فائق زيدان.. رئيس أعلى سلطة قضائية بالعراق يقترب من رئاسة الحكومة

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المبكرة في العراق، يتوقع عدد من السياسيين أن تذهب رئاسة الحكومة المقبلة بعد تشريعيات 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى الحالي فائق زيدان، لأسباب عدة لعل أبرزها قربه من إيران.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يطرح فيها اسم القاضي، زيدان، لشغل منصب رئاسة مجلس الوزراء، إذ جرى ترشيحه في أغسطس/آب 2018، إلا أنه رفض ذلك، مفضلا الاستمرار في مهمته برئاسة مجلس القضاء الأعلى.

منافس قوي

لكن في 24 سبتمبر/ أيلول 2021، قال السياسي العراقي قصي محبوبة، خلال مقابلة تلفزيونية إن "فائق زيدان قد يكون اختيارا منقذا لرئاسة الوزراء المقبلة إذا وافق على ذلك، وهو صديق قديم للرئيس الإيراني الحالي إبراهيم رئيسي، وسيكون المنافس الأقوى لرئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي".

وفي السياق، ذاته قال السياسي المعارض ناجح الميزان خلال مقابلة تلفزيونية في 20 سبتمبر/أيلول 2021، إن "رئيس الوزراء المقبل سيكون زيدان، كونه صديق رئيس إيران، وسيأتي بأمر إيراني، والقرار محسوم في هذا الموضوع، ولا علاقة له بقادة الكتل السياسية في العراق".

وسبق للكاتب سليم الحسني أن غرد في 11 سبتمبر/ أيلول 2021 قائلا إن "التيار الصدري يخبر زيدان بأنه أحد مرشحيه لرئاسة الوزراء. عندما يكون رئيس السلطة القضائية مرشحا لرئاسة الحكومة، فهذا يعني أن التزوير سيكون تحت رعاية القضاء".

وفي 31 أبريل/نيسان 2021، قال السياسي عزت الشابندر في لقاء متلفز  إن “زيدان ليس إعلاميا أو سياسيا، بل إنه قاض لديه طموح شريف بأن يعيد بناء المؤسسة القضائية”.

وأضاف أن "زيدان لا يفكر بأن يكون رئيسا للوزراء، وأنا أجزم بذلك، وهذا الطموح كان ممكنا في 2018، وهو رفضه”، مبينا أن “رفض زيدان جاء لأن لديه مهمة إعادة بناء القضاء، وهي مهمة أقدس وأخطر وأكثر أهمية”.

وأشار الشابندر إلى أن “بعض الفاسدين يدعون أنهم مستهدفون من قبل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بحجة أنه مسيطر على القضاء، وهذا غير صحيح”.

وفي 11 ديسمبر/كانون الثاني 2019 قال السياسي مشعان الجبوري عبر تغريدة على "تويتر" إن "كتلا برلمانية كبيرة رشحت لرئيس الجمهورية اسم زيدان لتولي منصب رئيس الوزراء".

وأوضح الجبوري أن اسم زيدان كان إلى جانب مرشحين آخرين هما، قائد جهاز مكافحة الإرهاب، طالب شغاتي، والفريق المتقاعد عبد الغني الأسدي، لتولي رئاسة الحكومة التي تدير شؤون العراق من الآن حتى الانتخابات المقبلة، وحين جرى التشاور معهم رفض الثلاثة تولي المنصب.

شخصية جنوبية

ينحدر فائق زيدان خلف الشيخ فرحان العبودي من قضاء الشطرة في محافظة ذي قار جنوب العراق، لكنه ولد في بغداد 9 مارس/آذار 1967 وأكمل الابتدائية والثانوية فيها، وبعدها دخل كلية القانون والسياسية في جامعة بغداد، متزوج ولديه 6 أبناء ثلاثة منهم إناث.

عمل محاميا ببغداد 7 سنوات في تسعينيات القرن العشرين، وبعدها درس في المعهد القضائي العراقي، وعين قاضيا عام 1999 في بغداد، وتنقل في العديد من المحاكم المدنية والجزائية.

