صحيفة ألمانية: إجراءات استثنائية تقلب استطلاعات الرأي في تركيا لصالح أردوغان

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

في إطار الاستعدادات للانتخابات الرئاسية في تركيا المتوقع إجراؤها صيف 2023، سلطت صحيفة ألمانية الضوء على ما عدتها مساعي الرئيس رجب طيب أردوغان لحشد الأصوات وقلب المشهد الانتخابي لصالحه.

وأوضحت صحيفة "فوكس" أن الرئيس أردوغان نجح في الشهور الأخيرة في زيادة شعبيته، رغم تداعيات أزمتي كورونا والحرب الروسية المتواصلة في أوكرانيا، نتيجة تبنيه عدد من التدابير الجديدة.

نجاح ملحوظ

وادعت الصحيفة أنه بالرغم من بقاء أقل من أربعة أشهر قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتوقع إجراؤها في 14 مايو/ أيار 2023، تتأرجح نسبة تأييد أردوغان في كل اقتراع تقريبا.

وجدير بالذكر أن هذا الادعاء تناقضه غالبية استطلاعات الرأي المستقلة في تركيا، والتي تشير بوضوح إلى تقدم الرئيس أردوغان عن أيّ من منافسيه المحتملين.

وتساءلت الصحيفة: "ما هو السبب الرئيس لتضاؤل ​​شعبية الرئيس وحزب العدالة والتنمية الحاكم؟ بعدما كانت عالية جدا في السنوات الماضية.

وفي محاولتها لتحليل سياسات الرئيس التركي خلال الشهور الماضية، استدعت الصحيفة مقولة جيمس كارفيل الخبير الاستراتيجي الأميركي الذي عمل مع بيل كلينتون. 

حيث يرى كارفيل أن "الاقتصاد هو مفتاح الناخبين". وقد نجح في استخدام إستراتيجيته خلال فترة الركود الأميركي للإطاحة بالرئيس الأميركي آنذاك، جورج إتش دبليو بوش، ومساعدة كلينتون على الفوز.

ووفقا للصحيفة، يتبع الرئيس أردوغان المسار ذاته.

ففي نهاية عام 2021، تراجعت الليرة وخرج التضخم عن السيطرة، وذلك بسبب التخفيضات الكبيرة التي أجراها البنك المركزي لأسعار الفائدة.  

وحتى لو تمكن البنك المركزي أخيرا من تثبيت سعر الصرف، تقول الصحيفة إنه "من الصعوبة بمكان وقف التضخم". 

ووفقا لخبراء مستقلين، فإنه على الرغم من الجهود "غير العادية" التي يبذلها مكتب الإحصاء لوضع التضخم في أدنى مستوى ممكن، بلغ التضخم قيما من ثلاثة أرقام بحلول نهاية عام 2022.

وتابعت الصحيفة: "نتيجة لذلك،  انخفضت مستويات المعيشة للعديد من الأتراك، الأمر الذي كان له في النهاية تأثير ملحوظ على شعبية أردوغان في النصف الثاني من عام 2022".

وأردفت: "وفي محاولة للتفاعل السريع مع المشهد ومحاولة ترشيد آثاره، أعلن الرئيس سياسة اقتصادية غير مسبوقة وسلسلة من التدابير السياسية للتخفيف من العواقب الاجتماعية".

لكن الصحيفة زعمت أن هذه الإجراءات كانت محل "نقد على نطاق واسع".

فمن هذه الإجراءات على سبيل المثال، رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 54 بالمئة، وصدور مرسوم بإلغاء الحد الأدنى للسن لدخول سن التقاعد.

وهذا يعني أن مليوني شخص سيتمكنون من التقاعد هذا العام. وتبلغ التكلفة التقديرية لذلك 150 مليار ليرة (7.4 مليارات دولار).

إجراءات استثنائية

ومن المقرر أيضا إنشاء 250 ألف وحدة سكنية اجتماعية جديدة، بتكلفة 170 مليار ليرة (8.32 مليارات يورو)، إضافة إلى منح قروض رخيصة طويلة الأجل للشقق المبنية حديثا.

