"رجال بوتين".. هؤلاء قادة المناطق الانفصالية الأوكرانية التي ضمتها روسيا

لندن - الاستقلال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

عقب استفتاءات وصفها الغرب بأنها "مزيفة"، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على قانون ضم أربع مناطق انفصالية أوكرانية بشكل رسمي إلى بلاده.

وشمل التوقيع في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022، مراسيم تعيين قادة للمناطق الأربع، دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا، الذين نصبتهم موسكو ويعدون من الثقاة لدى بوتين.

ومما يؤكد على تبعية قادة المناطق الانفصالية الأربع لبوتين، هو انضمامهم لحزب "روسيا الموحدة" الحاكم في روسيا، وهو أكبر حزب سياسي بالبلاد، وله فروع في أقاليم الدولة كافة، ويصنف نفسه على أنه محافظ يسير وفق نهج بوتين.

وتقضي نصوص الوثائق التي دخلت الكرملين ووقعها بوتين، رغم تحذيرات الأمم المتحدة "بخرق القانون الدولي"، بقبول تلك المناطق الأربع في الاتحاد الروسي على أن تعمل كذلك وفقا لدستوره.

وقادة المناطق الانفصالية هم، فلاديمير سالدو عن خيرسون، ويفغيني باليتسكي عن زابوريجيا، ودنيس بوشلين عن دونيتسك، وليونيد باشنيك عن لوغانسك.

ليونيد باشنيك

وتقع منطقة لوغانسك في حوض دونباس الناطق بالروسية في شرق أوكرانيا، وتسيطر عليها روسيا بنسبة مئة بالمئة، وجرى تأسيسها كجمهورية منفصلة عن أوكرانيا في 28 أبريل/نيسان 2014 خلال حرب دونباس آنذاك.

ولد باشنيك قائد لوغانسك، لعائلة بوليسية عام 1970، حيث كان والده إيفان يعمل لمدة 26 عاما في مشرحة الجثث في اتحاد الجمهوريات السوفياتية، قبل أن تنتقل عائلته عام 1975 إلى بلدة ماجادان، حيث عمل هناك في منجم للذهب، وهو متزوج وله ولدان.

تخرج ليونيد من مدرسة دونيتسك العسكرية السياسية العليا لقوات الهندسة وسلاح الإشارة، ثم عمل في إدارة أمن الدولة في لوهانسك 1993 إلى 2013، قبل أن يعين رئيسا لوحدة مكافحة التهريب في القسم الرئيس بالمنطقة عام 2010.

اكتسب "شهرة وطنية" في البداية خلال عملية خاصة عام 2006 عندما أحبط محاولة لتهريب 7.24 ملايين روبل روسي نقدا (أكثر من 84 مليون دولار) عبر الحدود الروسية الأوكرانية.

وقتها حصل على ميدالية لـ"نزاهته المهنية" من قبل الرئيس الأوكراني السابق الموالي للغرب فيكتور يوشينكو.

وفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، حصل على بطاقة حزبية من حزب "روسيا الموحدة"، وله نصيبه أيضا في تهريب الفحم والوقود وزيوت التشحيم والحفاظ على الاتصالات مع قوات الأمن الأوكرانية.

وبحسب موقع "بيس ميكر" الأميركي، فقد تورط في عدد من مخططات الفساد وشارك في "حماية" عمليات التهريب، كما يعد من المتورطين في تجارة الأسلحة.

بعد الانقلاب في أوكرانيا في فبراير 2014، رفض سكان المناطق الجنوبية الشرقية من البلاد، ومعظمهم من الناطقين بالروسية، دعم سياسة السلطات الجديدة.

وآنذاك انخرط باشنيك إلى جانب المليشيا الشعبية التي تشكلت في منطقة لوغانسك، قبل أن يصدر مرسوم في 9 أكتوبر 2014، عن رئيس جمهورية لوغانسك الشعبية المعلنة، إيغور بلوتنيتسكي، بتعيينه وزيرا لأمن الدولة وهو برتبة مقدم.

‏وأصبح رئيس "جمهورية لوغانسك" منذ 24 نوفمبر 2017، إذ جرى في البداية تعيينه كرئيس مؤقت لها بعد أن طار الزعيم السابق إيغور بلوتنيتسكي إلى روسيا واستقال "لأسباب صحية".

وفي 11 نوفمبر 2018، فاز باشنيك في انتخاب رئيس الجمهورية وحصل على 68.3 بالمئة من الأصوات.

ومنذ ذلك الحين، وهو يتحدث بلسان بوتين ويلوح بانفصال لوغانسك عن أوكرانيا.

