السيسي يخاطر بزعزعة الاستقرار و"خسارة تأييد الجيش".. ما السبب؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

خلال اجتماع استثنائي في 6 مارس/آذار 2024، قرر البنك المركزي المصري السماح بتحديد سعر صرف الجنيه وفقا لآليات السوق، وتطبيق زيادة قوية على أسعار الفائدة بنحو 6 بالمئة دفعة واحدة. 

ووصل سعرا الإيداع والإقراض لمدة ليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة إلى 27.25 بالمئة، 28.25 بالمئة و27.75 بالمئة على الترتيب. 

وفي تعليقه، قال موقع إيطالي إن "القرار أثار ضجة داخل مصر وخارجها" مبينا في تقرير، تحدث فيه أيضا مع مصدر دبلوماسي لم يسمه، عواقب محاولات رئيس النظام السيسي إنقاذ الاقتصاد وتحقيق الانتعاشة.

وفسر أن هذه الخطوة ذات اتجاهين. من ناحية، يرى موقع "إنسايد أوفر" أنها تشكل علامة على الصعوبات الهائلة التي يواجهها الاقتصاد المصري.

ومن ناحية أخرى، عدها إشارة إلى احتمال بداية عملية انتعاش أساسية خاصة بعد موافقة صندوق النقد الدولي على زيادة قيمة القرض المتفق عليه مع السلطات من 3 إلى 8 مليار دولار.

ولاحظ أن هناك يقينا كبيرا في الأروقة الدبلوماسية بشأن نقطة واحدة على وجه الخصوص وهي أن مصر تمثل المثال الكلاسيكي للاعب دولي "أكبر من أن يُفلس". 

ونقل عن المصدر الدبلوماسي تأكيده بأن البلاد "لن تُترك للإفلاس"، مبينا أن الثمن الذي سيدفعه السيسي قد يكون باهظا للغاية.

وبحسب المصدر، فإن "ارتفاع الأسعار وكذلك انخفاض القوة الشرائية للطبقات الوسطى، فضلا عن زيادة نسبة الفقر، كلها عوامل من شأنها أن تزعزع استقرار المجتمع المصري".

استثمارات فرعونية

أعاد الموقع الإيطالي التذكير بما قاله السيسي خلال مؤتمر عقد في القاهرة قبل سنوات قليلة إنه "لو كان ثمن ازدهار الأمة أنها لا تأكل أو تشرب، فلا نأكل أو نشرب".

ورمزت هذه الكلمات بحسب تفسيره إلى ضرورة إنشاء بنى تحتية ومشاريع مهمة لصورة البلاد في المستقبل مهما كلف ثمنها.

وعلق الموقع أن الثمن كان باهظا للغاية، إذ تشير التقديرات إلى تخطي ديون البلاد عتبة 150 مليار دولار وكذلك ارتفاع معدل التضخم إلى 40 بالمئة في عام 2023 قبل أن ينخفض إلى 29 بالمئة في يناير/كانون الثاني 2024.

وذكر أن السيسي استثمر منذ صعوده إلى السلطة عام 2014 "المليارات" في مشاريع مهمة بمقدورها، وفقا لحكومته، أن "تضمن للبلاد توافر الموارد القادرة على إعادة إطلاق الاقتصاد في المستقبل". 

 ومنها بناء العاصمة الإدارية الجديدة على بعد 50 كيلومترًا من القاهرة والتي تقدر تكلفتها بنحو ستين مليار دولار وتهدف لتخفيف الازدحام في العاصمة الحالية.

وكذلك مشروع بناء السكك الحديدية الجديدة بين البحر الأحمر والإسكندرية، والمشروع الخاص بتوسعة قناة السويس، فضلا عن بناء مدن جديدة. 

وتخطط القاهرة ضمن مشاريعها المستقبلية لبناء قنوات مائية جديدة لإيصال مياه النيل إلى المناطق القاحلة وإنشاء أراضٍ جديدة صالحة للزراعة. 

كما بنت خلال السنوات الخمس الماضية طرقا سريعة، على غرار "القاهرة كيب تاون" أطول طريق سريع في إفريقيا. 

معضلة الاقتصاد

بين الموقع الإيطالي أن السبب وراء تفكير السيسي في إنجاز هذه المشاريع بالبسيط للغاية هو حاجة البلاد إليها لإعادة إطلاق الاقتصاد وحاجتها إلى الاستثمار في بنائها.

