صحيفة عبرية تدعم السيسي في دعوته لتقليل أعداد المصريين.. ما السبب؟

قسم الترجمة | منذ ٨ أشهر

12

طباعة

مشاركة

أبدت صحيفة إسرائيلية دعمها لدعوة رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، بتحديد النسل، واصفة إياها بأنها "ضرورية وعقلانية".

ونشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية مقالا للكاتب الإسرائيلي، نيفيل تيلر، قال فيه إن "السيسي افتتح، في الخامس من سبتمبر/أيلول 2023، المؤتمر العالمي الأول للسكان والصحة والتنمية".

ووفق تيلر، فإن هذا الحدث -الذي استمر أربعة أيام- كان هدفه دراسة مسألة النمو السكاني وعلاقته بالتنمية المستدامة.

وناقش السيسي في افتتاح المؤتمر الموضوعات التي تمس مصر بشكل خاص، وكان واضحا في تقديره أن هناك خللا كبيرا بين مستويات الزيادة السكانية والتنمية المستدامة.

وأشار إلى أنه "خلال الخمسينيات من القرن الماضي كانت نسبة الفجوة ما بين موارد الدولة والنمو السكاني تقريبا ما بين 10-12 بالمئة"، لافتا إلى أن تعداد السكان في مصر آنذاك تراوح ما بين 19-20 مليون نسمة، وبالتالي لم تكن الفجوة كبيرة.

وأورد الكاتب الإسرائيلي ما قاله وزير الصحة والسكان، خالد عبد الغفار، من أن "تنظيم الأسرة هو أكبر مشروع استثماري، وإذا تبنته مصر سيحقق لها أرباحا وفوائد".

وبين الوزير أن كل جنيه تنفقه الدولة على تنظيم الأسرة يوفر بدوره 151.7 جنيه. وحسب قوله، فإن هذا الرقم موزعا كالتالي: 74.1 جنيها في التعليم، 32.9 جنيها في الصحة، 28 جنيها في الإسكان، 16.7 جنيها في منظومة دعم الغذاء.

ووفق تيلر، فإنه "منذ عام 2000، زاد عدد سكان مصر بمقدار 40 مليون نسمة، ويبلغ الآن 105 ملايين نسمة، كما يبلغ معدل المواليد حاليا مليوني نسمة سنويا".

وزعم السيسي أن "الموارد المتاحة تملي على مصر خفض هذا العدد بنسبة لا تقل عن 80 بالمئة، بحيث لا تزيد عن 400 ألف ولادة سنويا".

سياسة الطفل الواحد

وقال الكاتب الإسرائيلي إن السيسي اعترض على تصريح عبد الغفار، الذي قال فيه إن "إنجاب الأطفال هو مسألة بها حرية كاملة".

وبين السيسي ساخرا أنه يعارض ما قاله الوزير، مضيفا أن "الحرية المطلقة في عملية الإنجاب لأشخاص قد لا يكونون مدركين حجم التحدي، تدفع ثمنه في النهاية الدولة والمجتمع". وتابع: "يجب أن ننظم هذه الحرية، وإلا فإنها ستخلق كارثة".

 وقال الكاتب الإسرائيلي إن السيسي استشهد بالصين، التي تخلت عن سياسة الطفل الواحد في 2016، بعد أن "نجحت هذه السياسة في التحكم بعدد السكان".

ووفق تيلر، فإن هذه إشارة إلى أن مصر يمكن أن تحاكي سياسة الطفل الواحد التي كانت تنتهجها الصين.

كما أشار السيسي إلى أنه يتعين على الدول الإفريقية الأخرى أيضا أن تتبنى إجراءات للتحكم في عدد السكان، نظرا لأن القارة تفتقر إلى الموارد الكافية لدعم الزيادة السكانية المتزايدة.

وقال: "على سبيل المثال، في القارة الإفريقية، خلال سنوات قليلة سنصل إلى أكثر من مليار و600 مليون شخص، والموارد الموجودة في إفريقيا ضخمة ولكن لا تستطيع أن تساهم في ذلك".

ووفق الكاتب، فإن "عبد الغفار حين اعتلى المنصة، كان حريصا على تجاوز الملاحظة التي أدلى بها السيسي بشأن حرية الاختيار فيما يتصل بحجم الأسرة، وأكد أن مشكلة النمو السكاني تشكل التحدي الأعظم الذي يواجه مصر، سواء الآن أو في المستقبل".

وأكد على ما قاله عبد الغفار من أن هذه المشكلة "تعرقل جهود التنمية والنمو الاقتصادي، وتلتهم العوائد كافة، مما يؤثر على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وبالتالي مستوى معيشتهم".

وتابع عبد الغفار أن "هذا يتطلب منا أن نعمل على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والسكاني لضمان رفاهية الجميع".

وحسب الكاتب، فإن عبد الغفار أكد بشكل لا لبس فيه على الخط الرسمي المصري بشأن السيطرة على السكان.

وشدد على التزام الدولة بتنفيذ برنامج سكاني، يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني والموارد المتاحة للدولة، في إطار تحقيق التنمية المستدامة.

