اليورانيوم كلمة السر.. كيف يؤثر انقلاب النيجر على الكهرباء في أوروبا؟

قسم الترجمة | منذ ٨ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في ضوء اعتماد فرنسا بشكل كبير على اليورانيوم الوارد من النيجر في توليد الكهرباء، وفي إطار الانقلابات العسكرية التي تهدد المصالح الفرنسية والأوروبية في المنطقة، يتساءل متابعون بشأن حصول فرنسا وأوروبا على ما يكفي من اليورانيوم من النيجر في المستقبل. 

وطرحت تساؤلات عن الآثار التي قد تصيب فرنسا وأوروبا حال اضطربت إمدادات اليورانيوم، وكيف سينعكس ذلك بالسلب على أسعار الكهرباء، ومن ثم بالتبعية ارتفاع مستويات التضخم وحدوث اضطرابات اقتصادية.

سوق مهددة

وقال موقع "دويتشه فيله" الألماني إن "أعظم كنز في النيجر -والمتمثل في عنصر اليورانيوم- موجود تحت الأرض، حيث يُعد هذا العنصر هو السلعة الأكثر أهمية في دولة الساحل، التي حكمها الانقلابيون لمدة شهر حتى الآن". 

وذهب الموقع إلى أن هذا يغذي المخاوف بشأن "الصراع السياسي الذي قد يعرض إمدادات اليورانيوم إلى الأسواق العالمية للخطر".

وحذر من أن "الدول التي لا تقوم بتشغيل أي محطات للطاقة النووية مهددة بارتفاع الأسعار عبر سوق الكهرباء الأوروبي".

وبحسب الموقع، فإن "الأمور تزداد صعوبة بالنسبة لأوروبا، وعلى وجه الخصوص فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة".

ويعزو ذلك إلى أن "حوالي ثلثي الكهرباء في فرنسا يأتي من محطات الطاقة النووية التي تعمل باليورانيوم المستورد من النيجر".

لكن في الوقت الحالي، ذكر أن "نظام الحاكم العسكري قائد الانقلاب، عبد الرحمن تشياني، سئم من الشريك -المقصود فرنسا- الذي كان وثيقا يوما ما".

ووفقا للصحيفة الألمانية، "رغم طرد النظام الحاكم الحالي في النيجر للسفير الفرنسي سيلفان إيتي بالفعل من البلاد، إلا أن حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون رفضت حتى الآن الخضوع لهذا القرار، بدعوى أنه قرار صادر من حكومة غير شرعية". 

ولفتت إلى أن "فرنسا لا تريد الاستغناء عن نفوذها الجيوسياسي، فضلا عن إمدادات المواد الخام من اليورانيوم".

وبشأن الشكل الذي تتخذه الشراكة بين فرنسا والنيجر، يرى الموقع أن الجميع يعتقد أن هذه الشراكة "غير متكافئة إلى حد كبير". 

وهو ما وافق عليه مهندس البتروكيماويات، ماهامان لاوان جايا، وزير الطاقة السابق في النيجر، في تصريحاته لـ"دويتشه فيله".

كما أنه أوضح عن وجود تناقضات كبيرة، ففي عام 2010، صدرت النيجر يورانيوم بقيمة 3.5 مليار يورو إلى فرنسا، لكنها لم تتلق في المقابل سوى 459 مليون يورو.

وبحسب جايا، وزير الطاقة السابق في النيجر، والذي كان الأمين العام لمنظمة منتجي النفط الإفريقيين حتى عام 2020: "إذا قررت النيجر عدم تصدير اليورانيوم إلى فرنسا فستكون هناك عواقب وخيمة على فرنسا، ولكن تأثيرها سيكون ضئيلا على اقتصاد النيجر". 

وينتقد جايا الوضع في البلاد قائلا إن "حوالي 90 بالمئة من السكان لا تصلهم الكهرباء، ولا تزال النيجر تحصل على دخل ضئيل للغاية مقابل صادراتها".

تعاون في خطر

ولفت الموقع الألماني إلى أنه لعقود من الزمان، كانت الشركة الفرنسية "أورانو" -أريفا سابقا- تعمل في استخراج اليورانيوم في النيجر، والذي يُستخدم لإنتاج الوقود لمحطات الطاقة النووية الفرنسية البالغ عددها 56 محطة. 

وبعد انقلاب 26 يوليو/ تموز 2023، أصبحت الشراكة العسكرية بين البلدين -النيجر وفرنسا- والتعاون الاقتصادي في خطر، لا سيما وأن المجلس العسكري قد أمر أيضا بحظر تصدير اليورانيوم، وفقا لـ "دويتشه فيله".