ومنها كذلك، تقديم خطط دعم الأسرة بقيمة 40 مليار ليرة (1.97 مليار دولار)، وتعليق رسوم الطرق السريعة والجسور.

كما خططت الحكومة لاستيعاب الديون الخاصة للمواطنين التي تقل عن 2000 ليرة، وهو ما يكبدها 30 مليار ليرة (1.5 مليار دولار) كتكاليف إضافية.

ومن المستهدف تقديم قروض بقيمة 150 مليار ليرة للمؤسسات الصغيرة، بالإضافة إلى حزمة قروض ضخمة بقيمة 250 مليار ليرة (12.24 مليار يورو) تغطي جميع القطاعات تقريبًا وتستهدف الشركات الصغيرة والمتوسطة الموجهة نحو الشركات.

بالإضافة إلى ما سبق، حرى التخطيط لتخفيضات ضريبية في العديد من المجالات (الأجور والأفلام والحفلات الموسيقية والأحداث الرياضية) تصل إلى 278.7 مليار ليرة (13.64 مليار يورو).

كما سيتم تخصيص 100 مليار ليرة (4.9 مليارات دولار) لقسط المعاش التقاعدي لـ 5.3 ملايين موظف حكومي، علاوة على التفكير في زيادة مدفوعات المعاشات التقاعدية الشهرية بنسبة 30 بالمئة.

وذكرت الصحيفة، أنه حتى لو لم "تكتمل" قائمة التدابير بعد، فإن العدد الكبير من المشاريع المخطط لها والقرارات يوضح "المسار العام" الذي ينتهجه الرئيس.

نتيجة سريعة

وبسبب حزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية، انخفض معدل التضخم رسميا من 84.4 بالمئة في نوفمبر/ تشرين الأول 2022 إلى 64.3 بالمئة في ديسمبر/ كانون الأول 2022، كذلك استمر الانخفاض في يناير/ كانون الثاني 2023.

كما تمكن البنك المركزي من الحفاظ على استقرار الليرة التركية. 

وتعلق الصحيفة على ما سبق: "هذا الإحساس المؤقت باستقرار الاقتصاد الكلي والتدابير المذكورة أعلاه أشعرت عددا ليس قليلا من الأتراك ببعض من الراحة التي كانوا في أمس الحاجة إليها".

مضيفة أن لهذه الإجراءات تأثيرا على استطلاعات الرأي، حيث ارتفع تأييد أردوغان، وفقا لاستطلاعات الرأي، عدة نقاط خلال الشهرين الماضيين بفضل حزم الإغاثة المكثفة التي أطلقتها الحكومة.

وأتبعت: "ومن أجل التغلب أخيرا على المعارضة، أعلن الرئيس في 23 يناير أكبر حزمة إعادة هيكلة في تاريخ تركيا".

 وفي إطار ذلك، سيتم التنازل عن الرسوم المتأخرة لفواتير الضرائب غير المسددة وديون الضمان الاجتماعي والالتزامات الأخرى لمؤسسات الدولة وسداد الديون المستحقة في غضون فترة 48 شهرا".

إذ سيحصل سائقو السيارات أيضا على قيمة أموالهم، حيث ستلغى بعض العقوبات المرورية والغرامات وإعادة حوالي 10000 رخصة قيادة مصادرة.

وعقبت الصحيفة: "يبقى أن نرى ما إذا كانت الإجراءات الشاملة ستمنح أردوغان في النهاية السبق في استطلاعات الرأي، أو إذا ما كان سيجرى تقديم المزيد من الهدايا للناخبين قبل الانتخابات".

لكن الصحيفة اختتمت تقريرها بانتقاد مبطن، مفاده أن "كل هذه الإجراءات والحزم الإغاثية ستكون على كاهل الرئيس القادم، سواء كان اسمه أردوغان أم لا".