اغتيال أم وفاة؟.. مطالبات بكشف ملابسات موت باحثة مصرية بفرنسا

طالب ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، بالكشف عن المتسبّب في وفاة الباحثة المصرية طالبة الدكتورة ريم حامد، في ظروف غامضة في فرنسا، ملمحين إلى وجود شبهة جنائية، ومتداولين تدوينات لها أعلنت فيها تعرضها لتهديدات ومضايقات وتجسّس.
وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج أعلنت في بيان أصدرته في 25 أغسطس/آب 2024، أي بعد ثلاثة أيام من وفاة ريم في 22 أغسطس، متابعتها للواقعة، عقب موجة غضب واسعة بين الناشطين والمغردين بسبب التجاهل الحكومي والتقاعس.
وأوضحت الوزارة أن القنصلية المصرية تواصلت مع السلطات الفرنسية للوقوف على ملابسات واقعة الوفاة وطلبت موافاتها بنتائج التحقيق فى أسرع وقت، معربة عن بالغ أسفها لوفاة الفقيدة.
ريم حامد حصلت على درجة البكالوريوس من جامعة القاهرة في تخصص البايوتكنولوجي ثم التحقت بجامعة باريس وحصلت على الماجيستير في علم الجينوم، وكانت تجري أبحاثا للحصول على درجة الدكتوراه في التعبير الجيني.
وتستهدف معرفة المعلومات الجينية وإنتاج البروتينات لخلق منتجات جينية صناعية من أجل التعرف على أسباب انتشار بعض الأمراض وأفضل الطرق للوقاية منها ومواجهتها.
وكشفت حامد في منشورات دونتها على حسابها بفيس بوك في يونيو/حزيران 2024، وحُذفت لاحقا، عن تعرضها لمضايقات خلال فترة دراستها للحصول على الدكتوراه في مجال "البايو تكنولوجي وعلم الجينات"، ومحاولات اختراق أجهزتها وهواتفها.
وتحدثت عن محاولة اغتيال وتجسس من جانب جارتها، قائلة إن جارتها رشت مواد مخدرة على باب شقتها تسبب زيادة نبضات القلب وضيق التنفس.
وكتب نادر حامد شقيق ريم عبر حسابه على "فيسبوك"، أن القضية قيد التحقيق أمام النيابة الفرنسية، وأنه لم يصدر أي تقرير رسمي حتى الآن فيما يخص الوفاة، أو تأكيد أو نفي وجود شبهة جنائية، راجيا الحذر من نشر أي أخبار قد تضر بسير العدالة أو تمس حقوق شقيقته.
وهاجم ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية على تويتر وتدويناتهم على فيس بوك وإنستجرام، الحكومة المصرية واتهموها بالتقصير في حماية ريم، وطالبوها بسرعة كشف ملابسات الحادث واتخاذ إجراءات صارمة تجاه المتورط في مقتلها.
واستنكروا تجاهل الحكومة المصرية للاستغاثات التي أطلقتها ريم عبر حسابها الشخصي على فيس بوك، مشيرين إلى حذف تلك التدوينات وعدوه أمرا بالغ الغموض يؤكد الشكوك حول تعرضها للاغتيال، وأعادوا نشر صورة منها أعربت فيها عن قلقها من مساعي اغتيالها.
وذكّر ناشطون ومغردون بعلماء مصريين نبغوا في علوم مختلفة واجهوا المصير ذاته وتم اغتيالهم في ظروف غامضة، أبرزهم العالمة الشهيرة سميرة موسى التي لقيت مصرعها في منتصف أغسطس/آب عام 1952 في حادث سيارة بمدينة كاليفورنيا الأميركية، أكد مراقبون أنه مدبر.
قصة ريم
وأطلق ناشطون عبر إنستجرام مقاطع فيديو تعريفية بريم حامد وسيرتها الأكاديمية ورحلتها العلمية، وتطرقوا لما تعرضت له من تهديدات، مع ترجيحات غير مؤكدة باغتيالها وتذكير بعلماء مصريين تعرضوا لحوادث تصفية غامضة مشابهة.
