سلمان بن حمد آل خليفة.. ولي عهد البحرين التابع لأميركا والمنفتح على الشيعة

داود علي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

يواجه ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، منافسة شديدة على تقلد منصب الملك المنتظر للدولة الخليجية، في ظل الصعود السريع لأخيه الأصغر غير الشقيق ناصر بن حمد، خاصة أن الأخير محبب إلى والده الملك حمد بن عيسى، وفق تقارير إعلامية.

وعلى مدار الفترة الماضية ذكرت تقارير إعلامية أن هيمنة الشيخ سلمان على الدوائر الأمنية في البحرين، تقوضت بشكل متزايد بسبب اتساع دور أخيه الشيخ ناصر داخل الجهاز الحكومي في البلاد، فضلا عن دوره مستشارا للأمن الوطني وممثلا للملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب.

 ومع ذلك فإن الأدوار الرسمية العديدة التي قام بها الأمير سلمان (53 عاما) ساعدته في الحفاظ على سيطرته على أكثر شؤون البحرين حساسية، خاصة الأمور السياسية والتراتيب الإدارية للدولة. 

حياته الشخصية

ولد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، يوم 21 أكتوبر/ تشرين الأول 1969، وهو الابن الأكبر للملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة (73 عاما)، من زوجته الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة.

تلقى تعليمه حتى المرحلة الثانوية في مدارس البحرين، وفي عام 1992 حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة الأميركية في واشنطن بالولايات المتحدة.

وفي نفس العام تم تعيينه نائبا لرئيس مجلس أمناء البحرين للدراسات والبحوث. 

وفي عام 1994 حصل على شهادة الماجستير في فلسفة التاريخ من جامعة كامبريدج البريطانية. 

ليعود إلى البلاد ويبدأ مسيرة صعوده السياسي بقوة، ففي 9 سبتمبر/ أيلول 1995، أصدر جده الملك الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة مرسوما بتعينه وكيلا لوزارة الدفاع.

وفي 9 مارس/ آذار 1999، بعد وفاة جده عيسى بن سلمان، وتولي والده الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم، أصدر أمرا ملكيا بتعيينه وليا للعهد.

وفي 6 يناير/ كانون الثاني 2008، أصدر الملك حمد بن عيسى، أمرا ملكيا بتعيينه نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة، وأسند إليه الإشراف على تنفيذ السياسة العامة والخطط العسكرية والإدارية والاقتصادية والمالية لقوة دفاع البحرين والحرس الوطني.

أمير الانتهاكات

في 8 فبراير/ شباط 2011 أصدر الملك حمد بن عيسى، أمرا ملكيا بترقية الفريق أول الأمير سلمان بن حمد ولي العهد، نائب القائد الأعلى إلى رتبة المشير.

كان ذلك في وقت يعم فيه العالم العربي ثورات عارمة وموجات احتجاج ضد أنظمة الحكم القمعية، وصلت صداها إلى البحرين التي شهدت احتجاجات مماثلة.

لكنها قوبلت بقبضة قمعية بالغة، ساهمت فيها دول الجوار على رأسها المملكة العربية السعودية، التي أمدت المنامة بجنود ومعدات فيما يعرف بعملية "درع الخليج". 

وفي 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 دعت الولايات المتحدة إلى محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، ومن أبرزهم سلمان بن حمد، وقالت إنه يتعيّن على الحكومة البحرينية اتخاذ خطوات لتفادي وقوع انتهاكات في المستقبل.

وخلص تقرير وزارة الخارجية الأميركية آنذاك، إلى أن تعنت سلمان بن حمد آل خليفة، خلال تفاوضه مع الجمعيات السياسية، ساهم في عدم التوصل إلى حل سياسي للأزمة.

وكشف التقرير المكون من 500 صفحة، والذي حلل آلاف الوثائق والمقابلات، أن السلطات نفذت اعتقالات دون إبراز أوامر القبض، ودون إخبار الأشخاص بأسباب اعتقالهم.

