تحذيرات واستفزازات حول "قره باغ".. هل تنزلق أرمينيا وأذربيجان نحو حرب جديدة؟

قسم الترجمة | منذ ١٠ أشهر

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة فرنسية الضوء على تصريحات رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، حول احتمالية تجدد الحرب بين بلاده وأذربيجان، في وقت فشلت فيه محاولات التطبيع بينهما.

وأوضحت صحيفة "20 دقيقة" أن "البلدين خاضا بالفعل حربين للسيطرة على هذه المنطقة الجبلية عام 2020، ولم تسفر محاولات تطبيع العلاقات، التي توسط فيها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا، عن نتائج".

وقال باشينيان، في تصريحات له في 21 يوليو/ تموز 2023، إنه "من المحتمل جدا" اندلاع حرب جديدة بين بلاده وأذربيجان، متهما الأخيرة بارتكاب "إبادة جماعية" للأرمن في إقليم قره باغ.

وتصاعدت التوترات في أوائل يوليو/ تموز 2023، عندما أغلقت أذربيجان حركة المرور على ممر لاتشين، الطريق الوحيد الذي يربط إقليم قره باغ بأرمينيا.

وقال باشينيان "إنها ليست إبادة جماعية قيد التحضير، إنها إبادة جماعية جارية بالفعل"، متهما الجيش الأذري بإنشاء "منطقة عازلة" في قره باغ.

وانتهت الحرب الأخيرة بين البلدين عام 2020، بهزيمة أرمينيا، التي اضطرت إلى التخلي عن الأراضي الأذرية التي كانت تحتلها منذ عام 1992.

ووفق الصحيفة الفرنسية، فقد "توقفت عملية السلام منذ انتهاء الحرب".

حرب محتملة

وقالت الصحيفة: "بالنسبة للبعض، فإن الصراع بعيد عن الحل، لأن أرمينيا لم توقع بعد على معاهدة سلام رسمية تعترف فيها بتبعية هذه الأراضي لأذربيجان، كما يؤكد القانون الدولي".

وأضافت: "لذلك حذر باشينيان من أنه إلى حين توقيع معاهدة سلام بين البلدين تنال التصديق البرلماني فيهما، فمن المحتمل جدا بالطبع اندلاع حرب جديدة مع أذربيجان".

وأشارت إلى أن "روسيا -التي لديها فرق من قوات حفظ السلام في المنطقة- تكافح لاحتواء الأزمة، لكن تتهمها أرمينيا بالتقاعس".

ومع فشل الجولة الأخيرة من محادثات السلام، التي عقدت في 15 يوليو 2023 ببروكسل، في تحقيق انفراجة، قال باشينيان إن "الغرب وروسيا بحاجة لممارسة ضغوط متزايدة على باكو لرفع الحصار".

وزعم باشينيان، أن المفاوضات يعرقلها "خطاب أذربيجان العدواني وخطاب الكراهية ضد الأرمن".

ويأتي هذا رغم تصريحه أواخر مايو/ أيار 2023، بأن يريفان وباكو اتفقتا على الاعتراف بوحدة أراضي بعضهما بعضا، وأنهما في طريقهما إلى تطبيع العلاقات.

وتابعت صحيفة "20 دقيقة" أنه "على الأرض، ورغم إقرار وقف إطلاق النار عام 2020، فإن الاشتباكات المسلحة لا تزال منتظمة في قره باغ وعلى الحدود بين البلدين".

ولذلك، أشار باشينيان إلى أن "الخطوط الحمراء" لبلده للانخراط في محادثات مع أذربيجان هي "سلامة أراضي أرمينيا وسيادتها"، فضلا عن حقوق وأمن الأرمن الذين يعيشون في قره باغ.

وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن "هذا الجيب كان بالفعل سبب حرب نشبت عند سقوط الاتحاد السوفيتي في التسعينيات، وأودت بحياة نحو 30 ألف شخص". 

علاوة على ذلك، "فقد خلف الصراع الأخير عام 2020، 6 آلاف و500 قتيل من الجانبين".