وقال باشنيك في 27 مارس 2021: "دونباس سيكون جزءا من روسيا عندما يحين الوقت، ليس لدي شك في ذلك، نحن نسير في الطريق الصحيح".

لقد شكل الغزو الروسي لأوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط 2022، فرصة لزيادة أسهم الرجل الأمني داخل أروقة الكرملين.

ولذلك فإن باشنيك منذ 27 مارس 2022، أي بعد شهر من الغزو، قال إنه قد يجرى استفتاء في لوغانسك على الانضمام لروسيا.

ولم يكتف باشنيك بذلك بل بقي خلال فترة الحرب على أهبة الاستعداد، وكثيرا ما ظهر وهو يرتدي البزة العسكرية الروسية، ويتحدث عن المعارك في المنطقة التي يتمتع فيها شخصيا بدعم من جهاز الأمن الفيدرالي الروسي القوي.

وأسهم تاريخ باشنيك الأمني في جعله أحد الأسماء التي حظيت بقبول بوتين، إذ اعتمد الأخير في كسب ثقته على بلوتنيتسكي.

وتحدثت عدة تقارير إعلامية عن أن باشنيك كان يدير السجون الرئيسة وما يسمى بزنازين العزل والأقبية التي حدثت فيها أشياء شريرة جدا في لوغانسك.

وحصل باشنيك على وسام الصداقة من أوسيتيا الجنوبية عام 2018، وكذلك على وسام رئيس جمهورية الشيشان عام 2022، إضافة إلى ميدالية "الشجاعة والبسالة" عام 2021 من جمهورية القرم الانفصالية منذ عام 2014.

ورغم ذلك، فإن باشنيك، يواجه إجراء "انتخابات شعبية" لتحديد الرئيس لجمهورية لوغانسك الانفصالية، وذلك بموجب تشريعات الاتحاد الروسي بعد قرار الانضمام له.

دنيس بوشلين

تقع منطقة دونيتسك في حوض دونباس الناطق بالروسية في شرق أوكرانيا، وشهدت إلى جانب لوغانسك احتجاجات مناهضة للسلطة في كييف عام 2014.

وحينئذ طالب الانفصاليون بإقامة نظام فيدرالي خاص، قبل أن يعلنوا في أبريل 2014 تأسيس جمهوريتين شعبيتين.

ولم تقبل السلطات الأوكرانية الجديدة آنذاك بعد الإطاحة بالرئيس الأوكراني الأسبق فيكتور يانكوفيتش الموالي لروسيا عام 2014، بالوضع هناك، وعدت إدارتي لوغانسك ودونيتسك تنظيمين إرهابيين.

ولد بوشلين زعيم منطقة دونيتسك الانفصالي، عام 1981 في دونيتسك، ودرس اقتصاد الشركات في كلية البناء والعمارة في دونباس، ومن 1999-2000 خدم في الحرس الوطني لأوكرانيا على أراضي القرم، وهو متزوج ولديه ثلاث بنات.

لقد كانت النقلة النوعية في حياة بوشلين، حينما عمل مع مؤسس أكبر هرم مالي "MMM" بروسيا سيرغي مافرودي من أعوام 2011 حتى 2013.

وذاك العمل قاده إلى طرق أبواب السياسة، بعدما ترشح في ديسمبر 2013 للانتخابات الفرعية لمجلس البرلمان الأوكراني عن حزب "لدينا هدف" الذي أنشأه أيضا مافرودي.

تعرض بوشلين صيف 2014 لمحاولة اغتيال قرب أحد مطاعم دونيتسك، إذ أطلقت عدة طلقات على سيارته من سيارة عابرة، وقتل وقتها مساعده.

في مايو 2014، انضم بوشلين إلى مجلس رؤساء الجبهة الشعبية في نوفوروسيا (جمهورتي لوغانسك ودونيتسك) حيث شارك في أول شحنات إنسانية من روسيا إلى دونباس.

ومشروع "نوفوروسيا"، أو "روسيا الجديدة" التاريخي، تسعى من خلاله موسكو لإقامة جسر بري من أراضيها مرورا بالمناطق الشرقية في إقليم دونباس وما حولها، إلى شبه جزيرة القرم المحتلة، بالإضافة إلى امتداد ذلك نحو مدينة أوديسا ومينائها الإستراتيجي.

ومنذ سبتمبر/أيلول 2015 أصبح بوشلين رئيسا للبرلمان في دونيتسك، ومن نوفمبر 2014 إلى سبتمبر 2018 كان الممثل المفوض للمنطقة في مجموعة الاتصال الثلاثية بشأن تسوية الوضع في أوكرانيا.

