هادي العامري.. رجل إيران بالعراق الطامح لرئاسة الحكومة المقبلة

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مجددا، بدأ اسم زعيم مليشيا "بدر" في العراق هادي العامري، يطرح كأحد أبرز المرشحين لرئاسة الحكومة المقبلة، إذ أفادت وسائل إعلام محلية بأنه يتنافس مع ثلاثة مرشحين على الأقل للحصول على منصب رئيس الوزراء، كونه مرشح تحالف "فتح" الذي يتزعمه.

وقال البرلماني العراقي عن "فتح" نعيم العبودي، خلال مقابلة تلفزيونية في 8 سبتمبر/أيلول 2021: إن "تحالف الفتح لديه رجالات كثيرة مرشحة لرئاسة الحكومة، وعلى رأسهم العامري، وهذا سيخضع للنقاشات مع الكتل الأخرى من أجل تشكيل الكتلة الأكبر".

زعيم تحالف

عام 1954، ولد هادي فرحان العامري، الملقب بـ"أبو حسن العامري" في قرية الجيزاني التابعة لقضاء الخالص بمحافظة ديالى.

حصل على البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد من جامعة بغداد عام 1974، وكان في مقتبل شبابه من أتباع المرجع الديني محمد باقر الصدر (مؤسس حزب الدعوة الإسلامية الشيعي).

العامري عمل موظفا سابقا في مديرية تربية الرصافة ببغداد، والمساند لحزب "البعث" الحاكم حتى عام 1980، ثم عارض نظام حزب "البعث" ولجأ إلى طهران مع اندلاع الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن العشرين، على إثر إعدام المرجع الشيعي العراقي محمد باقر الصدر.

تزوج العامري من امرأة إيرانية وأبناؤه يعيشون في إيران، ويقع بيته ببلدة "مفتح" في طهران حيث يسكن قادة فيلق القدس.

يرأس العامري منذ عام 2018 تحالف "الفتح" الجناح السياسي لفصائل "الحشد الشعبي"، وحصل على 44 مقعدا برلمانيا في انتخابات 2018، حيث حل ثانيا بعد تحالف "سائرون" التابع للتيار الصدري الذي حصل على 54 مقعدا، وشكل الجانبان تحالفا انبثقت عنه حكومة عادل عبد المهدي.

رشح العامري نفسه للانتخابات البرلمانية وأصبح عضوا في مجلس النواب لأكثر من دورة منذ عام 2006، ورئيسا للجنة الأمن والدفاع فيه، ومن ثم وزيرا للنقل خلال ولاية نوري المالكي.

ويعد العامري أحد أبرز قادة الحشد الشعبي الذي تشكل بناء على فتوى المرجع الشيعي الأعلى، علي السيستاني، لتعبئة القوى الشيعية للتصدي لـ"تنظيم الدولة" الذي استولى على العديد من المدن عام 2014.

وبعد سقوط الموصل في يد تنظيم الدولة، توجه العامري مع مقاتليه في فيلق بدر إلى محافظة ديالى، مسقط رأسه، وأقاموا خط جبهة لوقف زحفه نحو بغداد، ووضع رئيس الوزراء حينها المالكي كل قوات الأمن والجيش في المحافظة تحت إمرته.

وشارك العامري في أغلب المعارك ضد تنظيم الدولة حتى طرده من آخر معاقله قرب الحدود مع سوريا، وظهر مرارا وهو يتحدث للتلفزيون الرسمي من موقع العمليات وهو يرتدي الملابس العسكرية.

بيدق إيراني

لا يخفي العامري علاقته القوية بإيران والحرس الثوري وقائد فيلق القدس الراحل قاسم سليماني، وظهرا أكثر من مرة جبنا إلى جنب خلال المعارك ضد تنظيم الدولة من 2014 وحتى 2017.

ففي عام 1982 شارك العامري مع الزعيم الشيعي محمد باقر الحكيم في تأسيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية بالعراق، والذي انبثق عنه فيلق "بدر 9"، الجناح العسكري للمجلس ويتشكل من العناصر العراقية التي فرت إلى إيران آنذاك.

تولى عملية التحقيق مع الجنود الأسرى العراقيين خلال الحرب، واتهم بتعذيب وتصفية أعداد منهم خاصة الذين رفضوا الانضمام إلى ما سمي حينها بـ"قوات التوابين"، والمقصود بهذه التسمية الجنود الذين أعلنوا "التوبة" من نظام صدام حسين (1979-2003)، وقبلوا التعاون مع منظمة "بدر" والسلطات الإيرانية واختاروا عدم العودة إلى العراق.

عمل العامري تحت لقب "معاون مسؤول قوات الإمام الخميني" التي نفذت العديد من العمليات داخل الأراضي العراقية عبر مقار سرية، ثم أصبح رئيسا لأركان فيلق بدر، فمعاونا لقائد الفيلق، وأخيرا قائدا للفيلق بعد "انتفاضة" عام 1991 بعد حرب الخليج الثانية في مدن جنوب العراق.

العامري كان يعمل في الحرس الثوري الإيراني، ورقم حسابه المصرفي 3014 ورمزه في سجل المرتبات 3829597 وكان يتسلم راتبا يعادل راتب عميد في الحرس الثوري الإيراني، وكان له حضور دائم في جبهات القتال المختلفة كضابط في فيلق الحرس يقاتل في صفوفه ضد القوات العراقية.

