"لوريون لوجور": ماذا بقي من جماعة الإخوان في العالم العربي؟

12

طباعة

مشاركة

في ظل الجدل الدائر حول سعي الحكومة الأمريكية إدراج جماعة الإخوان المسلمين في قائمة الجماعات الإرهابية الأجنبية، سلطت صحيفة "لوريون لوجور"، الضوء على وضع وتأثير الجماعة على الساحة العربية، مشيرة إلى وضعها الحالي بعد ممارسة الضغوط عليها.

وقالت الصحيفة اللبنانية الناطقة بالفرنسية، إن جماعة الإخوان المسلمين عاشت ذروتها بين عامي 2011 و 2013، حيث تمكنت الجماعة، المنظمة بشكل أفضل من بقية المعارضة، من استعادة عافيتها خلال ثورات الربيع العربي -عندما طغت عليها الاحتجاجات الشعبية- وصعدت إلى السلطة في مصر، البلد الأكثر رمزية في منطقة الشرق الأوسط".

وأضافت: "كانت الجماعة مدعومة من قطر وتركيا قبل أن تصطدم بجدار الحركة المناهضة للإخوان المسلمين المدعوم من السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ مما أدى إلى الإطاحة بالرئيس المصري التابع للجماعة محمد مرسي، في عام 2013، وعودتها إلى الاختباء، وعلى الرغم من القمع والمطاردات بحق أعضائها، يبدو أن الحركة لم تصل بعد إلى الحضيض".

وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد اجتماع مع رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي في 9 أبريل/ نيسان، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الـ30 من الشهر ذاته: إن الولايات المتحدة تدرس وضع جماعة الإخوان المسلمين على القائمة السوداء "للمنظمات الإرهابية".

وبينت "لوريون لوجور"، أن "هذه الخطوة من شأنها تعقيد العلاقة بين واشنطن وأنقرة، وسيُنظر إليها على أنها شيك على بياض للمحور الموالي للسعودية، الذي يعتبر بالفعل الحركة إرهابية".

"صوت غير مسموع"

ولفتت الصحيفة إلى أن "جماعة الإخوان المسلمين وُلدت في مصر عام 1928، وهي أقدم حركة إسلامية سنية، ولقد أدى الهجوم عليها في مصر وغيرها إلى إضعافها إلى حد كبير، مما قلل من تأثيرها على الساحة الدولية، ونظرا لأن جماعة الإخوان المسلمين المصرية هي المنظمة الأم، فإن للقمع ضدها تداعيات في جميع أنحاء العالم العربي".

وأوضحت، أن "النظام العسكري المصري، قام منذ فض مظاهرات ميدان رابعة العدوية في أغسطس/آب 2013، حيث قُتل أكثر من 800 شخص، بشن حملة عنيفة ومنهجية على أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، فسجن عشرات الآلاف منهم، كما صدرت أحكام بالإعدام ضد بعض أعضائها بشكل جماعي. فالحركة التي حصلت على 88 مقعدا في البرلمان المصري في عام 2010، هي جماعة غير قانونية الآن، ومختبئة".

ونقلت الصحيفة عن عمرو محمود الشوبكي، عالم سياسي متخصص في جماعة الإخوان المسلمين القول: "إذا كانت جماعة الإخوان استمرت في إدارة الكثير من الجمعيات الخيرية والمستشفيات والمدارس لمدة خمس سنوات، فكل هذا الآن أصبح في أيدي الدولة، لقد فقدوا قدراتهم التنظيمية تماما".

وبحسب "لوريون لو جور"، فإن "الانشقاقات والخلافات الداخلية ساهمت في هذا الأمر، فالجناح المتشدد، الأصغر سنا، يفضل الانتقال إلى العمل المسلح، بينما يريد الحرس القديم التمسك بخط المعارضة السياسية.

من جهتها، قالت سارة بن نفيسة، عالمة سياسية مصرية: إن "جماعة الإخوان أصبحت ضعيفة للغاية" تم الإطاحة بقيادتها بالكامل وتقسيمها، أما كوادر الوسط فمتناثرون أيضا، ونتيجة لذلك "على مستوى المعارضة السياسية، فإن صوت جماعة الإخوان المسلمين غير مسموع اليوم".