وتعريفا بريم حامد وتلميحا لضلوع الموساد في اغتيالها، أوضح الباحث محمد الحديدي، أنها درست بيوتكنولوجي في كلية الزراعة جامعة القاهرة وكان نفسها تشتغل معيدة في جامعة النيل في مجال البيوانفورماتكس، موضحا أنه مجال قريب لكن يحتاج مهارات معينة ودراسات إضافية.
وأضاف: "لما اتكلمت معاها قلت لها إنها محتاجة تعمل دراسات إضافية عشان تقدر تشتغل في المجال ده، بالفعل التحقت وخلصت دبلومة بيوانفورماتكس من كلية حاسبات جامعة عين شمس، للي بعيد عن المجال، ديه خطوة صعبة وفيها تحدي كبير، لكن هي عرفت تخلصها وبنجاح".
وتابع الحديدي: "بعدها قررت تعمل دبلومة تانية في جامعة النيل وبالفعل التحقت بيها. في نفس الوقت اتقبلت في برنامج ماجستير في فرنسا وكان قدامها تحدي أكبر إزاي توفق بين دراستها في الماجستير بفرنسا ودبلومة جامعة النيل من علي بعد".
وكتب مؤمن مقدادي: "كالعادة، العلمانية مافيا الاغتيالات العلمية. كل إنسان عالم يختلف مع شذوذها ورأس مالها تقوم بملاحقته واغتياله. عشرات الآلاف الذين تم اغتيالهم وتصفيتهم من قبل المنظومة العلمانية التي تكره العلماء.. لا تنسوا سميرة موسي 1952 ، ريم حامد 2024".
وقال الباحث المتخصص في الدراسات الإستراتيجية الدولية خالد المواجدة: "يواصل الموساد اغتيال العلماء الشباب العرب، يوم أمس الأول تم اغتيال طالبة الدكتوراة المصرية المتميزة الطالبة ريم حامد في فرنسا، ورغم مطالباتها المتكررة من الحكومة المصرية بحمياتها ذهبت استغاثاتها أدراج الرياح".
دلالات الاستغاثة
واستحضارا لما نشرته الباحثة المصرية قبل شهرين من وفاتها وقراءة في دلالته وتلميحات لوجود شبهة تصفية واغتيال، أشارت انتصار صالح أحمد، تحت عنوان "قتلوا البنية"، إلى وجود أنباء عن اغتيال ريم حامد في باريس من جهة مجهولة.
ولفتت إلى أن ريم كانت تحضر الدكتوراة في معهد البيولوجيا التكاملية للخلية وهي حاصلة على درجة بكالوريوس فى التكنولوجيا الحيوية من جامعة القاهرة ودرجة الماچستير في علم التخلق من جامعة باريس.
وأوضحت أن الباحثة كتبت على صفحتها أنها تتعرض للمراقبة على مدار الساعة ودخول أحد الأشخاص إلى غرفتها في عدم وجودها والرسائل كانت موجهة للمسؤولين في مصر قبل اغتيالها بساعات.
ورأى المغرد عبدالسلام، أن ما نشرته ريم قبل وفاتها يجعل وفاتها جريمة اغتيال دولية يجب على الحكومة المصرية سرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعاقبة من اغتالها.
وشكك هاني طلب، بوجود شبهة جنائية وراء مقتل ريم، حيث نشرت قبل وفاتها أنه يتم مراقبتها بالإضافة إلى العديد من البوستات الغامضة، متمنيا أن تقوم وزارة الخارجية والأجهزة السيادية في مصر بمتابعة الموضوع، خاصة أنه يمس أمن العلماء والباحثين المصريين، فضلا عن تخصص ريم رحمها الله الدقيق.
وأشارت خديجة يوسف، إلى أن كل البوستات اللي نشرتها ريم وبتقول فيها إنها مراقبة وحاسة بالتهديد قبل ما تقع من شباك غرفتها أو بالأحرى يتم رميها اتمسحت من على الفيس.