وقال متحدث باسم الشركة لوكالة "فرانس برس" إن "الأزمة الحالية ليس لها آثار قصيرة المدى على قدرات التوصيل لدى أورانو".

لكن في المقابل، أوضح الموقع أن رئيس وزراء النيجر السابق وزعيم المعارضة، هاما أمادو، "يظل موقفه هادئا حتى الآن". 

وبحسب الموقع، فقد صرح أمادو لإذاعة "فوكس إفريقيا" أن شركة التعدين تواصل إنتاج اليورانيوم، موضحا أنه "لا يعتقد أن السلطات الجديدة ألغت عقود تعدين اليورانيوم بين فرنسا والنيجر".

وهنا يتساءل الموقع: "إذن ما الذي تخشاه الدولة الفرنسية بشأن مصالحها في النيجر؟".

وسلط الموقع الألماني الضوء على حقيقة أن "إنتاج اليورانيوم في النيجر في يد فرنسا".

ولفت الأنظار إلى أن شركة "سومير"، التي تستغل أكبر منجم لليورانيوم في الصحراء بالنيجر على مشارف مدينة أرليت، مملوكة بنسبة 63 بالمئة لمجموعة "أورانو" الفرنسية. 

أما النسبة المتبقية البالغة 37 بالمئة، فتعود ملكيتها لشركة "سوبامين" الحكومية النيجرية. 

وفي عام 2021، ذكر الموقع أن أكثر من 90 بالمئة من صادرات النيجر جاءت من اليورانيوم من منجم "سومير".

تخفيف الصدمات

وفي مايو/ أيار 2023، وقعت شركة "أورانو" النووية الفرنسية عقودا جديدة مع حكومة النيجر، ومن المقرر بموجبها أن يستمر استخراج اليورانيوم الفرنسي في النيجر حتى عام 2040.

ومن وجهة نظر الصحفي النيجري سيدك أبا، فإن "الانقلاب لا يغير هذه الالتزامات". 

لافتا إلى أن "اليورانيوم لا يزال يُشحن من المنجم القريب من أرليت إلى فرنسا عبر كوتونو، ولا يمنح العقد النيجر الحق في وقف عمليات التسليم". 

وبحسب ما قاله أبا لـ"دويتشه فيله" الألمانية، فإن "الانقلابيين لم يكن لهم أي تأثير على الاتفاقيات التجارية للشركات". 

مؤكدا أن "المجلس العسكري لا يمتلك أي وسيلة لوقف عمليات التسليم".

وفي عام 2022، تلقت فرنسا نحو خمس احتياجاتها من اليورانيوم المستورد من النيجر، بحسب ما نقله الموقع عن بيانات وكالة التوريد التابعة للاتحاد الأوروبي للطاقة الذرية. 

كما لفت إلى أن النيجر كانت ثالث أكبر مورد لليورانيوم إلى فرنسا عام 2022، محذرا -في ذات الوقت- من هذا الاعتماد المبالغ فيه.

وفي حين أن فرنسا تتعامل مع دول مثل كازاخستان وأستراليا وناميبيا، يرى الموقع أنها يمكنها تنويع إمداداتها من اليورانيوم بسهولة.

ووفقا للرابطة النووية العالمية "WNA"، فإن 5 بالمئة فقط من اليورانيوم الذي تم بيعه في السوق العالمية عام 2022، جاء من النيجر. 

ومع ذلك، حذر بعض المحللين من أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى آثار بعيدة المدى، وذلك إذا ما وصلت كميات أقل من يورانيوم النيجر إلى السوق العالمية، أو في حال توقفت الإمدادات بشكل كامل.

وبسبب قلقها إزاء ارتفاع الأسعار، تأمل أوروبا في العثور على موردين بديلين لليورانيوم كإجراء احترازي، وفق الموقع.

وتحدث عن بعض الدول الأخرى الموردة لليورانيوم، بخلاف النيجر، حيث أشار إلى أن كازاخستان يمكنها تصدير المزيد من اليورانيوم إلى أوروبا إذا لزم الأمر.

ومع ذلك، بدد المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، أدلبرت ياهنز، الشكوك والمخاوف بشأن ما إذا كانت الأضواء يمكن أن تنطفئ في أوروبا بسبب الصراع في النيجر.

وأكد على أن "الشركات في الاتحاد الأوروبي لديها احتياطيات كافية من اليورانيوم الطبيعي لتخفيف الصدمات على المدى القصير".

وختم ياهنز حديثه بالقول: "على المدى المتوسط ​​والطويل، هناك ودائع كافية في السوق العالمية لتغطية احتياجات الاتحاد الأوروبي".