كان التلفزيون الإيراني، بث مقطعا جرى تداوله بمواقع التواصل، يظهر هادي العامري على الجبهة وهو يقاتل إلى جانب الجيش الإيراني ضد الجيش العراقي في العام 1987 في معركة "كيلان غرب"، وظهر العامري متحدثا باللغتين العربية والفارسية مع المراسل الحربي للتلفزيون الإيراني.

وبدأ العامري بسرد تطورات المعركة بداية باللغة الفارسية، وينتقل بناء على طلب المراسل ليتحدث بالعربية، قائلا: "توجهنا إلى كيلان غرب حيث كنا حاضرين في باختران، لصد العدو والمنافقين (يقصد الجيش العراقي ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة).. تحركت قواتنا ومسكت المنطقة، واستطاعت أن تدافع 4 أيام أمام اندفاع العدو".

ويتابع ردا على سؤال بالفارسية حول زعيم إيران آنذاك روح الله الخميني، بالقول: "نحن مع رأي الإمام الآن، الإمام إذا يقول حرب حرب، صلح صلح، ونحن نعلم أن الإمام الآن هو من يمثل الإسلام، وسنستمر بتوجيه الضربات المهلكة حتى آخر قطرة دم".

وتبين هذه الجمل الأخيرة جوهر عقيدة هادي العامري، وسائر قادة الميليشيات الشيعية في العراق، الذين يتبعون نظرية ولاية الفقيه المطلقة حتى لو كان على حساب بلدانهم وشعبهم.

وتعتبر مليشيات بدر وقائدها هادي العامري من المجاميع الخاضعة لأوامر إيران، حيث يعد خامنئي المرجع الديني لهم، وهو ما جعل هادي العامري يقبل يد خامنئي، كما ظهر في مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل.

فرق الموت

وخلال الاحتلال الأميركي عام 2003، طالت منظمة "بدر" الكثير من الاتهامات بالوقوف وراء قتل القادة العسكريين ولا سيما الطيران منهم، وقادة حزب "البعث"، ولا سيما من المكون السني.

وفي مرحلة العنف الطائفي التي ضربت العراق عام 2006 عقب تفجير مرقدي الإمامين الحسن العسكري وعلي الهادي (أحفاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم) في مدينة سامراء، لعب العامري دورا كبيرا في أعمال العنف واتهم بإدارة "فرق الموت" التي كانت تخطف وتقتل على الهوية السنية.

وأشرف العامري على بعض المعتقلات السرية وأشهرها معتقل ملجأ الجادرية الذي داهمته قوة أميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، ووجدت فيه نحو 200 معتقل سني تعرضوا لشتى أنواع التعذيب.

ويعد هذا المعتقل أحد السجون السرية التابعة لوزارة الداخلية التي كان يتولاها آنذاك بيان جبر صولاغ أحد أبرز قادة "المجلس الإسلامي الأعلى" في العراق.

وكان لمليشيات "بدر" دور نشط في أغلبية المعارك ضد تنظيم الدولة 2014 إلى 2017 ضمن الحشد الشعبي، خاصة في المناطق ذات المكون السني، منها المقدادية وآمرلي وجرف الصخر وصلاح الدين، ارتكبوا فيها أعمال القتل والإبادة وعملية السرقة والنهب في أموال المواطنين.

وبعد إعلان الاستنفار عام 2014 طلب العامري من قادة "بدر" تسجيل أسماء المتطوعين في مناطقهم، فيما تلقى المتطوعون التابعون لبدر أسلحة وتجهيزات من الحكومة بعد تسجيل أسمائهم، وتم إرسال هؤلاء المتطوعين برفقة عناصر بدر القدامى إلى مختلف المراكز التدريبية.

وطلب "فيلق القدس" من العامري توظيف عناصر وقادة بدر الكبار الذين كانوا في إيران لسنوات للتصدي إلى "تنظيم الدولة"، فيما قام العامري أواسط يونيو/حزيران2014 باستقدام 250 من قادة بدر القدامى من المحافظات الجنوبية العراقية إلى بغداد وديالى.

وأواخر يوليو/تموز 2014 خطفت مليشيا بدر وقتلت أعدادا كبيرة من شباب أهل السنة في منطقة العظيم والخالص وبعقوبة في ديالى، كما علقوا جثث الضحايا من الجسور والأعمدة الكهربائية، بحجة أنهم كانوا ينتمون إلى تنظيم الدولة.

كما أفادت تقارير الإعلام الدولية والمنظمات المدافعة لحقوق الإنسان بأن عملية الخطف والقتل لأهل السنة في العراق حصدت ضحايا عديدة، مشيرة إلى أن هذه الجرائم تجري تحت إشراف فيلق القدس الذي يقود المليشيات العراقية حاليا.

كما استغل النظام الإيراني الفرصة عندما كان العامري وزير النقل العراقي، واستخدم مطار بغداد ومطارات أخرى لدعم نظام بشار الأسد من إرسال الأسلحة والعتاد والتجهيزات والمقاتلين للحرب في سوريا.

وفي عام 2014 أثناء شغله لموقع وزير النقل أعلنت شركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية أن إحدى طائراتها منعت من الهبوط في مطار بغداد وأنها أجبرت على العودة إلى بيروت لأنها لم تقل مهدي ابن الوزير العامري.

العامري إمكانياته متواضعة وتوليه مناصب مهمة في الحكومة العراقية، وحتى منصب وزير النقل والمواصلات كان بدعم مباشر من المالكي، فهو يفتقر إلى الوعي السياسي والكاريزما، ولا يمتلك مقومات التحول إلى رجل دولة حقيقي، بحسب تقارير صحفية في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2015.