حذف بيان الأزهر الشريف الداعي لنصرة غزة بعد نشره بدقائق.. وناشطون: بلادنا محتلة

جابت عبارة "بيان الأزهر المحذوف" منصات التواصل الاجتماعي بعد حذف بيان من صفحته الرسمية على "فيسبوك"
سيل من بيانات الإدانة والتنديد باستمرار الاحتلال الإسرائيلي في فرض الحصار والتجويع على قطاع غزة، خرجت خلال الساعات الماضية، من جهات عدة أبرزها الأمم المتحدة و111 منظمة إغاثية، والأونروا وغيرها، لكن "بيان الأزهر الشريف المحذوف" كان الأكثر تداولا.
وجابت عبارة "بيان الأزهر المحذوف" منصات التواصل الاجتماعي بعدما حذف الأزهر الشريف، بيانا من صفحته الرسمية على "فيسبوك" تضمن إدانة لحرب الإبادة والتجويع التي يمارسها جيش الاحتلال في قطاع غزة المحاصر، وذلك بعد وقت قصير من نشره.
وكان شيخ الأزهر أحمد الطيب قد أطلق في بيان أصدره مساء 22 يوليو/تموز 2025، نداء عالميا عاجلا لإنقاذ الفلسطينيين في غزة من المجاعة القاتلة، مستصرخا الضمائر الحية في العالم للتحرك الفوري من أجل وقف الإبادة المستمرة منذ نحو 22 شهرا، قبل أن يحذف بعدها بدقائق.
وقال: "يطلق الأزهر الشريف صرخته الحزينة، ونداءه العالمي المكلوم، الذي يستصرخ به أصحاب الضمائر الحية من أحرار العالم وعقلائه وحكمائه وشرفائه ممَّن لا يزالون يتألمون من وخز الضمير، ويؤمنون بحرمة المسؤولية الإنسانية، وبحقوق المستضعفين والمغلوبين على أمورهم".
ودعا في بيان للتحرك العاجل والفوري لإنقاذ أهل غزة من هذه المجاعة القاتلة، التي يفرضها الاحتلال في قوة ووحشية ولا مبالاة لم يعرف التاريخ لها مثيلا من قبل، ونظنه لن يعرف لها شبيها في مستقبل الأيام.
وتابع: "يعلن الأزهر الشريف أن الضمير الإنساني اليوم يقف على المحك وهو يرى آلاف الأطفال والأبرياء يُقتلون بدم بارد، وأن مَن ينجو منهم مِن القتل يلقى حتفه بسبب الجوع والعطش والجفاف، ونفاد الدواء، وتوقف المراكز الطبية عن إنقاذهم من موت مُحقَّق".
وعدَّ الأزهر ما يمارسه هذا الاحتلال البغيض من تجويع قاتل ومُتعمَّد لأهل غزة المسالمين، وهم يبحثون عن كسرة من الخبز الفُتات، أو كوب من الماء، ويستهدف بالرصاص الحي مواقع إيواء النازحين، ومراكز توزيع المساعدات الإنسانية والإغاثية لهو جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان.
وأشار إلى أن "من يمدّ هذا الكيان بالسلاح، أو يشجّعه بالقرارات أو الكلمات المنافقة، فهو شريك له في هذه الإبادة، وسوف يحاسبهم الحَكَم العدل، والمنتقم الجبار، يوم لا ينفع مال ولا بنون، وعلى هؤلاء الذين يساندونهم أن يتذكروا جيدا الحكمة الخالدة التي تقول: أُكلنا يوم أُكِل الثور الأبيض".
وأردف: "إن الأزهر الشريف وهو يغالب أحزانه وآلامه، ليستصرخ القوى الفاعلة والمؤثرة أن تبذل أقصى ما تستطيع لصدّ هذا الكيان الوحشي، وإرغامه على وقف عمليات القتل الممنهجة، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل فوري".
وحث الأزهر على فتح كل الطرق لعلاج المرضى والمصابين الذين تفاقمت حالتهم الصحية؛ نتيجة استهداف الاحتلال للمستشفيات والمرافق الطبية، في انتهاك صارخ لكل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية.
وقبل ساعات من بيان الأزهر "المحذوف"، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في كلمة له خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي بشأن الحل السلمي للنزاعات: إن "الجوع يطرق كل باب في قطاع غزة". مستنكرا أن الدول الأعضاء لا تفي بالتزاماتها الدولية.
