لعدم تلقيه دعم إسرائيل والغرب.. هل يتحول البرهان إلى إيران وروسيا؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

مع اندلاع العدوان على غزة، جدد السودان -شريك إسرائيل في اتفاقيات أبراهام التطبيعية- علاقاته الدبلوماسية مع إيران في ظل تعرضه لانتكاسة من حلفائه. 

وهنا يتساءل المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية "ميتفيم": هل ينجح محور الولايات المتحدة وإسرائيل في إبقاء السودان قريبة منه، أم سينجح المحور الإيراني الروسي في تحويلها إلى حليف له؟

الاهتمام الدولي

يؤكد المعهد أن "الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بين إسرائيل و(حركة المقاومة الإسلامية) حماس لم تقتصر على قطاع غزة، بل وصلت انعكاساتها إلى الشرق الأوسط برمته". 

وتابع: "انضم حزب الله إلى الحملة في الشمال، وفتح الوكلاء الإيرانيون جبهة في سوريا والعراق، وبدأ الحوثيون العمل في باب المندب".

وتابع: "إلى جانب الأنشطة العسكرية، انطلقت حملات سياسية ودبلوماسية في المؤسسات الدولية والحملة القانونية في لاهاي".

هناك جبهة أخرى أشار إليها المعهد الإسرائيلي، وهي السودان، التي وصفها بأنها "شريك لإسرائيل في اتفاقيات أبراهام". 

ويقع السودان في موقع إستراتيجي دولي، عند نقطة عبور مركزية إلى شرق إفريقيا، كما يتمتع بتربة خصبة للغاية، حيث توجد محاصيل القطن والحبوب والماشية، ولذلك سُميت بـ "مخزن حبوب إفريقيا". 

وليس من قبيل الصدفة -بحسب المعهد- أن تتعامل السعودية والإمارات مع السودان على أنه "احتياطي أمنها الغذائي". 

ولأن ما يحدث في السودان يؤثر على داخل منطقة القرن الإفريقي وخارجها، يؤكد المعهد على أن "مسألة السيطرة والاستقرار في السودان هي قضية إقليمية ودولية".

بالعودة إلى أحداث أبريل/ نيسان 2019، يشير "ميتفيم" إلى الاحتجاجات وأعمال الشغب التي أطاحت بالرئيس عمر البشير، بعد ثلاثة عقود من الحكم. 

وأردف: "اختطف رجلان عسكريان -الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية، ومحمد حمدان دقلو قائد مليشيا الدعم السريع، السلطة معا بانقلاب عسكري".

وأكمل: "وبعد ذلك، بانضمام عبد الله حمدوك إلى منصب رئيس الوزراء، أُنشئت قيادة ثلاثية تسمى (مجلس السيادة الانتقالي)".

إنهاء العزلة

وفي ذلك الوقت، تبنت القيادة الجديدة هدف محاولة تحرير السودان من عزلته وتصنيفه كدولة إرهابية. 

وبهذا الشأن، يذكّر المعهد الإسرائيلي بأن السودان صُنف كدولة إرهابية في أواخر التسعينيات، بعد تعاونه مع تنظيم القاعدة ودعمه لمحاولة اغتيال الرئيس المصري آنذاك، حسني مبارك، ودعمه الهجمات ضد الولايات المتحدة في إفريقيا.

وينوه المعهد إلى أنه في نهاية ذلك العقد، توطدت العلاقة بين السودان وإيران، حيث نقلت من خلال الثانية الأسلحة ووسائل الحرب إلى حماس في غزة وحزب الله في لبنان.

وتابع: "أصبح السودان مصدر إمداد للمنظمات الإرهابية في الشرق الأوسط والصومال واليمن. لكن وضعه الصعب دفعه إلى محاولة تغيير الاتجاه"، وفق وصفه. 

ويواصل: "ففي عام 2015، كانت الدولة عضوا في تحالف الدول العربية السنية التي حاربت الإرهاب ودعمت جهود السعودية في اليمن وتعاونت ضد إيران". 

وكجزء من هذا التغيير في الاتجاه، في وقت مبكر من يناير/كانون الثاني 2016، أُثيرت إمكانية تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل، مما دفعها إلى قطع علاقاتها مع إيران في وقت لاحق من نفس العام. 


 

وبذلك، انضم السودان رسميا إلى كتلة الدول العربية التي حاربت الحوثيين في اليمن ومؤيديهم الإيرانيين، وفق ما ذكره المعهد.

