البنتاغون يتجنب التوضيح.. كيف تؤثر وثائقه المسربة على مسار حرب أوكرانيا؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

أثيرت تساؤلات حول تأثير وثائق وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" الأخيرة على مسار الحرب الروسية الأوكرانية بعد أن قالت واشنطن إن تسريبها يمثل "خطرا جسيما للغاية على الأمن القومي".

وفي 6 أبريل/ نيسان 2023، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أنباء عن تسريب وثائق "سرية" للبنتاغون تركز بشكل أساسي على الحرب الروسية في أوكرانيا، كانت قد نشرت في وقت سابق على وسائل التواصل الاجتماعي. 

ولم يصدر البنتاغون بيانا واضحا بشأن من نشر الوثائق. ومع ذلك، يمكن أن نفهم من رد فعل الكرملين والبيت الأبيض أنه من المرجح أن تكون صحيحة. 

ولكن قال مدعون فيدراليون إن الجندي الأميركي المتهم بتسريب وثائق سرية، لديه تاريخ في الإدلاء بتصريحات "عنيفة"، كما كان يملك العديد من الأسلحة.

وأوضحت وزارة العدل الأميركية أن جاك تيكسيرا (21 عاما) ربما لا يزال بإمكانه الوصول إلى وثائق سرية، مضيفة أن دولا "معادية" قد تساعده على الفرار في حال أطلق سراحه من السجن.

وبينت صحيفة نيويورك تايمز أنه "في فبراير/شباط 2022، وبعد وقت قصير من غزو أوكرانيا، بدأ حساب على منصة ديسكورد للتواصل الاجتماعي يضاهي حساب جاك تيكسيرا، في نشر معلومات مخابراتية سرية عن الهجوم الروسي، على مجموعة دردشة لم يكشف عنها مسبقا".

دعم روسيا

وقال مركز أنقرة للأزمات والأبحاث السياسية في مقال للكاتب "محمود مليح بوستانجي" إنه من الواضح أن أوكرانيا، التي تواصل الدفاع عن نفسها، تشعر بالقلق إزاء التهديد النووي الذي قد يأتي من روسيا. 

وليست أوكرانيا وحدها هي التي تشعر بالقلق إزاء ذلك، فيُرى أن الكتلة الغربية بأكملها، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية لديها الشعور نفسه.

ويجرى التأكيد من جناح موسكو أن الحرب مستمرة بدعم من دول مثل الصين والهند وأن روسيا ستواصل دون التنازل عن أهدافها. 

فقد أعطى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في تصريحاته إشارات بأنه يمكن أن يستخدم الرؤوس الحربية النووية كانعكاس لسياسة الردع الخاصة به. 

وقد ورد أيضًا في الوثائق المسربة أنه يمكن استخدام هذه الرؤوس النووية إذا بدأ الوضع في ساحة المعركة في الانقلاب ضد روسيا.

واستدرك بوستانجي أنه في الآونة الأخيرة، كان امتناع بعض الدول الآسيوية، بما في ذلك كوريا الجنوبية، عن تقديم مساعدات الحرب أو الأسلحة لأوكرانيا أمراً ملحوظاً. 

واستندت كوريا الجنوبية في هذا الموقف إلى مبدأ أنها "لا تستطيع بيع الأسلحة إلى البلدان التي تخوض حرباً نشطة". 

من ناحية أخرى، كانت الولايات المتحدة تضغط بشكل متكرر على إدارة كوريا الجنوبية وتستعد لاقتراح إمكانية بيع الأسلحة إلى بولندا كملاذ أخير.

وأضاف: يمكن وصف ظهور كل هذه المعلومات في الوثائق المسربة بأنه نقطة تحول في علاقات كوريا الجنوبية مع روسيا والولايات المتحدة. 

ويرى المعارضون في كوريا الجنوبية الذين يقفون ضد بيع الأسلحة لأوكرانيا أن الوضع يمثل نقطة ضعف أمنية كبيرة وأنه لا يتعلق فقط بالحرب، ولكنه أيضاً عنصر يمكن أن يضر باستقلال سيول.

ومع البحث الأميركي والأوكراني عن الذخيرة، كانت مجموعة المرتزقة الروسية فاغنر تبحث أيضاً عن أسلحة. 