وأكد أن الفشل في الوفاء بالالتزامات الدولية يتزامن مع فترة من الانقسامات والصراعات الجيوسياسية المتزايدة، مضيفا أن ثمن ذلك باهظ للغاية، يقاس بالأرواح البشرية والمجتمعات المدمرة والمستقبل الضائع، و"لمشاهدة ذلك، يكفي أن ننظر إلى الوضع الرهيب في غزة".
وأشار غوتيريش إلى أن سوء التغذية في غزة وصل إلى ذروته، والجوع يطرق كل باب في غزة، والآن نشاهد أن منظومة المساعدات، التي بُنِيت على المبادئ الإنسانية، تلفظ أنفاسها الأخيرة".
فيما قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في مؤتمر صحفي، إن المدنيين في قطاع غزة لا يزالون يتعرَّضون لإطلاق النار أثناء اقترابهم من مستودعات وشاحنات المساعدات الغذائية.
وأشار دوجاريك إلى أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أفاد بأن "آخر شرايين الحياة التي تُبقي الناس على قيد الحياة في غزة، تنهار بسرعة".
وغداة ذلك، دعت 111 منظمة إغاثية وحقوقية الحكومات إلى اتخاذ إجراءات تتضمن وقفا فوريا ودائما لإطلاق النار، ورفع جميع القيود المفروضة على تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة في ظل تفشي المجاعة بين سكانها.
وحذَّرت المنظمات الدولية، في بيان لها من انتشار المجاعة الجماعية في جميع أنحاء القطاع في الوقت الذي تتكدس فيه أطنان من المواد الغذائية والمياه النظيفة والإمدادات الطبية وغيرها من المواد خارج غزة، مع منع المنظمات الإنسانية من الدخول أو إيصال المساعدات.
وبدورها، قالت وكالة الأونروا الأممية: إن الفلسطينيين في غزة بمن فيهم موظفوها يتعرضون للإغماء بسبب الجوع الشديد, مشيرة إلى وفاة أطفال ومعاقين بالقطاع نتيجة التجويع وسوء التغذية الحاد.
وندَّد ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #بيان_الأزهر، #الأزهر_الشريف، #أحمد_الطيب، #غزة_تجوع، وغيرها بحذف بيان الأزهر الذي جاء بينما يخوض أهل القطاع معركة البقاء ببطون خاوية وأجساد أعياها الجوع والعطش.
واتهموا النظام المصري برئاسة عبدالفتاح السيسي ومؤسساته الأمنية بقمع صوت الأزهر وتسيس المؤسسات الدينية وممارسة القمع الأمني عليها، وعدوا ما حدث دليلا على أن الأزهر لم يعد حرًّا، ورفع صوته أصبح جريمة يعاقب عليها، مستنكرين عدم تحمل النظام لأي صوت يستنهض همم الشعوب.
تنديد واستنكار
واستنكارا لحذف بيان أقدم وأهم مؤسسة دينية إسلامية في مصر والعالم الإسلامي، تساءل رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القرة داغي: “لماذا يتم تكميم الأفواه؟”
وندد بحذف بيان الأزهر الشريف الذي استصرخ الضمائر لإنقاذ غزة، وعده عملا غير مبرور، ومسعى غير مأجور، ومحاولة يائسة لحجب صوت الضمير الإنساني والديني في زمن الصمت والتواطؤ، قائلا: "بعون الله تعالى ستبقى كلمة الحق أرفع من أن تُحذف، وسيظل صوت الأزهر الحق منبرًا للأمة مهما حاولوا إسكاتَه".
وأكد داغي أن هذا الحذف يكشف أيضًا كيف تُحاصر المؤسسات الإسلامية، حتى تلك التي تسير تحت رقابة السلطات وهمسها، وأن للأزهر مكانته في نفوس المسلمين
وسيبقى منارة للحق بتوفيق الله تعالى، وأن أي محاولة لإقصاء صوته مآلها الفشل؛ لأن من يحاولون طمس الأزهر سيزولون، وسيبقى الأزهر شامخا.
ودعا الله أن يحفظ الله الأزهر الشريف، وأن يديم دوره في خدمة الأمة الإسلامية والنهوض بها.
واستهجن الصحفي محمد طلبة رضوان حذفَ بيان الأزهر الذي ناشد فيه الضمير الإنساني للتحرك من أجل غزة، قائلا: "شيخ الأزهر شخصيا مش عارف يكتب كلمتين "تعاطف" عاديين خالص.. مفيش كلام يتقال والله".
