حسين سجواني.. رجل أعمال إماراتي يمول ترامب ويعزز التطبيع مع إسرائيل

داود علي | منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

في 7 يناير/ كانون الثاني 2025، ظهر الملياردير الإماراتي حسين سجواني واقفا إلى جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قصره الفخم في مار إيه لاغو، في بالم بيتش بولاية فلوريدا.

وقتها أعلن سجواني وقبل أيام قليلة من تنصيب ترامب، عن استثماره الضخم بقيمة 20 مليار دولار في قطاع مراكز البيانات في الولايات المتحدة، مبينا أن ما بين 60 و70 بالمئة من الاستثمار المخطط له سيمول بالديون بدعم من داعميه الماليين.

ووصف ترامب خلال تصريحاته سجواني بأنه "رجل نبيل محترم للغاية"، لافتا إلى أن هذه الاستثمارات هي نتيجة مباشرة لانتخابه رئيسا للولايات المتحدة.

كما أشار إلى أنه من المتوقع أن تزيد استثمارات سجواني وربما تتضاعف خلال الفترة المقبلة.

بعدها استقبل الملياردير الإماراتي الكثير من المديرين التنفيذيين والممولين في مجال التكنولوجيا الأميركية، مستهدفا خلق شبكة مقربة منه من الرواد. 

هذا النشاط المتصاعد يلقي الضوء على تطلعات إمبراطور العقارات الإماراتي، ويذكر بالدور السياسي الذي لعبه خلال ولاية ترامب الأولى (من 2017 إلى 2021). 

فمن سجواني؟ وكيف صعد درجات سلم المال والأعمال من دبي إلى واشنطن؟ 

النشأة والصعود

وُلد حسين علي حبيب سجواني عام 1953، بمدينة دبي الإماراتية، لعائلة متوسطة الحال، وكان الأكبر بين 5 أشقاء. 

بدأ اهتمامه بالأعمال التجارية في سن مبكرة جدا ضمن متجر والده في سوق دبي القديم، لبيع الساعات والأقلام والبضائع المستوردة من الصين. 

وعن سنوات طفولته، روى خلال حلقة خاصة من برنامج "زيارة خاصة" على قناة "الجزيرة" القطرية، عام 2008، أنه كان بائعا للشوكولاتة والحلوى لرفاقه في الحي والمدرسة؛ للتغلب على أعباء الحياة.

ثم حصل على منحة دراسية حكومية والتحق بكلية الطب في جامعة بغداد، لكن لم يجد شغفا لدراسة هذا المجال.

وبعد سنته الأولى هناك، غادر إلى الولايات المتحدة لدراسة الهندسة الصناعية بجامعة واشنطن، حيث تخرج فيها عام 1981، وفي نفس العام عاد إلى بلاده.

ومن هنا بدأت قصة صعوده في عالم المال والأعمال عندما التحق بقسم المالية بشركة صناعات الغاز في أبوظبي. 

وفي عام 1983 بدأ مشروعا للتمويل مع عملاء من بينهم الجيش الأميركي، ولا يزال قيد التشغيل ويسمى حاليا "غلوبال لوجستكس سرفسيز"، وهي شركة إمدادات غذائية. 

وهذه الشركة كانت تمد الجيش الأميركي في الكويت والعراق بالأغذية، وذلك خلال حربي الخليج الأولى والثانية.

وفي عام 2002، أسس سجواني "داماك" العقارية، إحدى أكبر شركات التطوير العقاري في الشرق الأوسط، وأصبح بعدها إمبراطور العقارات بلا منازع في المنطقة.

فحتى عام 2019، سلمت شركته "داماك" حوالي 27 ألف و400 منزل، إضافة إلى امتلاكها أكثر من 35 ألف وحدة في مراحل مختلفة من التطوير.

فساد عابر للحدود

ويحوي ملف إمبراطور العقارات الإماراتي قضايا فساد في مصر والسعودية، حيث حكمت محكمة الجنايات المصرية عليه غيابيا، في مايو/أيار 2006، بالسجن 5 سنوات بعد إدانته بالاستحواذ على أراضي الدولة بأسعار أقل من سعر السوق.

وقد ارتبط اسمه بالقضية التي حكم فيها القضاء المصري عام 2013 بالسجن 5 سنوات على وزير السياحة السابق، زهير جرانة، في تهم تتعلق بالفساد، خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.