وذكر التقرير أن ما تعرض له المعتقلون قد شمل التعذيب بأشكال مختلفة تندرج ضمن تصنيف معاهدة مناهضة التعذيب.

وفي مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2020، تساءل موقع "دياريو 16" الإسباني في أحد تقاريره عن شخصية الأمير سلمان والدعاية التي تسعى إلى الترويج له كشخص إصلاحي معتدل، رغم ما ارتكبه من انتهاكات عام 2011. 

وقال كاتب التقرير، الصحفي أليخاندرو ديل كاستيو، إن "سلمان بن حمد لا يختلف كثيرا عن بقية أبناء آل خليفة، فشأنه شأن معظمهم يواجه اتهامات بالفساد وسوء استغلال المال العام إضافة إلى ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في البحرين".

وشدد: "لطالما كان مدافعا شرسا عن حكم آل خليفة للبحرين، وانتهج سياسة القبضة الحديدية في التعامل مع كل الانتفاضات التي اندلعت للمطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي كما وقف بقوة ضد الربيع العربي". 

وأضاف: "تسببت سياساته تلك في تعرض آلاف الناشطين في البحرين للسجن أو النفي".

وسلمان بن حمد معروف في إسبانيا بشكل خاص، كونه الشخصية التي تقف خلف صندوق الاستثمار البحريني "إنفينيتي كابيتال"، الذي استحوذ على نادي كرة القدم الإسباني "قرطبة" عام 2019.

وهو مشروع استثمار في مجال الرياضة قامت به حكومة البحرين باستخدام المال العام من أجل تحسين صورتها.

شريك أميركا

امتدادات نفوذ الأمير سلمان تصل إلى قطاعات أخرى شديدة الحساسية، ففي 18 أبريل/ نيسان 2023، كشفت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية،  عن اجتماع تم في المنامة يوم 6 أبريل 2023 بين مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز ، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة.

وقالت المجلة المتخصصة في شؤون الاستخبارات إن "الاجتماع حضره اثنان من أبناء الملك هما: سلمان بن حمد آل خليفة  الابن الأكبر للملك ولي العهد رئيس الوزراء، وناصر بن حمد آل خليفة مستشار الأمن الوطني والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى حيث أصبح كلاهما دعامة أساسية للأمن خلال فترة حكم والدهما".

وذكرت أنه" بعد أيام قليلة من ذلك الاجتماع، التقى الشيخ سلمان بمفرده مع براد كوبر  قائد الأسطول الخامس للبحرية الأميركية، ومقره البحرين".

ثم أوردت أن الاجتماع الثاني جاء على خلفية رغبة عميقة من سلمان بن حمد في تعزيز تبادل المعلومات مع الأجهزة الأميركية بعد التقارب بين الرياض وطهران، فهو تقارب تتعامل معه المنامة وواشنطن بحذر وتوتر".

وأوضحت المجلة الفرنسية أنه بصفته وليا للعهد فإن الأمير سلمان يشارك في كل قرار يتخذه والده. 

ومع ذلك فقد منح الملك حمد الامتياز الخاص بالمشاركة في صنع القرارات أيضا لابنه السادس الشيخ ناصر البالغ من العمر 35 عاما، وذلك بعد تعيينه مستشارا لجهاز الأمن الوطني في عام 2019، كما وضعه في يوليو/ تموز  2020 على رأس أعلى مؤسسة دفاعية، المجلس الأعلى للدفاع. 

ومع ذلك، فإن تعيين سلمان رئيساً للوزراء في 11 نوفمبر 2020، بعد وفاة عمه خليفة بن سلمان آل خليفة ، يعني أنه أصبح حرا في تشكيل أجهزة المخابرات والأمن البحرينية وفقا لرغباته.

