ماكرون يراهن على فرانسوا بايرو.. ماذا عن فرص نجاح رئيس وزراء فرنسا الجديد؟

سيتولى بايرو مهمة شاقة لتشكيل حكومة قادرة على الصمود
يحاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخروج من الأزمة التي تعيشها بلاده مما يجعل شخصية رئيس الوزراء المقبل محورية لتخطي أي تدهور سياسي جديد.
لذلك، يجب أن يحصل رئيس الوزراء الجديد فرانسوا بايرو على الدعم الكافي في الجمعية الوطنية (البرلمان)، ويكسب دعم أحزاب الوسط واليمين واليسار، وفق ما ترى صحيفة الدياريو الإسبانية.
وبينت أن بايرو زعيم تيار الوسط الذي عينه ماكرون في 13 ديسمبر/كانون الأول 2024، يحتاج إلى أن يظهر كفاءته، وتحديدا حيث فشل سابقه ميشيل بارنييه، وهو تحد كبير.
وسيتولى بايرو مهمة شاقة لتشكيل حكومة قادرة على الصمود في وجه مذكرات حجب الثقة في الجمعية الوطنية، التي لا تتمتع أي من الكتل البرلمانية فيها بغالبية مطلقة.
وبينت الصحيفة أن بايرو يتعين عليه أن يتوصل إلى اتفاقات في البرلمان المقسّم بشدة لتجنب مصير بارنييه وحصد الموافقة على التشريعات الجديدة، وخاصة النصوص المتعلقة بالميزانيات.

مخطط بايرو؟
ونقلت الصحيفة أن بايرو سيحظى، من حيث المبدأ، بدعم 163 نائبا من ائتلاف الوسط: 36 من حركة الديمقراطيين، و93 من حزب النهضة (التابع لإيمانويل ماكرون)، و34 نائبا من حزب آفاق.
وفي تصريحاته الأولى أشار رئيس الوزراء المكلف ضمنيا إلى أنه سيحاول إقناع المجموعات البرلمانية المكونة من اليسار، والاشتراكيين، وأنصار البيئة، والشيوعيين بعدم إسقاط حكومته.
ومنذ اللحظات الأولى، اتخذ بايرو إستراتيجية مغايرة عن تلك التي اتبعها سلفه ميشيل بارنييه، الذي ركز خلال فترة ولايته القصيرة على ضمان امتناع زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان عن التصويت في حالة توجيه اللوم، وهو الأمر الذي لم يتمكن من استدامته في نهاية المطاف.
وبعد فترة وجيزة من الانتخابات التشريعية في يوليو/تموز 2024، والتي أسفرت عن انقسام البرلمان إلى 3 كتل كبيرة (اليسار والوسط واليمين المتطرف)، توقع بايرو نفسه أن يتم توجيه اللوم بسرعة إلى أول رئيس للحكومة الجديدة، في ظل استحالة التوصل لاتفاقات بين الكتل البرلمانية.
في المقابل، أكد أنه سيكون من الصعب إسقاط رئيس الوزراء الثاني بسبب ضغوط الرأي العام.
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة لوفيغارو الفرنسية صيف 2024، رأى أن "المسار الوحيد الممكن لا يتمثل في حكومة من طرف يعارض طرفا آخر، بل تحتاج فرنسا إلى فريق موحد لمعالجة المشاكل الخطيرة للغاية التي تواجهها هي والعالم".
واتبعت تصريحاته الأولى كرئيس للوزراء في 13 ديسمبر نفس النهج. وبعد دقائق من علمه بتعيينه، قال إن “الجميع يدرك صعوبة المهمة”.
ورأى أنه "يتعيّن إيجاد طريقة لتوحيد الناس بدلا من تقسيمهم، حيث أصبحت المصالحة ضرورية".
وقبل الإعلان عن تعيين فرانسوا بايرو، دعا ماكرون الزعماء الرئيسين للأحزاب الممثلة في الجمعية - باستثناء حزب فرنسا الأبية اليساري واليمين المتطرف - إلى اجتماع في قصر الإليزيه.
وكان من بين الخيارات المطروحة بالاجتماع، إمكانية تشكيل حكومة تجمع أحزاب اليسار والوسط واليمين، وهو أمر يبدو بعيد المنال في السياق الحالي.