إذ أدين جرانة بالتربح وتربيح الغير (حسين سجواني) والإضرار العمد بالمال العام، في قضية أرض جمسة في العين السخنة.

وباع جرانة هذه الأرض إلى سجواني بأقل من سعرها الحقيقي في مخالفة للقواعد المقررة للبيع. 

وأوضحت التحقيقات أن جرانة عمل على تربيح سجواني ومكنه من الحصول على منافع مالية بقيمة 41 مليون دولار أميركي على نحو ألحق ضررا بالغا بالمال العام.

ولم تنته قضايا فساد "سجواني" في مصر عند هذه القضية، إذ لاحقته عام 2016 أزمة كبيرة تتعلق بمشروعه في مدينة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة.

وهذا المشروع مقام على مساحة 32 فدانا، وتديره شركة "داماك بارك أفينو" للتطوير العقاري.

ويواجه رجل الأعمال الإماراتي دعاوى قضائية، عقب اتهامات باستيلائه على ودائع 700 عميل مصري. 

وبدأت القصة عندما حصل سجواني على الأرض بصفتها زراعية صحراء بور في ديسمبر 2006، مقابل 75 مليون جنيه (حوالي 13.2 مليون دولار آنذاك).

بعدها تخلى سجواني عن المشروع وخالف شروط التعاقد، ثم رفض إعادة وديعة الصيانة إلى العملاء بالفوائد المستحقة عليها.

وفي السعودية، اتهم عدد من المستثمرين السعوديين، خلال عام 2011، شركة داماك، ومالكها حسين سجواني، بالنصب والاحتيال، وأخذ مبالغ منهم قدروها بنحو 600 مليون ريال مجتمعة (160 مليون دولار أميركي).

ثم تفاقمت مشكلة “داماك” العقارية الإماراتية مع المستثمرين السعوديين، بعد أن طالبتهم الشركة بسداد ما ترتب عليهم من أقساط، تجاه مشاريع ساهموا فيها.

وذلك في الوقت الذي يطالب فيه المستثمرون السعوديون بمنحهم الوحدات السكنية التي اشتروها من الشركة، أو إعادة أموالهم التي دفعوها كدفعات مقدمة على مشاريع قائمة على الخريطة فقط.

سجواني والتطبيع

ولم يقتصر سجل حسين سجواني على الفساد العابر للحدود، بل تعداه إلى قضية أخطر تتمثل في تورطه في التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

 وورد اسم سجواني في تقرير نشره موقع “إمارات ليكس” في 14 ديسمبر 2020 بعنوان "الإماراتيون الصهاينة" وتضمن أبرز رجال الأعمال الإماراتيين المطبعين مع إسرائيل.

عضد هذا الأمر التقرير الذي نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية في 30 مارس/ آذار 2021، بعنوان “هل ينعش الإسرائيليون عقارات دبي؟

وهو تقرير يكشف كيف تورط سجواني وإمبراطوريته العقارية في التطبيع، ومساعدة الإسرائيليين على القدوم والاستثمار في الإمارات. 

وقالت: "إن زيارة 130 ألف إسرائيلي للإمارات منذ تطبيع العلاقات أشعلت شرارة الاستثمار العقاري". 

وأضافت: "توافد الإسرائيليين يشكل بالنسبة للشركات العقارية ضوءا في آخر النفق، ومنها داماك العقارية (المملوكة لسجواني) إحدى أكبر شركات التطوير العقاري في دبي، والتي رحبت بتطلعات الإسرائيليين لشراء أو استئجار الوحدات العقارية".

وتابعت الوكالة الأميركية: "لتلبية هذا الطلب المتوقع، بدأت داماك البحث عن متحدثين باللغة العبرية لتوظيفهم، ونشر فرص الوظائف الشاغرة عبر الإنترنت لمرشحين يتمتعون بالمهارات اللغوية المطلوبة".

وأكدت: أن "انتشار إعلانات للشركة على مواقع الإنترنت الإسرائيلية، تسوق لعقارات في دبي"، ثم عقبت: "لم يكن من الممكن تصور كل ذلك قبل بضع سنوات". 

نشاط متصاعد 

ومن التطبيع إلى التوغل أكثر في أسواق المال والاستثمار الأميركية، كان سجواني نشطا بقوة، والملاحظ أنه كثف نشاطه بقوة بالتزامن مع استعدادات البيت الأبيض لاستقبال ترامب.

