فشل الاحتلال والتنسيق الأمني.. دلالات عملية حاجز شعفاط الإسرائيلي بالقدس

12

طباعة

مشاركة

تتوالى ضربات المقاومين الفلسطينيين التي تكسر هيبة وصورة المنظومة الأمنية للاحتلال الإسرائيلي التي يحاول قادته ترميمها بين الحين والآخر، حيث أطلق مقاوم فلسطيني النار على جنود إسرائيليين من "مسافة صفر"، ما أدى إلى مقتل مجندة وإصابة اثنين آخرين.

ونفذت العملية مساء 9 أكتوبر/تشرين الأول 2022، عند حاجز شعفاط شمالي القدس المحتلة، والذي يعد أحد الحواجز العسكرية الإسرائيلية "سيئة السمعة"، التي تتعمد إذلال الفلسطينيين والتنكيل بهم.

وأعقبت قوات الاحتلال العملية بحملات مداهمة وتمشيط واسع داخل المخيم وفي ضاحية السلام وبلدة عناتا المجاورتين للمخيم بحثا عن منفذها، كما فرضت حصارا على مخيم شعفاط وبلدة عناتا ومنعت المواطنين من مغادرتهما.  

وجاءت العملية بعد ساعات من إجراء رئيس وزراء الكيان، يائير لابيد، جلسة تقييم أمني غداة تنفيذ العملية، أعقبها إعلان حالة التأهب وتشديد الإجراءات الأمنية بالقدس وحول المسجد الأقصى خلال موسم الأعياد الإسرائيلية.

وتعاقبت العملية مع تصاعد جرائم الاحتلال وقتل عدد من الشبان في الضفة، واعتداء قواته على النساء والأطفال والأهالي في منطقة باب العامود، وتصعيد المستوطنين استفزازاتهم لمشاعر المسلمين بتدنيس المسجد الإبراهيمي والتهديد باقتحامات غير مسبوقة للأقصى.

لذلك، قابل ناشطون نبأ تنفيذ العملية بحفاوة وإشادة وثناء واسع على منفذها، ورأوها نتيجة طبيعة لتصعيد استفزازه للفلسطينيين ودليل فشل المنظومة الأمنية لدى الاحتلال، مستخدمين عبارات وأقوال مأثورة تستخدم في مثل هذه المواقف، أبرزها "جنت على نفسها براقش".

وأكدوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #عملية_شعفاط، أن المحتل يدفع الثمن غاليا نتيجة حماقته وإجرامه وتنفيذه حملة قمع وتنكيل شرسة بالفلسطينيين، وتجاهله لغضبتهم وتصعيده المستمر وحمايته وتشجيعه لاستفزازات المستوطنين.

وأشار ناشطون إلى أن الاحتلال عمل على تأجيج مشاعر الثأر عند الفلسطينيين في حين يظن أنه يقمع إرادتهم، مؤكدين أن عملية شعفاط حققت خسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي ماديا ومعنويا، وتمثل ضربة لأجهزة أمن الكيان واستنزافا لقواته.

دلالات العملية

وتحدث ناشطون عما تحمله عملية شعفاط البطولية من دلالات، أبرزها أنها تؤكد فشل المنظومة الأمنية ومنظومة المراقبة لدى جيش الكيان، وتكرس الفشل الأمني والاستخباراتي الإسرائيلي (الشاباك) في مواجهة عمليات المقاومة المتصاعدة.

واستنكروا تصعيد الاحتلال عملياته وعدوها عملية ضبط وعقاب جماعي، تحاول من خلاله المنظومة الأمنية فرض وإعلان قدرتها بالتحكم في المنطقة لتشكل عملية ضغط.

ووصف الكاتب الفلسطيني، إبراهيم المدهون، المشهد المصور للعملية بـ"الأسطوري"، الذي يظهر فيه شاب يترجل بهدوء وثقة من سيارته، يخرج سلاحه فيطلق النار وسط ذهول وخوف مجموعة جنود مدججين، فيقتل منهم ويصيب، ثم ينسحب من بين أيديهم فيتشتتون هربا ورعبا كالشياه المذعورة.

وأضاف أن المشهد يؤكد تفوق المقاتل الفلسطيني على الجندي الصهيوني، بالمباغتة والجرأة والثقة والانتماء، فهو صاحب الأرض المؤمن بقضيته الراسخ في إقدامه، بالمقابل يهتز جندي الاحتلال، لعدم أهليته وأحقيته بهذا المكان، فيسهل هزيمته، وتغيب التضحية، ويفتقد الإقدام لأن "مشروعه خاسر".

ورأى إبراهيم شكورة أن "مضي أكثر من 14 ساعة على عملية شعفاط فيما لا يزال المنفذ حرا يعطي مؤشرا واحدا، هو أن المنظومة الأمنية لهذا الاحتلال تخترق وتخترق وليست كما يحاول أن يصورها"، مشيرا إلى أن "الاستعداد الأمني يكون في الأعياد في أعلى المستويات ومع ذلك تم تنفيذ العملية". وقالت مايا رحال، إن "عملية شعفاط أثبتت الفشل الذريع في المنظومة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية والسياسية في ردع ووأد المقاومة الفلسطينية، والجميل بأن العدو الصهيوني لا يعلم من أين سيأتيه المقاوم وفي أي موقع سيضربه وما هي القوة التي يحملها، مؤكدة أننا أمام فصل جديد من العمل المقاوم النوعي في ضفة العياش". وأعربت وفاء خالد عن سعادتها بعملية شعفاط وفشل الاحتلال في رصد الفاعل، قائلة: "يوما عن يوم وعملية بعد عملية يستمد منفذو العمليات قدرا أكبر من الشجاعة، يستفيدون من الأخطاء السابقة ويفكرون بطرق ووسائل جديدة دون أن يتمكن أمن الاحتلال من رصد خطتهم". وأشادت سجود أكرم، بـ"تكتيكات الشباب المقاوم والعمليات الفردية، لأنها تعمل على إفشال منظومة الاستخبارات الصهيونية"، لافتة إلى أنهم "غير قادرين على رصدها أو احتوائها، فيما ينطلق الفدائي وجل ما يفكر به الوطن والثأر، ولا يهمه الموت فداء لكرامته". ونقل أحمد الشاعر عن مراسل إذاعة كان العبرية قوله إن الصدمة لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية أن "منفذ عملية شعفاط ذا ماض جنائي ولا توجد استخبارات من قبل بشأنه، فلقد كان متورطا في تجارة الأسلحة وأعمال غير قانونية سابقا ولم يتوقع أن ينخرط في مثل هذا الهجوم".