هل يملك الدعم؟
ويبحث ماكرون عن إبرام "اتفاق عدم سحب الثقة" من خلال تشكيلة جديدة تحظى بحد أدنى من التوافق بين مختلف التشكيلات التي تكوّن المعارضة ذات التوجهات المختلفة، ولكنها ملتزمة بعدم إسقاط الحكومة.
وحاليا قبل الاشتراكيون اقتراح عدم انتقاد فرانسوا بايرو مقابل التخلي عن استخدام المادة 49.3، المصممة للموافقة على القوانين دون تصويت البرلمان.
في الوقت نفسه، استبعد الاشتراكيون المشاركة في الحكومة، وأكدوا أنهم "سيبقون في المعارضة".
وبالمثل، ذكرت مارين تونديلر، السكرتيرة الوطنية لحزب أوروبا إيكولوجيا-الخضر، أن مجموعتها "ستراقب مدى التزام رئيس الوزراء بعدم استخدام 49.3". ومن جهته، بدا بايرو منفتحا على هذا الاقتراح.
ونوهت الصحيفة إلى أن هناك شكوكا تحوم حول موقف 47 برلمانيا يمينيا من الحزب الجمهوري، الذين دعموا بارنييه نظرا لانتمائه إلى حزبهم.
وفي الوقت الحالي، صرح زعيم مجموعة “الجمهوريون” البرلمانية، لوران فوكييز، أنهم سينتظرون معرفة تفاصيل "مشروع" بايرو للحكم على إمكانية الانضمام إلى الحكومة.
وعلى أي حال، يبدو من غير المرجح أن يصوتوا لصالح توجيه اللوم إلى رئيس الوزراء الجديد.
وقال زعيم الحزب: "قلنا دائما إننا لن نعرقل. يتمثل الجانب الأكثر أهمية في خارطة الطريق التي تضعها الحكومة".

سحب للثقة؟
ورغم استبعاد حزبه من جولة المفاوضات الأخيرة، أعلن رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جوردان بارديلا، أنه "لن يكون هناك اقتراح سحب للثقة ضد الحكومة المقبلة".
وأضاف: "خطوطنا الحمراء لا تزال قائمة. نحن نرفض أي تغيير في إرجاع مصاريف الأدوية، ونعارض إضعاف الوضع الاقتصادي والاجتماعي لأصحاب المعاشات".
في المقابل، مثلما أعلنوا بالفعل في الأيام الأخيرة، وقبل معرفة اسم رئيس الوزراء الجديد، سيقدم حزب فرنسا الأبية مذكرة لوم ضد فرانسوا بايرو.
إذ يرون أن بايرو هو مجرد “تعيين آخر لإعطاء متنفس لماكرون”، ويرون أن "أمام البلاد خيارين واضحين: استمرار السياسات الكارثية مع رئيس الحكومة الجديد أو الانفصال عنه".
من ناحية أخرى، لا يزال رئيس الوزراء الجديد ينتظر قرار المحكمة في القضية التي تثقل كاهله بشأن استخدام أموال حركة الديمقراطية في البرلمان الأوروبي لتمويل حزبه بشكل غير قانوني، وهي قضية مشابهة لتلك التي تواجهها مارين لوبان منذ أسابيع.
وفي فبراير/شباط 2024، قضت محكمة في باريس بعدم وجود أدلة كافية لإثبات تورطه، في قضية أدين فيها 11 عضوا من حزبه.
ولم يتم تحديد موعد لمحاكمة الاستئناف بعد، إثر استئناف المدعي العام على حكم تبرئة بايرو.
ونقلت الصحيفة أن بايرو يعد في وضع أفضل من سلفه، إلا أن المهمة التي تنتظره تبدو صعبة للغاية في ظل الوضع الحالي الذي تعيشه السياسة الفرنسية ونظرا لارتفاع مستويات الدين العام.
كما يتعيّن على بايرو تنفيذ ميزانيات تحظى بموافقة الأحزاب السياسية ذات الأيديولوجيات المختلفة للغاية.
وقبل كل شيء، تملك الأطراف المختلفة وجهات نظر متعارضة حول كيفية وقف نمو الديون.
حتى الآن، كان النواب الموالون لماكرون يعارضون أي نوع من الزيادة الضريبية، في حين لا يريد التقدميون التخفيضات التي تؤدي إلى تدهور الخدمات العامة ويطالبون بفرض ضرائب جديدة على أصحاب الدخول الأعلى والشركات متعددة الجنسيات.