ومنذ نهاية عام 2017 ترأس أيضا المركز الروسي الذي شارك في اندماج دونباس مع روسيا في القضايا الإنسانية والاجتماعية والثقافية.

وفي سبتمبر 2018 كان بوشلين "رئيس جمهورية دونيتسك" بالوكال، إذ تم تعيينه بعد اغتيال الزعيم السابق الكسندر زاخارتشينكو.

وسطع نجم بوشلين الأصغر سنا بين قادة المناطق الانفصالية الأربع، بعد الاغتيال الغامض للزعيم آنذاك لجمهورية دونيتسك الشعبية الانفصالية، ألكسندر زاخارتشينكو، وبدا أنه قد اكتسب ثقة الكرملين كزعيم للمنطقة.

وفي ذلك الوقت، قال جهاز الأمن الأوكراني إن زاخارتشينكو توفي نتيجة عملية للقوات الخاصة الروسية.

ومنذ ذلك الحين، بدلا من أن تكون "دولة مستقلة"، أعلن بوشلين عن رغبته في أن تكون المنطقة جزءا من "إمبراطورية روسية متجددة".

انضم بوشلين إلى قضية الانفصاليين عام 2014 ولكن على عكس بعض قادة دونيتسك الآخرين، لم ير قط أي عمل عسكري واسع النطاق، وكثيرا ما كان يرتدي بدلة في الأماكن العامة وهي ممارسة انتقدها متمردون آخرون.

وجرى إثبات ارتباط بوشلين بالسلطات الروسية من خلال زياراته المتكررة لبوتين، وخاصة أن الصحافة تمكنت عام 2018 من نشر صورة له وهو يغادر الإدارة الرئاسية للاتحاد الروسي.

وفي حين أن سكان الأراضي المحتلة في دونباس يكادون يتسولون بسبب رواتبهم المنخفضة للغاية، فإن بوشلين وعائلته يتمتعون برفاهية عالية.

وانتشرت صورة لابنة بوشلين "إيلونا" البالغة من العمر 17 عاما في سبتمبر 2021 وهي تقضي إجازتها في دبي وتتمتع بالأموال "المسروقة" من ميزانية دونيتسك، إذ إن الفندق الذي أقامت فيه يكلف 3 آلاف دولار لليلة الواحدة.

وفي 14 يناير 2021، دعا بوشلين إلى دعم أعمال الاحتجاج في أوكرانيا من أجل تنظيم "ثورة الشعب الأوكراني بالكامل".

ويخضع بوشلين لعقوبات منذ أبريل 2014، ومنع من الدخول وجمدت أصوله في الاتحاد الأوروبي، وهو مدرج على قوائم عقوبات الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وسويسرا وليختنشتاين والنرويج.

فلاديمير سالدو

تقع خيرسون في شرق أوكرانيا قرب شبه جزيرة القرم، وتبلغ مساحتها 28 ألفا و500 كليومتر مربع، وهي أول مدينة كبرى تسقط في أيدي القوات الروسية منذ بدء الغزو في 24 فبراير 2022.

وتنبع أهمية خيرسون الساحلية من كونها تقع على مصب نهر دنيبر، وتطل على بحر آزوف من الجنوب الشرقي، والبحر الأسود من الجنوب الغربي.

ولد فلاديمير سالدو قائد خيرسون الانفصالي، عام 1956 في ميكولايف بأوكرانيا، ودرس الهندسة الصناعية والمدنية، وهو متزوج ولديه ابنة.

شارك في بناء مطار خيرسون، ومستوصف الأورام الإقليمي، ومصفاة خيرسون للنفط، ومصنع قطن خيرسون، ومصنع خيرسون لبناء السفن، وعدد من المدارس.

وعمل من عام 1981 إلى عام 1986، في جمهورية منغوليا الشعبية كجزء من مجموعة من المستشارين العسكريين.

وفي عام 2001 عين نائبا لرئيس إدارة الدولة الإقليمية خيرسون للإسكان والشؤون المجتمعية والاقتصاد الحضري والتشييد والاستثمارات.

وشغل منصب عمدة سابق لمدينة خيرسون من 2002-2012، ونال "شخصية العام - 2008" كجزء من البرنامج الوطني، كأفضل عمدة في أوكرانيا.

كان سالدو رئيس مجلس مدينة خيرسون، ولكن بعد بداية الغزو الشامل لأوكرانيا والاحتلال المؤقت لخيرسون، بدأ مجددا بالتعاون مع القوات الروسية هناك بعدما فر منذ عام 2014، بعد تهم له بسرقة أموال.

