رانيا المشاط.. وزيرة مصرية تربح 40 ألف دولار شهريا من وظيفة إماراتية

داود علي | منذ ٩ أشهر

12

طباعة

مشاركة

ينص قانون الخدمة المدنية في مصر، رقم 81 لسنة 2016 ولائحته التنفيذية على عدة ضوابط ومحظورات تخص الموظف العام أثناء تأدية مهام وظيفته. 

من أهم تلك المحظورات هي الجمع بين وظيفتين وأي عمل آخر من شأنه الأضرار بواجبات الوظيفة، وأن يؤدي أعمالا للغير بأجر أو بمكافأة ولو فى غير أوقات العمل الرسمية.

وكذلك مباشرة الأعمال التي تتنافى مع التجرد والالتزام الوظيفي أثناء ساعات العمل الرسمية.

وينطبق هذا القانون على الموظف العام في مصر، من أول رئيس الجمهورية، إلى جميع الوزراء والمسؤولين الحكوميين، وصولا إلى أصغر كادر وظيفي داخل دولاب الدولة.

لكن وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط، تجاوزت هذا القانون، بأخذ تصريح من رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، عندما تم تعيينها مطلع أغسطس/ آب 2023، في عضوية مجلس إدارة مصرف أبوظبي الإسلامي الإماراتي.

فمن هي رانيا المشاط؟ وما قصة صعودها؟ ولماذا أثار تعيينها في مصرف إماراتي جدلا واسعا في مصر؟ 

النشأة والصعود

هي رانيا عبد المنعم المشاط (48 عاما)، ولدت في محافظة المنوفية، في 20 يونيو/ حزيران 1975، عاشت بالقاهرة وتلقت تعليمها بها حتى تخرجها في الجامعة الأميركية عام 1995 حاصلة على بكالوريوس الاقتصاد. 

والدها هو الدكتور عبد المنعم المشاط، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة المستقبل غير الحكومية، وأحد أكبر المنظرين للحكم العسكري في مصر، ومن الداعمين الرئيسين لرئيس النظام عبد الفتاح السيسي. 

ولعب المشاط دورا كبيرا في تكوين شخصية ابنته رانيا، التي ورثت عنه دعم النظام الحاكم، حتى إنها أعلنت في تصريح إعلامي "كنت أرى مجالس رجال الأمن والسياسة والاقتصاد في بيتنا مع والدي وأصدقائه وهم يتباحثون في الشأن الداخلي والتحديات الخارجية، وتمنيت أن أكون أحد صانعي القرار الاقتصادي في مصر".

وفي عام 1998 حصلت رانيا المشاط على ماجستير في الاقتصاد من جامعة ماريلاند في كوليج بارك بالولايات المتحدة، وفي 2001 حصلت على درجة الدكتوراة من نفس الجامعة. 

وتناولت صحيفة "الدستور" المصرية المحلية جوانب من حياتها الشخصية، في تقرير صدر مطلع أغسطس/ آب 2018، وذكر أن المشاط معروفة بعصبيتها الشديدة وانفعالاتها، لذا تفضل مشروب الكركديه.

وشغلت المشاط مجموعة من المناصب الاقتصادية المهمة، ففي 2005 عينت نائبة مدير ورئيسة قسم السياسة النقدية في البنك المركزي المصري، وهو المنصب المستمرة فيه حتى الآن.

وفي 26 مايو/ أيار 2016، تم توكيلها بمهمة تنسيق العلاقات بين البنك المركزي وصندوق النقد الدولي ومؤسسات التقييم والتصنيف الائتماني الدولية، حيث كانت هي التي تتصدر المناقشات التقنية من جانب البنك المركزي خلال بعثات الصندوق إلى مصر. 

يذكر أنه صدر تقرير خبراء صندوق النقد الدولي لبرنامج القروض لعام 2016، وتناول أنه كان من المتوقع أن تخفف مصر من تأثير الإصلاحات على الفقراء عبر استخدام جزء من وفورات المالية العامة لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي.

وأضاف: لكن مراجعة للإنفاق العام أجراها البنك الدولي وجدت أن الوفورات الكبيرة في الميزانية لم تترجم إلى زيادات حقيقية في الإنفاق على برامج المساعدة الاجتماعية الرئيسة.

وأورد أن مسؤولي الحكومة المصرية وفي مقدمتهم رانيا المشاط يحجبون تماما عن الرأي العام المعاملات المالية لشبكات الشركات العائدة للأجهزة العسكرية، والتي تنتج سلعا مدنية في الغالب.

وأتبع: ما يجعلها عرضة للفساد وتقويض الرقابة المدنية على تمويل الجيش المصري، المسؤول بدوره عن انتهاكات خطيرة، كما استخدمت الحكومة إجراءات قمعية لحماية القوة الاقتصادية للجيش. 

