تخفيف القواعد.. لماذا أغضب قانون الجنسية الألماني الجديد اليمين المتطرف؟

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

جدل متصاعد في ألمانيا بشأن تأثير قانون الجنسية الجديد وموقف اليمين المتطرف وتداعياته على السياسة الداخلية والخارجية.

ويأتي هذا الجدل بعد الموافقة على مشروع القانون الذي يهدف إلى تخفيف قواعد الجنسية في ألمانيا ورفع حظر الجنسية المزدوجة في البرلمان بأغلبية 382 صوتا مقابل 234 صوتا في 19 يناير/ كانون الثاني 2024، بينما امتنع 23 نائبا عن التصويت.

وبذلك سيصبح بإمكان المهاجرين الحصول على الجنسية بعد خمس سنوات فقط من الإقامة في ألمانيا، بعدما كان الحد الأدنى في السابق ثماني سنوات.

وفي حال تحقيق شروط "الاندماج" عبر تحقيق إنجازات مهنية ودراسية متميزة أو العمل التطوعي، يمكن تخفيض الفترة إلى ثلاث سنوات.

وسيتم منح الجنسية تلقائيا للأطفال المولودين في ألمانيا إذا أقام أحد الوالدين بشكل قانوني في البلاد لمدة خمس سنوات.

اليمين المتطرف

ونشر مركز "أنكاسام" التركي مقالا للكاتب، زكي جولتان، أوضح فيه أن "القانون سيتيح بشكل عام فرصة الحصول على الجنسية المزدوجة التي عادة ما يُسمَح بها لمواطني الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي فقط". 

وأشار إلى أن "هذا سيتيح لآلاف الأشخاص المولودين في ألمانيا والذين يحملون أصولا أجنبية أن يصبحوا ناخبين، وسيكون لهم الحق في المشاركة في الانتخابات والتأثير في العملية الديمقراطية في البلاد". 

من جهته، قال رئيس الوزراء الألماني أولاف شولتس: "مع قانون الجنسية الجديد، نقول لكل من عاش وعمل في ألمانيا لعقود والذي يلتزم بقوانيننا ولديه منزل هنا، أنتم جزء من ألمانيا".

وأشار الكاتب التركي إلى أن "هذه العبارة تؤكد على أن القانون يمنح حق الجنسية الألمانية لأولئك الذين عاشوا لفترة طويلة في ألمانيا واندمجوا في المجتمع، وبذلك يعدون جزءا من البلاد ويحظون بنفس الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها المواطنون". 

ورأى أن "هذا يعكس رغبة الحكومة في تعزيز التكامل والمشاركة المجتمعية للأشخاص الذين يعيشون في ألمانيا لفترة طويلة ويساهمون في تطور البلاد".

وأردف جولتان بأن "المعارضة اليمينية أعربت عن انتقادها للمشروع وأشارت إلى أنه سيقلل من قيمة الجنسية الألمانية". 

وتابع: "هذا التغيير كان جزءا من سلسلة من الإصلاحات الاجتماعية التي وافق عليها شولتس عند توليه منصبه عام 2021".

وكانت ألمانيا قبل هذا التغيير تمتلك أحد أكثر قوانين الجنسية تقييدا في العالم.

لذلك طالبت بعض الجماعات بإقرار قانون الجنسية الذي يعترف بتنوع الأعراق والثقافات في ألمانيا والتي بدأت بالتزايد منذ ستينيات القرن الماضي مع وجود عمالة وافدة من بلدان أخرى. 

مخاطر القانون 

ونبه جولتان بأنه "تم الكشف عن أن كبار أعضاء (حزب البديل من أجل ألمانيا) اليميني المتطرف يناقشون خططا لترحيل المواطنين الألمان (غير المندمجين)".

وعلى إثر ذلك أصبح هذا الحزب اليميني المتطرف "هدفا للاحتجاجات وقد عارض الجمهور خططه هذه"، وفق الكاتب.

بينما حذر المحافظون في المعارضة من "التقليل من قيمة" جواز السفر الألماني حيث يمكن أن يؤثر ذلك سلبا على سمعة ومكانة ألمانيا في المجتمع الدولي، وسيعمل على تأجيج الانقسام في المجتمع نظرا لاتباع الحزب ودعمه سياسات ومبادرات تثير الانقسام بين الناس.