وسعيا لوضع السودان على طريق التنمية الاقتصادية والاستقرار، يقول إن "قيادة مجلس السيادة اختارت الانضمام إلى المعسكر الأميركي والغرب"، لافتا إلى أن هذا هو "الدافع وراء انضمامه الخرطوم إلى اتفاقات أبراهام". 

واستدرك: "ورغم كل هذه الجهود، إلا أن محاولات تحقيق الاستقرار لم تستمر، حيث تضمن الاتفاق الذي وضعته الأحزاب السياسية، والذي شكل أساس المجلس السيادي وكان يهدف إلى تمهيد الطريق لإقامة نظام مدني ديمقراطي، دمج قوات مليشيا حميدتي في الجيش السوداني". 

وهنا، يوضح المعهد الإسرائيلي حالة عدم الاتفاق التي وصل إليها الجيش والمليشيا، والتي أدت إلى تعميق التوترات إلى حد تجدد صراع دموي.

وفي هذا الصدد، يشير "ميتفيم" إلى ما حدث في 15 أبريل/ نيسان 2023، حيث حاول حميدتي نائب البرهان تنفيذ انقلاب عسكري بهدف الإطاحة بالأخير، مما أدى إلى حرب دامية بين رجال المليشيا التابعين له والجيش السوداني والمتظاهرين المدنيين. 

ومنذ أكتوبر 2023، داهمت قوات مليشيا حميدتي، أو قوات الجنجويد سابقا، دارفور مرة أخرى، مرتكبة أبشع الجرائم من التطهير العرقي والإبادة الجماعية.

تحالف مع الشيطان

وعلى خلفية عدم الاستقرار الداخلي والإقليمي وبدء الحرب في غزة، يبرز المعهد الإسرائيلي حقيقة "تصاعد الصراع الدولي على السودان أيضا". 

وبعد انقطاع لسنوات، أقام البرهان في 9 أكتوبر 2023، علاقات دبلوماسية مع إيران.

وعند تجديد علاقاته مع إيران، قال أحد المقربين من البرهان: "السودان سيكون مجبرا على التعاون مع أي جهة مهتمة بتزويده بالسلاح، في ظل دعم بعض الدول لقوات حميدتي. والآن هناك فرصة عظيمة لكل من يريد مساعدة الخرطوم علنا أو سرا".

وتابع المتحدث مستنكرا: "كنا نتوقع أن نتلقى هذه المساعدة من إسرائيل، كان من الممكن أن تكون هذه فرصة عظيمة لتحقيق انفراج حقيقي، لكن ذلك لم يحدث، حيث تركتنا بدون مساعدات".

وتابع: "ولذلك تحولنا إلى إيران التي اغتنمت الفرصة بعد أن تخلى عنها أصدقاء السودان. ورغم تحفظنا على العلاقة مع هذا البلد، إلا أنه من أجل المصلحة السودانية، فإننا مستعدون للتحالف حتى مع الشيطان".

وفي هذا الصدد، تقول "ميتفيم" إن المصلحة السودانية الأساسية، وهي الخروج من الأزمة الاقتصادية -التي كان من الممكن أن تسهم فيها العلاقة مع إسرائيل كثيرا على المستوى الدبلوماسي والعملي "قد اصطدمت بواقع جديد". 

وفي غضون الحرب بين البرهان وحميدتي، ينوه المعهد إلى وجود محورين مختلفين؛ الأول هو محور البرهان المدعوم من مصر والسعودية والولايات المتحدة.

 وأما الثاني فهو محور حميدتي المدعوم من الإمارات، بالإضافة إلى إريتريا وقوات اللواء الليبي الانقلابي خليفة حفتر. 

ومن ناحية أخرى، يذكر المعهد أن "روسيا تدعم حميدتي وتسمح لمجموعة فاغنر (الروسية) التابعة لها بمساعدة عمليات قوات الدعم السريع داخل السودان". 

وعلى هذه الخلفية، يحذر المعهد الإسرائيلي من أن "المحور الناشئ -إيران وروسيا وقطر وتركيا وحماس وحزب الله والحوثيين- يبدو أنه ينجح في الاستيلاء على السودان". كما يلفت إلى أن "هذا المحور يحاول ضم السعودية إلى صفوفه"، وفق تقديره.

وفي مقابل ذلك، فإن دول الجانب الآخر، خاصة الولايات المتحدة، لا تملك قدرة حقيقية على تحييد الحوافز التي يقدمها هذا المحور.

وفي النهاية، يحذر المعهد من أن "الإغراءات التي تزيدها هذه الحوافز للسودانيين، قد تدفعهم للانسحاب من المحور الإسرائيلي بعد الحرب في غزة".