هذا إلى جانب حل مشاكل الاكتظاظ السكاني وكذلك الانخفاض التدريجي للموارد المائية، وفق تقديره. 

إلا أن المشكلة تكمن في إهدار "موارد وطاقة على مشاريع تبدو في بعض الحالات وكأنها انعكاس لجنون العظمة في العقل الذي ابتكرها". 

إلى ذلك، يضيف أن هذه الاستثمارات جاءت في واحدة من أكثر المراحل الصعبة في التاريخ الحديث لاسيما وأن تفشي جائحة كوفيد، ثم الحرب في أوكرانيا، أديا إلى تراجع الإيرادات وفي تزايد النفقات المخصصة للدعم وشراء المواد الخام والمواد الغذائية.

كما أدى العدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى تعقيد الصورة، لا سيما أن هجمات الحوثيين في اليمن على سفن الشحن في البحر الأحمر أدت إلى تراجع عائدات قناة السويس.


 

بدوره، قال المصدر الدبلوماسي للموقع تأكيدا على صعوبة الوضع المصري إن "إلقاء نظرة على الخريطة يجعلك تدرك أن مصر محاطة حرفيًا بالصراعات". 

إلى الغرب، توجد ليبيا غير المستقرة منذ سقوط نظام معمر القذافي وإلى الجنوب، الحدود مع السودان الذي يعاني من حرب أهلية منذ حوالي عام.

وشرقا، تواصل إسرائيل عدوانها على قطاع غزة، إلى جانب حالة من عدم استقرار في البحر الأحمر نتيجة هجمات مليشيات الحوثي اليمنية على السفن التجارية العابرة من هناك.

وقد أثر هذا الوضع بشدة على اثنين من مصادر دخل مصر الرئيسة، أي السياحة ورسوم عبور قناة السويس.

ولم يؤد ذلك إلى صعوبات في سداد العجز فحسب، بل أدى أيضاً إلى الاستنزاف شبه التام لاحتياطيات النقد الأجنبي وهو ما أثار قلق المنطقة برمتها.

إنقاذ مكلف

ولإنقاذ القاهرة من شبح الإفلاس، قررت دول المنطقة إنفاق الكثير من الأموال، على غرار ضخ الإمارات لما لا يقل عن 35 مليار دولار، إلى جانب قرض محتمل من السعودية بقيمة 15 مليار دولار.

وتُعد الزيادة في أسعار الفائدة بمثابة استجابة لبرنامج تمويل صندوق النقد الدولي الذي يشترط خفض الإنفاق والتحكم في الأسعار وإجراء إصلاحات هيكلية من شأنها إعادة توازن الوضع على المدى الطويل.

وعن التكاليف السياسية الأولى لعملية الإنقاذ هذه بالنسبة لرئيس النظام، ألمح الموقع إلى أنها تتعلق باستقلالية السياسة الخارجية، فيما يرى المصدر الدبلوماسي أن "الأموال القادمة من الخليج ليست صدقة بالتأكيد". 

أما على المستوى الداخلي، يضيف أن السيسي سيواجه مرحلة من المحتمل أن تثير فيها زيادات الأسعار وخفض الإنفاق ما هو أكبر بكثير من مجرد استياء.

وزاد أن التحدي الأهم في هذا الصدد قد يكون "الجهاز الأكثر ارتباطاً" برئيس النظام الحالي أي الجيش خصوصا.

ولفت إلى أن السلطات قد تضطر إلى "إعادة النظر في إنفاقها الدفاعي وهو ما قد لا يحظى بالتأكيد بتقدير الجنرالات والشركات العديدة التي تدور حول النظام العسكري".

وخلص إلى التأكيد أن الاهتمام بمصر سيصل إلى أقصى حد في الأشهر المقبلة خاصة من جانب الحكومات سواء في الشرق الأوسط أو في أوروبا.

هذا بالنظر إلى أن "حكومة القاهرة تكتسب مكانة إستراتيجية لأسباب مختلفة، أبرزها الهجرة (إلى أوروبا) والوساطة مع (حركة المقاومة الإسلامية) حماس وكذلك موارد الغاز والطاقة".