 

وزيرة السيسي

دخلت المشاط إلى الحقيبة الوزارية خلال عهد عبد الفتاح السيسي، في 14 يناير/ كانون الثاني 2018، عندما وافق البرلمان على التعديلات الوزارية، التي شملت تولي رانيا المشاط وزارة السياحة، خلفا ليحيى راشد.

ولأول مرة تتولى سيدة منصب وزيرة السياحة منذ أنشئت وزارة السياحة عام 1966، ما يدلل على مدى ثقة السيسي فيها.

واستمرت المشاط في منصبها وزيرة للسياحة حتى 22 ديسمبر/ كانون الثاني 2019، عندما صدر قرار جمهوري بتعيين مجموعة من الوزراء الجدد، منهم رانيا المشاط، وزيرة للتعاون الدولي.

ففي 31 مايو/ آيار 2023، نشرت "مجموعة الأزمات الدولية" ومقرها بروكسل تقريرا، أكدت فيه: "أن مصر على الميزان، فهي تواجه أزمة اقتصادية، تعرقل سياساتها المحلية والخارجية والاقتصادية، وتعمق خيبة الأمل العام، وتغذي حالة عدم الاستقرار القائمة". 

ولأهمية المشاط في الدائرة المقربة من رئيس النظام، أوكل لها في 5 مارس/ آذار 2023، مهمة أن تلقي كلمة نيابة عنه، أمام مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا، الذي عقد بالعاصمة القطرية الدوحة.

وكان السيسي قد اصطحبها معه إلى دبي في 13 فبراير/ شباط 2023، للمشاركة في فعاليات القمة العالمية للحكومات بدبي، ورأى أن اختصاص المشاط بتلك الرحلة لقربها من صناع القرار في دولة الإمارات العربية المتحدة. 

وفي 4 يوليو/ تموز 2022 التقت المشاط بأعضاء اللجنة الحقوقية بالبرلمان المصري، وصرحت لهم أن "المؤسسات الدولية شهدت بالطفرة التي تحققت على مستوى محاور التنمية كافة في مصر خلال السبع سنوات الماضية، حيث تم تنفيذ مشروعات في مختلف قطاعات الدولة لم تتحقق على مدار عشرات السنوات". 

وأثارت تصريحات المشاط الجدل حينها، لأنها تتعارض مع كثير من التقارير الدولية التي انتقدت سياسة مصر الاقتصادية.

 

40 ألف دولار شهريا

ومطلع أغسطس 2023، تسبب تعيين رانيا المشاط بمجلس إدارة مصرف أبوظبي الإماراتي في تساؤلات حول قانونية الإجراء الذي يعني الجمع بين عمل حكومي ووظيفة خاصة بدولة أخرى.

وتسبب الإعلان عن الأمر في غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحفظ كثير من المسؤولين حتى المؤيدين للنظام المصري.

وفي 8 أغسطس، تقدم النائب بالبرلمان المصري محمد الصمودي، بسؤال برلماني، إلى المستشار حنفي جبالي رئيس المجلس، وإلى مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، حول مدى ملاءمة قرار تعيين الوزيرة في مجلس إدارة أحد المصارف الإماراتية، لأحكام القانون والدستور.

وقال الصمودي، في سؤاله: "أثار إعلان تعيين وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط عضوا في مجلس إدارة أحد البنوك الخليجية مقابل 40 ألف دولار شهريا، جدلا واسعا والكثير من الغضب بين المواطنين في الشارع المصري".

وأرجع البرلماني ذلك إلى وجود شبهة تضارب مصالح بين المنصبين، وذكر أنه يشكل مخالفة صريحة للدستور الذي يحظر على الوزراء الجمع بين أكثر من منصب.

وأضاف أنه يعد الجمع بين المسؤولية الحكومية والعمل بالمؤسسات الخاصة تعارضا مطلقا للمصالح، بالنظر إلى الاختصاصات الواسعة الموكلة إلى الوزراء وحجم الصلاحيات الممنوحة لهم والتي قد تدخل مع أعمال البنوك وأنشطتها الاستثمارية.

لا سيما أن التعيين أيضا تم في جهة أجنبية لها كثير من المصالح في مصر، والمثير أنه بعد أيام من تعيين الوزيرة في المصرف، وتحديدا في 13 أغسطس، تم كشف القوائم المالية المجمعة لمصرف أبو ظبي الإسلامي في مصر، وأعلن عن ارتفاع صافي أرباحها لتسجل 2.165 مليار جنيه بنسبة زيادة سنوية تتخطى مئة بالمئة.