حرب الرقائق الإلكترونية بين أميركا والصين.. أين تقف أوروبا وإسرائيل؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

شدد معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، في تقدير موقف حديث، على أهمية أن تكون "إسرائيل" واضحة في انحيازها للولايات المتحدة، فيما يخص الحرب التكنولوجية بين بكين وواشنطن.

وسلطت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية في 16 فبراير/شباط 2023، الضوء على توصيات المعهد الإسرائيلي، مؤكدة أن على تل أبيب تجنب الغموض فيما يخص حرب "تكنولوجيا الرقائق" بين الولايات المتحدة والصين.

وقال المعهد: "يجب على إسرائيل أن تتخذ إجراءات بناء ثقة مع الولايات المتحدة وشركائها حول ما يمكن أن يُسمى بـ "تحالف الرقائق الإلكترونية".

وشارك في كتابة هذه الورقة البحثية عضو استخبارات في الجيش الإسرائيلي، رَمَز له المعهد بـ"ت. ز"، وأرييل سوبيلمان، نائب رئيس قسم التطوير في شركة " ڤالنز" الإسرائيلية العاملة في مجال التكنولوجيا.

ونافشت الورقة الحرب التجارية التي سبقت وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، بين الولايات المتحدة والصين، وكذلك تأثير جائحة كورونا، والغزو الروسي لأوكرانيا.

وانطلاقا من هذه الموضوعات، خلصت الورقة إلى أهمية فصل الدول الديمقراطية سلاسل التوريد الخاصة بها، عن تلك التي تخص دولا غير مستقرة أو غير ديمقراطية.

ووفق جيروزاليم بوست، فقد قدمت الورقة توصيات واضحة المعالم حول الطريق التي يجب أن تخطها "إسرائيل" لنفسها، في خضم المنافسة المحتدمة بين واشنطن وبكين حول صناعة الرقائق الإلكترونية.

وأشارت إلى "قانون الرقائق الإلكترونية والعلوم"، الذي أقره بايدن، في أغسطس/آب 2022، مؤكدة أنه "غيّر بشكل جذري ديناميكيات ومعايير التجارة التكنولوجية حول العالم".

ويتيح "قانون الرقائق الإلكترونية والعلوم" تقديم إعانات بنحو 53 مليار دولار، من أجل زيادة إنتاج أشباه الموصلات أميركية الصنع.

كما يهدف إلى معالجة نقاط الضعف في سلسلة التوريد من خلال إنتاج المزيد من السلع في الولايات المتحدة، وتعزيز البحث العلمي المحلي والأمن الاقتصادي والوطني للبلاد.

كذلك خصص القانون أكثر من 200 مليار دولار على مدى العقد المقبل، لضمان استمرار البحث والتطوير، الذي يعد شرطا أساسيا للنجاح في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة والكمية، حسب جيروزاليم بوست.

وفي الوقت نفسه، كشفت الولايات المتحدة النقاب عن قائمة من القيود المفروضة على تصدير الرقائق والتكنولوجيا إلى الصين؛ بهدف منع بكين من تطوير التقنيات المتقدمة التي يمكن أن تستخدمها لتقويض الاستقرار العالمي، حسب السردية الأميركية.

قيود أميركية

ووفق معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، فإن "كل هذا ربما يبدو وكأنه تحرك اقتصادي مباشر يهدف إلى تأمين التفوق التكنولوجي لأميركا، غير أنه "جزء من صراع أكبر حول طبيعة النظام العالمي".

إذ تصمم الولايات المتحدة على تغيير مسار التجارة العالمية بطريقة غير مسبوقة، هذا فضلا عن أهداف أخرى، ترمي في النهاية إلى منع الهجمات على قيم الديمقراطية، حسب التقرير.

وألمح المعهد الإسرائيلي إلى إستراتيجية الأمن القومي الأميركي، التي نُشرت في أكتوبر/تشرين الأول 2022، وسلطت الضوء على المنافسة متعددة الأبعاد مع الصين.

وأكدت الإستراتيجية التي أعدتها إدارة بايدن على "الحاجة إلى منع الصين من أن تصبح أقوى وأن تهدد الاستقرار العالمي، لا سيما في سياق التكنولوجيا المتقدمة وأشباه الموصلات".

وذكرت أن أهداف الولايات المتحدة تتضمن الحد من فرص حصول الصين على الرقائق الإلكترونية، التي تعد سببا رئيسا للعديد من هذه المشكلات.

وقال المعهد الإسرائيلي إن "صناعة الرقائق تعتمد على سلاسل التوريد العالمية"، الأمر الذي يثير قلق الولايات المتحدة.

فبجانب الأسباب الجيوستراتيجية، هناك عدة عوامل أخرى تساهم في تفاقم أزمة الرقائق الإلكترونية، منها وباء كورونا، والزلازل، والحرائق، وانقطاع التيار الكهربائي، وتغير المناخ.