فرصة نادرة

وأثنى الكاتب الإسرائيلي على مؤتمر السيسي، بوصفه "فرصة نادرة للباحثين وصانعي السياسات من جميع أنحاء العالم، لتبادل المعلومات المباشرة حول العلاقة بين السكان والصحة والتنمية المستدامة"، وفق قوله.

وأردف تيلر أن "المؤتمر جمع صناع القرار ووزراء الصحة من مختلف البلدان، والسفراء، والوكالات الدولية، والأمم المتحدة، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والكيانات المصرفية، ورجال الأعمال، ووسائل الإعلام".

وتابع: "ليس من المستغرب أن يصبح المؤتمر العالمي حدثا سنويا، وربما سيُنظَّم كما نُظِّم هذا المؤتمر في عاصمة مصر الجديدة المرموقة، والتي لم تشيَّد حتى الآن إلا جزئيا ولم تُسمَّ بعد، ولكن يطلق عليها بشكل غير رسمي اسم العاصمة الإدارية الجديدة".

ويرى الكاتب أنه "قد يكون من اللافت، وإن كان مثيرا للسخرية، أن نتصور وجود صلة بين دعوة السيسي لخفض معدل المواليد في مصر لأسباب تتعلق بقلة الموارد، وبين التمويل السخي الذي تقدمه الدولة لمشاريع هدفها إظهار الكبرياء".

وقد أُعلن عن العاصمة الجديدة لمصر لأول مرة عام 2015، وهي قيد الإنشاء منذ سنوات، بتكلفة تقدر بأكثر من 50 مليار دولار.

وأضاف الكاتب أن هذا المشروع "هو واحد من مجموعة كاملة من المشاريع العملاقة التي تبنيها حكومة السيسي بتكلفة هائلة، في حين أن الحكومة المصرية مثقلة بالديون".

وتابع أن "بناء العاصمة الجديدة -التي تقع على بعد حوالي 28 ميلا جنوب شرق القاهرة- جاء، في جزء منه، لتخفيف البنية التحتية المتداعية في القاهرة، حيث من المخطط أن تستوعب أكثر من ستة ملايين ساكن".

علاوة على ذلك، فإن المقرات الإدارية الحكومية ستنتقل إلى هناك، كما أنها موطن لأطول مبنى في إفريقيا (البرج الأيقوني المؤلف من 77 طابقا)، وقصر رئاسي ضخم، والعشرات من مباني الوزارات والمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس.

وذكر أنه "لطالما كان الاكتظاظ السكاني على الكوكب مصدر قلق لبعض المفكرين والعلماء، فمنذ عام 1804 إلى الآن، ارتفع عدد سكان العالم من مليار إلى ثمانية مليارات". 

دعوة منطقية

ومن بين العوامل المسببة لذلك الاكتظاظ السكاني، التقدم الطبي وتحسين الإنتاجية الزراعية"، حسب الكاتب.

ووفقا لأحدث إحصائيات الأمم المتحدة، "فمن المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 9.7 مليار نسمة في عام 2050، و10.4 مليار نسمة عام 2100".

والخبر السار -بحسب الكاتب الإسرائيلي- هو أن تقديرات الأمم المتحدة تتوقع أن يصل عدد السكان إلى ذروته عند حوالي 10.4 مليار نسمة، قبل أن ينخفض بما يتماشى مع انخفاض معدلات الخصوبة في جميع أنحاء العالم.

في 10 يوليو/تموز 2023، نشرت الأمم المتحدة وثيقة نقاش حول الآثار المترتبة على صحة الكوكب واستدامة سكان العالم الذين يزيد عددهم عن 8 مليار نسمة.

وقال تيلر: "إذا نظرنا إلى القواعد الأساسية، فإن تأثير البشرية على بيئة الأرض يقاس بعدد السكان، ومقدار استهلاك كل شخص، والتكنولوجيا المستخدمة لتلبية هذا المستوى من الاستهلاك".

وأردف أنه "إذا كان متوسط الاستهلاك العالمي على قدم المساواة مع مستويات البلدان ذات الدخل المرتفع اليوم، فلن يتمكن الكوكب من دعم حتى عدد سكانه في الوقت الحالي".

وأكد أن "أنماط الاستهلاك التي تتطلب استخداما مكثفا للموارد، كما في البلدان المتقدمة، ليست مستدامة أو قابلة للتكرار على نطاق عالمي". ويرى الكاتب الإسرائيلي أن "النمو السكاني يؤدي إلى تضخيم هذه الضغوط".

وأضاف: "الدول النامية مثل مصر والدول الأخرى في القارة الإفريقية تتصرف بحكمة عندما تدرك أن النمو السكاني غير المقيد، من شأنه أن يوجه ضربة قوية لآمال التنمية المستدامة إذا لم تقابله زيادة مماثلة في الموارد".

وختم الكاتب الإسرائيلي بالقول: "في مثل هذه البيئة، تصبح مبادرات -مثل المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية الذي أعلنه السيسي- منطقية تماما"، وفق تقديره.