"عشرات الآلاف من الإصابات".. إفريقيا تشهد أسوأ سنة لتفشي الكوليرا في 10 أعوام

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

دقت صحيفة إيطالية ناقوس الخطر من عودة تفشي وباء الكوليرا في مناطق مختلفة من الكوكب بعد سنوات تراجع خلالها عدد الإصابات، محذرة من أن الوضع خطير بشكل خاص في ملاوي.

وذكرت  صحيفة "نيغريسيا"  أن منظمة الصحة العالمية كانت قد قدرت في فبراير/ شباط 2023 أن مليار شخص في 43 دولة، من بينها 24 إفريقية، معرضون لخطر العدوى خاصة الأطفال دون سن الخامسة.

والكوليرا عدوى إسهالية حادة تتسبب فيها بكتيريا الضَّمَّة الكُوليريّة، وتنجم في أغلب الأحيان عن شرب مياه ملوثة أو تناول طعام ملوث.

سابع جائحة

وبحسب أحدث البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، يواجه العالم بأسره هذا الخطر الشديد منذ منتصف عام 2021 الذي وصفه الخبراء بـ "سابع جائحة للكوليرا في التاريخ".

وتشرح الصحيفة بأن ما يجعل الوباء مقلقاً "ارتفاع أعداد المصابين وحجم الظاهرة وتكاثر بؤر العدوى، إلى جانب انتشار المرض في مناطق انتصرت على تفشي الكوليرا وتقلص فيها عدد الوفيات الناجمة عن المرض".

وأشارت إلى زيادة كبيرة في أعداد الإصابات في إفريقيا حيث سجل عدد الحالات في القارة، ومعظمها في منطقة جنوب الصحراء الكبرى، في الشهر الأول من عام 2023 وحده زيادة بأكثر من 30 بالمئة من إجمالي عدد المصابين طيلة عام 2022.

وفي 4 أبريل، أعلنت منظمة الصحة العالمية تسجيل 160 ألفا و756 حالة إصابة و 3288 وفاة في 24 دولة إفريقية تواجه تفشي المرض منذ بداية العام.

وحذرت من أن عدد الحالات قد يتخطى الأرقام المسجلة في عام 2021، وهو أسوأ عام للكوليرا في إفريقيا منذ ما يقرب من عقد من الزمان، وهذا في صورة تواصل النسق الحالي المتسارع في تفشي الوباء.

وتظهر تقارير خبراء الأمم المتحدة أن الكوليرا عادت إلى الظهور بقوة بعد سنوات من التراجع الكبير، وتستهدف المجتمعات الأكثر ضعفاً في العالم وخاصة في إفريقيا.

من جانبه، قال جيروم بفافمان زامبروني، رئيس وحدة طوارئ الصحة العامة في اليونيسف: "إن الوباء يقتل الفقراء أمامنا مباشرة".

بدوره، صرح ماتشيديسو مويتي، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لأفريقيا: "نشهد سيناريو مقلقا حيث تؤدي النزاعات والظواهر المناخية المتطرفة وآثار جائحة كوفيد 19 إلى مضاعفة مصادر الكوليرا وزيادة عدد الوفيات".

كما أكد على "أهمية أن ترفع البلدان الأفريقية من درجة استعدادها لاكتشاف الحالات بسرعة وتفعيل استجابة شاملة وفي الوقت المناسب. نحن ندعم الحكومات لتكثيف تدابير السيطرة لوقف هذه البؤر في أسرع وقت ممكن ".

في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أعلنت اليونيسف قبل عدة أسابيع تفشي المرض في بوروندي وإثيوبيا وكينيا وموزمبيق والصومال وجنوب إفريقيا وتنزانيا وجنوب السودان وزامبيا وزيمبابوي.

مالاوي الأكثر تضررا

أشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن مالاوي تعد الأكثر تضرراً بتسجيل نسبة 35 بالمئة (56763) من إجمالي الحالات و 52 بالمئة (1722) من جميع الوفيات المبلغ عنها. 