ووجه تساؤل لشيخ الأزهر: “طب أنت يا مولانا قالوا لك احذف البيان.. لو قلت للي بيكلمك لا مش هحذف.. أبوك على أبو اللي مشغلك.. كان حد هيقدر يعمل معاك حاجة؟ بتحذفه ليه يا مولانا؟”
وكتب وليد مجدي: "تم حذف بيان الأزهر الشريف الذي يدعو لنصرة غزة بعد نشره بدقائق!.. بلادنا محتلة!".
وأدان محمد صلاح، حذف البيان رغم أنه مجرد كلام على ورق، مش حراك ناحية المعبر مثلا ولا مظاهرات ولا حتى الكلمة التي تبدأ بحرف الثاء -في إشارة إلى الدعوة لثورة-، قائلا: "واقعنا مزرٍ".
وانتقد عبدالله الشريف حذف منشور الأزهر، قائلا: "دولة مهزومة إلى حد الهلع من مجرد بيان".
وأعرب شجاع العتيبي، عن أسفه على حذف بيان الأزهر ذات المكانة العريقة في العالم الإسلامي، بينما المراكز التي نشأت بعيد التطبيع المجاني مع إسرائيل هي صاحبة القرار وهذا الصرح ماهو إلا فرع من فروعها الآن .
أوامر عليا
وعن الجهة التي تقف وراء حذف بيان الأزهر، جَزم الأكاديمي أحمد عبدالباسط محمد، بأن رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي وراء الحذف.
وأشار رئيس الهيئة العالمية لأنصار النبيﷺ محمد الصغير إلى أن بيان الأزهر الشريف حول المجاعة القاتلة في غزة حمل في سطوره كلمة الحق وبين واجب الوقت وأدّى بعض الفرض.
وتساءل: “هل يمكننا معرفة سبب الحذف، ومن وراء هذا الحجب؟ وهل انتقلنا إلى مرحلة تكميم الأفواه بعد إغلاق المعابر؟!”
وأكدت الكاتبة آيات عرابي، أن إدارة الانقلاب المصري من حذفت البيان كعادة العملاء الرعاع محاربي الدين والإنسانية، متسائلة: “ما الذي يضير الانقلاب إذا استصرخ الأزهر العالم لنصرة الإنسانية ونصرة أطفال غزة؟”
وتابعت تساؤلاتها: “ما الذي يخيف ذلك العميل المجرم الذي أغلق الحدود مع غزة وكان ضباط جيشه الفجرة يضربون الصيادين الفلسطينيين بالرصاص؟ ما الذي يضير ذلك المرتد الذي يغلق المعبر أمام المساعدات ويأبى أن يرى نداء يخرج من مؤسسة تابعة له (وقف شيخها أحمد الطيب وراءه في بيان الانقلاب) تدعو إلى تخفيف معاناة الفلسطينيين؟”
وقالت: إن السيسي وجيشه ومخابراته يحاربون الفلسطينيين والمسلمين بكل قوة ويمنعون أي صوت يدعو لنصرة أهل غزة، حتى لو كان من شريكه في الانقلاب، في الوقت الذي يظهر ولاؤه للاحتلال، بل ويعد أمن إسرائيل على رأس أولويات.
وعدت ما يحدث الآن في غزة أكبر دليل على صهيونية السيسي وجيشه.
وعرض ناجي رشاد بيان الأزهر المحذوف، متسائلا: "اتحذف ليه ومين اللى أعطى تعليمات بحذفه؟ مش عجبكم ليه مع أنه بيان عادى قصدى يعنى كنا نأمل أنه يكون أقوى من ذلك بمراحل، ولكن هنقول ايه، انتم كده مش جديدة عليكم، المهم تعيشوا والصهيوني راضى عنكم".
وقالت إيمان فريد عبدالرحمن: “السيسي رفع سماعة التليفون، ونزل سماعة الأزهر.. لأن الأزهر أصبح إدارة من إدارات الأمن الوطني؟!”
وتهكمت بالقول: "بيان الأزهر طلع زي لقمة العيش #في غزة، ظهر لحظة واختفى بعدها بلحظة!.. لما الجوع والعطش في غزة بقى قرار سيادي، مش فتوى ولا ضمير ولا إنسانية!".
وكتب الصحفي أحمد سمير: "السيسي الخائن بائع الأرض المصرية؛ نَعْل نتنياهو الوفي يرفض أي تضامن مصري مع غزة؛ حتى لو كان من الأزهر الشريف"، واصفا ما حدث بأنه "خيانة وعمالة وحقارة غير مسبوقة".
