الصين تشهد اختفاء عديد من كبار الضباط بينهم وزير الدفاع.. ما الأسباب؟

قسم الترجمة | منذ ٨ أشهر

12

طباعة

مشاركة

استعرض موقع أميركي "قصة اختفاء كبار الضباط العسكريين في الصين"، وعلى رأسهم وزير الدفاع، لي شانغ فو، الغائب عن الأنظار منذ أسابيع.

وقال موقع "فوكس" إن لي شانغ فو، هو أحدث ضابط يقع ضحية لحملة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، لمكافحة الفساد.

وأضاف أن "شانغ فو" مازال مختفيا منذ أسابيع، وبعيدا عن أداء مهام منصبه، حيث يُحقَّق معه بتهمة الفساد".

فساد الجيش

وأوضح الموقع الأميركي أن "هذه باتت سياسة متكررة، حيث اختفى العديد من المسؤولين الحكوميين الآخرين في الصين، ليتبين بعد ذلك أنهم أقيلوا من مناصبهم".

وعلى سبيل المثال، لم يظهر وزير خارجية الصين، تشين قانغ، بعد 25 يونيو/حزيران 2023، ما أثار تكهنات حول مصيره، ومكان وجوده، في بلد تحاط فيه الحياة الخاصة لكبار المسؤولين بسرية تامة. 

وكان آخر ظهور علني، لتشين، خلال لقائه مع مسؤولين روس وسريلانكيين وفيتناميين، كانوا في زيارة للصين، في 25 يونيو، وفق صحيفة "تلغراف" البريطانية.

وتابع موقع فوكس أن هذا النمط من عمليات التطهير ليس بالأمر الجديد بالنسبة للرئيس "شي"، الذي جعل من استئصال الفساد المستشري، خاصة في المؤسسة العسكرية، السمة المميزة لعهده.

لكن اختفاء "شانغ فو" يشير في الوقت نفسه إلى أنه على الرغم من جهود "شي" المضنية، فإن الفساد مايزال موجودا على أعلى المستويات، وأكثرها وضوحا في جيش التحرير الشعبي، الأمر الذي قد يعيق طموحاته لتحديث القوات المسلحة.

وأشار موقع "فوكس" إلى أن فترة وجود "شانغ فو" في الوزارة كانت قصيرة جدا، إذ عُين كوزير للدفاع في مارس/آذار 2023.

لكنه اختفى عن أنظار العامة بعد وقت قصير من استبدال مسؤولَين من القوة الصاروخية، التابعة لجيش التحرير الشعبي، في يوليو/تموز من العام نفسه.

وأضاف أن المكائد السياسية في الصين تتسم بالغموض الشديد، وغالبا ما توصف بـ"الصندوق الأسود"، الذي أصبح أكثر خطورة في عهد الرئيس الحالي شي جين بينغ.

وكانت صحيفتا "فايننشال تايمز" البريطانية، و"وول ستريت جورنال" الأميركية، قد انفردتا بخبر الإطاحة بـ"شانغ فو"، في 15 سبتمبر/أيلول 2023، نقلا عن مسؤولِين أميركيين.

ولم تتطرق المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، إلى اختفاء "شانغ فو" وإقالته في المؤتمر الصحفي الذي عُقد في اليوم نفسه، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية، حيث قالت للصحفيين: "لست على علم بالوضع".

قضايا الاختفاء

وشدد موقع "فوكس" على أن "عدم رغبة الحكومة الصينية في معالجة قضية اختفاء وفصل العديد من كبار المسؤولين في الأشهر الأخيرة، لم يسفر إلا عن تأجيج التكهنات والشائعات، سواء داخل الصين أو على المستوى الدولي".

وأفاد أنه "كوزير للدفاع، لم يشرف شانغ فو على القتال أو على أي حملات عسكرية، بل لعب دورا دبلوماسيا، حيث تواصل مع نظرائه في الخارج، أو في حالة الولايات المتحدة، رفض الرد على المكالمات الهاتفية لوزير الدفاع، لويد أوستن، في أعقاب أزمة البالونات الصينية فوق الأراضي الأميركية".

وذكر الموقع أن السفير الأميركي لدى اليابان، رام إيمانويل، لاحظ غياب وزير الدفاع الصيني في 8 سبتمبر 2023، حيث نشر على منصة "X" (تويتر سابقا) أن "شانغ فو" "لم يظهر علنا لمدة أسبوعين.

وكان آخر ظهور علني لـ"شانغ فو"، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، في بكين في 29 أغسطس/آب 2023، عندما ألقى خطابا أمام قمة أمنية صينية-إفريقية.