ويصف زيدان خلال مقابلة تلفزيونية في أبريل/نيسان 2021 مسيرته في القضاء بأنها "معقدة جدا ومهلكة، ومررت بالكثير من المشاكل، ولا أتمنى لأولادي أن يخوضوا التجربة ذاتها، لكني أتمنى أن يكون لهم خيار آخر بعيدا عن القضاء".

وأوضح أن رفضه دخول أولاده إلى سلك القضاء "ينبع من الظروف التي يعيشها العراق، فبعد فقدان الحالة المركزية في البلد، أصبحت الأوضاع فيه شبه منفلتة، لهذا لا أفضل أن يسلك أولادي ما سلكته، لأن القضاء مهنة صعبة وشاقة خصوصا في ظرفنا الحالي".

ويرى القاضي زيدان أن "حرية التعبير عن الرأي في العراق بعد 2003 وصلت إلى مرحلة الإساءة، ونرى أن بعض الناس لا يقيّمون ما نقدمه للبلد، فكل منجز نتهم باتهامات غير لائقة وكثيرة، وهذه تؤلمنا".

وأكد أن "السلطة القضائية في العراق تواجه ضغوطات كثيرة من السياسيين، فشعارهم الانتخابي هو استقلالية القضاء، لكن في التطبيق العملي غير ذلك، فالبعض لا يحترم سيادة القانون واستقلال القضاء".

ولفت زيدان إلى أن "التدخل في عمل القضاء من السياسيين والأحزاب بعد عام 2003 أكبر مما كان عليه قبل ذلك، والذي كان له خصوصية حيث كان يتعلق بأمن الدولة السياسي، وعندما كان يتدخل رأس النظام السابق (صدام حسين) فلما يصدر قرار ضد المحسوبين عليه بجرة قلم يلغي القرار".

وتابع: "أما اليوم، التدخل أخذ شكلا آخر، فالطلبات التي تهم السياسيين تأتي إلينا بشكل مباشر ويقولون لنا أن هذا المتهم بريء وحكم ظلما، وأحيانا يقولون إن هذا الشخص القضاء لم يعطه حقه".

وشدد زيدان على أن "المشكلة في العراق هو أن الدستور رهن تعيين المناصب العليا في السلطة القضائية إلى مجلس النواب، ونحن نعتقد أن هذه كارثة حقيقية، ونطالب بتعديل الدستور فيما يخص هذه التعيينات".

حقوقي مخضرم

"زيدان" حاصل على الدبلوم العالي في العلوم القضائية من المعهد القضائي ببغداد، وعلى الماجستير من الجامعة الإسلامية في بيروت تخصص القانون الدولي، وبعدها حصل على الدكتوراه تخصص القانون العام.

يشغل حاليا منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس محكمة التمييز الاتحادية، وقبل ذلك عمل في مهنة المحاماة ببغداد من 1991 لغاية 1997، ثم بعدما درس في المعهد القضائي في بغداد من سنة 1997 وحتى 1999، عين قاضيا في محافظة بغداد عام 1999.

عمل في المحاكم المدنية والمحاكم الجنائية في بغداد من 1999 لغاية 2005، ثم عين رئيسا لمحكمة التحقيق المركزية المختصة بمكافحة الإرهاب والجرائم المهمة من 2005 لغاية 2012.

بعد ذلك، عين عضوا في محكمة التمييز الاتحادية عام 2012، وبعدها عين بمنصب نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية سنة 2014، ثم أصبح رئيسا لمحكمة التمييز الاتحادية في2016.

تولى منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى سنة 2017 بعد صدور قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لعام 2017 الذي نص على أن يتولى رئيس محكمة التمييز، منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى.

للقاضي زيدان العديد من البحوث والدراسات، منها: سلطة المحكمة الجزائية في تقدير اعتراف المتهم، بصمة الإبهام كدليل في الإثبات، تطبيق القانون من حيث الزمان، المحكمة الاتحادية العليا في العراق/رسالة ماجستير، رقابة القضاء الدستوري على الحدود الدستورية بين السلطات/أطروحة دكتوراه.