حفاوة وإشادة

وأشاد ناشطون بالعملية وتداولوا مقاطع فيديو للحظة تنفيذها، وأخرى لاحتفالات الأهالي داخل المخيم ابتهاجا بالعملية، وأخرى من مخيم جنين ومناطق أخرى داخل فلسطين تظهر توزيع الأهالي للحلوى حفاوة بالحدث.

ونشر الكاتب الفلسطيني رضوان الأخرس مقطع فيديو للحظة تنفيذ العملية، ووصفه بـ"المشهد الرهيب".

ورأى أن "هيئة الفدائي أثناء تنفيذ العملية تستحق الوقوف عندها طويلا، إذ ترجل من المركبة بهدوء، وأغلق الباب خلفه، امتشق سلاحه ومشى بثبات رافعا رأسه وأطلق النار من (مسدس) نحو المناطق العلوية من أجساد جنود الاحتلال، ثم تمكن من الإفلات منهم ولم ينجحوا في العثور عليه حتى اللحظة".

وتساءل الناشط الإغاثي محمد سعيد نشوان: "ما هذه الشجاعة، ما هذا الإقدام؟"، وأقسم قائلا: "والله ما وجدت في عصرنا شجاعة إلا في فلسطين وأبناء فلسطين".

ووصف المشهد قائلا: "ترجل من السيارة، مشى بهدوء، ثم أطلق الرصاص من المسافة صفر، وغادر المكان ماشيا! هذا الشاب كل حكومة يهود تبحث عنه منذ الليلة الماضية".

ونشر الكاتب والداعية جهاد حلس فيديو للحظة تنفيذ العملية، مؤكدا أن "مثل هذه المشاهد تبعث الأمل على قرب تحرير فلسطين".

وأشار حلس إلى "وجود حالة ذهول وصدمة كبيرة في أوساط الجيش الصهيوني بعد نجاح شاب مقدسي بالهجوم على نقطة عسكرية مدججة بالجنود بمسدسه الصغير، فقتل منهم وأصاب وجعلهم يهربون كالجرذان، ثم اختفى كما لو كان شبحا ولا زال الجيش يبحث عنه ولم يعثر له على أثر!!".

وكتب الباحث ساري عرابي: "تنفيذ عملية شعفاط من المسافة صفر.. أي جرأة! وأي شجاعة! وأي ثبات! وأي إرادة! وأي عزيمة!"، قائلا: "هذا هو ما يدهش فعلا! وهذا ما ينبغي أن يعيد لكل إنسان توازنه وأسئلته الصحيحة على نفسه!".

خيانات عباس

وبرز تنديد ناشطين بموقف السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، من مثل هذه العمليات التي ينفذها مقاومون وإصرارها على العمالة لدى الاحتلال والتنسيق الأمني معه، مذكرين بالمعتقلين لدى السلطة ومطالبين بإطلاق سراحهم لينضموا إلى صفوف المقاومين.

وأوضح الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة أن معضلة المقاومين تكمن في الحاضنة، بعد نحو عقدين من مجيء عباس، وبدء "تقديس" التعاون الأمني.

وأشار الكاتب يحيى بشير إلى أن "الفصائل الفلسطينية من اليمين إلى اليسار باركت عملية شعفاط، في حين تكتفي حركة فتح ورئيسها عباس بالصمت!".

وأضاف: "ربما سنشاهد بيان إدانة واستنكار للعملية كما عودنا تاريخ عباس في ذلك! فالدم اليهودي غال عليه.. وهذا ما قاله بلسانه سابقا".

ولفت الباحث في الشأن الإسرائيلي وتقاطعاته العربية والإسلامية والعالمية، صالح النعامي، إلى قول الكاتب الإسرائيلي كوم رفيد، إن المقاومة الفلسطينية المسلحة ضد الاحتلال مشروعة تماما كما أن المقاومة الأوكرانية ضد الاحتلال الروسي مشروعة، ساخرا بالقول: طبعا عباس رئيس منظمة التحرير الفلسطينية يعد هذه المقاومة عبثية". وكتبت مغردة بحساب "مروة التونسية": "الاحتلال يفشل من جديد أمام إرادة الشعب الفلسطيني رغم تعاونه مع السلطة التي ما زالت تتمسك بالتنسيق الأمني وتطعن شعبها باعتقال أبنائه ومحاربة المقاومين، الشعب كل يوم يثبت للعالم أن الحق لا يعود إلا بالقوة، وفلسطين لن تعود إلا بالمقاومة المسلحة". وقال عمرو أبو بلال: "فرحتنا بعملية شعفاط لن تنسينا الـ50 معتقلا في سجون سلطة عباس، كل واحد فيهم كان قادرا أن يفرحك مثل أبطال عملية شعفاط وأكثر!".

وسخر عمري مسعود من "اختفاء محمود عباس بعد عملية قتل المجندة الصهيونية حتى لا تعتب عليه إسرائيل".