وذكرت بأن ريم كتبت على حسابها الشخصي إن في حاجات غريبة بتحصلها وأنها مراقبة طول الوقت سواء من أشخاص بعينهم أو عن طريق التجسس على أجهزتها، ويتم تهديدها على السكوت عن أمر ما يخص أبحاثها وطبيعة عملها في فرنسا، وأن المسؤول عن كل ما يحدث لها هو رئيسها المباشر في الوحدة التي تعمل بها في الجامعة.
وعرض محمد عز الدين، سلسلة صورا من التدوينات التي كتبتها ريم راصدة فيها ما كان يحدث معها ووثقته وتقول إنها في خطر حسب ما كانت تنشره.
تقاعس حكومي
وهجوما على النظام المصري واستنكارا لتجاهله استغاثات ريم، كتب شريف فتوح: “دم المصريين رخيص فى كل مكان داخل الدولة وخارجها، نحن كمصريين ليس لنا دية، نحن نعيش في بلد لا ترى فيها إلا الظلم والتعدي على حقوق الغير، لا تسألوا عن تحقيقات وكيف تم قتلها أو اغتيالها، فنحن تم تكميم أفواهنا واغتيال أحلامنا لكن بطريقة مختلفة.”
وذكرت إحدى المغردات، بأن ريم حامد تكتب منذ فترة على صفحتها على الفيسبوك أنها في خطر وأن كل أجهزتها مخترقة وأنها تعرضت في سكنها وفي مكان عملها لأكثر من أمر، وأنها مراقبة وتتعرض للتهديد، وأبلغت السفارة، وطلبت تدخل الحكومة المصرية، وجاءت إلى مصر وعادت واغتيلت في نفس يوم عودتها.
وتساءل حسن عاشور: "فين شعار طول ما الدم المصري رخيص يسقط يسقط أي رئيس".
وأشارت نرمين عادل، إلى أن حسابها على الفيس بوك تم إغلاقه بدون سابق إنذار أول ما تكلمت عن ريم حامد وأنها ثاني حالة يتم اغتيالها بعد الدكتورة سميرة عزت بسبب أبحاث الجينيوم وبسبب أن فيه فصيل معين هيتم إثباته من النظام العالمي الجديد أنه جينيا مصريين، قائلا إن ريم لجأت للنظام المصري ظنًا منها أن عدوها خارجي.
وتوقع مصطفى غالي، أن يتم تشخيص وفاة الباحثة ريم حامد على أنها أزمة قلبية حادة، مؤكدا "وهذا من أجل إغلاق ملف اغتيالها، كما حدث سابقا مع سميرة موسى وجمال حمدان وغيرهما، وهذا سيسعد مدعي الثقافة من اليسارجية، الذين يتهمون من يشير إلى ضلوع الصهاينة بأنهم من أصحاب نظريات المؤامرة، وكأن الحروب والنزاعات قامت لوحدها!".
مصير مشابه
وذكر ناشطون بعلماء مصريين سابقين توفوا في ظروف غامضة ذهبت الروايات إلى أنها عمليات اغتيال متعمدة، أبرزهم سميرة موسى ويحيى المشد.
وكانت موسى متخصصة في الأبحاث النووية، وأسهمت في تأسيس هيئة الطاقة الذرية في مصر، وذلك بعد 3 أشهر فقط من إعلان قيام دولة إسرائيل في 1948، وقبل عودتها إلى مصر بأيام سقطت السيارة التي كانت تقلها من ارتفاع نحو 40 قدما، ووجهت اتهامات لجهاز الموساد الإسرائيلي باغتيالها.
وموسى هي أول عالمة ذرة مصرية، وأول امرأة تحصل على دكتوراه في الإشعاع الذري، وأول امرأة عربية تنال شهادة الدكتوراه، وأول امرأة تشغل منصبا تدريسيا في الجامعة، وكانت تؤمن بمبدأ "الذرة من أجل السلام"، وكان من بين أهدافها جعل الاستخدام الطبي للتكنولوجيا النووية في متناول الجميع.