وتضيف أن خمس دول، ملاوي والكاميرون والكونغو الديمقراطية وموزمبيق ونيجيريا، بها 78 بالمئة (125837) من إجمالي الحالات في إفريقيا و 91 بالمئة (2984) من الوفيات في الفترة من 1 يناير 2022 إلى 4 مارس 2023.

في ملاوي وموزمبيق، انتشرت الكوليرا بشكل كبير في أعقاب إعصار فريدي المدمر في فبراير ومارس، والذي تسبب في نزوح أكثر من 800 ألف شخص داخليًا، هذا إلى جانب ضعف الرعاية الصحية.

استجابت منظمة الصحة العالمية بإرسال 80 خبيرا وأكثر من 455 طنا من الإمدادات الحيوية لمكافحة الكوليرا إلى البلدين.

فيما سُلمت إمدادات طبية إضافية إلى الكاميرون وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغانا وزامبيا لتعزيز التأهب والاستجابة لتدهور محتمل للوضع.

تضيف الصحيفة أن الكوليرا تفشت أيضا في إثيوبيا وكينيا والصومال في خضم أزمة جفاف كارثي تشكو منها منطقة ​​القرن الأفريقي، تسببت في حاجة ماسة لملايين الأشخاص إلى المساعدات الإنسانية.

ولاحتواء هذا التهديد المتصاعد،  ذكرت الصحيفة أن وكالات الصحة التابعة للأمم المتحدة وضعت خطة استجابة وقائية بقيمة 160 مليون دولار للأشهر الـ 12 المقبلة، بينما أطلقت اليونيسف نداءًا لجمع 480 مليونًا.

ستغطي خطة الاستجابة العالمية للكوليرا 40 دولة وسيشمل البرنامج التنسيق والمراقبة والوقاية من العدوى والتطعيمات وعلاج المياه النظيفة وزيادة منشآت الصرف الصحي والنظافة بشكل عام.

وأكد هنري غراي، مسؤول منظمة الصحة العالمية المسؤول عن الاستجابة العالمية للكوليرا، أن هناك حاجة إلى بذل جهد كبير لجمع وتأمين الأموال اللازمة لإستكمال هذه الخطة.

نقص في اللقاحات

بحسب منظمة الصحة العالمية، يؤدي الارتفاع العالمي في عدد الإصابات بالكوليرا إلى نقص كمية الجرعات المتاحة من اللقاح التي تستخدم بشكل روتيني لوقف انتقال العدوى في الأماكن التي لا توجد بها مياه شرب آمنة.

إحدى هذه المناطق هي الكونغو الديمقراطية، حيث أدى الصراع الدائر بين الجيش والجماعات المسلحة في شمال وجنوب كيفو إلى نزوح نصف مليون شخص، بالإضافة إلى إرتفاع حالات الإصابة بالكوليرا.

خلال الاشتباكات، اضطر السكان إلى الفرار من منازلهم ليجدوا أنفسهم بدون طعام وماء ولا مرافق للصرف الصحي التي تعد حيوية لمنع انتشار الكوليرا.

في عام 2023، تم تسليم أكثر من 3.3 ملايين جرعة من لقاح الكوليرا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا وموزمبيق من خلال مجموعة التنسيق الدولية لتوزيع اللقاحات.

تهدف هذه المبادرة إلى إدارة إمدادات اللقاحات في حالات الطوارئ ويتم تنفيذها بالشراكة مع الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر ومنظمة أطباء بلا حدود واليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية.

أوضحت الصحيفة أن الكوليرا عدوى حادة شديدة الضراوة يمكن أن تنتشر بسرعة وتسبب حالة جفاف في الجسم ما يؤدي إلى ارتفاع معدل الوفيات مؤكدة في الوقت نفسه إمكانية علاج المرض بسهولة.

يمكن علاج معظم الأشخاص بنجاح من خلال الإعطاء السريع لمحلول معالجة الجفاف عن طريق الفم أو السوائل الوريدية.

وبحسب ماتشيديسو مويتي، بالإمكان تجنب وقوع "حالات وفاة بالكوليرا"، تنقل الصحيفة مشددة على ضرورة أن تتحمل الحكومات المسؤولية وتخصص المزيد من الموارد للقطاع الصحي والصحة العامة والوقاية.