وفي 22 يناير 2025، نشرت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المختصة بشؤون الاستخبارات، تقريرا عن نشاط سجواني خلال الآونة الأخيرة.

وذكرت أنه في 12 سبتمبر/ أيلول 2024، ظهر مؤسس شركة Groq الأميركية الناشئة لتصنيع الرقائق الحاسوبية جوناثان روس في صورة مع سجواني على هامش مؤتمر تقني في الرياض.

ويعتقد أن الشركة المذكورة تورد الأجهزة لمراكز البيانات التابعة لسجواني. 

وأضافت أن محسن معظمي الرجل الثاني في الشركة بعد روس، وهو أميركي من أصل إيراني ، أشاد بـ "شراكة" Groq مع سجواني في الشرق الأوسط.

وفي 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وقبل أقل من أسبوعين من ليلة الانتخابات في الولايات المتحدة، زار عملاق تعدين العملات المشفرة ومؤسس شركة MARA القابضة في الولايات المتحدة فريد ثيل منزل سجواني في مشروع نخلة دبي الفاخر. 

وأكدت أنه "عقد صفقات مع مزودي مراكز البيانات لدعم أنشطة تعدين العملات المتنامية لشركة MARA، كما أيد الرئيس ترامب بشكل صريح خلال حملته الانتخابية".

وتابعت: "أما بالنسبة للداعمين المحتملين للصفقة، فقد زار مدير الثروات الرئيسي في مجموعة Citi آندي سيج سجواني في قصره المطل على الخليج العربي في 24 أبريل 2024، إلى جانب مؤسس شركة HIG Capital سامي منيمنة الذي زاره في أواخر ديسمبر 2023".

كما أشارت إلى أنه زار المدير التنفيذي لشركة نيوبرجر بيرمان للاستثمار الخاص جورج ووكر سجواني في 21 فبراير/شباط 2024، الذي تمتلك شركته أسهما لدى مزودي مراكز البيانات الأميركيين Equinix Inc و Digital Realty Trust.

ويعزز سجواني علاقته بالعائلة الحاكمة، فقد أعلن في يونيو/ حزيران 2024، أنه سيضخ 100 مليون درهم (27 مليون دولار) لتمويل مؤسسة دبي للمستقبل.

وهذه المؤسسة هي مركز تدريب وتبادل للمعلومات يهدف إلى تعزيز أوراق اعتماد دبي تكنولوجيا، وتتبع للشيخة لطيفة آل مكتوم ابنة حاكم المدينة محمد بن راشد.

رجل ترامب 

لذلك فإن سجواني الرجل النافذ داخليا وخارجيا يظل يعتمد على علاقته المميزة بالرئيس الأميركي ترامب، وهي من النقاط الجدلية في مسيرته.

وقالت وكالة "بلومبيرغ" في 10 يوليو/تموز 2017: إن سجواني هو رجل الرئيس الأميركي في الإمارات، ويريد أن يعرف العالم أنه رجل ترامب في الشرق الأوسط.

وذكرت أن رجل الأعمال الإماراتي الشهير يعمل من مقره الفاخر في دبي، لتقوية وترويج علاقته مع مؤسسة ترامب.

وكان لافتا أن سجواني لا يقدم اعتذارات عن تلك العلاقة، بغض النظر عما يقوله الناقدون بخصوص تضارب المصالح بالنسبة لعائلة ترامب.

ولفتت الوكالة إلى أنه استضاف في مايو/أيار 2017، دونالد ترامب الابن في دبي، لمناقشة ملعب الغولف، الذي كان افتتح قريبا مع حوالي 180 فيلا تحمل علامة الرئيس الأميركي التجارية، بسعر مليوني دولار للواحدة.

ونشر سجواني صورة على "إنستغرام" تظهره على مأدبة غداء مع دونالد الابن، وعلق عليها قائلا إنهما كانا يناقشان "أفكارا جديدة وابتكارات للمستقبل". 

ويحرص الرئيس الأميركي على حضور سجواني المناسبات الخاصة كصديق للعائلة، وكان قد دعاه لحضور حفل رأس السنة عام 2018، في منتجع مارالاغو في فلوريدا، حيث مدحه ترامب بشكل خاص في كلمة أمام الضيوف.