الأسباب والدوافع
وعن الأسباب والدوافع من وراء حذف بيان الأزهر وما يعينه ذلك، رأى الحقوقي هيثم أبو خليل، أن الحذف بعد وقت قصير من النشر يكشف حقيقتين مؤسفتين، أن الأزهر الشريف لم يعد مؤسسة مستقلة، وأن البيان رغم لغته المحسوبة فضح بوضوح الجهة المسؤولة عن تجويع غزة ولذلك كان لا بدّ من سحبه فورا!
وقال أستاذ الاتصال السياسي أحمد بن راشد بن سعيد: إن “بيان الأزهر أفزع السيسي رغم أنه لم يُشِرْ إليه، لكن كاد المريب أن يقول خذوني! كما أفزع الأنظمة العربية التي دعمت انقلابه”. مشيرا إلى أن البيان اختتم بقول الله عز وجل: "وسيعلمُ الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون".
وأضاف: "السيسي يصرّ على المشاركة قي حرب الإبادة، ونداء الأزهر يُحرجه ويعرّيه. والأزهر ليس سوى جزء من الدولة والنظام الحاكم، وقد أضاعت قيادته فرصة تاريخية للاستقلال عندما انحازت إلى الخوارج، وأسقطت الحكم الذي ارتضاه الشعب".
وعد ابن سعيد حذف النداء خطيئة دينية وفضيحة أخلاقية، ونكسة كبيرة لدور الأزهر ورمزيته الروحية والثقافية.
وأكَّد أن الأزهر لم يكن عبر القرون منارة للتعليم فقط، بل كان أيضا منطلقا للتغيير والاحتجاج وتصحيح البوصلة.
وخاطب ابن سعيد، أحمد الطيب قائلا: "هذا ليس الإسلام يا شيخ الأزهر، إما أن تعلن صراحة عن وجوب فتح معبر رفح ونجدة أهل غزة، ومروق من يشارك اليهود في قتل المسلمين من الدين، وإما أن تستقيل وتبكيَ على خطيئتك، وتعضَّ بأصل شجرة! إما أن ينتفض علماء الأزهر نصرة لدين الله وغضبا لمحارمه، وإما أن يحوّلوا هذه المؤسسة العريقة إلى ساحات للترفيه والرياضة".
وصمة عار
وقالت المغردة أميرة: "ستظل محرقة غزة ومجاعتها وصمة عار على جبين أقذر حكومة حكمت مصر، مصر التي طالما كانت ملاذا لكل مظلوم وحاضنة لكل الشعوب العربية وسيدة نفسها، مصر الحضارة العريقة والتاريخ المشرق، مصر عرابي وزغلول ومحمد عبده، والشعراوي، في الأخير تحكمها شرذمة مرغت أنفها في وحل الخيانة والعار".
وحذَّر الإعلامي عبدالرحمن مطر، من التعويل على دور مصري يخدم غزة، قائلا: "إياكم أن تنتظروا شيئا من مصر لأهـل غزة، شعب مصر عظيم ومهموم لأهل غزة، لكن هذا الشعب يعاقب الآن لأنه فرط في خيرة رجاله منذ 12 سنة قد خلت".
وأضاف أن "مصر بعظمتها الآن مع ابن إسرائيل البار الجاسوس السيسي، مصر الآن ما هي إلا معبر فقط يأتمر بأمر نتنياهو وفقط، مصر في ثوب السيسي مجرد قطعة تُحكم من تل أبيب أو الإمارات أيهما يصدر الأمر يتم التنفيذ فورا".
وتابع مطر: "حتى شيخنا في الأزهر فُضح أمره، فبينما بابا القدس يصل غرة شيخ الأزهر يظهر جبان عاجز غير قادر على الاحتفاظ ببوست عبر فيه عن رأيه تجاه غزة".
وعرض حزام الأسد، صورة لمجموعة أطفال تظهر عليهم أثار الجوع وأعراض نقص التغذية، قائلا: "هؤلاء الجوعى لا يطلبون منكم بيانات وخطابات النفاق، بل فتات الخبز وكيس طحين!".
وتساءل: "هل بقي فيكم ذرة خجل؟"، مضيفا: "تحاصرون غزة، وتغدقون الترليونات على واشنطن، وتُمدون الصهاينة بالمؤن والسلاح! قاتلكم الله يا شركاء التجويع والإبادة".