ووصفته وسائل إعلام أوكرانية بـ"الخائن لبلده"، إذ أبلغ في 29 أبريل 2022 مكتب المدعي العام الأوكراني سالدو بشبهة "الخيانة".

وفي مارس 2022 ذهب سالدو إلى مسيرة لدعم الغزو الروسي، ثم شارك في إنشاء ما يسمى بـ"لجنة حفظ السلام والنظام" في خيرسون، وهي هيئة للتعاون مع الاحتلال الروسي هناك، حيث أيد وعزز السياسات التي تقوض سلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها واستقلالها، وفق وسائل إعلام أوكرانية.

وجرى تعيين سالدو، رئيسا لإدارة احتلال منطقة خيرسون نهاية أبريل 2022، وفي 11 يونيو من العام المذكور حصل على جواز سفر روسي.

في 3 يونيو 2022، أُضيف سالدو إلى قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي بسبب التعاون مع روسيا.

تعرض سالدو للتسمم في 5 أغسطس 2022، ونقل إلى المستشفى في شبه جزيرة القرم المحتلة على متن طائرة خاصة، وقالت وزارة الدفاع الروسية إنه جرى تسميمه بـ"أسلحة كيماوية سامة"، قبل أن يتماثل للشفاء.

واختفى بعد ذلك ولم يظهر على وسائل الإعلام قبل أن يظهر في مقطع فيديو ذكر فيه أنه تحت إشراف "أطباء جادين" ويعمل الآن على الميزانية الإقليمية للعام المقبل لمنطقة خيرسون "كي تكون مزدهرة ومستقرة"، حسب تعبيره.

اللافت أنه قبل أيام من حادثة التسمم، جرى تركيب عبوة ناسفة تحت سيارته إلا أنه تم إحباط محاولة اغتياله.

ويتهم سالدو بالوقوف وراء قتل رجل الأعمال الأوكراني المشهور "إيهور باشينكو" في 24 أبريل 2018.

يفغيني باليتسكي

باليتسكي، قائد منطقة زابوريجيا الانفصالية الواقعة جنوبي أوكرانيا على ضفاف نهر دنيبرو، وتبلغ مساحتها 27000 كيلومتر مربع، وكان عدد سكانها قبل الحرب 1,63 مليون نسمة.

والآن نحو 72 بالمئة من مساحتها واقعة تحت احتلال موسكو، وتنبع أهمية المنطقة من وجود محطة زابوريجيا للطاقة النووية فيها التي احتلها الروس في 4 مارس 2022.

ولد باليتسكي عام 1969 في بلدة ميليتوبول الأوكرانية، وفي 1991 تخرج في مدرسة تامبوف العليا للطيران العسكري، وأمضى أربع سنوات في الخدمة في حاميات طيران مختلفة.

في عام 1996 أسس أول محطة إذاعية في ميليتوبول اسمها "إف إم ساوث بروستور"، ومنذ عام 1997 ترأس مصنع الجعة ميليتوبول الشهير، وفي 2007 باع حصته فيه.

وعام 1998-2012 كان نائبا في مجلس زابوروجيا، وفي 2010 انضم إلى حزب المناطق.

وفي 2012 جرى انتخابه نائبا شعبيا في البرلمان الأوكراني للدورة السابعة عن منطقة زابوروجيا.

في عام 2013 حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية من قبل السلطات الأوكرانية. وفي مايو 2015 انضم إلى كتلة المعارضة البرلمانية.

في ديسمبر 2016 قدم النائب إلى البرلمان مشروع قانون "بشأن ضمان دعم الدولة لتدابير تطوير اللغة الروسية والترويج لها وحمايتها ولغات أخرى للأقليات القومية في أوكرانيا".

لكن اللحظة التي كشف فيها ولاءه لروسيا، كانت عام 2017 حينما فتح مكتب المدعي العام في منطقة زابوروجيا قضية جنائية ضده بشأن حقيقة التصريحات الانفصالية التي أدلى بها على الهواء على قناة "112 أوكرانيا" التلفزيونية، وجرى استدعاؤه وقتها "كعميل للكرملين".

ومنذ عام 2018، عاش باليتسكي مع عائلته على أراضي شبه جزيرة القرم المحتلة.

لكن بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا أصبح جزءا من الإدارة العسكرية والمدنية لمنطقة زابوروجيا، وفي 24 مايو 2022 جرى تعيين باليتسكي رئيسا للمنطقة.

وفي 5 يوليو 2022، أعلن باليتسكي أنه كان من أوائل الحاصلين على جواز سفر روسي في المنطقة، وفي 26 سبتمبر 2022، انضم إلى حزب "روسيا الموحدة" الحاكم.