استغلال الفراغ.. روسيا تتحرك بسرعة بعد انسحابات أميركا من الشرق الأوسط

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة "لينتيا. رو" الروسية عن الخطط العسكرية للولايات المتحدة في الفترة القادمة بعد انسحابها من أفغانستان وتقليص نفوذها في الشرق الأوسط.

وتطرقت الصحيفة إلى وضع موسكو التي لا تريد أن تفقد موقعها في سوريا، مبينة أن نفوذ السعودية وإيران وروسيا زاد فيما ضعفت مكانة البيت الأبيض.

وقالت إنه "بعد انسحاب الوحدات العسكرية الأميركية (31 أغسطس/آب 2021) من أفغانستان، وعد الرئيس جو بايدن بأن واشنطن لن تقوم بعمليات عسكرية بعد الآن لاستعادة وضعها في دول أخرى".

وتدرك واشنطن أن هذا سيؤثر على روسيا التي بدأت بالفعل في العمل في وقت مبكر، فهناك تقارير عن مفاوضات سرية بين البيت الأبيض ورئيس النظام السوري بشار الأسد. 

مع ذلك، من الواضح أن موسكو لا تريد أن تفقد موقعها في سوريا، خاصة الآن بعد أن بدأ النفوذ الأميركي في التراجع، تقول الصحيفة.

في 14 سبتمبر/أيلول، وصل الأسد إلى الكرملين للتحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل مفاجئ. 

ناقش الجانبان إعادة إعمار سوريا بعد الحرب، ووصف بوتين الوجود العسكري الأجنبي بأنه العقبة الرئيسة في هذه العملية. 

وتقول الصحيفة: "ليس من الصعب التكهن بأنه (بوتين) يقصد قوات الولايات المتحدة وحلفاءها".

التجربة الأفغانية

على مدى العقد الماضي، انخفض عدد القوات الأميركية في الخارج إلى النصف تقريبا. وكانت المرحلة التالية هي إجلاء القوات من أفغانستان.

 عاصرت الولايات المتحدة الأيام الأخيرة من إقامتها في العاصمة الأفغانية كابول خسارة الأفراد والمعدات العسكرية المتروكة والهجمات على الأفغان المسالمين. 

وأعلن الرئيس جو بايدن، في خطاب وجهه إلى الأمة بمناسبة انتهاء الحملة الأفغانية التي استمرت 20 عاما، عن نهاية حقبة الاقتحام العسكري في الدول بهدف إعادة بناء البلدان الأخرى.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الكلمات أصبحت ذات قيمة. فبحلول نهاية عام 2021، يخطط الأميركيون لإنهاء المهمة القتالية في العراق. 

وقد تم بالفعل الاتفاق على هذا الأمر مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.

ولن تشارك وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" بعد الآن في عمليات واسعة النطاق على أراضي البلاد، لكنها ستواصل تدريب مقاتلي القوات المسلحة العراقية، فضلا عن القتال المستهدف ضد إرهابيي تنظيم الدولة.

كما تعمل الولايات المتحدة على التخلص التدريجي من القوات الجوية في المملكة العربية السعودية، وفقا لوكالة أسوشيتد برس الأميركية وذلك على الرغم من الهجمات الجوية المستمرة من قبل المتمردين الحوثيين في اليمن.

في لقائه مع الصحيفة الروسية، قال "أليكسي نوموف" الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي (RIAC): إن بايدن يحاول مغادرة الشرق الأوسط وتقليل مشاركة الولايات المتحدة في النزاعات العسكرية. 

ومع ذلك، فإن تنفيذ هذه الخطة يعيقها نشاط السعودية وإيران وروسيا، أصحاب النفوذ العالي في المنطقة إلى جانب إضعاف مكانة البيت الأبيض، وفق الصحيفة.

وأوضح مكسيم سوشكوف، مدير مركز الدراسات الأميركية بوزارة الخارجية الروسية للصحيفة، أنه في إطار مفهوم السياسة الخارجية الجديد، سيحاول البيت الأبيض منع المنطقة من تشكيل تهديد للولايات المتحدة. 

وقال: "في الوقت نفسه، لا تزال إدارة بايدن مهتمة بعدم السماح للمنطقة بالتحول إلى ساحة من الوسائل الجيوسياسية والاقتصادية والعسكرية والتقنية وغيرها من الفرص لروسيا والصين".

كما ذكر أن جهود الولايات المتحدة لاحتواء روسيا في الشرق الأوسط يمكن أن تهدد مصالح الكرملين. 

فكان أحد أكبر مشاريع حفظ السلام التي نفذتها موسكو في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة هو محاربة الإرهاب واستعادة استقرار دولة سوريا، وفق وصف الصحيفة. 

فمنذ عام 2015، أصبحت كامل أراضي هذا البلد منطقة صدام سياسي واقتصادي بين موسكو وواشنطن، وكذلك جحافل من حلفائهم. 

ومع ذلك، في الوقت الحالي، أصبحت سيطرة الولايات المتحدة أقل فأقل في الاتجاه السوري، الذي ترسخت فيه روسيا أكثر فأكثر.

المرحلة الساخنة

في عام 2014، بمبادرة من الولايات المتحدة، جرى تشكيل التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في بروكسل وخاصة تنظيم الدولة في العراق وسوريا. 

ومنذ بداية العام 2021، جرى نشر الوحدة العسكرية للولايات المتحدة و60 دولة أخرى في الأراضي السورية دون موافقة حكومة النظام السوري.

تتمركز قواتهم على الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في شكل قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وكذلك قوات كردية.

وفقا للموقع الروسي، لم تحدد الولايات المتحدة في البداية أهدافا طموحة بخصوص دمشق. 

فبحلول عام 2020، كلف التدخل مع إرهابيي تنظيم الدولة ورعاية المعارضة المسلحة واشنطن 40.5 مليار دولار، وفق الصحيفة.

وبحسب تقارير إعلامية، أقام الأميركيون 12 قاعدة عسكرية ونقطتي تفتيش في سوريا. 

في الوقت نفسه، من 2014 إلى 2017، نفذ التحالف المناهض للإرهاب أكثر من 28 ألف غارة جوية على أهداف مختلفة في سوريا.

 فبعد أربع سنوات من بدء الحملة العسكرية، أعلن الرئيس الأميركي الخامس والأربعون دونالد ترامب الانتصار على التنظيم في سوريا وانسحاب جميع القوات الأميركية من أراضيها.

لكن الوضع لم يسر على الإطلاق كما كان متوقعا في واشنطن؛ فقد كانت العقبة الرئيسة في طريق انسحاب القوات هي قضية النفط.

وبحلول العام الثالث من الحرب ضد الإرهابيين، بقي شمال شرق سوريا منطقة لا تزال تحتفظ بالبنية التحتية الصناعية لصناعة النفط في البلاد. 

وتقول الصحيفة: "استخدم الإرهابيون منصات التعدين المحلية لتخصيبها، بالإضافة إلى ذلك، ظلت معظم المعدات سليمة في الوقت الذي استعادت فيه المعارضة المسلحة، إلى جانب الولايات المتحدة، السيطرة عليها من تنظيم الدولة".

فوفقا لمعهد واشنطن للشرق الأوسط، جلب النفط من الشمال الشرقي السوري لمقاتلي تنظيم الدولة ما يصل إلى 1.5 مليون دولار من الدخل اليومي حتى عام 2017. 

ومنذ عام 2018، كان الأكراد، الذين فرضوا سيطرتهم على هذه الثروات يتاجرون بالموارد مع حكومة الأسد وفقا لبعض المصادر.