واهتمت موسى بالأحداث السياسية، وكانت ترغب في جعل مصر تمتلك سلاحا نوويا، إيمانا منها أن امتلاك السلاح النووي يعمل على تحقيق السلام في العالم أجمع، وتقديرا لأبحاثها النووية الرائدة سمح لها بزيارة المنشآت الذرية السرية الأميركية.
ونتيجة لنبوغها في الأبحاث والمختبرات العلمية، وبحثها المستمر بشأن سبل استخدام الذرة فيما هو نافع وآمن للبشرية، أطلق عليها لقب "ماري كوري الشرق" استلهاما من عالمة الفيزياء البولندية الحاصلة على جائزة نوبل للفيزياء ماري كوري.
ويحيى المشد عالم مصري متخصص في هندسة المفاعلات النووية، كان واحدا من الكوادر العلمية التي استثمر علمها في البرنامج النووي المصري قبل أن يلتحق في أواخر سبعينيات القرن العشرين بالمشروع النووي العراقي.
وتعرض أثناء وجوده بالعاصمة الفرنسية باريس، لجريمة اغتيال يوم 13 يونيو/حزيران 1980 حيث عثر على جثته في غرفة بفندق الميريديان بباريس، بعد أن ضُرب بآلة حادة على رأسه. وقيّدت القضية ضد مجهول، وضرب حولها طوق من التعتيم الإعلامي.
واستأجر القتلة عاهرة فرنسية تسمى ماري كلود ماجال للإيقاع بالمشد، لكنه رفض مجاراتها لأنه كان رجلا متدينا، وقد شهدت هي نفسها بهذه الحقيقة، وماتت بعد شهر من اغتيال المشد في حادث دهس بسيارة في ضاحية سان ميشيل بفرنسا، وقيّدت الحادثة أيضا ضد مجهول.
وعرض ياسر شلبي، صورا لنماذج تعرضت لمصير مشابه لما تعرضت له ريم، ومنهم الباحثة في علم الجنيوم الوراثي سميرة عزت (1972) التي توفيت في الجيزة في 2022.
وذكر بعالم الفيزياء النظرية علي مصطفى مشرفة أحد العلماء الذين عرفوا سر تفتت الذرة، الذي توفي بالقاهرة في 1950، وأول عالمة ذرة مصرية سميرة موسى التي توفيت في كاليفورنيا في 1952.
وأشار شلبي، إلى الكاتب جمال حمدان مؤلف كتاب اليهود إنثروبولوجيا الذي أثبت فيه أن يهود إسرائيل ليسوا بني إسرائيل والذي توفي في الجيزة في 1993، ووفاة عالم الذرة والفيزياء النووية يحيى المشد في باريس في 1980، مؤكدا أن القوس مازال مفتوحا في قصة اغتيالات العلماء والباحثين المصريين في كل مكان.
وأكد أحد المغردين، أن علماء وعباقرة مصريين وغيرهم كثيرون عرب في المجالات كافة يقتلون في الخارج حين يلمع نبوغهم حتى لا ينفعوا بلادهم ويفضل العرب في الجهل، متسائلا: “فين مصر والعرب من حق ولادها؟”
وذكر بسميرة موسى "العقل العربي"، ومصطفى مشرفة "أينشتاين العرب"، وسمير نجيب، جمال حمدان، يحيى المشد، وأخرهم ريم حامد".
ووصف مصطفى بغدادي، ريم بأنها النسخة الحديثة من سميرة موسى، قائلا: "زي ما تم اغتيال سميرة موسى عالمة الذرة المصرية سنه 52 في كاليفورنيا في عمر الـ ٣٥، اليوم تم اغتيال ريم حامد الباحثة المصرية في علوم التكنولوجيا الحيوية سنة 2024 في عمر الـ ٢٩، وفي الحالتين سوف يظل موقف مصر صامت أمام اغتيال العلماء ".