ضمانات السلام

وأكدت الصحيفة على أن "إقليم قره باغ، الذي يسكنه بشكل رئيسي الأرمن، وتقدم له يريفان الدعم، هو جزء من الأراضي السيادية لأذربيجان وفق القانون الدولي".

ولذلك زعم باشينيان أن بلاده في موقف صعب، لأن "مصلحة أرمينيا في هذه العملية -وهي الدفاع عن شعب قره باغ- يُنظر إليها وتفسرها أذربيجان على أنها تعد على وحدة أراضيها".

وأورد التقرير أنه "في الجولات السابقة من المفاوضات بوساطة غربية، وافقت يريفان على الاعتراف بإقليم قره باغ كجزء من أذربيجان، لكنها طالبت بآليات دولية لحماية حقوق وسلامة السكان الأرمن في المنطقة".

لكن سبب الخلاف هو أن "باكو تصر على أن تكون هذه الضمانات على المستوى الوطني، باعتبار أن قره باغ أراض أذرية، وترفض أي صيغة دولية لهذه الضمانات".

وعلاوة على ذلك، أوردت تقارير أن الملياردير الأرميني، روبن فاردانيان، هو أحد اللاعبين الرئيسيين في عرقلة وجود اتفاق سلام دائم مع أذربيجان.

ففي 28 مايو/ أيار 2023، قال فاردانيان على قناته على تطبيق "تليغرام" إنه لا ينبغي للأرمن التوقيع على أي اتفاق مع أذربيجان، زاعما أنهم "سيتعرضون لمذابح إن فعلوا ذلك".

وادعى الملياردير أن "لدى الرئيس الأذري، إلهام علييف، إستراتيجية واحدة فقط، وهي طرد وإبادة شعب (أرتساخ)"، الاسم الذي أطلقه الأرمن على إقليم قره باغ الأذري.

بدورها، أوردت الأستاذة المساعدة في "مركز الدراسات الأوروبية الأوراسية والروسية وأوروبا الشرقية" بجامعة جورج تاون، بريندا شيفر، أن "روسيا لاعب مهم في الإقليم، وأن فاردانيان يحظى بمباركة موسكو".

وأضافت أن "قوات حفظ السلام الروسية تسيطر على أمن الإقليم بحكم الأمر الواقع"، مؤكدة أن موسكو "تسمح لسكان الإقليم من الأرمن بتلقي الأسلحة والألغام وغير ذلك الكثير".

وفي سبتمبر/ أيلول 2022، زار فاردانيان المناطق التي تسيطر عليها قوات حفظ السلام الروسية.

ووفق التقرير، "فسرعان ما أثبت فاردانيان نفسه كزعيم بحكم الأمر الواقع للأرمن الموجودين في الإقليم، وبدأ في تقويض محادثات السلام".

ونظرا للسيطرة الروسية على الأراضي والروابط التي تربط الأرمن في قره باغ بموسكو، "فمن غير المعقول أن يتزعم فاردانيان الأرمن في تلك المنطقة، بدون مباركة من موسكو"، كما أوضحت شيفر.

وكانت مجلة "فوربس" الأميركية قد أشارت إلى أن "حصار أذربيجان، ونقاط التفتيش التي أقامتها، تهدف إلى وقف أي تهديد بتدفق الأسلحة إلى قره باغ".

وبالإضافة إلى ذلك، تعد أرمينيا إحدى الوسائل المتاحة لروسيا للالتفاف على العقوبات.

كما كانت أرمينيا مصدرا للسلع المحظورة، بما في ذلك الإلكترونيات، مثل الرقائق الدقيقة المستخدمة في الأسلحة العسكرية التي تدخل روسيا، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، في أبريل/ نيسان 2023.

وأورد التقرير أن "رئيس الوزراء الأرميني يتعرض لضغوط لحماية حقوق أرمن قره باغ، لكن من المتفهم أن باكو تريد حل الحكومة الانفصالية في الإقليم وهياكلها العسكرية".

وتابع: "كذلك، تريد أذربيجان أن يصبح الأرمن في إقليم قره باغ مواطنين أذريين كاملين".