ومع ذلك تظل العلاقة الوثيقة بين الملك حمد ونجله المفضل قائد الحرس الملكي ناصر، مقلقة لمسيرة ولي العهد سلمان، الذي لا يزال رئيس الاستخبارات في المملكة بلا منازع.

فهو رئيس جهاز الاستخبارات البحريني، ويشرف على ضمان نجاح إستراتيجية الاستخبارات الخارجية للمملكة، ولديه نفوذ على المجلس الأعلى للدفاع، رغم أن الملك عهد بإدارته منذ إنشائه في يوليو 2020، إلى الأمير ناصر.

صاحب سلطة 

وكان الأمير سلمان بن حمد أيضا وراء إطلاق "جهاز الأمن الإستراتيجي " في يوليو/ تموز 2020، وهو ملحق بجهاز المخابرات. 

وعين فردا آخر من الأسرة، هو أحمد بن عبد العزيز آل خليفة لقيادته، لأن الجهاز الذي تم إنشاؤه جزئيا لرعاية التحول الرقمي ضمن تعاون البحرين مع إسرائيل، تم إلحاقه بمركز وطني للأمن السيبراني، الذي يقع تحت رئاسة أحد أمراء الأسرة الحاكمة، وهو سلمان بن محمد بن عبد الله آل خليفة.

لكن الأمير سلمان يجد أيضا تململا من سيطرة أخيه ناصر على هيئة الأمن السيبراني، لأن ذلك خلق مشكلة ازدواجية مؤسسية مع "هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية". 

خاصة وأن الأمير ناصر كان  مسؤولا بشكل مباشر عن استيراد برنامج بيغاسوس (الاستخباراتي الإسرائيلي) إلى البحرين، بعد تطوير شبكاته الخاصة بناء على معلومات من حاشية رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان. 

فبعيدًا عن العلاقة التي تمنحها مناصبهم الرسمية، فإن ناصر أقرب بكثير إلى زعيم الإمارات من سلمان. 

وبعيدا عن عالم الاستخبارات، يجسد الأمير سلمان نمط الحكم الداخلي الجديد لعائلة آل خليفة. 

فبصفته نائب القائد الأعلى لقوة دفاع البحرين، فإنه يحكم قبضته على الجيش البحريني.

 وبصفته رئيسا للوزراء فإنه يتمتع بسيطرة كبيرة على الشؤون السياسية للبلاد. وخلال التعديل الوزاري في 13 يونيو/ حزيران 2022 ، أقال العديد من أقارب سلفه خليفة بن سلمان آل خليفة.

بما في ذلك الابن علي بن خليفة آل خليفة، الذي عمل نائبا لرئيس الوزراء، واختار العديد من أعضاء دائرته الداخلية بما في ذلك محمد بن مبارك بن دينه الذي أصبح وزيرا للنفط والبيئة.

وخلال ذلك التعديل الوزاري، عين سلمان 9 وزراء شيعة، وبالتالي حصد دعما شعبيا واسع النطاق لاتخاذه خطوات نحو المجتمع الشيعي الذي تضررت علاقاته مع أسرة آل خليفة السنية خلال انتفاضة 2011 في دوار اللؤلؤة بالمنامة. 

وعد القرار مهما أيضا بالنظر إلى مخاوف الأسرة الحاكمة المستمرة بشأن التدخل الإيراني، والذي تغذيه شبكات التأثير المزعومة لطهران في البحرين عبر المجتمع الشيعي.

وفي غضون ذلك، عمل سلمان الذي تسمح له سلطته بتعيين مديرين إداريين، على إحكام سيطرته على العديد من القطاعات السيادية العميقة بالمملكة، وبذل جهودا متضافرة لتحديث جهاز الدولة، وذلك بدعم من  "مجلس الخدمة المدنية" الذي تأسس في عام 2019. 

ولهذه الغاية، استعان سلمان بخدمات شركة الاستشارات الحكومية (Equilibrium Global) بلندن، والتي يرأسها منذ عام 2022 نيك كارتر رئيس أركان الجيش البريطاني السابق.