ونوهت إلى أن "الضربة التي لحقت بجماعة الإخوان المسلمين في مصر هي فشل لمشروع الاستقطاب الذي تقوم به قطر، فإذا سعت الدوحة إلى توسيع نفوذها الإقليمي من خلال دعمها للإخوان، فإن الحركة، عندما لا تقاتل، أصبحت الآن خاضعة لأغلبية الأنظمة في السلطة".

ما زالوا بالحكم

ولفت جيلبرت أشقر، أستاذ في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن إلى أنه "في المغرب، وعلى الرغم من أنهم ما زالوا في الحكم، إلا أنهم يظلون خاضعين للسيطرة الملكية، وقد استخدموا لنزع فتيل المحاولة الثورية التي تم الكشف عنها في البلاد عام 2011".

 أما في الجزائر، شاركت الجماعة أيضا في السلطة، بعد أن أضحت جزءا من الائتلاف الحكومي التابع للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وفي سوريا، تم إقصاؤهم من المعارضة الرسمية، وأجبروا على التخلي عن الدور المركزي الذي لعبوه، تحت ضغط المملكة العربية السعودية.

وقال رافائيل ليفيفر، وهو متخصص في الإسلام السني بجامعة كامبريدج: "لم يكن لديهم تأثير على الأرض منذ أن اضطروا إلى نفي طويل جدا يعود إلى أواخر السبعينيات، وبعد مذبحة حماة عام 1982، تم عزل جماعة الإخوان عن أي اتصال مع المجتمع السوري حتى 2011".

كما أنه في عام 2017، ابتعدت حماس عن جماعة الإخوان، وأزالت من ميثاقها الجديد المادة التي جعلت منها "أحد أجنحة جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين"، وأعلن زعيمها خالد مشعل، أنه "إذا كنا أيديولوجيا، جزءا من مدرسة الإخوان (...) فنحن لا نتبع أي حركة من حيث التنظيم".

وتابعت "لوريون لو جور" أنه بالنسبة للأردن، فقد "استسلمت جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت ذات يوم أكثر مجموعات المعارضة شرعية في البلاد، للانقسامات الداخلية، وفشل الانتفاضات العربية وما ترتب على ذلك من تطرف في خطابها الذي ساهم في تراجع نفوذها".

وقالت: "إن جماعة الإخوان تقاوم فقط في تونس وليبيا وتركيا، ففي السلطة التونسية، فقد حزب النهضة، التابع للإخوان، مكانه كأول حزب في البلاد، لصالح نداء تونس في انتخابات عام 2014، وفي عام 2015، انضم حزب النهضة مرة أخرى إلى الحكومة من خلال الائتلاف، بسبب الانشقاقات في صفوف منافسه".

أما في ليبيا، بحسب الصحيفة، فيحتل الإخوان المسلمون، مع حزب العدالة والبناء الليبي، واجهتهم السياسية، حوالي 15 مقعدا في المجلس الأعلى للدولة، البرلمان طرابلس، لكن المشير خليفة حفتر، الذي يقوم حاليا بهجوم على طرابلس، بدعم من المحور الموالي للسعودية، يتهم رئيس الوزراء الليبي فايز سراج بـ"التحالف مع الميليشيات الإسلامية التابعة لجماعة الإخوان".

"أما في تركيا، فيضاعف الرئيس رجب طيب أردوغان علامات الالتفاف تجاه جماعة الإخوان، لكن سياسته تسترشد أساسا باعتبارات قومية ترتدي العثمانية الجديدة"، وفقا للصحيفة.

ويلخص جيلبرت أشقر هذه المسألة بالقول: "بشكل عام، تم إضعاف جماعة الإخوان على المستوى الإقليمي، ولكن على الرغم من تقلص دورها الآن بشكل كبير مقارنة بذروة عام 2011، إلا أنه لم يتم إزالتها من المشهد".