وأضاف جولتان "من أبرز النقاط التي تم التأكيد عليها في النص هو أن المجتمع الألماني يتنوع بشكل متزايد وأصبح الاندماج مسألة هامة بالنسبة له، حيث تهدف التعديلات إلى مكافأة جهود الاندماج من خلال منح الجنسية للأفراد الذين عاشوا وعملوا في ألمانيا لسنوات عديدة".

ويعد توسيع الجنسية المزدوجة "خطوة مهمة"، خاصة بالنسبة للأجانب المولودين في ألمانيا. 

ومع ذلك، فإن أحزاب المعارضة واليمين المتطرف تنتقد الجنسية المزدوجة، حيث إن "هناك مخاوف بشأن التقليل من قيمة الجنسية الألمانية وزيادة الانقسامات الداخلية، وهذا يعكس الحساسية تجاه قضايا الهوية الوطنية والولاء".

واستدرك جولتان: "تسلط انتقادات المعارضة الضوء على المشاكل المحتملة التي يمكن أن تجلبها الجنسية المزدوجة". 

هذه المخاوف هي قضايا يمكن أن تؤثر على شعور المواطنين الألمان بالانتماء وتسبب انقسامات سياسية.

وقال الكاتب إن "اعتماد مشروع القانون الجديد بشأن الجنسية المزدوجة وتخفيف قواعد الجنسية في ألمانيا يعكس النقاش الحالي حول اندماج المهاجرين الذين يعيشون ويعملون في البلاد، حيث يمكن القول: إن هذه التعديلات ستطرح المزيد من القضايا المتعلقة بالتنوع المتزايد للمجتمع الألماني والأهمية المتزايدة للاندماج".

ومع ذلك، فإن هذه التغييرات تثير أيضا مخاوف من المعارضة والأحزاب اليمينية المتطرفة، وهذه المخاوف مهمة للتماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي.

وأضاف جولتان: "من الواضح أن هذه التغييرات هي استمرار لجهود الاندماج الألمانية النابعة من التدفقات التاريخية للعمال المهاجرين". 

خطوة مهمة

ومع ذلك فإن عملية الاندماج هذه لا تعكس الوضع الحالي فحسب، بل تعكس أيضا تجارب مجتمعات المهاجرين السابقة.

لذلك فإن التنفيذ الفعال للتعديلات الجديدة هو خطوة مهمة نحو مزيد من التنوع والتكامل في المجتمع، وفق جولتان.

وأشار إلى أنه "من الممكن أن يؤدي هذا الوضع في المستقبل إلى تعزيز قوة السياسة اليمينية المتطرفة والشعبوية في ألمانيا".

فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي المشروع القانون الجديد المذكور إلى زيادة تدفقات الهجرة إلى المنطقة، وفق الكاتب التركي، لكن ورغم أنه تم اتخاذ خطوة هامة من الناحية الديمقراطية، فإن هناك احتمالية لتزايد الاضطرابات الداخلية.

من ناحية أخرى، يمكن القول: إن الاضطرابات الداخلية المحتملة أو المشاكل في السياسة الداخلية "قد تنعكس أيضا في عملية إنتاج السياسة الخارجية لألمانيا وقد تؤثر سلبا عليها". 

علاوة على ذلك، فإن تعزيز الأحزاب اليمينية المتطرفة مثل حزب البديل من أجل ألمانيا وحقيقة أن أيديولوجيات هذه الأحزاب بدأت تجد المزيد من الاستجابة على المستوى الشعبي قد يؤدي أيضا إلى استقطاب في السياسة الألمانية وزيادة في هذه الانقسامات. 

من جهة أخرى، قد يخلق هذا الوضع أيضا اضطرابات سياسية ويؤدي إلى مشاكل اقتصادية. 

وتابع جولتان: "بالنظر إلى أن هناك بالفعل حكومة ائتلافية في ألمانيا، يمكن القول إن هذا الوضع قد يتسبب في دعوة المعارضة إلى انتخابات مبكرة للحكومة".

بالإضافة إلى كل ذلك، فإن حدوث هذه المواقف "قد يقلل من أهمية ألمانيا كحليف للغرب على المدى القصير".

وختم الكاتب التركي مقاله قائلا: "يمكن القول إن جهود الاندماج في ألمانيا بسبب تدفق العمال الوافدين لا تزال مستمرة، وهذا الوضع سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الهجرة وبدوره سيؤدي إلى تغييرات جذرية في السياسة الألمانية".