وفي الوثائق المسربة، جرى الكشف عن أن فاغنر تفاوضت على مبيعات الأسلحة مع منظمات مختلفة وبعض الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، أي أن هنالك جزءاً صحيحاً بشأن الوثائق ولكن هذا الجزء غير معروف.

ويسلط عدد آخر من الوثائق الضوء على أن بعض الدول الغربية لديها مجموعات تقاتل في أوكرانيا، ويعتقد أن بريطانيا تمتلك العدد الأكبر.

ومع ذلك، على الرغم من أنه من المعروف أن بريطانيا قدمت مساعدات لأوكرانيا عدة مرات منذ بداية الحرب واستمرت في زيادة دعم الذخيرة، فإنه لم يكن هناك بيان واضح من إدارة لندن.

مخاوف واشنطن

وأشار الكاتب التركي إلى أن هناك أيضا بعدا أميركيا للحادث، إذ تدرك واشنطن أن الصين حسنت علاقاتها الدبلوماسية أخيرا. 

وقد يتسبب تسرب الوثائق في فقدان الدولار شعبيته السابقة في المستقبل بعد أن كان العملة الاحتياطية التي لطالما جرى التباهي بها في العالم. 

ويقول الكاتب: "قد تتطور رسالة دول الاتحاد الأوروبي للعمل بشكل مستقل بعد اتفاق أوكوس (تحالف الشراكة الأمنية بين أميركا وبريطانيا وأستراليا) ضد الصين إلى عملية من شأنها أن تخيف واشنطن".

وأضاف: في حين أن ثقة الصين ودعمها لروسيا واضحة، فإن الاتفاقيات الاقتصادية الأخيرة التي وقعها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الصين وتصريحاته بشأن تايوان تشير إلى أن الولايات المتحدة فقدت قوتها الموحدة وأن بكين يمكن أن تصبح أقوى دبلوماسياً. 

وبين أن حقيقة أن الناتو أنفق مليارات الدولارات لدعم أوكرانيا وهزيمة روسيا وحدها، ربما دفعت الولايات المتحدة إلى تقييم هذه القضية. 

وعلق بوستانجي: "لم ينكر البنتاغون بصراحة الحادث بعد، وهذا يلقي ظلالاً من الشك على أنه من الممكن أن تكون العديد من الوثائق المسربة صحيحة، إن لم يكن كلها".

وأضاف أن افتقار روسيا إلى نجاح واضح، ودعم الدول المتزايد لأوكرانيا، يعزز موقف كييف. وبين أنَّ هذا الوضع يشير إلى احتمالية تحول موسكو لاستخدام الرؤوس الحربية النووية. 

فمنذ تعليق "معاهدة ستارت الجديدة" (فبراير 2023)، وهي الاتفاقية الوحيدة المتبقية لمراقبة الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا، كانت هناك مخاوف من أن موسكو يمكن أن تستخدم رؤوساً حربية نووية. 

ومع عضوية فنلندا الأخيرة في الناتو، تزداد احتمالية رؤية روسيا لدولة من دول الناتو تهديدًا على حدودها. 

ولفت الكاتب النظر إلى أنّ الولايات المتحدة ربما أرادت إظهار أن أحد أطراف الحرب لم يحقق مكسباً واضحا بهذه الوثائق بعد. 

وقد يكون هذا نهجاً لإحباط المحاولات التي يمكن أن تشتد على الخطوط الأمامية في الأيام المقبلة وتسبب دماراً هائلاً.

وختم مقاله قائلاً: يظهر في الوثائق المسربة من البنتاغون أن روسيا لم تحقق مكسباً واضحاً في الحرب الروسية الأوكرانية، المستمرة منذ أكثر من عام. 

وأشار إلى أن احتمال استخدام بوتين للرؤوس الحربية النووية لتحقيق أهدافه قد يكون مخيفاً للولايات المتحدة. 

ومن ناحية أخرى، وبينما تستمر الحرب، تكشف المفاوضات الدبلوماسية التي تجريها بعض الدول الغربية مع نظيرتها الآسيوية أن الولايات المتحدة فقدت قوتها الموحدة السابقة. 

ومع ذلك، قد تزيد الوثائق من الرغبة في إنهاء الحرب بالوسائل الدبلوماسية، بحسب تقييم الكاتب التركي.