صراع الولاية.. لماذا أطاح نظام الملالي بروحاني من مجلس خبراء القيادة؟

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تشهد إيران صراعا بين أجنحة نظام الملالي، مع رفض مجلس خبراء القيادة المسؤول عن اختيار "المرشد" منح التزكيات لبعض الشخصيات الإيرانية التي تتيح لهم تقلد ولاية جديدة داخله.

الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني أعلن في 24 يناير/ كانون الثاني 2024، في بيان عبر موقعه، أن مجلس صيانة الدستور لم يوافق على ترشحه لولاية جديدة في مجلس خبراء القيادة بعد 24 عاما من انتسابه له.

ويتولى مجلس خبراء القيادة المؤلف من 88 عضوا انتخاب المرشد الأعلى الذي له الكلمة الفصل في جميع شؤون الدولة في إيران.

والمرشد الأعلى منذ 1989 هو علي خامنئي، البالغ من العمر حاليا 84 عاما، والذي من المتوقع أن يلعب مجلس خبراء القيادة، الذي يُنتخب كل ثمانية أعوام، دورا في اختيار المرشد الجديد.

استبعاد مفاجئ

وندد روحاني بـ"النهج المناهض للدستور للأقلية الشمولية الحاكمة"، وقال: "من استبعدوني لدوافع سياسية.. لا يملكون الثورة والبلد، ولا يملكون سلطة تحديد مصالح البلد".

كما اتهم روحاني المعتدل "الأقلية الحاكمة" بالسعي إلى تقليل مشاركة الشعب في الانتخابات "حتى يتمكنوا من تحديد مصير الشعب" وحدهم.

وانتخب روحاني لأول مرة لعضوية الهيئة في 1999، وعاد وأعلن في نوفمبر 2023 سعيه للحصول على ولاية جديدة، وهي خطوة كان يأمل منها تدعيم حضوره السياسي في إيران.

وشغل روحاني منصب رئيس إيران بين 2013 و2021. ومنذ مغادرته المنصب انتقد صراحة الإدارة المحافظة لخَلَفه إبراهيم رئيسي والحرس الثوري الإيراني، أحد ركائزها الأساسية.

اللافت أنه جرى أخيرا رفض أهلية مصطفى بور محمدي، إحدى الشخصيات الأمنية في إيران ووزير العدل الأسبق، للترشح أيضا لمجلس خبراء القيادة، حسبما أفادت وكالة أنباء "برنا".

وكان بور محمدي، الذي يشغل الآن منصب الأمين العام لجمعية رجال الدين المناضلين في إيران، مساعد المخابرات الخارجية في وزارة الاستخبارات منذ عام 1991 ولمدة أكثر من عقد من الزمن.

ثم جرى تعيينه في عام 2002 رئيسا لمكتب المجموعة السياسية الاجتماعية لمكتب المرشد علي خامنئي.

وعمل بور محمدي وزيرا للداخلية ووزيرا للعدل ورئيسا للهيئة العامة للتفتيش لبعض الوقت، ويرتبط اسمه بـ"لجنة الموت" المتعلقة بالإعدامات السياسية لآلاف الإيرانيين عام 1988.

"تحصين مسبق"

يعد مجلس صيانة الدستور أعلى هيئة تحكيم في إيران، كونه يشرف على جميع الانتخابات ويبت في صلاحية المترشحين لخوض أي انتخابات برلمانية أو رئاسية أو بلدية.

وله مهمة رئيسة وهي اختيار أعضاء "مجلس خبراء القيادة" المسؤول عن اختيار "المرشد" وتناط به في هذه المهمة تقييم المرشحين وإعلان رأيه بشأن أهليتهم للترشح لمجلس خبراء القيادة.

 "مجلس صيانة الدستور" يتكون من اثني عشر عضوا، ستة منهم فقهاء دينيون يعينهم المرشد الإيراني، أما الستة الباقون فيكونون من الحقوقيين، ويعينهم البرلمان بتوصية من رئيس السلطة القضائية، وتتبع للمجلس لجان مراقبة تشرف على تطبيق وتنفيذ صلاحياته.

وفي الوقت الراهن يرى كثير من المراقبين أن روحاني المقرب من التيار المعتدل، والذي انتخب رئيسا بأغلبية ساحقة في عامي 2013 و2017، يواجه اعتراضات على نهجه السياسي داخل إيران.

وكان روحاني من الشخصيات التي تنادي بتقليص العزلة الدبلوماسية لإيران، في وقت يرى الآخرون أن ذلك يجب ألا يمر عبر التنازلات للغرب.

ولهذا أثار روحاني غضب التيار اليميني الذي عارض أي تقارب مع الولايات المتحدة التي يعدونها "الشيطان الأكبر"، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق نووي عام 2015 مع ست قوى كبرى.