هذه العوامل سلطت الضوء على المخاطر التي تتعرض لها الولايات المتحدة عندما يكون هناك قطاع "ضروري لأمنها القومي" عرضة للصدمات الخارجة عن القبضة الأميركية.

ووفق التقرير، فإن كبريات الشركات المصنعة لهذه الرقائق عالية التقنية تتواجد في تايوان، تليها اليابان وكوريا الجنوبية.

وبدورها، فإن الشركات في كل من هولندا واليابان "مسؤولة عن إنتاج أجهزة الطباعة الحجرية المستخدمة في تصنيع الرقائق المتقدمة".

وأكد المعهد الإسرائيلي أن "القانون الأميركي أوجد وضعا تلتزم فيه كل دولة بمراجعة شراكاتها الخاصة والشركات الأخرى في سلاسل التوريد الخاصة بها، من أجل تجنب العقوبات".

تعاون مشترك

وفي حين توقفت العديد من دول الاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى عن البت بموقفها تجاه هذه القضية لفترة طويلة، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة بوادر تعاون وصفقات تشير إلى ظهور ما قد يُطلق عليه "تحالف الرقائق".

وأشار التقرير إلى أن "تايوان، التي تعتمد على الولايات المتحدة لحمايتها في مواجهة خطر الغزو الصيني، كانت أول من انضم إلى التحالف".

وأضاف أن "شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة (TSMC)" الرائدة في مجال أشباه الموصلات، أعلنت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، عن بناء مصنع ثان للشرائح فائقة الدقة، في ولاية أريزونا الأميركية، باستثمارات تبلغ 40 مليار دولار".

كما انتهى الاتحاد الأوروبي في فبراير 2023 من الموافقة على "قانون الرقائق" الأوروبي، الذي يحد من سلاسل التوريد ويعزز بناء المزيد من مرافق التصنيع في القارة العجوز.

ولا يتضمن القانون الأوروبي قيودا تجارية على الصين، لكنه ينص صراحة على أن "الاتحاد سيكون جزءا من سلسلة التوريد التي تضم الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان".

وهذا يعني إلى حد كبير أن أوروبا ملتزمة أيضا بـ"تحالف الرقائق"، وفقا لتقدير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي.

بالإضافة إلى ذلك، وقعت هولندا واليابان اتفاقية مشتركة مع الولايات المتحدة، في فبراير 2023، لحرمان الصين من الوصول إلى بعض المواد الأساسية، ما يعني إعاقة قدرات بكين على تصنيع الرقائق بشكل مستقل.

انحياز إسرائيلي

وعلى هذا، أوصى المعهد الحكومة الإسرائيلية "بمواصلة الحوار التكنولوجي الذي أُطلق في عام 2022، وبدء نقاش حول التعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لا سيما فيما يتعلق بالمعدات الحاسوبية (الهاردوير) والرقائق".

فقبل ساعات من زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لمنطقة الشرق الأوسط، في 13 يوليو/تموز 2022، أعلنت "إسرائيل" والولايات المتحدة عن إنشاء لجنة ثنائية لتعزيز التعاون التكنولوجي.

تتمحور مهمة هذه اللجنة حول تقديم حلول للتحديات العالمية مثل التأهب للأوبئة، وتغير المناخ، والذكاء الاصطناعي، وضمان النظم البيئية التكنولوجية الموثوقة، وفقا لبيان مشترك صادر عن البيت الأبيض.

وفي هذا السياق، قال التقرير إن "على إسرائيل إبراز ميزتها النسبية في البحث والتطوير، لا سيما في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ تمتلك بيئة حاضنة تشمل التصنيع والأكاديميا والمقومات الأمنية".

وعلاوة على ذلك، "يجب على إسرائيل فهم أن الولايات المتحدة مصرّة على إعادة تشكيل هيكل التجارة العالمية من أجل حماية أمنها القومي وقيم الديمقراطية"، يضيف التقرير.

كما شدد "معهد دراسات الأمن القومي" أن على الحكومة الإسرائيلية تجنب الوقوع تحت طائلة العقوبات الأميركية.

وأشار كذلك إلى أن "أهمية المكون الأخلاقي في التجارة العالمية آخذة في الازدياد، إذ أصبحت التكنولوجيا أداة للصراع بين الديمقراطيات وأشكال الحكم الأخرى".

وختمت "جيروزاليم بوست" تقريرها بالقول إنه "في ظل التنافس الجيوستراتيجي بين الصين والولايات المتحدة، والذي استعر بإضافة الحرب المفتوحة حول الشرائح الإلكترونية، فإن على تل أبيب الانحياز إلى جانب واشنطن".