وزير الخارجية وليد المعلم السابق، بسبب ضحكاتها أثناء المؤتمر، وعندما سئلت عن سببها، قالت "كنت أضحك على كيفية إجبار الحكومة السورية لأربعين دولة على حسن الإصغاء طيلة نصف ساعة أو أكثر".
ويؤكد مراقبون سوريون أن بشار الأسد شخصيا منح الشبل صلاحية كاملة في تحويل الإعلام إلى لون واحد وصوت واحد، لدرجة أنها أصبحت هي الآمر الناهي في أدق تفاصيل العمل الإعلامي.
وتلعب الشبل دورا في تأمين المقابلات لبشار الأسد مع وسائل الإعلام الأجنبية، وتقديم نصائح إعلامية له في هذا الإطار.
وذات مرة اعتبرت الشبل أن كل من ينتقد النظام السوري على فيسبوك، عملاء وأغبياء ولا قيمة لهم، على حد وصفها، وذلك في معرض موجة استياء عارمة شهدتها مناطق نفوذ النظام عام 2021، حينما بلغ الغلاء حدا معجزا لجيوب السوريين مع انهيار متسارع لليرة السورية.
قبول روسي
ويرى كثير من المراقبين أن الشبل تحظى بقبول روسي، ولهذا حينما زار فلاديمير بوتين دمشق في 7 يناير/كانون الثاني 2020، أهمل بوتين بشار الأسد وأخذ يحادث جانبا لونا الشبل، التي كانت تقف بين مجموعة من المسؤولين الروس، فيما يقف الأسد متفرجا متكتفا بعيدا عنهم.
كما نشرت صفحة الرئاسة صورا لاستقبال رأس النظام وفدا روسيا من وزارتي الدفاع والخارجية، في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وأشارت إلى حضور "لونا الشبل"، بصفتها "مديرة المكتب السياسي والإعلامي في رئاسة الجمهورية".
وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية في 20 أغسطس/آب 2020 حزمة عقوبات ثالثة على النظام السوري، طالت ست شخصيات عسكرية وحزبية بينهم المستشارة الإعلامية في المكتب الرئاسي "لونا الشبل".
وفي يونيو/تموز 2021 زعمت الشبل، في لقاء تلفزيوني أن الولايات المتحدة "تريد دساتير طائفية وأشباه دول، ورؤساء يقفون ضد شعوبهم، وادعت أن "الأسد رفض أن يكون ضد شعبه، وأكد على أن المقاومة الشعبية خيار قادر على طرد المحتلين"، وفق تعبيرها.
وتعتبر الشبل أن علاقة نظامها مع إيران بأنها "تاريخية ووفية"، وزعمت في مقابلة تلفزيونية في 19 يناير/كانون الثاني 2022 أن الوجود العسكري الإيراني في سوريا يقتصر على ضباط إيرانيين.
ومضت تقول: "وجود قوات من عدمه، ومهما كان نوعها أو شكلها أو جنسيتها، هو قرار سيادي لا يتدخل فيه أحد".
يذكر أن إيران تمتلك نحو مئة ألف عنصر مقاتل لها في سوريا، بينهم مليشيات أجنبية، جرى تنظيمهم منذ تدخلها عسكريا عام 2012 لمنع سقوط الأسد ولوأد الثورة السورية.