لذا يُتوقع أن تتراجع نسبة المشاركة في الانتخابات المقرر إجراؤها في مارس/ آذار 2024، إذ قال روحاني قبل رفض ترشيحه لعضوية مجلس خبراء القيادة، إن غالبية الناس لا يريدون التصويت وإن ذلك سيصب في صالح الأقلية الحاكمة.

ويرى مراقبون مؤيدون للتيار الإصلاحي أن مجلس صيانة الدستور أوضح استبعاد روحاني عزم المتشددين إبعاد المعتدلين عن المجلس.

واستبعد مجلس صيانة الدستور المؤلف من 12 عضوا ويشرف على الانتخابات والتشريعات، مئات المرشحين لخوض انتخابات مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان).

وذكرت وسائل إعلام حكومية أن 30 شخصا فقط من المرشحين المعتدلين محدودي النفوذ تأهلوا للترشح بانتخابات البرلمان المكون من 290 مقعدا، ونحو 12 ألف مرشح سيخوضون الانتخابات البرلمانية.

وفي هذا السياق أوضح الكاتب المهتم بالشأن الإيراني عمار جلو، أن "صراع الأجنحة داخل إيران انحسم في انتخابات عام 2020 و2021 البرلمانية والرئاسية لحساب التيار المحافظ الثوري (الأكثر تشددا) عبر إمساكه بالسلطات الرئاسية والبرلمانية والقضائية".

وأضاف لـ"الاستقلال" أن "الانتخابات البرلمانية ستكون حاسمة في تاريخ إيران على افتراض أن مجلس خبراء القيادة سيتولى اختيار المرشد الأعلى القادم سواء بموت علي خامنئي أو تعيين الخليفة له في حال الموت المفاجئ لخامنئي".

ورأى جلو أن "ترشيح روحاني لمجلس خبراء القيادة كان خطوة أولية نحو بناء ربما أصوات وشعبية للوصول إلى منصب ولاية الفقيه في إيران، لا سيما أنه كان ضمن المرشحين الثاني والثالث لهذا المنصب الحساس في إيران كون المرشح الأول يدور حول إبراهيم رئيسي أو مجتبى ابن علي خامنئي ثم علي لاريجاني ثم حسن روحاني".

 ومضى يقول: إن "إغلاق الباب أمام حسن روحاني للدخول في عضوية مجلس خبراء القيادة هو من أجل التحصين المسبق لحدوث أي اضطرابات في موضوع منصب الولي الفقيه".

كون هذه الانتخابات ستكون حاسمة من ناحية اختيار الخليفة لخامنئي بما يعني تعزيز سيطرة هذا الجناح المحافظ المتشدد داخل ما يسمى الثورة الثانية التي يجرى التكريس لها في إيران، وفق جلو.

الحل بالمقاطعة

وخلال الأشهر الأخيرة، وصف خامنئي الانتخابات القادمة  بأنها "مهمة للغاية" في عدة مناسبات مختلفة، وفي لقاء مع النساء، قال لهن "أجبروا أزواجكن وأولادكن على المشاركة في الانتخابات".

وشهدت المشاركة في الانتخابات تراجعا في السنوات الأخيرة، وفي الانتخابات الأخيرة التي أجريت عام 2019، حضر أقل من نصف الأشخاص المؤهلين إلى صناديق الاقتراع.

وبحسب الإحصاءات الحكومية، فإن أكثر من نصف الشعب الإيراني لم يشارك في الانتخابات البرلمانية السابقة.

ونظرا لعدم تنافسية الانتخابات في إيران وتزايد استياء الشعب، خاصة بعد احتجاجات عام 2022، من المتوقع أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة منخفضة.

ولهذا انشغلت وسائل الإعلام الإيرانية التابعة للتيار المحافظ المتشدد على حشد الرأي العام نحو صناديق الاقتراع.

وضمن هذه الجزئية، قالت صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري، إن "المتطرفين" الإصلاحيين هم الذين يقاطعون الانتخابات، ولم يعاودوا طرح فكرة المشاركة المشروطة، وإنما أصبحت إستراتيجيتهم تتمثل في المقاطعة بشكل نهائي.

والمقاطعون، وهم في تزايد في إيران، يبررون مواقفهم بالقول إن السلطة أصبحت راغبة ومصرّة على تسليم الحكم وإدارة البلد بيد تيار واحد هو التيار الأصولي، وهمشت الآخرين من أمثال حسن روحاني.

وفي السياق، نقلت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية، كلام الناشط الإصلاحي، حسين نقاشي، الذي قال إن "الإصلاحيين لن يشاركوا في انتخابات فارغة من أي معنى وغير تنافسية وبعيدة عن الإنصاف والتأثير".