وقال موقع "فوكس" إنه قبل توليه منصب وزير الدفاع، كان "شانغ فو" -البالغ من العمر 65 عاما- رئيسا لإدارة تطوير المعدات في اللجنة العسكرية المركزية، وهي الهيئة التي تشرف على جيش التحرير الشعبي الصيني.

وبصفته رئيسا لإدارة التطوير، كان "شانغ فو" -الذي تدرب كمهندس طيران- يشرف على جميع مشتريات المعدات والبنية التحتية في مختلف فروع القوات المسلحة.

وفي يوليو/تموز 2023، ذكرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية أن إدارة تطوير المعدات كانت تخضع للتحقيق في عدد من قضايا الفساد، بما في ذلك "تسريب معلومات حول المشاريع ووحدات الجيش" عام 2017، وهي الفترة التي تتداخل مع رئاسة "شانغ فو" للإدارة.

وأوضح "فوكس" أنه "ليس من الواضح بعد ما إذا كان الحدثان مرتبطين بشكل مباشر أم لا، وربما لا يوجد ربط من الأساس".

رشاوى للترقيات

ومع ذلك، فإن هناك صلة ما، وهي أن الرئيس "شي" جعل مكافحة الفساد سمة مميزة لعهده، ففي السنوات الأخيرة، استهدف خصيصا جيش التحرير الشعبي، الذي استشرى فيه الفساد، حسب مدير الأبحاث في معهد (CASI) الأميركي رودريك لي.

وقال "لي": "كان الفساد مستشريا في جيش التحرير الشعبي الصيني، قبل أن يبدأ شي حملة التطهير في عام 2014".

وأفاد بأن الفساد في الجيش الصيني يتمحور حول مجالين رئيسين: مشتريات العقود والترقيات.

وأكد الخبير الأميركي أن "الوسيلة الوحيدة التي يمكنك من خلالها الترقي في الرتب بجيش التحرير الشعبي هي أن تدفع (أموالا) للنظام".

"وكان على كبار الضباط، مثل أولئك الذين هم في مستوى شانغ فو أن يدفعوا مقابل الترقيات في وقت مبكر من حياتهم المهنية"، حسب "لي".

وقال: "لا أحد منهم طاهر اليد، وفي اعتقادي فإنه لربما لا يتصف بهذه الصفة أي جنرال أو ضابط في جيش التحرير الشعبي، حتى وقت حديثي هذا".

ولذلك، فإن التعيينات العسكرية رفيعة المستوى يجب أن تأخذ هذا الأمر في الاعتبار، مما يترك للرئيس "شي" والجهاز العسكري اختيار مسؤولين أكثر قبولا، لكنهم في الوقت نفسه فاسدون، وفق "لي".

غموض الصين

وفي يوليو 2023، اُقيل قائد قوة الصواريخ، لي يو تشاو، مع نائبه، ليو جوانجبين، ونائبه السابق، تشانغ تشن تشونغ. 

ويقال إنهم وضعوا قيد التحقيق من قِبل وحدة مكافحة الفساد التابعة للجنة العسكرية المركزية، حسب الموقع الأميركي.

وبدوره، نُقل "شانغ فو" للاستجواب، وإذا أُقيل من دوره في اللجنة العسكرية المركزية للحزب الشيوعي، فإنه سيكون أول من يعاني من هذا المصير، منذ إقالة، فانغ فنغ هوي، من الحزب والحكم عليه، في 2019، بالسجن مدى الحياة بتهمة الفساد.

وأكد الموقع الأميركي أننا قد لا نعرف أبدا حقيقة ما حدث، أو لماذا حدث. لكن من جانبه، ذكر المحاضر في السياسة الصينية بجامعة مانشستر، ديفيد ستروب، أنه في حالة "شانغ فو"، من المحير أن يحدث هذا بعد فترة وجيزة من ترقيته إلى منصب بارز.

ورأى أنه "من المحتمل أن يكون هناك شيء ما يحدث داخل قيادة الحزب، وهو ببساطة غير مرئي لنا، ونحن ننظر إلى الحزب من الخارج".

وقال "ستروب" إنه من المحتمل أن يكون الرئيس "شي" لم يقم بما عليه في فحص اختياراته للمناصب العليا قبل الترويج لها.

وأشار موقع "فوكس" الأميركي أنه ما لم توَجّه اتهامات رسمية ضد "شانغ فو" وغيره من المسؤولين، فقد لا يعرف المجتمع الدولي حقيقة ما حدث بتاتا.